مقالات الرأي

إذا ما الجُرحُ رم على فسادٍ تبين فيه إهمال الطبيب (٢)


بقلم: الصادق علي حسن المحامي

ورطة الولايات المتحدة الأمريكية في العملية السياسية بالسودان :
لو سارت الأمور بهكذا منوال ستدخل الولايات المتحدة الأمريكية في لجة ورطة حقيقية كبرى في العملية السياسية بالسودان قد تعيد إلى ذاكرتها تجارب مماثلة مريرة في مناطق أخرى بالقارة الأفريقية لا تزال تعاني من الإقتتال وعدم الإستقرار وتشير فيها بعض الشواهد إلى إخفاقات الجهود الأمريكية ،وفي بعضها تحميلها مسؤوليات سياسية في مثل تجربتي الصومال وليبيا ، كما وفي الأوضاع الحالية بالسودان الأكثر تشعبا إذا حدثت الإنفلاتات الأمنية والتي باتت متوقعة اكثر من اي وقت مضى لن تكون الإنفلاتات محدودة او قاصرة على حدود الدولة الجغرافية بل ستمتد إلى خارجها وإلى دول الجوار الغربي وجنوبها على الأقل ودول أخرى بأفريقيا نتيجة للتداخل القبلي والجيوش والمليشيات العابرة، ويجد الباحث المُنقب في الشأن السوداني ان الجهود التي بذلتها الولايات المتحدة الأمريكية في السابق وهي عديدة وأهمها الجهود في مجالات العون الإنساني وتقديم الخدمات للمتأثرين بإنتهاكات حقوق الإنسان خاصة في المناطق المتأثرة بالحرب في دارفور والنيل الأزرق وجنوب كردفان عززت رؤية المجتمعات المحلية للجهود الأمريكية بصورة إيجابية وإحترام مقابل رؤية ذات هذه المجتمعات المحلية لمواقف دولة روسيا السالبة والتي كانت دوما تستغل الضغط الغربي على السودان في المنابر الدولية بخاصة في مجلسي الأمن الدولي ومجلس حقوق الإنسان لإخضاع البلاد من خلال النظام البائد لمسارها وخططها الإستراتيجية وفي إقامة قاعدة حربية روسية بالبحر الأحمر والتمدد عبر السودان في إفريقيا بواسطة ازرعها مثل شركة فأغنر ونهب الثروات المعدنية بالسودان ودول الجوار الغربي مثل أفريقيا الوسطى ، وقد لا تاتي الجهود الأمريكية بالسودان في مجالات دعم مسار الديمقراطية وتعلية حقوق الإنسان بالرغم من تأثيرها الإيجابي مثل جهودها في مساندة المتأثرين بإنتهاكات حقوق الإنسان في دارفور والتي ظل الإنسان الدارفوري العادي ينظر إليها بإمتنان شديد في تحقيق نتائج أخرى مثل خدمة المصالح المشتركة بين البلدين والشعبين بل وقد تذهب ثمار تلك الجهود ادراج الريح وقد تنزلق إلى وسائل انتاج التدخل السالب وتأتي لها بنتائج عكسية وليس في مصلحتها ذلك ولا يزال المتأثرين بالحرب في دارفور كمثال ينظرون إلى جهودها الإيجابية في مقابل الدور الروسي السالب من خلال عصابات الفاغنر التي تنهب في الثروات والعتاد الروسي والصيني والمعينات الحربية الروسية والصينية التي ظل النظام البائد يستخدمها في القصف االجوي على القرى والمناطق الخاضعة للحركات المسلحة بخاصة مناطق جبل مرة معاقل حركة عبد الواحد نور وما حولها واستخدام النظام البائد للأسلحة المحرمة دوليا في جبل مرة تحت غطاء القضاء على الحركات المسلحة وإستغلال الصين لثروات البلاد النفطية بشروط مجحفة معظم عائدات الطرف السوداني ذهب إلى جيوب سماسرة ومنسوبي النظام البائد وارصدة وحسابات في خارج البلاد بشرق اسيا ، كما وكانت الولايات المتحدة ودول الغرب تدعم مواقف القوى السودانية المناهضة للنظام البائد بخاصة في مجلس الأمن وربالرغم من عدم إنضمام الولايات المتحدة الأمريكية لنظام روما الأساسي والمحكمة الجنائية الدولية دعمت مطالب مجلس الأمن الدولي في ملاحقة مرتكبي جرائم دارفور أمام المحكمة الجنائية الدولية كما وكانت الجهود الدبلوماسية الأمريكية تجاه قضايا السودان بالرغم من بعض الإخفاقات التي لازمتها لعدم وجود خطط إستراتيجية داعمة لجهود القوى الوطنية السودانية والتي هي في ذاتها لا تمتلك رؤى إستراتيجية متفق عليها لما بعد سقوط نظام البشير وقد ظلت رؤى وخطط القوى الحزبية والتنظيمات السياسية السودانية مشتتة ايضا صارت الجهود