مقالات الرأي

الإحتياج الإنساني بين الإشباع وإفتراضات الواقع (2)


بقلم: محي الدين توبا

سأطرح بعض الأسئلة: لماذا تتبع كل النخب السودانية نفس النمط وهو إقصاء وتهميش أطراف الدولة والاهتمام بجزء معين؟
ما هي الأسباب التي جعلت الأنظمة تصر على تهميش بعض أبناء الشعب السوداني، حتى بعد ظهور الثورات التحررية المطالبة بالحرية والعدالة والسلام ؟
وهل المطالبة بالحقوق المشروعة التي كفلتها العقود والمواثيق الدولية للشعب تعتبر تمرداً؟
أليست الجرائم التي يرتكبها الجيش السوداني وحليفه السابق قوات الدعم السريع المتمردة حاليا في نظر الجيش السوداني، جرائم حرب، ويجب محاسبتهم؟
إلى متى سيستمر الشعب السوداني في تقديم تضحيات يوما بعد يوم؟
أليس من حق الشعب السوداني أن يعيش في سلام ووئام وينعم بالأمن والاستقرار؟
يقول الأديب محمد الماغوط في كتابه سأخون وطني (الوطن هو حيث يتوفر لي مقومات الحياة لا مسببات الموت ).
عندما يحتاج الإنسان إلى الطعام فهذه حاجة ويجب إشباعها، أما عند تفضيل نوع معين من الطعام فهذا يعتبر مطلب وليس حاجة.
وإذا انقطعت هذه الحاجة عن المجموعة، فإن ذلك سيؤدي إلى صراع اجتماعي. ولذلك فإن مسألة الحرمان النسبي داخل المجتمع تخلق الصراع نتيجة عدم وجود حالة من الرضا والشعور بالحرمان. وكما قال (Tad Gur)، أحد أبرز مؤسسي هذا التحليل، فإن التفاوت بين توقعات الناس وقدرات الدولة هو محرك أساسي وحقيقي. أما الثورات المجتمعية، فكلما ارتفع مستوى التوقعات وضعف حجم الموارد، دخلت الدولة في صراعات، خاصة عندما تحرم الفئات من الاحتياجات الأساسية مثل الأمن والرفاهية والعدالة في توزيع الموارد. الذي يسيطر عليها أجهزة الدولة ويهمش المناطق الأقل ديناميكية على المستوى الجغرافي، وهذا ما أدي إلى نمو الشعور بالثورة لدى معظم سكان السودان والمطالبة بالحقوق والاحتياجات المشروعة التي اغتصبتها النخب السياسية منذ خروج الاستعمار حتى 19 ديسمبر.
والسؤال هنا: كيف تتم تلبية الاحتياجات الأساسية للإنسان السوداني في ظل أنظمة يسود فيها التنازع الحيواني من أجل البقاء في السلطة، ولايهمها نوع البقاء ؟
ولذلك أصبح الإنسان السوداني شيئاً لا قيمة له في نظر هذه الأنظمة التي لا تزال تستخدم كل أنواع القمع والتنكيل والقتل والنهب والسرقة وصناعة العصابات لحماية نظامها وزج القبائل في حروب اهلية لاغني عنها حفاظا لكرسي السلطة .
وقد تحولو هم والعصابة إلى لصوص يسرقون من جيب الدولة ويستغلون موارد الدولة دون النظر إلى الشعب السوداني العابس مما ادي الي تجويع الشعب بأكمله . وتحولت عصابة الحماية إلى مشهد جديد بعد أن كانت الدرع الواقي للحكومة وارتكبت جرائم ضد الإنسانية بحق المواطنين السودانيين لإرضاء رغبات النظام.
والشعب السوداني أصبحوا لاجئون ،نازحون ومشردين ، يستجدون الرزق من المنظمات الإنسانية، واهتري حياتهم في صحاري العمر حتى طول الرقود في زوايا القبور.
وتوجه الحكومة ومرتزقتها رصاصاتهم الجبانة نحو الصدور العارية للثوار الذين يطالبون بالاحتياجات الأساسية، ويطالبون بدولة يحترم فيها كيان شعبها، وإنسانيتها، وتقدم البلاد اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا. والاستفادة من التعدد والتنوع العرقي والثقافي والان تحول صراع العصابات ضد الحكومة نفسها صدق المثل كما تدين تدان بعد أن أصبحت تمتلك النزعة الاستبدادية التي ورثتها من الحكومة نفسها و يعلنون شعار الديمقراطية تحت شرف الفتيات السودانيات يؤسفني حقا ولكن هي حال البلاد، ولا يزال الشعب السوداني الضحية الأول والأخير في كل ما يدور في حلبة الصراع .
وكما ترون، الفقر والتوزيع غير العادل للموارد وانتشار الفساد المساومات الحزبية والإقصاء الجماعي وعدم اكتراث الدول بالاحتياجات الأساسية، كما هو الحال في معظم الدول الأفريقية والسودان بشكل خاص. على الرغم من أن تلبية الاحتياجات قد تختلف من ثقافة ومن بيئة إلى أخرى، إلا أن تلبيتها أمر ضروري. وإذا عجزت الحكومة عن تلبيتها، فعليها التنحي عن السلطة وفتح المجال أمام الشعب لاختيار حكومة قادرة على تلبية تطلعات الشعب ورغباته وقيادة البلاد إلى الازدهار دون تعنت.

للحديث بقية

مقالات ذات صلة

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments
زر الذهاب إلى الأعلى
0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x