مقالات الرأي

هل سيقفز حزب الأمة القومي من سفينة الإطاري الغارقة أم ينتفض شبابه (٥)


بقلم: الصادق علي حسن المحامي

إنشغال نخب الإطاري بالسلطة وحيل البرهان وحميدتي .
قوى الإطاري مشغولة بالوصول إلى السلطة ومتلهفة إليها في إلتياع ، غاياتها مظاهرها البراقة وهي لا تدرك بأن هذه المرة المفصلية ستكون قد حاصرت نفسها بنفسها بغضب جماهيري كاسح من الجموع الثائرة ، هذه القوى التي تقودها نخبة حتى في صياغة مسودة مشروع الإتفاق السياسي النهائي عجزت عن تقديم خبراء قانونيين للقيام بمهام الصياغة وقامت بتكوين لجنة صورية ٩٠ % من أعضائها لا يدركون بأن الصياغة المحكمة لإنشاء المراكز القانونية تتطلب الاحترافية العالية لتجويدها خاصة في قضايا التأسيس للحقوق العامة بمثل أوضاع البلاد الحالية ولتسوية قضايا دستورية وهياكل نظم حكم في فترة استثنائية ولدولة تتجاذبها المشكلات من كل جهة ، ولكن الإستهبال السياسي قد طغى على تفكير القائمين على شأن الإتفاق الإطاري وبالسرعة والإستعجال للحاق بالمصفوفة الزمنية التي صارت غاية في حد ذاتها وليس لتجويد مضمون مشروع الإتفاق ، لقد تمت الصياغة النهائية للإتفاق السياسي بحضور الوساطة الدولية وفي زمن وجيز كصياغة عقودات المبايعات مما رجحت فرضية تمرير المسودة الجاهزة وان تشكيل اللجنة من أجل إستيفاء المتطلبات الشكلية التي تضمن سلامة إخراجها للرأي العام في إطار العملية السياسية ، حضر البرهان مرغما لإفتتاح جلسة ورشة الإصلاح الأمني والعسكري وفي نفسه شئ من حتى ، ولم ينس كعهده ان يُذكًر المشاركين في كلمته بأن الجيش لن يخضع إلا لحكومة مدنية منتخبة، رسالة وأضحة بعدم خضوعه وهو القائد العام للجيش والقائم على شأنه لأحكام الإتفاق الإطاري بعد سريانها في كل ما يخص ويتعلق بالجيش ، وبأقوال البرهان يكون قد حكم على توصيات ورشة الإصلاح الأمني والعسكري بعدم الصلاحية واعتبر توصياتها سابقة لأوانها وغير منتجة وكأن لم تكن كما ويشمل وصفه وضع سريان الإتفاق الإطاري والسلطة المنشأة بموجب أحكامه، وإلى حين أنتخاب حكومة مدنية، لن يخضع الجيش لأي سلطة مدنية غير منتخبة ويظل الحال كما هو عليه الآن، وتذهب توصيات الإصلاح الأمني والعسكري ادراج الرياح ، رسالة وأضحة من البرهان للمشاركين في ورشة الإصلاح الأمني والعسكري ولمُنظميها ، مضمونها كان عليكم تأجيل عقد ورشة الإصلاح الأمني والعسكري وإلى حين إنتخاب حكومة مدنية بدلا من تبديد الجهود والأموال في ورش ومؤتمرات لا طائلة من ورائها ، لقد تراجعت هوامش مناورات البرهان في اللعبة بالبيضة والحجر بعد ان صار الإتفاق الإطاري وأقعا ولكن مع ذلك يظل البرهان يحوز على الكثير من الخيوط المخفية، و حتى يحافظ على الأوراق المخفية ، تجده تارة يشد الحبل وهو يقول إن عملية الإصلاح طويلة ومعقدة وان الجيش لن يكون تحت إمرة اي سلطة مدنية غير منتخبة مما يعني ان الجيش سيكون في معزل بشكل عام عن عملية الإنتقال الديمقراطي حتي في ظل سريان احكام الإتفاق الإطاري بل اكد بان القوات المسلحة لن تقوم بالتمكين لأي جهة سياسية غير منتخبة وهنا يُظهر في التناقضات ذلك ان أطراف الإطاري