الأمريكية ذاتها مشتتة وفي حلقة دائرية مفرغة ولم تحقق اغراضها في خدمة قضايا المواطن السوداني، ملايين الدولارات قدمتها الولايات المتحدة عبر منظماتها وعلى رأسها المعونة الأمريكية غالبية دعوماتها انتهت إلى تأسيس نخب جديدة تحت غطاء منظمات المجتمع المدني تمارس هذه النخب النشاط النخبوي في فنادق الخرطوم الفاخرة وورش وتقارير حول ثقافة إستهبالية جديدة بمسمى العدالة الإنتقالية والمتأثرين الحقيقيين بالإنتهاكات في مناطق الصراعات المسلحة لا يعرفون عنها سوى صور منشورة في الوسائط لنشطاء حقوق الإنسان ادمنوا حضور الورش والملتقيات وبرمجوا أنفسهم عليها بحضور البعثات الدبلوماسية ووكالات الأمم المتحدة وورش أخرى عن الإنتخابات المزعومة في ظل أوضاع هشة تزداد هشاشة بصورة يومية بسبب غياب مفهوم الدولة عن أذهان مواطنيها وقد صار التمثيل الذي يهم المواطن العادي البسيط في الريف والولايات في دائرة همومه وقضاياه حول القبيلة والعشيرة والمنطقة والجهة ولم تعد الإنتخابات والتي صارت عبارة عن شعارات ومزيدات سياسية بين كتلتي الحرية والتغيير المتنازعة فيما بينها وبين عناصر اللجنة الأمنية للنظام البائد على السلطة فيها حلول للقضايا الشائكة والمعقدة ، حتى وإذا اجريت الإنتخابات في هكذا ظروف وحالة التشظي العام بالدولة لن تجلب الإستقرار المفقود لليلاد بل تقودها نحو الفوضى الشاملة .
أخطاء السفير الأمريكي جون غودفري في منتديات لجان المقاومة القاعدية بالخرطوم :
بالرغم من مآسي النظام البائد وآثاره السالبة في كل مناحي الحياة العامة بالبلاد وإضعاف وحدتها وتماسكها الإجتماعي ولكن من خلال تجربة النظام المريرة خرج لهذه البلاد الجيل الجديد الذي يمثل لجان المقاومة القاعدية، هذا الجيل قطعا سيقود البلاد في العقود القادمة لغد افضل ، لقد تفاجأت بأن لهذا الجيل الجديد وفي ظل ركام الفوضى السياسية الحالية لديه تنظيمات قاعدية غير حزبية في العديد من مدن العاصمة تُقيم منتديات دورية وتناقش الأوضاع الحالية بالبلاد ويُشارك هذا الجيل مجموعات اخرى من عدة أجيال بالحضور والنقاش وتبادل الرؤى في القضايا الإنسانية والإقتصاديةوالسياسية، في القضايا المثارة هنالك تعدد المنابر ووقوع السفير الأمريكي جون غودفري في أخطاء فادحة من خلال تبنيه لذات النهج التقليدي المتعارف عليه في السياسة السودانية حتى صارت الولايات المتحدة وكأنها تقوم بمثل ما تقوم بها دول السعودية والإمارات ومصر والتي تستخدم اصابعها الداخلية لتجيير المواقف لصالحها من دون مراعاة لشعارات الثورة السودانية ومطالبها في التأسيس لنظام حكم مدني ديمقراطي ،كما وفي إجتماعات لجان المقاومة القاعدية تجارب الحرية والتغيير بشقيها الموقعة على الإتفاق الإطاري والأخرى بورشة المخابرات المصرية بالقاهرة وعدم امتلاكهما على اي برامج للخروج بالبلاد من ازماتها ،كما وهنالك امتناع الجذريون وتحصنهم بالاءات ومستقبل قوات الدعم السريع ، بضعة لقاءات مع مجموعات عديدة متنوعة من لجان،المقاومة القاعدية تأكدت من خلالها ان البلاد موعودة بجيل جديد، ولا بد لي هنا ان اتعرض بالذكر لاحد آباء شباب المقاومة من دون ان اتحدث عن إسمه فهو معروف لدى العديد من لجان المقاومة القاعدية بولاية الخرطوم وقد ظل متواجدا معهم في الأقسام ضامنا للمفرج عنهم في بلاغات كيدية وفي المواكب وهو السبعيني في عمره، ليس له اي حزب او طموح في تولي اي وظيفة فقط رسالته المتبقية في هذه الحياة خدمته لجيل طال إنتظاره ، يقدرونه بوفاء باكثر مما تقدر التنظيمات السياسية زعمائها السياسيين وبالضرورة اكثر بكثير مما تُظهرها الجوقة المنتفعة من ولاءات زائفة لقطبي التنازع على السلطة البرهان وحميدتي.

مقالات ذات صلة

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments
زر الذهاب إلى الأعلى
0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x