التقارير

السودان ومآلات التغيير : الطريقة الوحيدة للوصول الي السلطة هي الانتخابات


تقرير : حسن اسحق

اقام المركز الثقافي السوداني بالعاصمة القطرية الدوحة في الثالث من يونيو الماضي محاضرة بعنوان السودان ومآلات التغيير، تحدث فيها الدكتور بكري الجاك المدني استاذ السياسات العامة والادارة بجامعة لونغ ايلاند بنيويورك، .

اشار المتحدث ، عن أن الانتقال التدريجي يمكن ان يحدث من داخل الانظمة الملكية والديكتاتورية، والديمقراطية الناجحة ان كل الاطراف في العملية السياسية وصلولا الي قناعة الي ان الطريقة الوحيدة للوصول الي السلطة هي الانتخابات، والشرعية الاجتماعية تأتي من القاعدة الاجتماعية التي يحتاج النظام الذي يريد ان يحكم، والنجاح في الانتقال يتطلب الوضوح والرؤية، وتحقيق الوعود، والتواصل، حتي لا يقوم التغيير علي تصورات ذاتية، في ظل هذه العوامل السودان حظوظه لم تكن كثيرة علي الاطلاق منذ بداية تشكيل الحكومة الانتقالية.
وان السياق السياسي الراهن، فيه عوامل ديناميكية تحكم عملية التغيير وتعقيداتها، والسودان في مرحلة اقرب الي حالة عدم القابلية للحكم، بمعني النظام السياسي الموجود لم يعد بمقدوره تسيير شؤون المواطنين، وصناعة قاعدة اجتماعية وتطوير رؤية، وايضا الادارة الاهلية لم تعد بالحيوية والقدرة التي كانت تتمتع بها سابقا، وعملية التغيير افرزت شروط جديدة تتطلب فهم جديد، ايضا هناك حالة من الضعف تعتري القوي السياسية، ان القوي التي تدير المشهد السياسي ، هي تعبر عن دائرة وشبكة مصالح تريد ادارة جهاز الدولة لاكتساب شرعية اجتماعية وسياسية، هذه المؤسسة مع الشركات الامنية التي تدير المليارات، هي اموال خارج الاقتصاد، الدولة لا تستطيع الوصول اليها.

التحالف مع القوي الصاعدة

في فن التغيير والتحول الديمقراطي وتجارب الانتقال الديمقراطي يقول بكري الجاك: ان الانتقال التدريجي يمكن ان يحدث من داخل الانظمة الملكية والديكتاتورية، والديمقراطية الناجحة ،وان كل الاطراف في العملية السياسية وصلوا الي قناعة الي ان الطريقة الوحيدة للوصول الي السلطة هي الانتخابات، باعتبارها وسيلة لتغيير القيادة، وهناك طريقة اخري للتغيير تتمثل في العمل المسلح.

اوضح ان تجربة النظام المسلح لم تفرز عمل ناجح علي سبيل المثال في اوغندا واثيوبيا رواندا، جنوب السودان تجربة الحركة الشعبية، الشواهد تقول مثل هذه التجارب لا تقود الي اي نظام ديمقراطي وهناك طريقة اخري، هي الاحتلال، هي احتلت في سبيل بناء نظام سياسي فيها، كالاحتلال الامريكي للعراق، وفشل المشروع الامريكي في تحويل العراق الي ما كان يريد، وايضا تجربة افغانستان، اضافة الي الانتفاضة الشعبية التي تسبب خلل لبنية النظام، وتجبر قوي من النظام القديم من اجل الحفاظ علي مصالحه ان يتحالف مع بعض القوي الصاعدة التي تسعي الي التغيير، ثم يقود الي تحقيق نظام جديد، اعطي مثالا لهذه التجربة البولندية والتشيك والسلوفاك، وبعد سنوات بولندا نجحت بحراك ثوري شعبي انتج نظام سياسي جديد وديمقراطي، وايضا كانت هناك نماذج حديثة في تونس ومصر، وكل واحدة من هذه النماذج درجة النجاح فيها متفاوتة، وايضا التجربة الفليبينية.
وتطرق الي التجارب في امريكا اللاتينية، علي سبيل المثال التجربة البوليفية، والحراك الشعبي لا ينتج تغيير من غير وجود صيغة من النظام القديم مؤمنين بالتغيير، وايضا الحفاظ علي مصالحهم، والتحالف مع قوي صاعدة، ما حصل في 2019 الحراك الثوري الشعبي افضي الي هزيمة النظام اجتماعيا، ولم يكن له القدرة علي الاستمرار في الحكم.
كيفية ادارة الاقتصاد

اضاف بكري: في ذات السياق ان الشرعية الاجتماعية تأتي من القاعدة الاجتماعية التي يحتاج النظام الذي يريد ان يحكم.

