مقالات الرأي

رسائل خاطئة صادرة أثناء الحرب من (ياسر العطا ، التعايشي وعزت) (٢)


بقلم: الصادق علي حسن

من أخطاء الأنظمة المتراكمة بالبلاد، عدم وجود خطط استراتيجية لبناء الدولة السودانية الهشة، وظلت النخب في صراعات مستمرة على السلطة كما صارت السلطة في حد ذاتها غاية تتوارثها أجيال التنظيمات، وتورطت بعض الأنظمة التي حكمت البلاد بالتدخل في شؤون بعض الدول الإفريقية خاصة دول الجوار الإفريقي لتغيير نظم حكمها تحت غطاء النشاط الديني الإسلامي ، لم يكترث السودانيون لمدى فداحة هذه الأعمال والتدخل في شؤون الغير، وهي بعيدة عنهم كما ولم ينفعلوا بنتائج الحرب وآثارها في جنوب السودان بل وكانت الدولة تدعو إلى الجهاد بالجنوب وملايين الضحايا الأبرياء قاسوا من ويلاتها ومراراتها لسنوات ، كما ولم يلتفت الرأي العام لما يحدث في دارفور من مرارات وفظائع بمثلما لم ينفعل أو يكترث للحرب بجنوب كردفان والنيل الأزرق مجرد أرقام لضحايا ومتأثرين بالحرب وحتى جثامين قتلى مشاركة الجنود السودانيين الذين استجلبوا من بلادهم لحرب اليمن لم يسأل الشعب السوداني ماذا فعلوا هناك ،ولماذا ؟ وما احدثوا من قتل وخراب بحق الإنسان اليمني ،حالة عدم الإكتراث والانتباهة عددت الجيوش داخل البلاد حتى صارت المشاركة في السلطة بالسودان من خلال فوهة البندقية وقام النظام البائد بتأسيس قوات الدعم السريع واطلق لها العنان لتفعل ما تشاء، وها قد وصل القتل الجزافي والنهب والتشريد إلى الخرطوم مركز القرار والسلطة إلا وبرزت الأصوات تدعي البراءة من الدعم السريع وتصفها بالجيوش الأجنبية الغازية ، لقد آن الأوان للبلاد ان تغادر هذه المحطة لتبدأ في رحلة التعافي والعمل من أجل تلافي المزيد من الإنقسامات المجتمعية وتفادي توريث الأجيال المتعاقبة الضغائن والأحقاد والفتن والحروبات وايقاف القرع المتبادل لطبول الحرب لقد فشلت كل الأطراف المتصارعة على السلطة ولم يعد بالإمكان في وسع أي جهة ان تتمكن من السلطة وليس هنالك من خيار سوى البحث والتكاتف ورتق الإنقسامات المجتمعية والعمل من أجل التأسيس لمستقبل أفضل للشعب السوداني .
ظاهرة حميدتي :
ظاهرة حميدتي من ضمن الظواهر التي مرت على البلاد وكشفت عن مدى عمق انتهازية استغلال السلطة وتوظيفها لتحقيق مرامي وأهداف ذاتية كما وكشفت الحرب العبثية الدائرة ضرورة البحث عن جذور اسبابها والعمل على علاجها بدلا من اتخاذها منصة لاحداث المزيد من الفتن والإنقسامات الجهوية والمجتمعية ، من الأخطاء الجسيمة ربط هذه الحرب بقبيلة الرزيقات وقبائل العرب بغرب السودان ودارفور، فهذه الحرب التي كانت مؤجلة ساهم النظام السابق والحالي في بذر أسبابها كما ان علاجها لن يتحقق من خلال الإكتفاء بالنظر إلى نتائج الحرب ، لعدة سنوات ظلت عناصر الجيش والدعم السريع تقاتل في اليمن، واصوات اليمنيون تتعالى وتجأر بالشكاوي، وفي الخرطوم يلجأ الضباط والجنود للتوصيات للذهاب إلى اليمن كعقد عمل خارجي مجزي ، من دون مساءلة النفس عن مشروعية هذا الأموال وقتل النفس بلا موجبات دينية أو وطنية ، هذه الحرب كشفت الممارسات الكامنة في قطاعات وأسعة من الشعب السوداني واستغلال الظروف والأزمات الإنسانية حتى بين بني الشعب الواحد لتحقيق الكسب والثراء .
