مقالات الرأي

رؤية الحزب الشيوعي النقدية لمخرجات مؤتمر ايوا للسلام والديمقراطية ٢٠-٢٣ أكتوبر ٢٠٢٣م (٨)


بقلم: الصادق علي حسن


تصويب :
كاتب هذا المقال ليس مؤرخا، لقد تناول وقائع تاريخية حول السرد التاريخي لمرحلة من مراحل استقلال السودان وذلك بما توفرت له من معلومات هامة استقاها من الشيخ مصطفى حسن نائب دائرة مقدومية نيالا (برلمان ١٩٥٣) والوثائق والخطابات والمذكرات والمستندات التي وجدها بغرفة خصصها المرحوم الشيخ مصطفي حسن لوثائق تلك المرحلة الهامة ، كما واطلع الكاتب على مقالات وبحوث اعدها الأستاذ يوسف آدم بشر عن مشروع تأسيس الدولة السودانية في خلاصتها لا تختلف عما ورد بالوثائق المذكورة ، كما ولابد للباحث المهتم ان يبحث في تلك الحقبة ليصل إلى حقائق ووقائع هامة عن اهم فترة من فترات تاريخ مشروع تأسيس الدولة السودانية .
في المقال (٧) هنالك ما يتطلب التصحيح في السرد الوقائعي، فقدت استخدمت مصطلح (لجنة دولية) للجنة التي شكلها الحاكم العام السير جورج هاو برئاسة الخبير القانوني الإنجليزي استانلي بيكر وما قصدته بذلك لجنة شكلها بمشاركة خبراء دوليين و محليين وقد منحت اللجنة المذكورة حق الإستعانة بمن تشاء مناسبا ، لقد عُرضت توصيات ومقررات تلك اللجنة على الجهة المناط بها التقرير في التشريعات وهي الجمعية التشريعية والمُشكلة في عام ١٩٤٨م كما وصدرت عنها بقانون تحت اسم (قانون الحكم الذاتي) وفي ١٢ /٣ / ١٩٥٢م نجح الرئيس المصري محمد نجيب في دعوة كل الأحزاب المطالبة بوحدة وأدي النيل إلى مصر بحضور اسماعيل الأزهري ومحمد نور الدين و الدرديري اسماعيل ومحمد خير وخضر حمد ويحي الفضلي وتمكن الرئيس المصري محمد نجيب بمشاركة صلاح سالم وحسين ذو الفقار من توحيد الأحزاب الإتحادية بمصر وأختار الحاضرون للحزب إسم الحزب الوطني الإتحادي برئاسة إسماعيل الأزهري وينوب عنه محمد نور الدين ونص في دستور الحزب على جلاء الإنجليز وقيام وحدة مع مصر عند تقرير المصير، وفي ١٢/ ٢/ ١٩٥٣م تم توقيع اتفاق السودان بالقاهرة بين الحكومة المصرية والتي وقع عنها الرئيس محمد نجيب وبريطانيا التي وقع عنها سفيرها بمصر رالف ستيفنسون، جرت تعديلات قبل المصادقة النهائية عليه وأخذ الحاكم العام الرأي من الخبراء والعلماء وارسل المسودة إلى بريطانيا مسترشدا ثم أصدر القانون الذي تم ذكره وهو (قانون الحكم الذاتي) وأحتفظ لنفسه بتعيين أثنين من الوزراء في حكومة الحكم الذاتي من جنوب السودان.
منطقة دوماية وليست دماية كما ورد في المقال (٧) وتبعد دوماية حوالي خمسة كلم غربي مدينة نيالا ، كما وما انعقد بين بعض نواب جنوب دارفور كان عبارة عن لقاء للتشاور وليس مؤتمر.
إعلان إستقلال السودان :
إعلان استقلال السودان بالإجماع لم يخلو من التنافس الحزبي بعد ان تحول موقف الحزب الإتحادي داخل البرلمان قبيل التقرير في مصير السودان إلى الإستقلال التام وتخلى الإتحاديون عن التمسك بوحدة وادي النيل الذي اتفق عليه كما ونص عليه في دستور تأسيس الحزب ، وقام الزعيم الأزهري بزيارات خاطفة إلى مدن اقاليم السودان ، كما واعلن من النادي الأهلي بمدينة الجنينة بغرب دارفور استقلال السودان وفي زيارة خاطفة ذهب إلى نيالا وعد الفرسان بجنوب دارفور ، وكلها كانت زيارات للقاءات ومخاطبات جماهيرية لتحقيق مكاسب سياسية ، وتعزيز موقف الحزب الجديد ولكسب جماهير في مناطق معاقل حزب الأمة التقليدية ، ومن الجنينة سارع المذيع الشاب على شمو كما ورد في رواياته عن زيارة الأزهري لمدينة الجنينة بانه ذهب إلى حامية مدينة الجنينة لنقل خبر إعلان الأزهري لاستقلال السودان الذي اعلنه من مدينة الجنينة، ولا يزال هنالك من امثال د الدرديري محمد أحمد وزير الخارجية في ظل نظام