مقالات الرأي

السودان بعد انقلاب ٢٥ إكتوبر ٢٠٢١م الذي أعاد النظام البائد إلى الواجهة في كل مؤسسات الدولة (1)

بقلم: آدم موسي (أوباما)
مدافع عن حقوق الإنسان

إنقلاب ٢٥ إكتوبر ٢٠٢١م الذي أطاح بحكومة رئيس مجلس الوزراء السابق د.عبد الله حمدوك وحل مجلسي الوزراء والسيادة القطاع المدني الذي يمثل روح ثورة ديسمبر المجيدة ٢٠١٨م من قبل قائد الإنقلاب العسكري الفريق البرهان ونائبه الفريق محمد حمدان دقلو ،واعتقال بعض أعضاء مجلس السيادة والوزراء وقيادات الحرية والتغيير المجلس المركزي، كان الهدف منه الإنقضاض علي التحول الديمقراطي في البلاد وخلق حاضنة سياسية للإنقلاب من قبل مجموعة سلام جوبا التي أقامت إعتصاماً أمام القصر الجمهوري عُرف في قاموس السياسية السودانية ب(إعتصام الموز) ،الذي كان من ضمن أهدافه توسيع قاعدة المشاركة وهو المقصود بها عودة النظام البائد إلى مفاصل الدولة وهذا ما حدث فعلاً بعد الإنقلاب مباشرة.

عندما أعلن رئيس الانقلاب البرهان عن تجميد أعمال لجنة إزالة تفكيك نظام ٣٠ يونيو ١٩٨٩م ،هذا النظام الذي مارس أبشع الجرائم ضد الإنسانية في التاريخ الحديث بعد النازية التي مارستها في ألمانيا في الحرب العالمية الثانية ١٨٣٩م.
نلاحظ أن لجنة إزالة تفكيك النظام قد قطعت شوطاً عظيماً في محاصرة النظام البائد ومصادرة ممتلكاته لصالح وزارة المالية الإتحادية ،لكن بعد الإنقلاب تم إرجاع تجميد جميع ارصدة اعضاء النظام البائد الذين يعملون في تجارة الدولار وعمليات المضاربة .

إن ثورة ديسمبر العظيمة التي شاركت فيها كل المدن السودانية والقري والريف والفرفاق، وكان شعار الثورة السودانية حرية سلام وعدالة ،وهناك آلاف الشهداء والجرحي ومئات المعتقلين إلا أنها أسقطتت النظام البائد.

وبعد إنقلاب ٢٥ إكتوبر ٢٠٢١م هناك متغيرات كثيرة حصلت، فهناك تباين كبير داخل قوي الثورة السودانية أي المجلس المركزي للحرية والتغيير والذي لعب دوراً كبيراً مع تجمع المهنيين السودانيين الذي كان ينظم جداول المواكب ولجان المقاومة السودانية التي لعبت دوراً كبيراً في مناهضة إنقلاب ٢٥ إكتوبر وقدمت أكثر من ٢٠٠ شهيد وآلاف الجرحي والمفقودين الذين إلى الآن لم يعرف ذويهم مكانهم .

بعد إنقلاب ٢٥ إكتوبر هناك ضغوط كبيرة من قبل المجتمع الدولي خاصة الولايات المتحدة الأمريكية عبر وزير الخارجية الأمريكي بلكن والإتحاد الأوروبي والترويكا والإتحاد الأفريقي علي قادة الإنقلاب للعودة إلى المسار الدستوري في السودان وإنهاء الإنقلاب، مما جعل قادة الإنقلاب في وضع صعب بعد فشل مجموعة سلام جوبا في إيجاد حاضنة سياسية للإنقلاب.
في نوفمبر تم توقيع إتفاق بين رئيس الوزراء السابق د.عبدالله والإنقلاب سمح بموجبه عودة رئيس الوزراء للحكم مرة أخرى ،إلا أن السيد رئيس الوزراء قد ارتكب خطأ حيث لم يقم بمشاورات بخصوص إتفاقه مع الإنقلابيين مع الحاضنة السياسية الحرية والتغيير المجلس المركزي، والتي عارضت الإتفاق، مما أضطر رئيس مجلس الوزراء السابق د. عبدالله حمدوك إلى تقديم استقالته والتي كانت بمثابة شق ظهر البعير، والتي اتاحت الفرصة للبرهان لإعادة النظام البائد ،وقد كانت أولى خطواته إلغاء جميع قرارات لجنة إزالة تفكيك النظام في مؤسسات الدولة وعودة أعضاء النظام البائد إلى مؤسسات الدولة المختلفة.

ظهرت في الساحة السياسية السودانية العديد من المبادرات التي تساعد في تقريب وجهات النظر بين الإنقلاب الذي يمثله البرهان وحميدتي ومجموعة التوافق الوطني (مجموعة سلام جوبا) ومجموعه قوي الثورة السودانية التي تمثلها لجان المقاومة السودانية والحرية والتغيير المجلس المركزي والقوي السياسية السودانية الأخرى خارج إطار المجلس المركزي ولكنها تؤمن بالتحول الديمقراطي ومنظمات المجتمع المدني والنقابات، فقامت اليونيتامس بقيادة السيد فلوكر بيرتس والإتحاد الأفريقي بعقد لقاءات ومشاورات واسعة مع القوي السياسية السودانية ولجان المقاومة السودانية والنقابات وكذلك التوافق الوطني مجموعة سلام جوبا وكان نتائج هذه المشاورات إجراء حوار في فندق السلام روتانا في يوليو الماضي إلا إنه لم يؤدي إلى أي حل للأزمة السياسية السودانية.

