التقارير

مستقبل العمل السياسي بناء الرؤية وتحديات الخطاب وحضور الدين


تقرير : حسن اسحق

في سلسة مستقبل العمل الإسلامي التي تقوم بها الحركة الوطنية للبناء والتنمية ، اقامت ندوة بعنوان “بناء الرؤية وتحديات الخطاب”، في الاول من يونيو الماضي ، بالعاصمة الخرطوم، ان والنجاح في اي عمل علي المستوي المادي يتبني علي نجاح رؤية سليمة علي المستوي المفاهيمي، الكنيسة في اوروبا حاربت العلم والعلماء، لذا الاوروبيون في سياق نهضتهم، عملوا فصل بين الدولة والكنيسة، والفصل الذي حدث بين الكنيسة والدولة، والدين لم يبعد بصورة كاملة، بل يشكل حضور في السياسة الاوروبية، وفي التجربة الامريكية حضور الدين اوضح، ان الحضارات لا تقوم الا اذا كانت هناك تحديات كبيرة تواجه المجتمعات، هذه التحديات تستفز طاقة المجتمع، وهي ضرورية لبناء النهضة وصناعة الحضارة،

رؤية سليمة علي المستوي المفاهيمي

تناول المتحدث زهير هاشم طه بناء الرؤية وتحديات الخطاب ان الرؤية هي الاساس المفاهيمي لاي عمل، والنجاح في اي عمل علي المستوي المادي يتبني علي نجاح رؤية سليمة علي المستوي المفاهيمي، ان الحركة الوطنية للبناء والتنمية تستقي رؤيتها من هدي الدين الاسلامي، هذا بعد توحيدي في رؤية الحركة، لانها تعتقد اعتقادا جازما بشمول الاسلام لكل مناحي الحياة، وبعض المدارس الفكرية الاخري العلمانية واللادينية، لا تعتقد بشمول الاسلام، تعتقد ان الدين يهدي الناس في المسجد و الخلوة، وبعد الخروج من هذه الاماكن والدخول الي السوق او المدرس او البرلمان ليس للدين علاقة بالفرد، والحركة الوطنية للبناء والتنمية تعتقد ان الدين يهدي الانسان في كل مناحي الحياة، الدين يهدي الانسان في الجامع والسوق، وكذلك البرلمان في نادي كرة القدم، كما جاء في قوله تعالي ’’ قل ان صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين، لا شريك له، وبذلك امرت وانا اول المسلمين‘‘ يقول زهير ان الاسلام دين شامل لكل مناحي الحياة، هذا هو الاساس القائمة عليه رؤية الحركة، اما في واقع التطبيق العملي للفكرة العلمانية واللادينية، ترفض هذه الفكرة انطلاقا من تجربتها، لانها قدمت حل لمشكلة اوروبا مع الكنيسة، ولم تقدم للقيام برشد سياسي في كل انحاء العالم، في القرن التاسع عشر اتقدمت فكرة العلمانية كي تقوم بالقطيعة بين اوروبا والحكم الكنسي، كانت تجربة اوروبا مع الحكم الكنسي، تجربة مريرة جدا، كي تقوم بالقطيعة بين اوروبا والحكم الكنسي، لانها تحالفت مع الملوك المستبدين والطواغيت، والكنيسة تحالفت مع الاقطاعيين، والكنيسة ارتبط ذكرها بالظلام.

