مقالات الرأي

تَحـدِيَّات الإنتِقَّـال الديمُقَّـرَاطِي فِي السُّودان

بقلم: نصر الدين عمر عثمان

فِي هَذِهِ الْمِسَاحَة سَوْف أَتَنَاوَل تحديات الإنْتِقَال الديمُقرَّاطِي فِي السُّودَان؛ فالمُتتبَّع للمَسَّار الجِيُوسِياسِي يَلْحَظ جُمْلَةٍ مِنْ العَقَبَات والتَحدِيَّات الَّتِي جُلها مُصتنعة بِفِعْل أَقْطاب الحَرَاك السِّياسِيّ؛ الَّذِين فشلوا نَتِيجَة لِانْسِدَاد الْأُفُق السِّياسِيّ، بداءاً بالأَحْزَابِ السِّيَاسِيَّةُ وَالْحَرَكَات الْمُسَلَّحَة جناح السَّلَام وحلفائها مَعَ مَنْ تُبْقِي مِنْ فُلُولٌ النِّظَام البائد؛ الَّذِين يحلمون بالعودة إلَى السُّلْطَة مَرَّةً أُخْرَى بِمُسَاعَدَة الأَجْهِزَة الْأُمْنِيَّة والمؤسسة العَسْكَرِيَّة بِرِئاسة قائدها العام الْكُوز بُرْهَان؛ هَذِه الْمُؤَسَّسَة العَسْكَرِيَّة شُوهت بواسطة الْحَرَكَة الْإِسْلَامِيَّة، فَهِيَ غَيْرُ صَالِحَةٍ مَالَم يَتِمّ إعَادَة هيكلتها مِنْ جَدِيدٍ لا يُمْكِنُنَا أَنْ نضفي عَلَيْهَا صِفَةٌ القَوْمِيَّة مَا دُونَ ذَلِكَ نمارس نوعاً مِنْ النِّفَاقِ عَلِيّ جَمَاهِيرُ الشَّعْبِ السُّودَانِيّ؛ الذي تم إبادته وتهجيره قسرياً بهذه القوات النظامية؛ فَهِيَ سَبَبٌ كُل البلاوي فِي الْبِلَادِ؛ فشلها ! خُلقَّتْ عَلِيّ أَثَرُهَا مليشيات مُوَازِيَة لَهَا كالدعم السريع ابوطيرة وغيرها هِيَ مُؤَسِّسَةٌ أيدولوجية بلا منازع تمثل حرس أيدولوجي؛ تُخْفِي ولائها لِلنِّظام؛ وُجُود رُمُوزِهَا فِي السُّلْطَة الآن.. ماهي إلَّا تَبَادُل للْأَدْوَار وَهِي عَمَلِيَّة تَمويه وليس إلا.. فهي نفس اللجنة الْأُمْنِيَّة لِنِظَام الْبَشِير؛ فِي بِدَايَةِ الثَّوْرَة لعبو دُور الثَّعْلَبِ فِي ارتدائهم ثِيَاب الثَّوْرَة وَاسْتَطَاعُوا بمشاركتهم للسلطة مَع قحت تَصْدُر الْمَشْهَد لِأَنَّهُم يمتلكون شَرِكات إستثمارية باموال ضَخْمَةٌ؛ مِمَّا أَدْخَلَ البِلاَدِ فِي مَأْزِق سِيَاسِيّ وإقتصادي تارِيخِي إعْتَاد عَلَيْه النَّادِي السِّياسِيّ الْقَدِيمِ فِي إعَادَةِ هَذَا الْمُسَلْسَل الْفَطِير وَفَّقَ زهنية النُّخْبَة الإستحوازية للسلطة مَا سُمِّيَّة بِالدَّائِرَة الجهنمية الشِّرِّيرَة وَهِي مُتَمَثِّلَة فِي ظَاهِرِهِ الإنقلابات العَسْكَرِيَّة؛ الَّتِي تَلِي أَي ثَوْرَة شَعْبِيَّةٌ أرادت التغيير؛ لِذَا مِنْ الصُّعُوبَةِ بِمَكَان الْخُرُوجِ مِنْهُ بَيْنَ لَيْلَةٍ وَضُحَاهَا مَا لَمْ تتضافر الجُهُود.