بعد فشل حوار الآلية الثلاثية أقامت قوي الحرية والتغيير المجلس المركزي ورشة في فندق السلام روتانا قيمت فيها تجربتها في الحكم من خلال أوراق عملية تمثلت في الآتي.

١/ ورقة تجربة الحرية والتغيير، قدمها الأستاذ محمد الفكي سليمان عضو مجلس السيادة السابق.

٢/ ورقة المجلس السيادي، قدمها بروف صديق تاور عضو مجلس السيادة السابق.

٣/ تقييم أداء الجهاز التنفيذي، قدمها وزير مجلس الوزراء السابق مهندس خالد عمر يوسف .

٤/ ورقة إتفاق سلام جوبا، قدمها وزير الحكم الإتحادي السابق ووزير الشباب والرياضة في الفترة الثانية د. يوسف آدم الضي.

٥/ورقة التوازن النوعي والجهوي، قدمتها الأكاديمية د. بلقيس بدري.

٦/ورقة لجنة تفكيك نظام ٣٠ يونيو ١٩٨٩م واستراداد الأموال المنهوبة، قدمها الأستاذ المحامي وجدي صالح عضو اللجنة وقيادي في الحرية والتغيير المجلس المركزي.

٧/ورقة الوثيقة الدستورية، قدمها وزير الصناعة السابق في الحكومة الإنتقالية وزير الصناعة الأستاذ مدني عباس مدني.

٨/ ورقة العلاقات الخارجية قدمتها، د.مريم الصادق وزير الخارجية السابق في الحكومة الإنتقالية.

٩/ ورقة إصلاح القطاع الأمني والعسكري، قدمها اللواء معاش كمال إسماعيل أحمد.

١٠/ ورقة المشروع الإقتصادي في حكومة الفترة الإنتقالية، قدمها وزير المالية السابق د. إبراهيم أحمد البدوي و د. عبد الحليم عيسي عضو سابق في اللجنة الإقتصادية للحرية والتغيير المجلس المركزي.

ما قامت به الحرية والتغيير المجلس المركزي في نقد التجربة وتقيمها بمشاركة عدد من الأكاديميين والقانونيين ولجان المقاومة والبعثات الدبلوماسية في الخرطوم وجدت ترحيباً كبيراً من عدد كبير من الثوار والقوي.

بعد التحركات الإقليمية والدولية وزيارة مبعوثة الأمريكية للشؤون الخارجية مولفي ولقاءها بالحرية والتغيير المجلس المركزي ورئيس الإنقلاب ونائبه حميدتي ، وبعد ضغوط دولية أعلن البرهان خروج العسكر من المشهد السياسي إلا أن هذا الخروج لم يحدث فعلياً حتي الآن، وما يزال البرهان متمسك بالسلطة ولم يقم بتسليمها للمدنيين، ونجده في كل مرة يكرر خطابه أن الجيش خرج من العملية السياسية!.

ظهرت مبادرة الشيخ الطيب الجد التي قاطعتها كل قوي الثورة التي تؤمن بالتحول الديمقراطي والبعثات الدبلوماسية التي بعض منها سجل حضور فيها، إلا إنها فشلت لعدم حياديتها، وقد ولدت ميتة، لأنها تخفي خلفها عناصر اللجنة الأمنية للنظام البائد وواجهاته، وأن مواقف الطيب الجد نفسه لانه كان جزءًا من النظام البائد.

اقامت نقابة المحامين السودانيين بمقرها في العمارات ش ٦١ ورشة عن الإعلان الدستوري، شاركت فيها العديد من القوي السياسية السودانية والمجلس المركزي للحرية والتغيير والتوافق الوطني مجموعة سلام جوبا أحد واجهات إنقلاب ٢٥ إكتوبر ٢٠٢١م.

وبعد نقاش استمر لعدت ايام انتهت بمشروع دستور جديد للسودان من أهم ملامحه مدنية الدولة السودانية وكذلك توحيد الجيوش تحت قيادة جيش وطني واحد بعقيدة قتالية جديدة.

قام الإنقلاب بإطلاق سراح عدد كبير من رموز النظام البائد من دون تقديهم لأي محاكمات.
وكذلك عودة رئيس مجلس الوزراء للنظام البائد محمد طاهر أيلا يوم أمس من القاهرة في يوم ١ إكتوبر ٢٠٢٢م بعد أن هروب إليها عندما انتصرت ثورة ديسمبر ٢٠١٨م إلى ٢٠١٩م ،علما بأن أيلا مطلوب للعدالة وصدر بحقه أمر قبض من النيابة العامة في ولاية البحر الأحمر، وكان مطلوباً لدي حكومة الثورة بقيادة السيد رئيس الوزراء السابق د. عبدالله حمدوك.

النظام البائد عبر واجهاته القبلية الضيقة قام بإعداد استقبال للمجرم أيلا يوم أمس لكن الثورة السودانية سوف تنتصر لا محال ولو بعد حين.

ونواصل……..

مقالات ذات صلة

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
1 تعليق
Newest
Oldest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
عبدالرازق احمد
عبدالرازق احمد
1 سنة

شكراً يا اخي ،ما قدمته مفيد جداً ،لكني أتساءل أي عقل يقوم بفحص محتوى المشهد وأي ضمير يقوم بتوظيف نتائجه ؟ الوضع في السودان تكاد تكون شبيه المثل العلمي حول الكرة الأرضية من كونها دائرية الشكل أم مسطحة ،حسب وجه نظري ثورة ديسمبر كانت بمثابة تغير وجه الدولة المزعومة

زر الذهاب إلى الأعلى
1
0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x