مكمن الأزمة :
في نهاية عهد البشير زارني بمكتبي في الخرطوم باحث غربي كان ينقب حول مستقبل تأثيرات البدو الرحل في الشريط الممتد من غرب أفريقيا ويشمل بوركينا فاسو ومالي والنيجر وتشاد وافريقيا الوسطى وجنوب الصحراء الكبرى المتاخم لليبيا وغرب السودان على الإستقرار بالمنطقة واهمال هؤلاء البدو الذين لم يجدوا الخدمات والتعليم ، كما وان غالبيتهم يعيشون في حالة التنقل والترحال وفي ظل عدم توطنهم بدول المنطقة بالإمكان استغلالهم وان تتطور خطط الدول الخليجية المستجلبة لجيوش عابرة من السودان لتأسيس جيوش منهم لتلك الدول خارج أراضيها تكون جاهزة لمهام الدفاع عنها بدلا عن مواطنيها وبخاصة هنالك دول خليجية مواطنيها اقل عددا بكثير من العمالة الوافدة ، وكان لذلك الباحث استفسارات عديدة فيما يتعلق بمدى توطين نظام البشير لهذه المجموعات واستخدامه لهم في الحروب وقد تزامن استقصاء ذلك الباحث الغربي مع معلومات وردت الينا في هيئة محامي دارفور من أم دافوق السودانية المتاخمة لأم دافوق في دولة أفريقيا الوسطى عن توسع مجموعات فاغنر وعملها في مجالات التعدين وتأسيسها لمهابط لطائرات عمودية وأستكشافية في الشريط الحدودي بين دولتي السودان وافريقيا الوسطى ، كانت تلك قرائن تعزز ما يشاع عن وجود مشروعات محتملة لدول خليجية مثل دولة الإمارات لتأسيس جيوش بهوية عربية خارج نطاق حدودها الجغرافي تكون جاهزة عند الطلب بمثل قوات الدعم السريع ، كما ان هنالك من القرائن ما تشير لأصابع خليجية قامت بتطوير حميدتي حتى صارت لديه الثقة التامة لحكم السودان، وقد نشط في تأسيس منطقة الزرق بدارفور وتزويدها بالخدمات والبنية التحتية ،كما ظل سلوك حميدتي في كل مرحلة يختلف ويتغير ، وبمثلما تخلص من صانعه الأول البشير وقد تؤطدت ركائزه في عهدي حمدوك والبرهان وصارت لديه القدرات المالية الضخمة والعلاقات الإقليمية والدولية والولاءات المستقطبة وآخرها قوى الحرية والتغيير الموقعة على الإتفاق الإطاري .
الإنتقال الديمقراطي تحت حماية فوهة بندقية حميدتي :
لو لم تكن قوى الحرية والتغيير الموقعة على الإتفاق الإطاري ساذجة أوغافلة فمن المؤكد طامعة في السلطة لدرجة غشيت فيها ابصارها، ولم تعد ترى في الإنتقال الديمقراطي سوى فوهة بندقية حميدتي وأرتمت فيها ويا للخسارة الفادحة، حميدتي أصلا لا يؤمن بالديمقراطية ولا يعرفها وفي تجاربه عدم الوفاء ، تخلص من البشير دونما يرمش له جفن كما فعل بأبوعوف ثم جاء الدور للبرهان وما كان لقوى الحرية والتغيير الموقعة على الإتفاق ان تورط نفسها مع قوات الدعم السريع وتغرق في عملية إصلاح الجيش وحصر عملية الإصلاح في دمج قوات متعددة العقائد لا تجمع بينها سوى حمل السلاح، وهي لا تدرك بان عقيدة الجيش هي مبادئ الجيش ومذهبه في الدفاع عن الدولة والمواطن وليس مجرد محاصصات لقوات عسكرية، كما ظلت تجهل قوى الحرية والتغيير الموقعة على الإتفاق الإطاري . نواصل

مقالات ذات صلة

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments
زر الذهاب إلى الأعلى
0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x