مقالات الرأي

التشاديون يقدمون نماذج أخوية وإنسانية صادقة والرئيس التشادي يتفقد احوال اللاجئين من الجنينة والدولة تتكفل بتزويدهم بالمعينات الغذائية وإلى حين دخول المنظمات


بقلم: الصادق علي حسن

في المرويات وكتابات المؤرخين بان غالبية العرب الذين دخلوا غرب أفريقيا من الشمال الإفريقي عبر تونس والمغرب وموريتانيا ،ومن تشاد توغلت مجموعات من القبائل العربية إلى دارفور وشرقا وساهمت مع المكونات المحلية في إقامة ممالك وفي تشييد المساجد وخلاوي تعليم القران الكريم ، وبفضل تعاليم الإسلام الذي انتشر صارت التعاليم الإسلامية من القيم المرعية في تلك المجتمعات المحلية والإفريقية ، كما وظل القادمون من بلاد السودان إلى دول أفريقيا من دعاة وتجار يجدون الإحتفاء بكل مناطق أفريقيا الغربية ، أفريقيا وغربها بها الموارد الطبيعية والأرض الخصبة ودولة تشاد التي حرصت دولة فرنسا (المستعمر السابق) على الإحتفاظ لنفسها بقوات عسكرية بأراضيها مثل مستعمرات فرنسية اخرى بغرب أفريقيا الغنية بالموارد من البلدان التي لديها علاقات ممتدة مع السودان مثل دولة أفريقيا الوسطى الغنية بالأخشاب والبن والمعان الأخرى ، هذه البلدان بمواردها ظلت عرضة للإستغلال ونهب ثرواتها بواسطة العصابات العالمية مثل شركات فاغنر والمليشيات المحلية العابرة، كما ظلت الأنظمة الحاكمة في الخرطوم تلعب ادوارا رئيسية في زعزعة الإستقرار بانظمتها الحاكمة، في عهد النظام البائد وبمدخل نشر الإسلام في أفريقيا قام النظام البائد بالتدخل مرات في انجمينا وبانغي ،وانقلب الحال مؤخرا ليتذوق السودان من ذات الكأس وقد صار بعد تاريخه الطويل عبارة عن بندقية مستأجرة في حرب اليمن ،وفقد السودان زمام امره حتى أصبح مؤخرا مطية لآل دقلو .
الفهم الخاطئ لدى النخب بالخرطوم ان ثقافة القتل الجزافي والنهب هذه اتت من بلاد غرب أفريقيا كما وتربط عناصر المليشيات العابرة للحدود والتي منها ماهية من صنعة النظام البائد نفسه بدول تشاد وافريقيا الوسطى ومالي والكمرون والنيجر ، وتعمم ربط هذه المليشيات بكل قبيلة الرزيقات لتشمل أيضا قبائل البقارة الأخرى التي لديها تداخل مع دول الغرب الإفريقي ، إن قبائل البقارة في دارفور والسودان مثل غيرها ساهمت في تكوين السودان وبنائه ، كما وليست لها صلة عضوية بالمجموعات والمليشيات العابرة الحالية، هذه المجموعات والمليشيات والتي اجتاحت مدينة الجنينة وتقوم الآن بمحاصرة مدينة زالنجي عاصمة ولاية وسط دارفور، كما فعلت بمدينة كتم بشمال دارفور ومن اذرعها من استباحت منطقة طويلة بشمال دارفور ومن قامت بمجزرة قرية أم حميرة شمال مدينة الأبيض ومن نهبت مدينة الدبيبات بكردفان فغالبيتها من البدو الابالة منهم من عشائر تجمعها الصلات بالرزيقات ولكنها صارت من ضمن مكونات إجتماعية ببلدان اخرى وعناصر هذه المليشيات التي اتت من جنوب الصحراء الكبرى والحروب بليبيا من الخطأ الجسيم ربطها بإدارة قبيلة الرزيقات المستقرة بولاية شرق دارفور ، وهنالك بقايا المليشيات التي كونها نظام المؤتمر الوطني وقامت بتشريد النازحين بدارفور من مناطقهم الأصلية للمعسكرات وكان عراب النظام السابق الترابي قبل الإنفصال وإبعاده بواسطة تلاميذه يسخر هازئا ويقول بان الغرب الغافل كان مشغولا بنظام الإنقاذ ومن الذي يقف خلفه ،ووقتذاك كان نظام الإنقاذ يقوم بتغيير الأنظمة في أفريقيا ويقوم بتنصيب رؤساء دول .
