مقالات الرأي

الإتفاق الإطاري إعادة إنتاج لتجربة عاجزة (١)


بقلم: الصادق علي حسن المحامي

تمر البلاد بأخطر حالاتها وهي في امس الحاجة لإعادة مفاهيم الدولة في اذهان مواطنيها أولاً كأولوية قصوى وقد تشظت وصارت عبارة عن جغرافية تجمع العديد من الجيوش بعقائد قتالية متباينة وحركات مسلحة تتوالد ومراكز قوى متصارعة خفية وعلنا ومن أطرافها قوى إقليمية ودولية باتت نافذة في الشأن السوداني ونخب تحت مظلة غطاء القوى المدنية الموقعة على الإتفاق الإطاري تسعى لتعيد تجربتها الصدئة برؤى وأدوات ووسائل اكثر فشلا من ذي قبل وهي بعيدة عن الشارع وعاجزة تماما عن مخاطبة قضاياه ومطالبه المتجددة وهي لا تدرك مآلات الأمور وقد أُصيبت بعمى السلطة وتتخبط في مسارها ونهجها وهي ماضية وسادرة في غيها لتدخل البلاد بإتفاقها الإطاري مع شركائها السابقين من عناصر اللجنة الأمنية للنظام البائد في لجة من الأزمات والمشكلات، ولضعف قدراتها وامكانياتها المتواضعة تعتقد في بساطة متناهية بأن إدارة الدولة ستؤول إليها بهكذا إتفاق كله ثغوب احتفظ فيه البرهان وهو الشريك القوي بكامل صلاحيته على الجيش وعلى تعيين نفسه قائدا عاما عليه بتوصية من مرؤوسيه وهم اعضاء هيئة قيادة الجيش الذي هو نفسه يقوم بتعيينهم وقد أمسك بكافة اطراف الخيوط وازال عن نفسه المسؤولية لحكومة مدنية صورية مهيضة الجناح كما واحتفظ لنفسه بحق الوصاية على مشروع الحكومة المدنية الصورية الوليدة في حال التزم بما اتفق عليه وحقه في مراقبتها من الإنزلاق بحسب ما يرى ويقرر وتأكيده المستمر بأن الجيش لن يخضع لأي تدابير من خارجه سوى من حكومة ينتخبها الشعب كما أن الجيش لن يسمح بإنزلاق البلاد إلى الفوضى في إفصاح مبكر لتوقعاته للمنازعات التي ستحدث وتنشب بين شركائه من قوى الحرية والتغيير الموقعة على الإتفاق الإطاري وتطوع بإعلان تسبيبه المبكر للإطاحة بحكومة التنازع القادمة وهي لا زالت في رحم الغيب وبأسباب إنهاء شراكته معها حيثما خرجت أو لم تخرج عن مسارها برؤاه والتي تظل مكتومة عنده ولن يفصح عنها حتى تأتي أوانها .
وفي واقع الحال ، القوى التي تطلق على نفسها قوى الإتفاق الإطاري قدراتها متواضعة من عناصر اللجنة الأمنية للنظام البائد الذين يتفوقون عليها في لعبة السياسية والكراسي وقد سبق لها أن فشلت في مخاطبة قضايا الثورة والإنتقال كما ومنحت العسكر ممثلا في عناصر اللجنة الأمنية للنظام البائد مشروعية التوقيع مع ممثلين عنها وبمظلة ثورة جماهيرية دفعت كلفة عالية في الأرواح والإصابات المميتة لتمنح نخب قوى الحرية والتغيير عناصر عسكربة حق ممارسة السلطة الدستورية باسم القوات المسلحة وبالمخالفة لقانون قوات الشعب المسلحة وقد صار الجيش بذلك مرجعية دستورية لتحديد شكل النظام السياسي للدولة وذلك ما لم يحدث عقب ثورتي أكتوبر ١٩٦٤ وابريل ١٩٨٥م ، ومثلما عطلت قوى الإتفاق الإطاري إستعادة الحياة الدستورية للبلاد عقب نجاح ثورة ديسمبر المجيدة ٢٠١٨م في إزاحة المخلوع ذات عناصر الإتفاق الإطاري خلقت لها شراكات وصداقات شخصية ثم صارت مطية لأجندات المصالح الإقليمية والدولية حتى بلغ الحال بالاتفاق الإطاري الذي تمت مناقشته في الغرف المغلقة سرا بين أطرافه والمسهلين الدوليين ثم تقود قوى الإتفاق الإطاري المدني جولات خارجية للترويج له لدى الدول والبلدان والشارع الثائر داخل البلاد آخر من يعلم عنه .
أخطاء متكررة :
قانون ولجنة التفكيك .
مثلما ارتكب مُشرع قوى الحرية والتغيير الخطأ الجسيم الفادح بتعطيل الإستعادة الإجرائية السليمة للحياة الدستورية للبلاد وقنن لشركة باطلة مع عسكر اللجنة الأمنية للنظام البائد اصدر ما أسماه قانون التفكيك وبموجب القانون شكل ما أسماها لجنة التفكيك وقد صار التفكيك بلجنته كالطوطم المقدس ووجد فيه العوام متنفسا كما واجتهد في لجنته الأستاذ المحترم وجدى صالح وبمنطق الحكمة قد تكون في بعض الأحيان أولى من الصحة التزم كثيرون الصمت ولكن ذاك القانون الذي تأسس على مرجعية الوثيقة الدستورية المعيبة جوهريا به من العيوب والثغرات ما به، فمن مبادئ القوانين الأساسية العمومية والتجريد وفشل مُشرع قوى الحرية والتغيير في سن قوانين مجردة لحماية مكاسب الثورة ، لقد كانت الثورة في حاجة لقوانين عامة مجردة كاشفة عن الأوضاع الدستورية السليمة مثل تلك التي تحدد أحكام استرداد الأموال العامة التي تم الاستيلاء عليها أثناء فترة الإنقلاب والإنقطاع الدستوري وايلولتها للدولة ، وقوانين تنظم أحكام العزل السياسي لمن شارك في الإنقلاب على الدستور المقوض في ٣٠ يونيو ١٩٨٩م أو شارك في السلطة مع الإنقلابيين ومن كل الأطراف بلا استثناء ولكن مُشرع قوى الحرية والتغيير كان يعوزه الإلمام بقواعد الفقه الدستوري السليم واستخدم مصطلحات غريبة غير مستخدمة سابقا في التشريع الدستوري مثل التفكيك والذي يعني فك الشئ أو حله والإبقاء على ما تم الفك أو الحل منه وذلك ما تم بالفعل استهدف قانون التفكيك آثار النظام البائد وترك النظام نفسه وفي الممارسة تحول التفكيك لتصريحات ومعارك في الهواء لأمثال صلاح مناع والمؤسف حقا الآن تعقد القوى التى تسمى نفسها بقوى الإتفاق الإطاري مؤتمرا لتجربة التفكيك وهي لا تزال في ذات مربعها الأول تجهل ابجديات أسس الإصلاح القضائي وتهزم الفكرة من اسسها وتخرج بتوصيات تصلح للسخرية والتندر .

مقالات ذات صلة

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments
زر الذهاب إلى الأعلى
0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x