مقالات الرأي

هل سيقفز حزب الأمة القومي من سفينة الإطاري الغارقة أم ينتفض شبابه (٤)


بقلم: الصادق علي حسن المحامي

الخاسرون والمستفيدون .
الخاسر الأكبر:
الخاسر الأول والأكبر من العملية السياسية الحالية الهشة ومآلاتها المتسارعة الدولة السودانية ، هذه العملية الهشة ستكرس للمزيد من الإنقسامات المجتمعية والسياسية وخطورتها تكمن في ظل غياب الدولة عن اذهان مواطنيها وشيوع ثقافة القبلية في المجتمع بتقنين الإنقسامات السياسية واسباغ الرمزية المناطقية والإجتماعية والقبلية عليها وتأطيرها في الممارسة العامة وفي اجهزة الدولة ، ولوجود أطراف مسلحة وانتشار السلاح بين الأطراف والأفراد، ستبلغ الإنقسامات المجتمعية والسياسية ذروتها بإفراز التكوينات والعناصر التي تاخذ القانون باليد، وتتصدع أجهزة الدولة بالتصالح المجتمعي مع العنف ، شريط فيديو يتم تداوله على نطاق واسع في مادته جمهرة من الأهالي يشاهدون اخذ القانون باليد بصورة وحشية يشاهدها الأطفال الصغار وفي اليوم الذي يليه بسبب نزاع مكتوم بين فرعي قبيلة على إدارتها حادث استيلاء على دراجة نارية يؤدي إلي إزهاق ارواح أربعة أشخاص والعديد من الجرحى ، وقد تبدلت الأحوال والأوضاع واختلفت الأولويات لم تتبدل افكار عناصر حكومة الإطاري المحتملة وهي بعيدة عن جماهير قوى الثورة ، بل غالبية قوى الثورة الشبابية اعلنت مواقفها منها ومن حكومتها المحتملة قبل تشكيلها ، كما وان تنظيمات قوى الإطاري في ذاتها ليست بذت عمق جماهيري ولا تطرح اي افكار أو برامج لإدارة البلاد والخروج بها من ازماتها ،وكل ما تمتلكها قوى الآطاري الدعم الدولي المساند لها والممثل في الوساطة الدولية ، ولأنها تعتمد إعتمادا كليا على الوساطة الدولية وليست لديها ما تفعلها، تجاوزت هذه الوساطة دورها في التسهيل وصارت بذات نفسها تشرف على تنظيم الورش والمؤتمرات بل وكتابة التوصيات لتخرجها الإطاري من وضعية الوساطة المستقلة للتورط في التدخل المباشر في الشأن الداخلي الخاص بطرفيه المدني والعسكري، هذا التدخل سيكون له آثاره السالبة وبدلا من تعزيز جهود الوساطة وتثمين دورها في التسهيل،اصبحت الوساطة نفسها طرفا من اطراف الأزمة الوطنية خاصة ان قوى الإطاري التي تنتحل صفة تمثيل المدنيين لا تمتلك من سند آخر يعزز من مزاعمها ويحميها سوى الرافعة الدولية، وستبرز وتتضح مزاعمها عند تكوينها للحكومة بإفتقارها للبرامج والخطط الإستراتيجية، وبرامجها وخططها ستكون قاصرة على العملية الإنتخابية وكيفية إجرائها وتعقيداتها وكسب المزيد من الوقت عقب اعتلاء السلطة ، وفي حقيقة الأمر ان العملية الإنتخابية بهذه الصورة الشائهة وفي ظل هكذا الأوضاع ستبرز الصراعات المناطقية والأهلية بين القبائل وحتى داخل القبيلة الواحدة الصراعات بين بطونها وافرعها كما تحدث الآن في المحليات والوحدات الإدارية من منازعات وصراعات دامية حول الإدارات الأهلية وعلى الأرض ، وبذلك تكون الوساطة الدولية من خلال الإتفاق الإطاري قد ساعدت في إنتاج النموذج السوداني المشابه للنموذجين الصومالي والليبي مع جسامة النتائج المحتملة في الخسائر والأرواح الناتجة عن النموذج السوداني المتوقع لكبر مساحة الدولة السودانية المترامية الأطراف وعمق جذور الأزمات المتراكمة لتراكم المرارات بين مكوناتها الاثنية المتنوعة والمتعددة والثارات، وإذا انفرطت منظومة الدولة فان الأجهزة الأممية والدولية ستكتفي بالبحث عن وسائل إجلائها لموظفيها كما حدث ذلك في الصومال وليبيا حينما انفرط عقدي منظومتي الدولتين المذكورتين ، نسأل الله تعالى أن يجنب البلاد ذات الإنزلاق وقد صارت لغة الإنتصار للذات وليس على الذات غالبة في كل تصريحات منسوبي الإطاري عرمان وسلك وجعفر وغيرهم ، آلاف من جنود الحركات المسلحة وعناصر المليشيات من حملة السلاح تكتظ بها الولايات والعاصمة والبرهان يرفض ويحرض ويتنقل من منطقة لأخرى ويرسل رسائل سالبة ومبطنة فحواها بأن الإتفاق الإطاري لن يكون له مستقبل ،ويجتمع ويبصم على ما يتم الإتفاق عليه، ويخرج مباشرة ليكرر ذات اقواله وافعاله وفي ذات الوقت قوى الإطاري مغترة بدعم الوساطة الدولية وحميدتي وفي الإستثمار على الخلافات ما بين البرهان وحميدتي ، والأثنان هما من صنيعة المخلوع وقد تخلا عنه في سيناريو لم يتخيله المخلوع نفسه، وبمثلما يتحدث البرهان عن رؤية والده له بالشأن العظيم ، صارت لحميدتي استثمارات مالية ضخمة ونفوذ سلطوي ، وليس من السهل عليه التخلي عنها لعرمان وسلك وطه وبابكر فيصل الخ وقد تخلى عن البشير الذي رعاه وعن ابن عوف الذي صنعه من أجلها .