عبارة عن اطراف سياسية غير منتخبة وبموجب الإتفاق الإطاري المطلوب منه هو نفسه كقائد عام للجيش ومن القوات المسلحة تحت إمرته تمكين قوى الإطاري من السلطة السياسية والتنفيذية وحماية الدولة وسلطتها القائمة، وتظهر تناقضات البرهان تارة أخرى وهو يغازل اطراف الإطاري بحضور الوساطة الأجنبية بان ورشة الإصلاح الأمني والعسكري عملا سودانيا خالصا وليس فيه أجانب والقاعة مليئة باعضاء الوساطة الدولية الذين يتابعون مصفوفة الإطاري كلمة بكلمة وشولة بشولة، كما في الجانب العسكري المقابل للبرهان حميدتي يُسوق لنفسه في نفس المنبر باعتباره الضامن الوطني للإتفاق الإطاري ولم ينس ان يؤكد تميز موقفه وقواته بالقانون وانه مثل الجيش تماما وليس مثل حالات التجارب المماثلة في الدمج كجنوب افريقيا والفلبين وزيمبابوي ونامبيا وبلاد اخرى ، وشدد على ضرورة الأخذ في الإعتبار ان حالة الدعم السريع أنشئت وفقا لقانون نظم عملها وحدد مهامها، مؤكدا في ذات الوقت بأن عملية الإصلاح الأمني والعسكري تحتاج إلى تطوير ومواكبة في التشريعات والقوانين ، وطالما هذه هي قناعات البرهان وحميدتي على اي اساس يتحقق إنشاء الجيش الواحد بعقيدة وأحدة ، حزب الأمة القومي في الإطاري حاله شبيه بحالة طيور الزينة، التي توضع في الرفوف لتظهر قياداتها في الصور وكان على منظمي الورش إجلاس رئيس الحزب فضل الله برمة ناصر في الصفوف الأمامية إلى جوار ممثل اليونتامس فولكر بريتس وغيره وليس من خلفه ليكشف المشهد القصور في جوانب أخرى ،وفقدان القيادة الحالية للحزب العريق بقيادة برمة ومريم والبرير لصلاحية مواكبة أحداث من جهة وقطار الإطاري المتجه نحو السلطة وركابه يتداولون عمن يجلس في مقعد رئيس مجلس الوزراء أهو الدقير ام طه عثمان ام ياسر عرمان ام بابكر فيصل وقد تم تجاوز نصر الدين عبد الباري من جهة أخرى، ويُقال بان الواثق البرير اكتفى بتأمين مقعدا له بالسيادي ، وفي خضم إنشغال قوى الحرية والتغيير بتفصيل رئاسة مجلس الوزراء على مقاس احد افراد الحلقة الضيقة يبرز صوت حزب الأمة من خلف الكواليس ،حمدوك حمدوك وأصوات أخرى خافتة البدوي البدوي .
التناقضات والمراجعات :
الأحزاب بصورتها الحالية تحتاج إلى مراجعات حقيقية وقد لا تتحقق هذه المراجعات إلا بثورات تنظيمية داخلية تستبدل قياداتها غير المواكبة بقيادات من أجيال شباب الثورة التي ظلت مستعدة لتقديم التضحيات من دون ان تسعى لمقابل لذاتها ، اما هذه النخب التي تحلق حول العسكر والدعم السريع ، فكل تصرفاتها تكشف عن إنتهازية محضة وقد تحولت خطابات قوى الحرية والتغيير الإطاري من على منصات الإطاري لتمجيد العسكر والدعم السريع وان الثوار لجأوا إلى الجيش وأعاب ناطقها الرسمي خالد سلك على الذين يسعون للإيقاع بين الجيش والدعم السريع وقد تناسى نفسه وكل تصريحاته السابقة عقب قرارات ٢٥ أكتوبر ٢٠٢١م واقواله بان مؤسسة الجيش لا يمثلها البرهان، ومن المعلوم بالضرورة ان الثوار قد لجأوا بالفعل إلى الجيش وقياداته ولكن ماذا حدث لهم في صبيحة مجزرة فض الإعتصام أمام القيادة العامة ومن الذي قام بمجزرة فض الإعتصام ، لا يعلم سلك بان الشارع اكثر ادراكا بكثير مما تُدرك قيادة الإطاري، وان مصير هذا الإتفاق الإطاري باتا واضحا قبل إقراره و إنفاذه .