النهضة قائمة علي اساس ديني

اضاف زهير ان الكنيسة في تلك الفترة حاربت العلم والعلماء، لذا الاوروبيون في سياق نهضتهم، عملوا فصل بين الدولة والكنيسة، والفصل الذي حدث بين الكنيسة والدولة، والدين يشكل حضور في السياسة الاوروبية، وفي التجربة الامريكية حضور الدين اوضح، ان رؤية الحركة الوطنية للبناء والتنمية للنهضة قائمة علي اساس ديني، مرجعيتها للنهضة الاقتصادية والاصلاح السياسي، والاحياء الثقافي، المرجعية فيها مرجعية دينية، والمركب الذي يحمل هذه الرؤية هو مركب الخطاب، والحركة تريد نقل المجتمع نقلات ايجابية لمواقع متقدمة من النهضة والرقي، الرؤية لا تتحرك الا محمولة علي مركب الخطاب، الخطاب من مصدر خطب يخاطب خطابا في اللغة العربية، والخطاب لغة معناه تحدث والقي، باعتباره حديث معين، في موضوع معين، لجماعة معينة، وايضا الخطاب له محددات وشروط، من محددات الخطاب في رؤية الحركة الوطنية للبناء والتنمية، هي الدين، باعتباره محدد اساسي من محددات الخطاب في رؤية الحركة الوطنية، من محددات الخطاب للحركة العمل والتجربة، والهداية بالعقل البشري، بشرط ان لا يخالف الدين، وكذلك تهتدي الحركة بهداية التجربة الاسلامية من مختلف المدارس الانسانية، اذا كانت غربية او شرقية، ومدارس في التاريخ القديم، والعصر الحاضر، بشرط ان التجربة لا تخالف الدين، واشار الي ان الخطاب نص يحمل مفاهيم محكمة يصياغة منضبطة بغرض ارسال رسالة معينة الي جمهور معين، والخطاب كما له محددات، ايضا له انواع، يوجد خطاب قرآني وسياسي واجتماعي، وخطاب نفعي، يعتقد ان الخطاب القرآني هو ارقي انواع الخطاب، لانه مؤيد بالحجج الربانية والبراهين، وفيه براهين عقلانية، قل هاتوا برهانكم ان كنتم صادقين.

شروط ومطلوبات الخطاب
اشار زهير الي انواع اخري من الخطاب، منها السياسي والاجتماعي، هذا ما يعني الحركة الوطنية للبناء والتنمية، دائما الخطاب له شروط ومطلوبات، كي تستوعب الخطاب، لابد للخطاب اولا ان يكون مفهوما بالنسبة للمخاطبين، وايضا يلبي احتياجات المخاطبين، والمخاطب يري هذا الخطاب مثل المرآة، يري نفسه في هذا الخطاب، كثير من الجماعات التي تنتقدها الحركة الوطنية للبناء والتنمية لا تلتزم بهذه الشروط التي ذكرها زهير علي حد تعبيره، في مرات عديدة خطاب العديد من الحركات والجماعات والاحزاب ليس خطابا مفهوما بالنسبة للمخاطبين، علي سبيل المثال، عندما يأتي الجمهوريين، ان محمود محمد طه تلقي الرسالة الثانية في حالة الادراك الوتري، والخوف لم يكن حاضرا، لا تكتمل كمالات الرجولة للرجل، وهو خائف، وكان النفخ من الداخل، في حين ان الرسول صلي الله عليه وسلم ، تلقي الرسالة الاولي في حالة الادراك الشفعي، وكان النفخ من الخارج، يوضح زهير ان هذا الكلام ليس مفهوما بالنسبة للمخاطبين، انه اقرب الي الطلاسم والالغاز، من الخطاب السياسي الموضوعي، مهم جدا لحركات الاصلاح والتغيير ان تخاطب الجمهور بلغة مفهومة، اضاف زهير ان للخطاب عناصر، المخاطب اي المرسل والمخاطب اي المتلقي، والمخاطب به اي متن الخطاب، او مضمون الخطاب او الرسالة، والخطاب الذي تتكلم عنه الحركة الوطنية للبناء والتنمية هو الخطاب الاسلامي، المنسوب الي الدين الاسلامي، يذكر زهير ان الخطاب الاسلامي اليوم تواجه العديد من التحديات او يكون مقبولا بكل سلاسة، مؤكدا انهم في الحركة الوطنية للبناء والتنمية، لا يخافون من هذه التحديات، باعتبارها ابتلاءات من الله سبحانه وتعالي، وانه يزيد طاقة المؤمن.