الخاسر من التنظيمات السياسية :
سيكون حزب الأمة القومي بتاريخه ومساهماته وجماهيره في مقدمة خاسري نتائج العملية السياسية الهشة الحالية وقد غابت الحكمة والحنكة عنه بوفاة الربان الماهر الإمام الصادق المهدي وقد آلت الأمور لقيادات محدودة القدرات ، وسيتحمل هذا الحزب نتائج المسؤولية عن كل نتائج العملية السياسية الهشة نظير حصول بعض قياداته على المناصب ، اما غالبية التنظيمات الأخرى فلا توجد لديها ما تخسرها وبعضها تكاد عضويتها لا تتجاوز عضوية تنظيمات المجتمع المدني والحزب الوحيد الذي يطرح الفكر بينها هو الحزب الجمهوري بقيادة الأستاذة اسماء محمود ولكن كلها تنظيمات لا تمتلك برنامج الحد الأدنى الموحد وبالتالي من غير المعروف على ماذا ستتفق في مرحلة إدارة الدولة وماذا سيكون خطتها الاقتصادية وكيف تستطيع تحويل المسيرات الجماهيرية المتكاثرة من الشوارع إلى مرافق العمل والإنتاج وماهية خطتها لإبعاد السودان من المحاور وإعادة البندقية العابرة والمستاجرة من دولة اليمن ودولتي السعودية والإمارات تشرفان على الإتفاق الإطاري وتنفيذه واسئلة كثيرة متجددة وإستفاهمات عديدة عن قضايا البلاد والأوضاع الأمنية الهشة تنتظر الإجابات ، ومواقف قوى الإطاري أشبه ما تكون لتنظيمات المجتمع المدني القريبة من الممولين الدوليين في تنفيذ برامج جاهزة تنتهى بإقامة الأنشطة والمؤتمرات وكتابة التقارير التي تنتهى نتائجها بمجرد تسليمها للجهات المانحة بمثل مؤتمرات العدالة الإنتقالية ،ولن تسعف عناصر قوى الحرية والتغيير صور اللقاءات بالوساطة الدولية التي تحتمي بها وقد برزت قدراتها بصورة جلية للرأي العام ، وفي ظل هذه الظروف من غير الوارد على الإطلاق الوصول إلى عملية إنتخابية سليمة بل ستكون الإنتخابات القادمة بوابة مشرعة للمزيد من أسباب التشظي والتنازع المجتمعي والفوضى العارمة .
الإنتخابات المحتملة :
البلاد لا تزال متأثرة بالمفاهيم التقليدية ونتيجة للمنازعات المحلية وغياب الدولة عن اذهان المواطنين سادت رمزية القبيلة والتي ستكون حاضرة بقوة في اي إنتخابات قادمة وبدلا من التنافس على اساس البرامج السياسية بين التنظيمات السياسية قطعا في غالبية الدوائر الإنتخابية خاصة بالمناطق الريفية وديار القبائل ستكون التنافس بين مرشح القبيلة والقبائل المتحالفة معها والأخريات كما وبين بطون وفروع القبيلة الواحدة كما يحدث الآن من تنافس بين القبائل ، وستؤسس نتائج الإنتخابات القادمة المحتملة لإضعاف ركائز الدولة المدنية بالبلاد بدلا عن تحقيق ممارسة الديمقراطية والحريات ، هذه حقائق لا تلفت إليها الوساطة الدولية لأنها تجهلها ،كما ولا تعيرها تنظيمات الإطاري اي اهتمام وهدفها المرحلي الوصول إلى السلطة برعاية الوساطة والسند الدولي وقد باتت قاب قوسين أو ادني منها، ومن بعد ستصرف جل اهتمامها في مظاهر السلطة كما حدث في ظل عهد حمدوك ،واصبحت البلاد موعودة بالمزيد من التشظي والإنقسامات خلال الفترة القادمة والتى تتولى فيها تنظيمات قوى الحرية والتغيير الإطاري السلطة ،لذلك بالضرورة البحث عن وسائل لتلافي الآثار السالبة في ظل حكومة الإطاري المحتملة والفوضي التي قد تسبق تشكيلها وتجر البلاد إلى المنازعات المفتوحة .
خسارة الولايات المتحدة :
ستكون الولايات المتحدة الأمريكية على رأس الخاسرين من العملية السياسية الحالية وستفقد نتائج كل جهودها التي بذلتها في السابق وذلك بسبب مباشرتها اللصيقة ومساهمتها في تسليم قوى الإطاري السلطة وسيتحول إمتنان الثوار والشارع للجهود الأمريكية إلى سخط شعبي كما ستواجه بعاصفة من النقد خاصة وان سفيرها جون غودفري على رأس المساندين المباشرين للإطاري، السعودية والإمارات أيضا ستخسران على المدى البعيد وفي الداخل سيكون المؤتمر الوطني هو المستفيد الأول.
في مقالنا القادمة نتعرض للعديد من المستفيدين ومن ضمنهم المؤتمر الوطني وتجار الحروب والأزمات.

مقالات ذات صلة

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments
زر الذهاب إلى الأعلى
0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x