واوضح الرئيس السابق عمر البشير ، استنفد كل عوامل بقائه في كرسي السلطة 2019 بفعل الحراك الجماهيري الشعبي، لكن بعد الذهاب الي عملية التفاوض بعد فض اعتصام القيادة العامة، كان تصور اللجنة الامنية ان القوي الجديدة لها رغبة في التحول الديمقراطي سلمي، واخرون كانوا يشككون في ذلك، نجاح الانتقال الديمقراطي يتطلب كيفية ادارة الاقتصاد، تحسين اوضاع الناس، والقدرة علي التعايش مع الاوضاع الجديدة، وعامل ثاني في النجاح، هي القيادة السياسية تعني اي فاعل في العملية السياسية، حتي اولئك الذين ينظر اليهم انهم ضد الانتقال.
اكد بعد نظر القوي السياسية ومدي ايمانها بعملية التغيير عامل مهم وحاسم في العملية السياسية والتغيير، وجود القائد الذي له ايمان بالتغيير قد يساهم، لكن للاسف الشديد، ما حصل في فترة الانتقال بم يكن حظوظ نجاح، بسبب مشاكل في البنية.
وتساءل لماذا الحراك الشعبي في تونس نجح؟ خلال 10 ايام هرب الرئيس زين العابدين بن علي، ومصر الاعتصام 11 يوم، في اليمن، الاعتصام استمر 14 شهرا، واليمن ليس فيها مجتمع مدني ناضج، لسيطرة العقلية القبلية علي المشهد السياسي، اما المجتمع المدني في تونس انضج، وان وجود المجتمع المدني عامل حاسم في عملية التغيير، ايضا عامل اخر، هو تأثير دول الجوار، لا توجد دولة محاطة بديكتاتوريات تستطيع تحقيقق نظام ديمقراطي، مشيرا الي نموذج يستحق الدراسة، الا وهي دولة كوستاريكا في امريكا الوسطي، محاطة بديكتاتوريات، هي البلد الوحيد الناجح في تحقيق نظام اقتصادي متماسك، هي الدول التي يأتي اليها المستثمرون.
تحقيق وعود التغيير

النجاح في كوستاريكا تحقق بسبب بناء مؤسسات، والنجاح في الانتقال يتطلب الوضوح والرؤية، وتحقيق الوعود، والتواصل، حتي لا يقوم التغيير علي تصورات ذاتية، في ظل هذه العوامل السودان حظوظه لم تكن كثيرة علي الاطلاق منذ بداية تشكيل الحكومة الانتقالية، وبالنظر الي هذه العوامل، يدرك المتابع ان هناك تحديات تواجه الفترة، وجزء من التقييم في سهولة توزيع اللوم، الافضل ان يفهم الجميع معرفة الاسباب التي قادت الي هذا الوضع، وكان يتوقع من رئيس الوزراء السابق ان يقوم بجرد حساب في الفترة التي كان في رئاسة الحكومة، وذكر الظروف والعوامل التي ادت الي الفشل، وكان يتمني ان يقوم حمدوك بذلك.

اوضح ان السياق السياسي الراهن، فيه عوامل ديناميكية تحكم عملية التغيير وتعقيداتها، والسودان في مرحلة اقرب الي حالة عدم القابلية للحكم، بمعني النظام السياسي الموجود لم يعد بمقدوره تسيير شؤون المواطنين، وصناعة قاعدة اجتماعية وتطوير رؤية.
اوضح بكري ان انقلاب 25 اكتوبر، هو نظام يريد السلطة، والتحديات التي تواجهه، ليس له شرعية دستورية، والمرجعية الدستورية لتلك القرارات هي مزاج السيد ئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان والدائرة المقربة له من الحركة الاسلامية، وليس له اي شرعية سياسية، لا قاعدة اجتماعية، ويريد خلق قاعدة اجتماعية له من الادارات الاهلية وقيادات القبائل.
يري بكري ان هذا كرت قديم، وايضا الادارة الاهلية لم تعد بالحيوية والقدرة التي كانت تتمتع بها سابقا، وعملية التغيير افرزت شروط جديدة تتطلب فهم جديد، ايضا هناك حالة من الضعف تعتري القوي السياسية.
ادارة جهاز الدولة لاكتساب الشرعية