الإنقاذ والذي كتب مقالان بعنوان عرب الشتات وكيف نحبط مشروعهم الإستيطاني (٢) بتاريخ ٢٦ يونيو ٢٠٢٣م وهو لا يدرك وقائع الاستقلال وكان قد تربع لسنوات على وزارة الخارجية المعنية بشؤون الدولة الخارجية المرتبطة بوضعها التأسيسي ومركزها القانوني في كل الحقب ، هذه الوزارة التي من المفترض ان من يلتحق بها بالضرورة ان يكون ملما بكل المعلومات العامة عنها ومن ضمنها بالضرورة كيف حصلت الدولة على استقلالها ، ولكن المستغرب له حول استقلال السودان كتب د. الدرديري في مقاله المذكور الآتي (وحيث اتفق السودانيون على إعلان الاستقلال من داخل البرلمان أنبرى لتقديم الاقتراح عبد الرحمن دبكة ناظر عموم بني هلبة.لم ينل الناظر دبكة ذلك الشرف صدفة، وانما كان لذلك سبب معلوم وقصة تروى،إذا كان قد استقبل قبلها الزعيم الأزهري اثناء جولته في دارفور استقبالا مهيبا بعد الغنم وعند اعتلاء الناظر دبكة المنصة للترحيب بالضيف الكبير هتف (عاش السودان حرا مستقلا) فهاجت الجماهير وماجت وأرعدت بذلك الهتاف ليشق عنان السماء وقد تأثر الزعيم الإتحادي أي تأثر وربما ساهم هذا المشهد العفوي في إكمال الصورة لديه والبلاد تتأهب للاختيار بين الاستقلال أو الوحدة مع مصر، ومن ثم تقرر ان يتقدم دبكة بذلك المقترح التاريخي)، . المؤسف حقا ان د. الدرديري وزير الخارجية الأسبق يجهل وقائع استقلال السودان وان النواب في كل البرلمانات متساوون بصفاتهم النيابية ، وهذا يعني ليس هنالك ميزة في البرلمان للنائب الأزهري على النائب دبكة، كما انهما كانا من حزبين متنافسين ولحزبيهما رؤي متباينة حول الإستقلال ، كما وكان الأزهري من المتمسكين بالدعوة لوحدة وادي النيل وتياره ولم يكن من دعاة الاستقلال التام عن مصر كحزب الأمة الذي ظل يتمسك بشعار السودان وايضا الجبهة المعادية للإستعمار (الشيوعيون) و الجمهوريون وكانوا يوصفون بالإنفصاليين، ان زيارة السيد اسماعيل الأزهري قبيل وبعيد إعلان بريطانيا عدم رغبتها في تعيين حاكم عام للسودان بل وامتناعها عن تعيين حاكم عام جديد للسودان عقب استقالة آخر حاكم عام للسودان السير (Helm)ما جعل الأزهري مندفعا في الإتجاه الأخر حتى لا يفوته شرف أعلان الأستقلال من دون التزام الوحدة مع مصر بعد ان تأكد بان ذلك يمثل إرادة غالبية الشعب السوداني ، وكان تقديم المقترح من نصيب حزب الأمة واختير لتقديمه النائب دبكة ومن الراجح لتلافي آثار الدعوة لإرجاء إعلان استقلال السودان ، وقد نشط في الترويج له بين نواب جنوب دارفور بالبرلمان مفتش مركز نيالا قبل ان يقطع امامه الطريق ، كما منح التثنية للحزب الوطني الإتحادي وقام بالتثنية النائب جمعة سهل.
أزمة الإدراك الجمعي :
قد يلتمس الباحث عن الحقائق حول استقلال السودان العذر للعوام في عدم الإلمام بأبجديات وقائع الإستقلال لتغييب المعلومات من قبل اجهزة الدولة المركزية، وطالما ان وزيرا سابقا للخارجية ومفاوضا أساسيا في المفاوضات مع ممثلي جنوب السودان يفتقر لأبسط المعرفة بأبجديات وقائع مشروع تأسيس الدولة السودانية، ويعتقد بان إعلان استقلال السودان فكرته تبلورت حينما هاجت الجماهير وماجت وأرعدت في زيارة الأزهري لعد الفرسان (عد الغنم سابقا) فإن التماس العذر قد يكون حتى للنخب المتعاقبة .
الأستاذ آدم شريف عضو اللجنة المركزية للحزب الشيوعي ارسل لي رؤية الحزب الشيوعي حول (المؤتمر القومي الدستوري والصادر في يوم ٣١/ ٨/ ١٩٨٨م) والتي ساتناولها بالتعليق في مقالنا القادم بمشيئة ضمن رؤية الحزب الشيوعي لمخرجات مؤتمر ايوا.

مقالات ذات صلة

4 1 vote
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments
زر الذهاب إلى الأعلى
0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x