تحديات الخطاب الاسلامي الآن
اضاف زهير ان الباحث البريطاني آرنولد جوزيف توينبي يقول ان الحضارات لا تقوم الا اذا كانت هناك تحديات كبيرة تواجه المجتمعات، هذه التحديات تستفز طاقة المجتمع، وهي ضرورية لبناء النهضة وصناعة الحضارة، اوضح زهير ان الخطاب الاسلامي الآن له ثلاثة تحديات رئيسية، واساسية، والتحدي الاول، انه تحدي تجربة ثورة الانقاذ الوطني، هي سقطت بثورة شعبية في ابريل 2019، والتحدي الثاني كما يعتقده زهير، الذي يواجه الخطاب الاسلامي اليوم، انه تحدي الاعلام المضاد، وينطلق من مراكز عالمية، واقليمية، هذه المراكز العالمية منطلقاتها علمانية او مسيحية غربية، لها امكانيات اعلامية هائلة للغاية، ولها مؤسسات ضخمة في ذات الوقت، تبث خطاب اعلامي مضاد للخطاب الاسلامي، هذا تحدي يواجه الخطاب الاسلامي، والتحدي الثالث يتمثل في تحدي العولمة، هي تبث ثقافة مادية استهلاكية، هذه الثقافة تتعلق بعالم الاشياء، والعالم المادي، في ذات الوقت تتنكر لعالم الغيب، اليوم الاخر، يعتقد انه تحدي يواجه الخطاب الاسلامي، اما يلي تجربة الانقاذ، فيها ايجابيات وسلبيات، فيها مواقف كانت لصالح الدين ومواقف وطنية في بداياتها علي الاقل، وايضا ايجابيات علي المستوي المادي، التوسع في التعليم والاتصالات وشبكات، في الجانب الاخر فيها سلبيات، باعتبارها تجربة انتهكت حقوق الانسان بشكل غير مسبوق، قتل في دارفور 300 الف حسب احصائيات المنظمات الدولية، وعشر الف باعتراف الرئيس السابق عمر حسن البشير، هذا لم يحدث في تاريخ السودان، وحتي المستعمر لم يفعل ذلك، كان الناس يقتلون لمجرد المطالبة بالحقوق الاساسية، في حال طالبوا اهل بورتسودان بالمياه يقتل العشرات، وسكان الخرطوم بعدم رفع الدعم عن المحروقات يقتل منهم 200 فرد.

التخلص من الايدولوجيات القاتلة
يري المتحدث الثاني المهندس طارق محجوب انه بعد ثورة ديسمبر المجيدة ان هناك امل كبير في قطاع الشباب ، والشباب السوداني تجاوز كثير من الاشكالات التي اورثها النظام السابق والتي كانت تعاني منها الاجيال السابقة والتي سبقتها، مثل قضايا الاثنية والجهوية، والايدولوجيا الحادة، ثم الحزبيات التقليدية القاتلة، وكل الصناديق المغلقة تكاد ان تكون قد تكسرت، واصبحت المساحة اوسع وارحب في ما بين الشباب لتجاوزها لتلك الايدولوجيات، يضيف ان العالم يتغير نحو الشباب، والقيادات الشبابية اصبحت تتولي القيادات الكبري في الكبري في العالم، يأمل ان يري رئيس وزراء في السودان من القيادات الشبابية، يعتقد ان هناك تحديات كثيرة علي مستوي الخطاب، اي حركة لازم يكون لها دافع، وقيم اساسية التي تدفعها الي الحركة، وقضية الدين هي قضية مهمة في سياق الحركة، والاسلام ليس قضية هامشية، والقضية الاساسية في العالم اليوم هي الدين، علي سبيل المثال قضية الشرق الاوسط، واوروبا وقضية الدين هي قضية محورية، علي مستوي النظر والفلسفة، والواقع، او علي مستوي الحدث السياسي، مشيرا الي ان تجاوز قضية الدين ليس من الامكان في شئ، وليست من الموضوعية في شئ، وتجاوز قضية الدين من الاستحالة، اوضح ان هناك طرح اخر يتحدث عن تجاوز الدين، بخلق دين جديد، ليس الغاء للدين، بل لتغييره، مفهوم الدين اصبح علي منحيين، في مفهوم لخالق جبار، هذه الحياة، لكنه لا يديرها، الايمان بالله من دون ادارته للعالم، بل خلقه ثم انصرف عنه، واكثر ما تمثلها العقيدة المسيحية، الاسلام يقول ان الله خلق العالم، ويديره في كل شئ، وارادته نافذة فيه، ودين خارج يلغي وجوده الاله، ويجعل من الانسان هو الاله، والانسانوية فكرة تتمحور في تفاصيل الحياة الانسانية، الانسان هو محور الدين والحياة، وتعمل علي تأليه الانسان في ذات الوقت.

