مقالات الرأي

11 أبريل 2019م لحظات ثورية…

بقلم: على محمد كبر العالم

مدخل أول …الثورة السودانية ثورة تراكمية بدأت منذ سنين طويلة شارك فيها الثوار الاحرار من جميع أبناء السودان وقاوموا الإنقاذ منذ مجيئها بالطرق المختلفة(سلمية ومسلحة) شارك فيها المهنيين باجسامهم ونقاباتهم المختلفة بالرغم من محاولة الإنقاذ في عهدها تجيير الأجسام النقابية بعضويتها الموالية لها لكن الثوار كانوا اقوى وقاوموا مقاومة مهدت الطريق للثورة … الحالية التي أسقطت البشير الذي كان يظن انه لا يسقط بالهتافات كما يصرح زبانيته بذلك ولكن رأى الأمر رأي العين وذهب للسجن …

مدخل ثاني ….
ثورة ديسمبر المجيدة اختلفت عن سابقاتها وظهر الاختلاف في نسبة الوعي الذي حدث وسط المجتمع السوداني وهي ثورة تراكمية كما اشرته في بداية حديثي سبقتها ثورات عديدة ومناهضات ليست بالقليلة ومنها على سبيل المثال لا الحصر مظاهرات طلاب الجامعات السودانية المختلفة في السنين الطويلة رغم البطش والتنكيل ( أحداث جامعة الجزيرة في العام ٢٠١٢م) تلك الأحداث وما وجدته من تضامن وسط المجتمع الجامعي والشارع …إذ خرجت مظاهرات تضامنية في غالب الجامعات…رغم البطش الا أن الصمود كان واضح في الشباب الثوري فاستمروا في المقاومة مع تنويع طرقها وفي العام ٢٠١٣م …الخروج للشارع كان قوي ولكنه لم ينجح بالرغم من الشهداء الذين قدموا فيه …لكنه رسخ للمقاومة….وجعل الثوار ينوعون من وسائلهم في المقاومة الباسلة وكذلك التنظيمات وحركات الكفاح المسلح اسهمت في ذلك …وما (حملة يسقط) ٢٠١٥م ببعيدة عن أذهاننا تلك الحملة التي اطلقتها حركة جيش تحرير السودان بقيادة الاستاذ/ عبد الواحد نور جابت كل مدن السودان بمخاطبات ثورية وسط الاسواق رغم التهديد والاعتقالات الا أن الثوار صمدوا… فتطورت المقاومة إلى أن وصلت ثورة ديسمبر المجيدة التي انطلقت في ٢٠١٨م واستمرت رغم البطش والاعتقالات والاغتيالات ولكن تكتيكات تجمع المهنيين كانت جيدة إذ أسهم في قيادة الشارع بنجاح ووجد دعم ثوري من الاحزاب والرفاق بالكفاح المسلح ولكن ؟ ليتنا استفدنا من تجربته …والحضور القوي للجان المقاومة التي كانت حاضرة بقوة في المواكب ودعم الثوار بالخارج كلها كانت مؤشرات تدل على سقوط الطاغية..الذي استمر حكمه سنين طويلة (٣٠) عاما ظن أن الكرسي دائم بل وصل به في بعض الأحيان أن يصرح تصريحات غير مسؤلة ناسي أن إرادة الشعب لا تقهر خاصة أن الشعب السوداني له تاريخ قوي في مقاومة الدكتاتوريات..
مدخل ثالث ….وصلنا إلى ١١ أبريل ٢٠١٩م ولكن هل تحقق حلم الشباب الثائر الذي قدم تضحيات جسام اسهمت في إزاحة البشير من كرسي السلطة ؟ في تقديري لم يتحقق ما كان يحلم به الشباب الثائر إذ أن حلمهم تلاشى خاصة عندما بدأت الاحزاب تساوم بثورتهم تلك الثورة التي كان يستهزأ بها البعض ( بوخة مرة) ولكنها لم تكن بوخة إذ هي ثورة متكاملة لكن هزيمتها بدأت بالمساومة التي بدأت في اعتصام القيادة العامة اذ ظهرت الحرية والتغيير وهي تتفاوض مع اللجنة الأمنية للبشير مما اسهمت مفاوضاتهم بحكومة مناصفة ترأس فيها الدكتور عبدالله حمدوك رئاسة مجلس الوزراء ولكنها لم تكن قدر الطموح وفشلت وسبب فشلها لم تكن حكومة ثورية بمعنى كلمة الثورة لأنها أتت بالمساومة والمحاصصة…وفي عهدها فض الاعتصام بعلم البعض ذاك الاعتصام الذي نصبت فيه الاحزاب منصات تخاطب فيها الشعب لكن عندما وصلت لهدفها ( السلطة )نسيت كل العهود والمواثيق ورضيت بفض الاعتصام…والكل شاهد الطريقة التي فض بها ….وخلاصة الأمر انقلاب ٢٥ أكتوبر وعاد الجميع يخاطب الشعب ويطلب منه مقاومة الانقلاب فخرج الشباب الثوار وقاوموا ولكن كعادة حليمة عادت لقديمها لتكرر نفس الخطأ القديم….

مدخل أخير …
لماذا لا تجلس الأحزاب جميعها وقوى الثورة الحية لوضع حد للخلافات فيما بينها تلك الخلافات التي اطالت عمر الأنظمة الدكتاتورية ؟
لماذا لا تتحاور الاحزاب حوار سوداني سوداني تناقش فيه مشاكل السودان جميعها بوضوح وشفافية بمشاركة واسعة من جميع ابناء الشعب السوداني وقواه الثورية الحية نقاش يفضي لبناء وطن يسع الجميع ..نقاش تعالج فيه المشاكل والازمات السودانية المتجذرة منذ زمن طويل ووضع حلول لها …

اذا أردنا ان نبني وطن علينا أن نفكر تفكير عميق…نضع فيه الاولوية لبناء وطن ديمقراطي يعيش فيه الشعب السوداني بكرامة ولا يقتل فيه أحد والقانون فيه سيد الموقف والمواطنة قيه أساس للحقوق والواجبات وعلينا أن نبتعد النظرة الضيقة التي لم تقدم للوطن وشعبه سوى مزيد من المعاناة…

البعض يظن ان مشكلة السودان تحل بمشاركة المجتمع الدولي لكني أرى خلاف ذلك المشكلةالسودانية حلها عند أهل السودان اذا توفرت لهم الارادة الثورية لمناقشتها اما المجتمع الدولي يشارك مشاركة في ذلك بعد أن يتفق أهل السودان في حل مشكلتهم يعرضوا له ما تم التوصل اليه ليكون شاهد على ذلك…

الرحمة والمغفرة للشهداء وعاجل الشفاء للجرحى ….

١٢ ابريل ٢٠٢٣م

ستظل ذكريات ثورة ديسمبر المجيدة بدواخلنا تدفعنا لمزيد من النضال.

مقالات ذات صلة

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments
زر الذهاب إلى الأعلى
0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x