اضاف بكري ان القوي التي تدير المشهد السياسي ، هي تعبر عن دائرة وشبكة مصالح تريد ادارة جهاز الدولة لاكتساب شرعية اجتماعية وسياسية، هذه المؤسسة مع الشركات الامنية التي تدير المليارات، هي اموال خارج الاقتصاد، الدولة لا تستطيع الوصول إليها ، وكذلك المراجع العام، تستثمر في العديد من القطاعات، وهذه القوي في المؤسسة العسكرية لها مصالح تريد الحفاظ عليها، وحركات الكفاح المسلح، اضافة الي الدعم السريع، ككيان خارج اطار منظومة الدولة، في ظل هذا الوضع الهش، ليس هناك قيادة تستطيع اتخاذ القرار، في ظل وجود كل هذه الاطراف، ايضا هناك ضعف باين في قوي الثورة، قوي مسلحة اوقفت اطلاق النار، لكن ليست جزء من العملية السياسية، قوي سياسية لا تستطيع اتخاذ القرار لوحدها، وقوي لجان المقاومة فاعلة في الحراك الثوري، لكن ليس لهم الحق في اتخاذ القرار نيابة عن القوي الاخري، هذا يعتبر توازن ضعف في مربع قوي الثورة وقوي الانقلاب، في هذا الوضع ليس هناك شخص يستطيع التقدم خطوة الي الامام، اضافة الى ان السودان في وضعية اختطاف الدولة، في سوء قراءات وتوصيف للوضع الراهن،

اكد ان الدولة مختطفة بواسطة كيانات لها مصالح غير معنية بمسألة الحكم او الحوكمة في تسيير شؤون الناس، هي تدير اقتصاد غير معني بحياة الناس، يكرر حالة توازن الضعف في السلطة الانقلابية وقوي الثورة، هي نتيجة تقود الي الركود، ان خطورة هذا الوضع، يؤدي فشل التغيير في المعادلة، يقود الي فشل الدولة، وربما تتلاشي، الدولة في السودان في حالة صيرورة منذ 1921، لم تكتمل عملية بناء المجتمع جزء من الخلافات، هو خلاف توصيف قراءات لطبيعة الدولة، وظيفة الدولة ان تقوم باحتكار العنف، اين هي هذه الدولة التي توفر الامن.
توحيد السودانيين حول الدستور

قال بكري ان هناك اربع مآلات للوضع الراهن في السودان، ان تستمر محاولات الانقلاب، اطلق عليها الانقاذ 5، وربما يحاول النظام الحالي تثبيت اقدامه، والظاهرة الديمغرافية لا يمكن ان تعدي من دون ان تحدث تغيير هيكلي، وسيناريو اخر ان يتم الوصول الي صيغة شراكة مع جميع المكونات، والالية الثلاثية ما زالت تعمل علي ذلك، وهناك تخويف للناس ان الدولة سوف تنهار، ورفض الحلول السريعة، ان الحلول دائما تأخذ عملية طويلة، وايضا الوصول الي صيغة تخرج الجيش من العملية السياسية، في توظيف العوامل الخارجية والمحلية لان العامل الخارجي في السياسة السودانية عامل مؤثر، السودان دولة ضعيفة ومختطفة، وافراد داخل الدولة السودانية يعملون لجهات خارجية، علي القوي المدنية ان تصل الي صيغة، وكذلك ادارة حوار مع القوي الاقليمية، عامل المزايدات والخوف يجعل القوي السياسية غير قادرة علي طرح رؤية، والسيناريو الاخير هو استمرار حالة الضعف، يقود الي انهاك البلاد وضياعها.

يطالب بوضع تصور للعملية السياسية للقوي الداعمة للتحول الديمقراطي، اي القوي الحريصة علي التحول الديمقراطي، بما فيها قوي الحرية والتغيير، والحزب الشيوعي او لجان المقاومة، هي قوي سياسية لها مشروع تغيير، عليهم توحيد السودانيين حول رؤية للدستور الدائم، وكيفية تطويره، والتصور حول دور القوات النظامية، وقضايا العدالة الانتقالية، وكيفية تطبيقها، مع مهام محددة للفترة الانتقالية، وبناء الانتقال علي تصور القوي الديمقراطية، مع تكوين تصورات متكاملة مع كل القوي السياسية في المجتمع.

مقالات ذات صلة

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments
زر الذهاب إلى الأعلى
0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x