الاسلام قضية جوهرية واساسية
يضيف طارق ان فكرة الانسان ليست في الفكر المادي فقط، في الفكر الديني الاسلامي هناك مفهوم الانسان الكامل، والوهية الانسان بالوجدان والوحي والتقنية، وبوراثة الارض، ان قضية الدين قضية اساسية لا يمكن تجاوزها او الغاءها او اخفاءها، هو المحركات الاساسية للانسان، وقضية الدين في السودان تحديدا هي قضية الاسلام، والاسلام في السودان هو مكون اساسي من بداية تاريخ السودان، ومراحل تكوين السودان الاولي، بداية من مرحلة السلطة الزرقاء وممالك الفور والمسبعات، والعامل الاساسي في نشوء تلك الحضارات والممالك كان الاسلام، علي امتداد تاريخ السودان كان الفاعل والمحرك الاساسي هو الاسلام، كذلك المهدية حاي الدولة الحالية، تجاوزه او اقضائه مستحيل، من يريد الغاء الاسلام في السودان، يريد القضاء علي السودان، محاولات من جهات سياسية تريد اقصاء الدين الاسلامي من السودان، كان ناتجها الاساسي القضاء علي انفسهم، 1967 تمت اجازة الدستور الاسلامي عبر نظام برلماني انتخابي حر، ولم يكن الاسلاميين يمثلون اغلبية في البرلمان، بل كان التيار المؤثر التيار الاسلامي، من الحزبين الكبيرين، حزب الامة القومي، والاتحاد الديمقراطي، من بعد الاستقلال كان السودانيون يبحثون عن الاصالة، يرون في المهدية الاسلام، عندما اساء الحزب الشيوعي السوداني للاسلام، تم حل الحزب الشيوعي بقرار برلماني في منتصف الستينيات، لم يحله الاسلاميين كما يظن البعض، بل حل في نظام ديمقراطي حزبي حر، الاسلام مكون اساسي محاولة اقصائه سوف تكون هلاكا لمن يعمل ضده، والاسلام مكون اساسي لهذه الحركة، والخطاب يجب تن يكون فيه الكثير من الوضوح، ليس مجرد مفهومات عامة، لابد من التفصيل في قضية خطاب الاسلام، الحاجة الي خطاب واضح جدا في الرؤية والقضايا المعاصرة.

خطاب الوحدة الوطنية المطلوب

يطالب طارق ان تتحرك الحركة الوطنية للبناء والتنمية من المنطلقات الاسلامية، المفهومات المشتركة حاجة مهة للغاية، والمقهوم يتبني عليه تصور ورؤية ومنهج، في الاقتصاد والاجتماع يجب ان يكون فيها مضامين فكرية، والاتفاق عليها علي قناعة العقيدة الموحدة، الحاجة في التفصيل في المفهومات الاساسية، شرح ما هو هو الخطاب الاسلامي، من القضايا الوطنية والدولة والاقتصاد، والاجتماع الي قضية الاعلام، وقضية العولمة، وما هو المفهوم الاسلام في هذه القضايا؟، ويكون فيها تفصيل حتي تكون هناك ارضية مشتركة، ودافع مشتركة للحركة الوطنية للبناء والتنمية، والوطن الان مرتبط بتحديات كثيرة جدا، في المفهوم والوسائل والاليات، في تاريخها، ويجب التكلم بصراحة ان التاريخ السودان ما قبل الاستقلال الي الوقت الحالي، واخذ القضية الوطنية بابعادها، والتحديات في القضية الاثينة والجهوية والعدالة، والثروة والسلطة، ومفهوم الوطنية والدولة، يري طارق ان كل هذه الاشياء هي تحديات تحتاج الي خطاب، والخطاب يجب ان تتبني عليه خطة، واليات، ولابد من الحركة الفاعلة بالياتها وبرامجها مناهجهها، والتغيير لا يحدث بمجرد فهمه بطريقة واضحة، يقتضي المفهوم الصحيح والعمل، ان احداث وحدة وطنية ليس بالتبني فقط، والمشاعر الطيبة، لابد من شغل لاحداث الوحدة الوطنية، الامريكان لهم الجدية في صناعة الوحدة الوطنية، لديهم اللوتري السنوي، حرب الجنوب عملت تغيير واسع جدا، والمجاعة في كردفان، وهجرة سكان حلفا بسبب السد العالي، وقضية الوطنية تحتاج الي مفهوم، وكذلك الي اليات، وبرنامج، لن تحدث عفويا، ماهو الخطاب الذي يوجه الي السودانيين لاحداث الوحدة الوطنية، هي ليست بالاشواق، والاماني، والقضية الاسلامية، الاجماع علي قضية الوطن، والخطاب يحتاج الي موضوعات يجب الحديث عنها بالتفصيل.

مقالات ذات صلة

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments
زر الذهاب إلى الأعلى
0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x