مقالات الرأي

الديمقراطية في الساحة السياسية السودانية قبل وبعد الإستقلال…!!

بقلم: موسي عبد الله يوسف (كربوجي)

بعد خمسة عقود من الحكم الاستعماري وتسنم الحكومة الوطنية الأولى للحكم في 1956م بدأ وكأن الأفارقة كانوا يسعون ليثبتوا للعالم قدرتهم على حكم بلادهم. ولكن لم يكن لأي من السودانيين أو البريطانيين أن يتخيل أن تلك الحكومة الوطنية الأولى ستنتهك الحقوق الإنسانية للسودانيين الذين كانت تزعم أنها هي التي حررتهم.
ولكن من يمعن النظر في كوارث انتهاكات حقوق الانسان التي حدثت في السودان يدرك أن بذور الظلم والاضطهاد كانت قد بذرت بالفعل مع بدايات السنوات التي سبقت قيام الاستقلال، والتي كانت سنوات عاصفة وعنيفة قامت فيها مظاهرات حاشدة للوحدويين، واشتدت فيها النزعة الطائفية والكراهية العنصرية لتحل محل النزعة الوطنية. وغدت الشرطة السودانية (ذراع الحكومة الطويلة) قوة عنيفة ليس عليها من قيد، وتعمل بصورة مستقلة في الأقاليم وهي موقنة بأن حكومة الخرطوم ستسندها وتدفع عنها.
ولم تنقض إلا ستة أسابيع على نيل الاستقلال إلا وانفجر صراع نتج عنه مقتل 194 من البقارة على يد رجال الشرطة الشايقية في معسكر قرب كوستي لا يخفي أن هذا تبسيط مخل وتعميم كاسح.
وتشير إلى، بل تؤكد سلوك وموقف الحكومة الوطنية الأولى تجاه الأقليات العرقية والحرية الدينية والوعي الطبقي.
كان السبب المباشر الذي أدى لتلك الحادثة التراجيدية في كوستي هو معركة حدثت في مشروع زراعي خاص في جنوب الجزيرة في عام 1956م

نفس السلوك الديمقراطي الزائف وبطبيعتها مترسخه في النخبة السياسية التقليدية في تعاملهم ونهجهم، ممارستهم على مستوي المؤسسات الوطنية ليس لها علاقة بالديمقراطية الحقيقية لا من بعيد ولا قريب بل نعتبرها إستبداد نمذجاً الطائفتان
طائفة الأنصار ويمثلها عائلة المهدي راعي حزب الأمة، وعائلة الختمية ويمثلها علي الميرغني راعي الحزب الوطني الاتحادي وهما يدعان بالديمقراطية وترسخت عند المجتمع السوداني مفاهيمياً ثم نجد في البيت السوداني أكثر مثل يضربونه ( انا زول ديمقراطي،وأبوي ديمقراطي) في حين انو سلوكه ونهجه ليس ديمقراطياً

الديمقراطية بعد 15 أبريل 2023م ؟ إنه بطرح هذا السؤال نكون فقد لامسنا موضوعاً خطيراً واسعاً، وهو واسع لأنه كذالك. بل وسيظل أيضا غير محدد لأنه كذلك. بإمكاننا تناوله من وجهات نظر مختلفة أشد ما يكون الإختلاف، ولكن مع وفي كل الحالات سنتوصل إلي شيء صحيح. إن التداخل بين المقاربات الممكنة بإعتبار شساعة الموضوع، يجعلنا نجاري خطر أن يكون تبني الدعم السريع بالديمقرطية غريباً على مستوي الإعلام
لذلك يلزمنا أن نطرح تساؤلات على نحو دقيق جداً

1- لماذا مليشيات الدعم السريع تستهدف مجموعات عرقية إفريقية بأسم الديمقراطية….؟
2- وهل إبادة الشعب من سمات الديمقراطية؟
3- هل الأطفال والعجزة والمسنين هم فلول.؟

ختاماً
إن الديمقراطية من القيمة المشتركة للبشرية جمعاء، المعنى الحقيقي للديمقراطية هو إيجاد أفضل طريقة للتنسيق بين طموحات ومطالب المجتمع بأكمله وصنع قرارات تتوافق مع مصالح الشعب طويلة الأجل. إن المقياس الأساسي لتقييم ما إذا كانت دولة ديمقراطية أم لا، يكمن في ما إذا كان الشعب سيدا حقيقيا لدولته، من المهم أن يكون لدى الشعب حق الاقتراع، لكن الشيء الأهم هو ما إذا كان الشعب له حق المشاركة الواسعة النطاق؛ من المهم أن يحصل الشعب على الوعود الشفوية خلال العملية الانتخابية، لكن الشيء الأهم هو مدى الوفاء بهذه الوعود بعد الانتخابات؛ من المهم أن تكون هناك إجراءات وقواعد سياسية تنص عليها الأنظمة والقوانين، لكن الشيء الأهم هو ما إذا كانت هذه الأنظمة والقوانين تطبق بشكل فعلي؛ من المهم  أن تكون القواعد والإجراءات لممارسة السلطة ديمقراطية، لكن الشيء الأهم هو ما إذا كانت السلطة تخضع للمراقبة والقيود من قبل الشعب بشكل فعلي. إذا كان الشعب يُيقظ فقط عند الاقتراع وينام فيما بعد، ويستمع إلى شعارات رنانة ويُحرم من الحق في التعبير فيما بعد، ويكون محبوبا عند الحملات الانتخابية ومهمشا فيما بعد، فالديمقراطية من هذا القبيل ليست ديمقراطية حقيقية.

21 نوفمبر 2023م

مقالات ذات صلة

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments
زر الذهاب إلى الأعلى
0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x