قوى الحرية والتغيير (كعب اخيل) :
أبطال ثورة ديسمبر المجيدة ٢٠١٨م اشبه بابطال معارك حروبات هوميروس الأسطورية بين الأغريق والطرواديين مثلما ان موضع كعب أخيل اشبه بموضع قوى التغيير والتغيير من الثورة ، وظلت قوى الحرية والتغيير هي موطن ضعف قوى الثورة حيث ظلت تؤتى من قبلها.
إهدار مكاسب الثورة .
قنن مُشرع قوى الحرية والتغيير لإهدار مكاسب ثورة ديسمبر المجيدة ٢٠١٨م وإفراغ قضايا الثورة ومضامينها من أهدافها الأساسية بالوثيقة الدستورية لسنة ٢٠١٩م وبموجب أحكام هذه الوثيقة الدستورية تم أسباغ مشروعية زائفة على إنقلاب ٣٠ يونيو ١٩٨٩م وعلى التدابير الصادرة في فترة الإنقلاب منذ قيامه واستمرت سارية المفعول لتنظم كل شؤون الحياة بما فيها المقاضاة والتنظيمات السياسية والنقابية واكتفى مُشرع قوى الحرية والتغيير بالإلغاء والتعديل وليس الإبطال الذي كان كاشفا للإنقلاب، كما وصار حميدتي ممثلا للطرف العسكري في الوثيقة الدستورية، وبالتالي لم يعد الجيش والدعم السريع مشاركان في السلطة بموجب أحكام الوثيقة الدستورية الباطلة من منشأها فحسب بل صارتان مرجعية دستورية، واستمر الحال وتوغل العسكر على السلطات السيادية والتشريعية والتنفيذية ثم اطاحوا بمكاسب الثورة، وبعد قرارات ٢٥ أكتوبر ٢٠٢١م عاد الثورة لتفعيل ثورتهم الكامنة في النفوس ، لتعود قوى الحرية والتغيير بذات وسائلها الملتوية تحت غطاء الإتفاق الإطاري وتنظم ورش ومؤتمرات التزييف ولكن اليوم ليس كالأمس ، من قصور إدراك قوى الحرية والتغيير الإطاري تتشاور حول تسمية رئيسا للوزارة من الدائرة الحلزونية الضيقة وهي لا تمتلك اي برامج لرئيس الوزراء ، هدفها المنصب وتوزيع المغانم في بلاد من أقصاها إلى أقصاها تشهد الإنفلات الأمنية وغياب الدولة من مفاهيم المواطنين ، وفي ظل هذه الأوضاع المتردية أطل المستفيد الأول وهو المؤتمر الوطني بوجهه القبيح ، وصار انس عمر يهدد علنا من أمام محكمة محاكمة البشير، بل وقاضي المحكمة نفسه يطلب من المتهم الطيب محمد خير (سيخة) عدم الإستعجال ردا على طلبه للإفراج عنه بالضمان وبالصبر اي المهلة المهلة ويقول له والجلسات منقولة صورة وصوت انتظر (الإجراءات قربت) مع ان القضية لا زالت في مرحلة سماع بينة وقضية الإتهام وذهب القاضي ابعد من ذلك وسال المتهمين وهيئة الدفاع ان كانوا يرغبون في تقديم طلبات تحت المادة ١٤١ ق إ ج ١٩٩١م ،واحكام المادة المذكورة شطب الدعوى لعدم توافر البينة .
وقوى الحرية والتغيير وهي متلهفة للسلطة يتم إسدال الستار بالإتفاق الإطاري على كل الجرائم التي تم إرتكابها منذ قرارات ٢٥ / اكتوبر/ ٢٠٢١م من قتل جزافي واغتصاب واذى جسيم للآلاف من الثوار، بمثلما حدث من طمس لكل جرائم نظام الإنقاذ ومجزرة القيادة العامة المرتكبة أمام مكتب القائد العام نفسه بالوثيقة الدستورية الباطلة .

مقالات ذات صلة

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments
زر الذهاب إلى الأعلى
0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x