مقالات الرأي

خروج المستعمر وبداية الأزمة الوطنية

بقلم: عاصم موسي محمد (سوداني)

حينما نقول خروج المستعمر نعني ضمنياً شكلية الإستقلال و ضمنية الإستغلال الوطني؛ و بالنظر إلي حيثيات التاريخ السوداني و تمرحلات السلطة ما بين المستعمر الأجنبي و الوريث الوطني له بنجد الابجديات و الأسس الذي وضعه المستعمر الاجنبي لخلفه حتي يتمكن من ضمان إستمرارية كماشاته الاستعمارية مستقبلياً و قد حدث فعلياً هذا عندما ظهرت الصراعات المصلحية بين الأحزاب التقليدية و الاجسام المطلبية الوليده لمجابهة الوضع الماثل حينها، فالمشهد الذي شهدته الساحة السودانية قُبيل خروج الإنجليز كانت دليلاً دامغاً علي الخلل الذي صاحب النخبة السودانية ، فبادرة الإنقسامات و التكتلات البرجماتية حاضراً تماماً ، و صراع الحركات المطلبية و الاتحادين الذي تُوجت اخيراً بإسقاط حكومة أسماعيل الأزهري في 5/7/1956 و ظهرت الثنائي (ختمية ، الأنصار) و نصبا عبدالله خليل رئيساً للوزراء و وزيراً للدفاع و هو بدوره سلمه للفريق إبراهيم عبود في 17/11/1958 كان هذا غير دليل علي معدومية المسؤولية السياسية، هذا ضمن التلاعب بحقوق الشعب السوداني مبكراً، و الأدهي و الأمر من ذلك بشريات عهد الاستعمار الوطني بدأ تتمظهر بشكل علني بعد مرور 52 يوماً من خروج الخوجات ! و لا ننسي حادثة عنبر جودة بعد ما اعتقلت اول حكومة وطنية لنا مزارعي مشروع جودة في 23 فبراير 1956م ،و كان عددهم 281 مزارعاً ،و وضعهم في حجرة جيش بمدينة كوستي ،كانت الفاجعة الكبري أستشهد منهم 190 مزارعاً بالإختناق،هنا كانت الإمتحانات الأولية لحكوماتنا الوطنية فبكل أسف أثبتنا للعالم مدى رسوبنا وطنياً ، و بعدها قد نحلنا من كاساتهم جيلاً بعد جيل فكانت الحال ما نحن فيه الآن، النواه الأولي للمثقف السوداني في ذلك الزمن(عهد الاستعمار ) صاحبها خلل عميق متمثلاً في ميولهم لبعض التوجهات وهي الجغرافيا ، الطائفية ، هذه الميولات ظل تلازم اغلب تكويناتنا السياسية إلي يومنا هذا ، مما أدي إلي انطلاقة الصافرة الأولي لشرخ النسيج الإجتماعي السوداني و معدومية الحس المشترك بين مكوناتنا الإجتماعية، و تشجيع ظاهرة كثرة الاحزاب السودانية بدون مشاريع سياسية حقيقية تخاطب مشكلات الدولة السودانية ، بطبيعة الحال المريض لا يعالج نفسه ؛ و ما زال مشروع البحث عن الوطن هي الشغل الشاغل لنا في ظل العتمة التي تسود سماء البلاد ! و حتي يشفى جرح الوطن تاريخياً هذا لابد من ترك الأنانية و الإستخطابات و التمليش، و يكون هدفنا الأول هو وقف العبث الجاري حالياً (الحرب) دون قيد أو شرط و معالجة مخلفاته الإنسانية فوراً ، ثم وضع اللبنة الأساسية لبناء الوطن و مخاطبة جذور الأزمة تاريخياً عبر جلوسنا في مائدة دائرية الكل فيها كأسنان المشط في الرأي و الرأي الاخر حتي نصل إلي الهدف المنشود ، خلاف ذلك السودان في مهب الرِيح ، الظلم إن طال ليلته لابد يعقبه العدالة و الحرب و إن طال زمانه لابد يعقبه فجر السلام و لو كان الحرب يحتاج إلي قوة بذات القدر السلام بحتاج إلي قوة الارادة و التضحية بتقديم التنازلات لصالح الوطن ، بناء الوطن ما محتاج لكثرة الجيوش او الإصطفافات الضيقة بل بلزمها مشروع وطني و اشخاص وطنين و منهجية صحيحة ، المجد لك ي وطني العزيز و السلام.

23 فبراير 2024م

مقالات ذات صلة

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments
زر الذهاب إلى الأعلى
0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x