فالحيثيات الماثلة الْآن؛ رَغِم حَالَة الاسْتِياء الْعَامّ عَلِيّ مُسْتَوِي الشَّارِع السُّودَانِيّ؛ إلَّا أَنْ الشَّارِعَ مَازَال يَنْبِض بِكُلّ حَيَّوَيْه وَنَشَاط، الذي يقِفُ وَرَاءَهَا هي شَرِيحَة مُهِمَّةٌ تَمَثَّل شَبَاب الثورة من لجان الْمُقَاوَمَة وَبِالْإِضَافَة الي جَمَاهِيرُ الشَّعْبِ السُّودَانِيّ؛ الَّذِين يَعْشَقُون قيَّمة الْحُرِّيَّة وَالْعَدَالَة وَأَصْبَحُوا يتطلعون دُون كَلَّل أَو مَلَل إلَيَّ أَنْ تَتَحَقَّقَ دَوْلَة الْمُوَاطَنَة الْمُتَسَاوِيَة؛ لَقَد رَسَخ الشَّعْب السُّودَانِيّ بِتِلْك الْمَوَاقِف البطولية والثورية إلَيّ عَمَلٌ ثَوْرِيٌّ غير مُنْقَطِعٌ النَّظِير؛ وَيَسْتَحِقُّون أَنْ يَدْخُلُوا مَوْسُوعَة غينيس للأرقام الْقِيَاسِيَّة حيّال هذه الْمَوَاقِف الشَّجَاعَة والصمود عَلِيّ مدي تِسْعَةٌ شُهُور عَلِيّ عَمَلِيَّة الِانْقِلَاب المشؤومة، لَقَد أَكَّدُوا لِلْعَالِم أَجْمَع عَن مدي الْعَزِيمَة وَالْإِرَادَة وَالْإِصْرَار؛ بصمودهم التاريخي فِي وَجْهِ آلةُّ القُمع وَالتَّنْكِيل وَالْقَتْل، فِي مُوَاجَهَتِهِم لِلرَّصَاص الْحَيّ بِصُدُور عَارِيَّة؛ مُتَمَسِّكِين باللاءات الثَّلَاثَةِ لَا شَراكَةَ وَلَا تَفَاوَض لَا مُسَاوَمَةٌ؛ بَعْدَ كُلِّ هَذَا تَأْتِي الْقَوِيّ السِّيَاسِيَّة مُمَثَّلَةٌ فِي قحت واعوانها؛ لِكَي تتصدر الْمَشْهَد مَرَّة أَخِّرِي؛ كَمَا حَدَّثَ أَبَان ثَوْرَة دِيسَمْبِر المجيدة ٢٠١٩ ولكن هيهات!

ذَلِكَ الْمَشْهَد السِّياسِيّ أَتَمَنَّى أَنْ لَا يَتَكَرَّرُ مَرَّةً أُخْرَى؛ وَذَلِكَ لِأَنَّ الكُل أَدْرَك حَقِيقَةُ مَا كَانَ يُخْفِيه الْمَجْلِس الإنقلابي طِيلَة تِلْك الْفَتَرَات؛ لِذَا مِنْ الْمُسْتَحِيلِ أَنْ يَتَكَرَّر نَفْس الْأُسْطُوَانَة المشروخة الَّتِي أَعْتَدْنَا عَلَى مُشَاهَدَتِهَا فِي الْفَتَرَات الْمَاضِيَة؛ لِذَا عَبَّر هَذَا السُّطُور ننتهز هَذِه الْفُرْصَة لِإِرْسَال رَسَائِل إلَيَّ كُلَّ عُشَّاق الحُرية وَدَعَاة التَّغْيِير عَلِيّ امْتِدَاد الوَطَن المترامي الْأَطْرَاف؛ لاَبُدَّ مِنْ النَّعْي عَن الْخِلَافَات ويستوجب منا إدارتها بصورة حضارية وَالسَّعْيِ مِنْ أَجْلِ تَكْوِين قَاعِدَةٌ جَماهِيرِيَّة عَرِيضَة وَهُنَالِك ضَرُورَة قُصْوَى الآن لِتَوْحِيد الرَّوِيّ وَالْأَفْكَار وَالْعَمَل بِرُوح الرُّفْقَة مِنْ أَجْلِ التَّغْيِيرِ الْحَقِيقِيّ والمنشود.

