مقالات الرأي

الحركات المسلحة والدعم السريع بدارفور والسودان أوضاعهما الحالية والمستقبلية (2)


بقلم: الصادق علي حسن

المليشيا المسلحة هي مجموعة تتخذ من القتال وسيلة لتحقيق أهدافها الذاتية بحسب أغراضها ومن دون أن تكون لها أهداف أو قضايا عامة، وإذا قاتلت الدولة فقتالها لا يكون لأهداف تتجاوز منطلقات حملها للسلاح بفهمها المحدود، وقد تتكون المليشيات المسلحة من جراء غبائن وظلامات بين مجموعات إجتماعية، بل قد تتكون المليشيا المسلحة لأهداف عقائدية في قناعات أصحابها مثل قوات جيش الرب في يوغندا والتي يقودها جوزيف كوني وهي ظلت تقاتل من أجل عقيدة تؤمن بها ورسالة تصفها بالرسالة الربانية ، أما حركات الكفاح المسلحة فهي التي تتخذ من السلاح وسيلة لتحقيق أهدافها المرفوعة والتي تكون في مواجهة السلطة القائمة مهما كانت ، وحركات التمرد هي التي تتمرد على السلطة القائمة ، المجموعات الثلاث تختلف في الأوصاف وما تنشأ عنها من مراكز قتالية وما تترتب عليها من مسؤوليات بحسب التكييف القانوني لممارساتها وأنشطتها واعمالها التي تندرج ضمن الأفعال المجرمة قانونا وفقا للقوانين الوطنية أو الدولبة .
قوات الدعم السريع باعتراف مؤسسها محمد حمدان دقلو نشأت اولا من مجموعة الجندي المظلوم بشمال نيالا وإن من اسباب نشأتها كما ذكر بنفسه بعدما أحضره الفريق عوض ابن عوف من دارفور إلى الخرطوم واجتماعه بالبشير ،وذلك في حوار صحفي مطول معه بصحيفة الصحافة ، بانه تاجر ابل وأسس مجموعة الجندي المظلوم للدفاع عن أهله وعشيرته في مواجهة الحركات المسلحة التي تكونت من قبائل الزغاوة والفور والمساليت وتعدت على أهله في الدُمَر والفرقان وقتلتهم ونهبت أموالهم ، كما وذكر بانه سبق له ان التقى بالبشير في نيالا واتفق معه على العمل والتعاون للقضاء على الحركات المسلحة ولكن البشير لم يف بوعده والتزامه له ، والآن وفي هذه المرة التزم له البشير بكل شروطه ووافق عليها وانه بناءٓٓ على ذلك قبل بالعمل معه .، الباحث في مسيرة حميدتي في العمل المسلح يجده انه عمل في قوات حرس الحدود التي تكونت بقيادة موسى هلال ثم أبتعد عنها وكون مجموعته الخاصة به ، وفي عمله وتعاونه مع البشير لمقاتلة الحركات المسلحة تم تعينه مستشارا لوالي ولاية جنوب دارفور للشؤون الأمنية ثم انتقل إلى الخرطوم وهو برتبة العميد وكون له البشير جيشه الخاص به بإسم قوات الدعم السريع والتي كانت تتبع لجهاز الأمن والمخابرات ثم صار لها قانونها الخاص بها والذي صدر من سلطة التشريع اثناء عهد البشير (المجلس الوطني) في عام 2017 ، وكانت قوات الدعم السريع تتبع مباشرة للقائد العام وهو البشير نفسه وعقب ثورة ديسمبر المجيدة وتولي البرهان وحميدتي للسلطة معا بموجب أحكام الوثيقة الدستورية المعيبة قام البرهان بتعديل المادة 5 من قانون الدعم السريع لتصبح مستقلة بقيادتها مثلها مثل الجيش الحكومي الذي يقوده البرهان .
الوصف السليم للدعم السريع :
قوات الدعم السريع نشأت مليشيا ولكنها صارت بحسب الوضع القانوني في الدولة جيش خاص له قانونه الخاص الذي صدر من سلطة التشريع في عهد البشير على الرغم من عدم صحة مرجعية إنقلاب البشير في 30 يونيو 89، والتقنين لقوات الدعم السريع قد تم موجب أحكام الوثيقة الدستورية المعيبة ، كما ومسؤولية ذلك التقنين تقع على قوى الحرية والتغيير .
جرائم الحرب المرتكبة ومسؤولياتها :
القوانين والمعاهدات الدولية الصادرة عن الأمم المتحدة أو التى تعترف بها وعلى ضوئها تتأسس المراكز التي تتكون منها الأجسام والتكوينات ذات المرجعية القانونية أو المعترف بها بالدول ،لا تعترف بالأجسام المسلحة التي تنطبق عليها صفة المليشيات، وتعتبر الأمم المتحدة التعامل معها من الشؤون الداخلية الخاصة بالدول ولكنها في بعض الحالات تمنح حركات الكفاح المسلحة أو المتمردة الإعتراف متى ما توفر الغطاء المشروعي لمطالبها، وقد تتدخل لرعاية مفاوضات للسلام ما بين الدولة والحركات المسلحة التي رفعت مطالبها بالسلاح في مواجهة الدولة أو التي تمردت على نظمها بمثلما ظل يحدث مع السودان والحركات المسلحة والمتمردة على الدولة .
الطرفان المتحاربان حاليا وهما الجيش والدعم السريع لهما قانونهما الخاص، كما ولقيادتي الطرفين المتحاربين مسؤولية مشتركة بالتضامن أو الإنفراد في حماية الدولة ومواطنيها ،كما وتنشأ على عاتقيهما مسؤوليات وفقا للقوانين الدولية والإلتزامات المنشأة بموجب أحكام المعاهدات والإتفاقيات الدولية وعلى رأسها حماية الحق في الحياة وعدم تعريض المدنيين للمخاطر والحفاظ على الأمن والسلم الدوليين . فالبرهان وحميدتي هما الآن مسؤولان بالتضامن أوالإنفراد عن كل جرائم الحرب التي أرتكبت أو سترتكب من جراء هذه الحرب العبثية دون المساس بالمسؤولية التامة عن الأضرار المادية والمعنوية التي نجمت عنها والتي يفترض ان تتم جبرها من الأموال التي يحوزها كلاهما (الطرفان).

  • الحرب العبثية بين طرفيها كشفت ان كل أمكانيات الدولة والإلتزامات التي نشأت وتنشأ على دافعي الضرائب والرسوم بكل انواعها، بان الغالبية العظمى ان لم تكن كلها إلا القليل منها فقط ، فكلها تذهب لجيوش عرمرم ولحقت بها الحركات المسلحة والتي انضمت بعضها إلى السلطة اوالجيوش المتفرعة من السلطة مثل تمازج ، كما ولم تقم هذه الحركات المنضمة إلى السلطة أو صارت كأذرع لممارسة القتل الجزافي مثل تمازج بأي افعال تذكر لتعزيز أمن وسلامة المواطن بل هي أرتالا من الجيوش الإضافية التي أضافت عناصر لمجلسي السيادة والوزراء ومرافق الدولة العامة، وجنود على متون ناقلات الجند وعربات الدفع الرباعي وهي تحمل البنادق والرشاشات وحينما قامت الحرب بين طرفيها ،أحتجبت عن الأنظار، وصارت تطل برؤوسها بمثلما يفعل المدنيين لتشاهد المعارك الدائرة .

مقالات ذات صلة

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments
زر الذهاب إلى الأعلى
0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x