النخب بالمركز بالذات الذين عجزوا حتى الآن عن إدراك استيعاب قيمة التعدد والتنوع السوداني وقد جعلوا الشعب السوداني لا يزال قابعا في دائرة البحث عن الهوية الشعوبية والثقافة في مصر حتى تشوهت صورة (الزول السوداني) وضاعت معالمه ، الآن تشهد البلاد انقسامات مجتمعية حادة ،هذه الإنقسامات لتجاوزها يحتاج كل السودانيين النظر لأنفسهم من خلال تنوعهم وتعددهم والإبتعاد عن الإغتراب الوجداني ، مصر على الرغم من علاقتها الوطيدة ومصالحها الحيوية بالسودان اغلقت ابوابها في وجه الأسر السودانية الفارة من جحيم الحرب و تضم الأطفال والنساء والعجزة وذلك لتقديرات داخلية تخصها إلا بشروط لا تتوافر في غالبية اللاجئين الذين خروجوا فرارا من مقذوفات القصف الجوي والدانات والمدافع المتبادلة ، اثيوبيا تعاملت مع اللاجئين السودانيين بصورة اقل صرامة من مصر ولكن بقيود وشروط غير متيسرة لغالبية الأسر الفارة من الحرب ، بالنسبة للاجئين إلى تشاد ومن ضمن مدنها أدري فقد فتحت الأسر التشادية بيوتها لأستقبال اللاجئين السودانيين كما فتحت الدولة بعض مبانيها الرسمية وزارهم الرئيس التشادي محمد دبي متفقدا احوالهم وأعلن عن تقديم الدولة للمعينات الغذائية لكل اللاجئين السودانيين وإلى حين وصول المنظمات ، وتم ذبح العشرات من الذبائح لأطعام اللاجئين (في يوم وأحد 350 ذبيحة من الأبل والأبقار والخراف) كما وفي تشاد تم إطلاق نداء للتشاديين للمساهمة في تقديم العون الإنساني العاجل للأسر السودانية الفارة من جحيم القتل الجزافي ، ومثل تشاد دولة جنوب السودان أيضا إستقبالات حميمة من الجنوبيين للاجئين الداخلين من اخوتهم من شمال السودان إلى دولة جنوب السودان مما يؤكد عمق العلاقات بين الشعبين .
عقب إنتهاء الحرب العبثية الدائرة لا بد ان تقوم المجتمعات المحلية بالتأسيس لمرجعية منها لتتولى إدارة زمام الأمور ، وعدم الركون لأي جهة لتأخذ منها مشروعية أو هذا الحق ، لا البرهان واعوانه ولا من أعوان صنيعة المؤتمر الوطني حميدتي ، لا وساطة جدة لا غيرها بعد ان تعرض الشعب السوداني لهذا الإمتحان العسير ، فلا توجد اي جهة تمنح مشروعية لشعب ليتولى امره بنفسه ،بل الشعب هو من ينتج قيادته بنفسه ويصنع القرار .
عقب إنتهاء الحرب العبثية سينتهى دور صناع الحرب وتجار الأزمات واصحاب الياقات البيضاء من قوى الحرية والتغيير الذين يتجولون بالحقائب في السفارات والمطارات لإستدعاء الإتفاق الإطاري لمنبر جدة وقد عجزوا عن تحميل طرفي الحرب نتائجها العبثية والمسؤولية الجنائية التامة عن إرتكاب جرائم الحرب بحق المدنيين ، همها وشغلها الشاغل ان تضمن عودتها إلى طاولة المفاوضات ووجودها بمنبر تفاوض جدة، عناصر قوات حميدتي تدخل المستشفيات والمرافق الخدمية ومنازل المواطنين وتستولى على السيارات الخاصة والمقتنيات وتقوم بإذلال النساء واهانة الرجال، ونخب الإطاري تبحث عن دفوعات ومبررات حتى بعد اجتياح مدينة الجنينة عاصمة ولاية غرب دارفور والقتل الجزافي وتشريد المواطنين وعلى راسهم القيادات المحلية واغتيال واليها وتنصيب قائد الدعم السريع بالولاية بدلا عنه وقد ظلت قوى الإطاري صامتة إلا من تصريحات خافتة وخجولة ، فلا بد عقب إنتهاء الحرب العبثية ومهما طالت أمدها ، ان تبدأ مباشرة المسؤولية الحقيقية تجاه المجتمع والدولة ، وبالضرورة الإستفادة من الدروس بان يكون تكليف من يتولون إدارة مرحلة ما بعد الحرب بمرجعية معلومة تضمن المساءلة والمحاسبة .

مقالات ذات صلة

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments
زر الذهاب إلى الأعلى
0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x