مقالات الرأي

تحت غطاء القوى المدنية
ممارسة الاستهبال السياسي

بقلم: الصادق علي حسن المحامي

في يوم ٥ / ١/ ٢٢٠٢٣ م وبمسمى القوى المدنية الموقعة للاتفاق الإطاري أصدرت تلك القوى بيانا كاشفا عن عمق الأزمة السياسية والمدنية بالبلاد ، فمن الإبجديات ان من أهم مهام القوى المدنية (إذا وجدت بالفعل) الرقابة على الأوضاع العامة بالبلاد والعمل على تعزيز وحماية الحقوق الأساسية وعلى رأسها الرأي والتعبير والتنظيم والإعتقاد ، إلا أن هذه القوى المشار إليها والتي لم يفتح الله عليها ولو بكلمة واحدة للحديث عن اوضاع (٩٥) من محتجزي ولاية غرب دارفور بسجن بورتسودان لا زالوا في إضراب مفتوح عن الطعام كما ومنعت إدارة السجن المذكور مقابلتهم إلا بتصريح مكتوب من والي ولاية غرب دارفور أو الدعم السريع و(٧٧) آخرين بسجن اردمتا وقبل ذلك الإنتهاكات الجسيمة التي طالت اكثر من خمسمائة من محتجزي ولايتي غرب وشمال دارفور ممن اعتقلوا في حملات جزافية ووضعوا في إحتجاز غير مشروع بسجون اردمتا بالجنينة وشالا بالفاشر والهدى بأمدرمان وبورتسودان وضمن المعتقلين عددا من الأطفال وطلاب بالجامعات والمدارس واسر بكامل افرادها ، فماهية هذه القوى المدنية ومهامها وماذا تفعل ومن هم رموزها ومرجعيتها المدنية ومؤسساتها التي تعبر عنها ، ومن أين حصلت على تفويضها وهل تم إنتخابها او تكليفها من عضوية حقيقية موجودة في أرض الواقع وتمثل مرجعيات عامة معتدة بها حتى تاخذ لنفسها صفة التوقيع مع قوى وتنظيمات سياسية لتسبغ للاتفاق الإطاري مشروعية مدنية صحيحة ام بالإنتحال ،
الإجابة على هذه الأسئلة ضرورة والتعرف على هذه القوى التي تمارس انشطة وأعمال اشبه بالاستهبال السياسي مستغلة حالة السيولة العامة وعدم وجود أجهزة لتنظيمات مدنية حقيقية وعدم الإستفادة من دروس تجربة تجمع المهنيين، والآن هنالك ضرورة لتناول تجربة تجمع المهنيين ومساهمته التي لم تتجاوز ساعة توقيت الثورة وكيف انه بعد ان حصل هذا التجمع على دعم كافة قوى الثورة ونتيجة لعدم الخبرة والأطماع الذاتية وتجيير التجمع الذي كان يمكنه ان يصبح تجمعا تاريخيا يقود البلاد إلى بر الأمان ولكن قياداته هزمت قضايا الثورة ومطالبها ودماء مجزرة شهداء فض الإعتصام وركنت إلى ذواتها، فانتهى دور التجمع إلى مجرد لافتة وانقسمت اللافتة ذاتها إلى لافتتين وسط مئات اللافتات المرفوعة ثم ظهرت على اعقابهما لجان المقاومة والتي امتلكت بشعاراتها الشارع العريض وقدمت التضحيات وحتى الآن لم تستخلص لجان المقاومة الدروس المستفادة من تجربة تجمع المهنيين .
الدكتور محمد يوسف أحمد المصطفي احد القيادات المؤسسة لتجمع المهنيين من الشخصيات الأمينة مع نفسها وقد ظل يحرص على تسمية الأمور بمسمياتها وفي مكالمة هاتفية مطولة من القاهرة مستشفيا بها ،حدثني عن تجمع المهنيين ودوره المحدود جدا في ثورة ديسمبر المجيدة ٢٠١٨م وان التجمع بدلا من توظيف الدعم الثوري العظيم وتعزيز دور شباب الثورة لإدارة الدولة ومهام الإنتقال اقتلع لنفسه مهاما اكبر من قدراته ومساهماته وكان موضع الضعف الذي من خلاله تمكن النظام البائد من إنتاج ذاته وإخراج رموزه للعلن ، لذلك يرى ان اي مساهمة حقيقية في ظل الظروف الحالية لن تأتي بنتائج ما لم تؤسس لمشاركة شباب الثورة مشاركة اساسية وبصورة فاعلة في إدارة بلادهم وهم يملكون المؤهلات الكافية .
في تقديري المتواضع القوى الموقعة باسم القوى المدنية على الإتفاق الإطاري هي موجودة في الأوراق والمناسبات السياسية ولا وجود لها على الإطلاق في مضمار العمل المدني ، وبتوقيعها على الإتفاق الإطاري قد يتكرر ذات المشهد في مسرح العبث السياسي بمثل ما حدث بإسم تجمع المهنيين ، وبمثلما أضاع تجمع المهنيين مكاسب أعظم ثورة أُنجزت في تاريخ البلاد منذ استقلالها ، هواة السلطة وطلابها تحت غطاء لافتة القوى المدنية يمارسون ذات الدور وقد أوشك النظام على الرحيل .

مقالات ذات صلة

2 1 vote
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments
زر الذهاب إلى الأعلى
0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x