مقالات الرأي

الذكرى الخامسة لرحيل القائد / عبدالله أرَوّ


بقلم : مدثر الياس

تطل علينا اليوم الذكرى الخامسة لرحيل الرفيق الجنرال عبدالله إبراهيم أحمد ( أرَوْ) إثر علَّة مرضية لم تمهله كثيراً والذي كان في صبيحة يوم ١٧ أغسطس – آب من العام ٢٠١٧.
كان الرفيق الراحل قائداً للفرقة الثالثة من جيش تحرير السودان بجنوب جبل مرة حتى تاريخ وفاته.
القائد أرو كان من أبرز القادة العسكريين لحركة التحرير منذ إنطلاقة مسيرة الكفاح المسلح في بواكير الألفية الثانية، كان قائداً شجاعاً ،قاد الكثير من المعارك في ميادين الوغى وحقق الكثير من الإنتصارات ضد مليشيات النظام المُباد منذ بداية الكفاح ، لم يكِل ولم يمِل طيلة فترة تواجده بصفوف جيش التحرير، لم يُدخِّر جهداً تجاه مسيرة التحرر والتحرير بل كان سباقاً إلى القيام بكل ما تتطلبه مسيرة الكِفاح.
أرو من القادة الأفذاذ الذين سطروا أسماؤهم بمداد من نور على صفحات التاريخ النضالي ؛الذي بلا ريب سيبقى نِبراساً تهتدي به الأجيال القادمة مسالك النِّضال.
لقد كان القائد أرو قائداً من طراز فريد، إجتمعت فيه كاريزما القيادة والصرامة اللتان اهلتاه لقيادة الفِرقة الثالثة من جيش التحرير بكل جدارة وكفاءة قرابة العقدين من الزمان.
بجانب شجاعته وبسالته ، لقد كان أرو خطيباً مُفوها ولبقاً ،يأسِر الوجدان بخطاباته الثورية الثرة، لدرجة أن الجنود ببقية الألوية / المتحركات / الفِرق كانوا يتمنون أن تجمعهم بعض التكاليف الثورية مع القائد أرو حتى يصغوا إلى ما يتفوه به من تعابير ثورية يشحذ بها هِمَمهم نحو تحقيق غايات المسيرة النضالية مهما كانت الصِّعاب.
لقد جمعتني الصدفة لأول مرة مع القائد أرو بمنزل الرفيق الأستاذ أحمد علي ب مقاطعة سرونق في أغسطس – آب من العام ٢٠١١ ، تجاذبنا أطراف الحديث عن الكِفاح وأمور شتى، وجدته شخصاً متواضعاً يحترم الصغير والكبير، يصغِي إلى الجميع بكل إهتمام، لا يضع حاجزاً في التعامل مع رفاقه جنوداً كانوا أم ضباط، لقد كان محبوباً لدى الجميع، مدنيين وعسكريين، لقد كان نِعم القائد المُلهِم لجنوده ولجموع المواطنين بمقاطعة قرولانج بانج – جنوب جبل مرة حيث قيادته.

لقد كنتُ محظوظاً بأن إلتقيته للمرة الثانية والأخيرة في يوليو من العام ٢٠١٦ بمقاطعة بال فال، أي قُبيل رحيله بعام ، إلتقيته وهو في كامل بذته العسكرية يتوسط القائدين الراحلَين : إرتكز ، الأمين تورو وآخرون من القادة الأفذاذ، ما أن ألقيتُ عليهم التحية، عانقني بروح الرفقة التي لا تموت مهما كثرت سنون النوى إذ لم ألتقي به منذ أول لقاء جمعني به في ليلة مطيرة من ليالي أغسطس الباردة بمنزل الرفيق والأستاذ أحمد علي ، لقد كانت طائرات أنتنوف النظام المُباد وقتئذٍ تقذِف بقنابلها العنقودية القرى، الجنائن، المواطنين والماشية من حين لآخر، أدخلت الهلع والزعر نفوس الكثير من المواطنين هناك ولاذ الكثير بالفرار إلى كهوف الجبال، إستنجدت السلطة المدنية بالأراضي المحررة بقادة جيش التحرير للتحدث إلى الأهالي بُغية إخراجهم من حالة الهلع والزعر التي أُدخِلوا فيها، فما كان من القادة إلا الإستجابة والإلتقاء بالأهالي وبعض الجنود والقادة من مختلف الألوية / الفِرق / المُتحركات/ ، لقد كان التحدث إلى الأهالي والجنود يومها من نصيب القائد أرو؛ ما أن تقدَّم إلى الساحة حتى ضجَّ المكان بالزغاريد والاغاني الثورية ترحيباً به ، لقد ألقى يومها خطاباً لم أشهد له مثيلاً طيلة حياتي في البلاغة، الرصانة واللباقة، لقد خاطب بلا شك أفئدة الحضور حتى زرفت عيونهم بالدموع، حدثهم عن المطبات والعضلات التي واجهتهم منذ بداية الإنطلاق وحتى تلك اللحظة والتي كان المقصد منها تثبيط مسيرة التحرير والتحرر ولكن عزيمتهم كانت راسخة كرسوخ جبل وُو فوقو ؛ لن تتزحزح قيد أنملة مهما كانت الصعاب حتى بلوغ المنشود وهو بناء وطن يُحترم فيه الجميع بمختلف الإختلافات والتباينات.

الحواء السودانية مُنجبة ولكن قلما تجود لها بأن تنجب مثل أرَوْ مرة أخرى.
كنت أتمنى أن ترى بأم عينينك نهاية نظام الإنقاذ الذي قاتلته قرابة العقدين من الزمان ، ولكن كانت المنية تنتظرك قبل أن تفرح بالإنتصار الذي كافحت وناضلت من أجله رغم انه أتى ناقصاً.

تلابيب الرحمة تغشاك في عليائك أيها الرفيق والقائد الباسل.
لقد ترجَّل من بعدك نفرٌ عزيز من رفاقك قادة جيش التحرير أبرزهم ؛ عمك إرتكز وبرنجول وآخرون.
شآبيب الرحمة السرمدية تلازم ارواحكم في مدارج السماء إلى حين الملتقى.
أعهدكم بأننا على الدرب ماضون إلى حين تحقيق المنشود.

الثورة مستمرة وستنتصر لا محالة.


كدينقو – جبل مرة.

مقالات ذات صلة

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments
زر الذهاب إلى الأعلى
0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x