فالتحدي الْآنَ.. هُوَ الْعَمَلُ عَلِيّ تَوْسِيع دَائِرَة الْمُعَارَضَةِ تطبيقاً لمقولة “ثُّوار أحرار حنكمل المُشوار” لذا يتطلب المضي قدماً نحو إبتكار آليات ووسائل أخري للتضيق أكثر علي الإنقلابيين! كَمَا تَمّ بِالْأَمْس الْقَرِيب التوقيع علي وثيقة تكوين “التَّحَالُفِ مِنْ أَجْلِ التَّغْيِيرِ”، الَّذي تَمَّ الاعلان عنها بَيْن الرفاق في حَرَكَة وجيش تَحْرِير السُّودَان وَبين الاشقاء في الْجَبْهَة الوَطَنِيَّة الْعَرِيضَة فِي العَاصِمَةِ البِريطَانِيَّة لَنْدَن؛ وَيُعْتَبَر عَمِل سِيَاسِيّ متقدم يصب في مصلحة الوطن؛ بحيث أنه يتوافق مع تداعيات المرحلة الراهنة وَكَمَا سَبَقَتْهَا التَّحَالُف السِّياسِيّ بَيْن حَرَكَة وجيش تَحْرِير السُّودَان وَالْحَرَكَة الشَّعْبِيَّة شِمَال فِي كاودا العام الماضي، لِذَا وفق هَذَا النَّمَطِ يُجْدَر بِنَاء الْإِشَارَة لِلتَّنْبِيه لاهمية مُشَارَكَة الْقَوِيّ الْحَيَّة مَعَ بَعْضِ فِي تَحَالُف عَرِيضٌ دونما إقْصَاءٌ أَوْ تَجَاوَزَ كَمَا يَفْعَلُهَا اِنْتِهازِيٌّ قحت أَوْ مَا يُسَمَّى بِأَرْبَعَة طَوِيلَة وَذَلِكَ مِنْ أَجْلِ تَجَاوَز مَرْحَلَة الِانْتِقَال الديمقراطي؛ بِالْوُصُولِ إلَى التحوّل الديمقراطي الْحَقِيقِيّ والإحتفاء بِوَطَن يَسَع الْجَمِيع؛ تسوده القيَّم السامية والنبيلة تِلْك؛ وَهِيَ الْحُرِّيَّةُ وَالسَّلَام وَالدِّيمُقْرَاطِيَّة، الَّتِي رَفَعَهَا شَبَاب الثَّوْرَة ومازالوا مُتَمَسِّكِين بِهَا إِلَيَّ حِين أَنْ تَتَحَقَّقَ فِي أَرْضِ الْوَاقِع؛ وَلَكِنْ مِنْ الْمُلَاحَظ أَن الأَحْزَابُ السِّيَاسِيَّةُ “قحت” وتحالف الموز المتحالفة مع العسكر؛ شغلهم الشَّاغِل الْآنَ.. هذه الأيام هِيَ إخْتِلاق الصِراعات الْوَهْمِيَّة مِنْ غَيْرِ مُعْتَرَك مِنْ أَجْلِ الْحُفَّاظُ عَلَى الامْتِيازات التَّارِيخِيَّة للنخبة؛ الَّتِي وَرِثُوهَا أَبَان الِاسْتِقْلَالِ مِنْ المُستعمر الإنجليزي وَاَلَّتِي قَامَتْ عَلَى أَسَاسِ الأَنانِيَّة وَحُبّ الذَّات؛ الَّتِي لَا تَخْدُمُ مَصْلَحَةٌ الوَطَن الْعَامَّة، وتناسوا بِشَكْل مُتَعَمِّد تَأْسِيس دَوْلَة تَقُومُ عَلَى أَسَاسِ الشراكة الوَطَنِيَّة بين مكوناته التعدُّدِية والمتنوعة والتي يجب أن تتم تتويجها بِمَشْرُوع وَطَنِي يَحْفَظُ مَا تُبْقِي مِنْ أَرْضِ السّودَانِ مِنْ الإنْفِصَالِ والإنقسام إلَيّ دويلات متناهرة ومتنافِرة يَصْعُب لَهَا أَنْ تنسجم!

مقالات ذات صلة

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments
زر الذهاب إلى الأعلى
0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x