مقالات الرأي

تـسـلـيـح مـلـيـشـيـات الـجـنـجـويـد بـدارفـور والـسـيـنـاريـوهـات الـمـتـوقـعـة..!!

بقلم السيناتور مبارك الباحث في الدراسات الإستراتيجية

نشأة الجنجويد في فترة السبعينات من القرن الماضي وعرفت تاريخيا بمليشيات القبائل العربية( الجنجويد) وعلي مرة تاريخ السودان المعاصر واقليم دارفور بصفة خاصة عرفت هذه المليشيات أنها، ولديها إمتداد لقوات لديها ميزة خاصة وصلاحيات لم تجدها الجيش السوداني، ونشأت الجنجويد مع بدأية الصراعات القبلية في الثمانينات والتسعينيات من أواخر القرن الماضي وبطبيعة هذه المليشيات تم تمليك واستخراج البطاقات بشعارات الحصان الكبريت و (السلاح) كسلاح الجييم أو كلاشنكوف وغيرها من الأسلحة التي يتم استخدامها بقتل المواطنين أو الكبريت بإحراق القري وتدمير البنية التحتية المواطنين، ومارسوا كثير من الانتهاكات ضد الإنسانية والاغتصابات الفردية والجماعية بصورة بشعة أثناء فترة الرئيس عمر البشير حتي في عهد الأنظمة المتعاقبة على السلطة في السودان وقاتلوا مليشيات الجنجويد علي جانب قوات نظام الموتمر الوطني ولازالت تقاتل مليشيات الجنجويد علي جانب قادة الانقلاب العسكري 25 أكتوبر2021 العام الماضي، ولا يمكن فهم طبيعة مليشيات الجنجويد إلا بالنظر بتاريخ تأسيسها والتي كانت تشكل مجموعة مليشيات القبائل العربية غير النظامية تعرف باسم( الجنجويد) وهي مليشيات سئ السمعة التي إتهمت بجرائم الحرب في عدد من مناطق إقليم دارفور ومن مناطق أخري من أجزاء السودان، وحاول الرئيس السابق عمر البشير إعادة هيكلة تلك المليشيات ونزع صفة القبلية عنها، وتم ترقية مليشيات (الجنجويد) في الأجهزة الأمنية تحت مسمى قوات الدعم السريع في العام2013 بقوة قوامها سبعة ألف مقاتل، وتشكلت النواة الأساسية لهذه المجموعة من أبناء القبائل العربية وإذا نظرنا اليوم تسلسل قادة هذه المليشيات نجدها تنحدر من أسرة واحدة كأسرة محمد حمدان دقلو (حميدتي) أن قادتها 95% من القبائل العربية وخاصة أهلي دقلو بصفة عامة وهي نفس مليشيات الجنجويد ولكنها تغيرت في الإسم بسب الانتهاكات التي إرتكبت هذه المليشيات ضد المواطنين العزل في إقليم دارفور جبال النوبة والنيل الأزرق، وأسندت مليشيات الجنجويد( الدعم السريع) مهام قتال الحركات المسلحة في دارفور منذ (عشرة سنوات).

وقادة مليشيات الجنجويد (الدعم السريع) معارك كثيرة مع الحركات المسلحة وأضحت قوات الدعم السريع أكثر شهرة وتاثيرا وتستميد قوتها من رئاسة الجمهورية وجهاز الأمن والمخابرات الوطني ولازالت جنوده يغض عن الانتهاكات المستمرة وتوصف جنود وضباط قوات الدعم السريع بقلة الانضباط وتأثيره السالب لهذه القوات علي استقرار البلاد، وسار مليشيات الجنجويد( الدعم السريع) بخطئ توازنات دقيقة بين القوات المسلحة السودانية، وتوسعت مهام قوات الجنجويد انتشاراً واسعاً في كافة ولايات السودان وتم إعادة تنظيمها عبر ثلاثة قطاعات رئيسية أهمها قطاع الخرطوم(طيبة شمال الخرطوم)، (الخرطوم 2 وسط العاصمة)، (المنشئة) وتم تسليحها بانواع مختلفة من الأسلحة الثقيلة والخفيفة من بينها مضادات الطائرات والمدافع خلال الثلاثة أعوام الماضية.

وإن هناك علاقة واضحة بين قائد ميليشيا الجنجويد (حميدتي) بالسعودية والإمارات العربية المتحدة وتعمل قوات مليشيات الجنجويد (الدعم السريع) جنبا إلى جنب مع مناطق تواجد القوات الإماراتية داخل اليمن وبتمويل مباشر من أبوظبي والرياض وهي قوات لم تتأثر في ظل الأزمات الاقتصادية التي تمر بها السودان من الناحية المالية وأيضاً ظل قائدها محمد حمدان دقلو (حميدتي) حليفا لدول الاتحاد الأوروبي والتي تعمل على وقف تهريب البشر الهجرة (غير الشرعية)، وفي العام 2019 تشكلت قوات الجنجويد لحظة إسقاط الرئيس عمر البشير نقطة تحول مفصلية في مسيرة تاريخ مليشيات الجنجويد وتوكلت إليه مهام تلك المليشيات من قبل المجلس العسكري الانتقالي تأمين العاصمة السودانية الخرطوم ونشرت عشرات السيارات الدفع الرباعي بالخرطوم عند المداخل والانفاق والجسور الرابطة بين مدن الخرطوم أمدرمان الخرطوم بحري والعاصمة الخرطوم وتأمين هيئة الإذاعة والتلفزيون السودان وهذه المهامات كانت تحت تأمين الجيش السوداني سابقا، والمعضلة أنها كانت هناك خوف من حدوث إنقسام في أوساط الجيش السوداني، وهي خطة المؤتمر الوطني والاخوان المسلمون وأتباعه، وأصبح حميدتي قائد ميليشيا (الجنجويد) وحجم الرجل عمره 43 عاماً وأصغر جنرال يرقي إلي رتبة فريق أول في تاريخ الجيش السوداني (في السودان أن تقاتل مواطنين أبرياء وتقوم بنهب وحرق القري وتدمير البنية التحتية وترويع المواطنين وأنه يشرف علي مليشيات الجنجويد التي تمارس الاغتصاب والانتهاكات الخطيرة ضد المدنيين، وجاءت ترقيته إلي أعلي رتبة من الانتهاكات الذي ارتكبها ضد المواطنين)، وكانت وراءها كل ترقيات قادة مليشيات الجنجويد نتيجة قتل المدنيين والنهب االاغتصابات الفردية والجماعية وحرق القري وكل هذه الترقيات اوالرتب العليا جاءت بواسطة القتل والتشريد وتدمير أبناء الشعب السوداني.

وقبل شهر أعلن قائد قوات ميليشيا الجنجويد (الدعم السريع) بزيارة إلي ولايات دارفور وبالأخص ولاية غرب دارفور الجنينة وأن يقوم بمصالحات بين قبائل الولاية المختلفة والوقف من حدة التوتر والأحداث المئلمة التي ارتكبت مليشياتها ضد القبائل الأفريقية في الولاية وهو الذي قام بتمزيق النسيج الاجتماعي واليوم ما يقوم به يعتبر خدعة أنه يتبرع عن كل ماحصل من أحداث ولاية غرب دارفور، وأن يدفع مبالغ مالية الإدارات الأهلية بغرب دارفور وبالرغم أن الإدارات الأهلية يتم بيعهم بسوق النخاسة وطوال فترة الإدارات الأهلية في السودان كانوا يبيعوا الأراضي إلي المستوطنين الجدد وهي جزء كبير من الأزمة في السودان تمثله الإدارات الأهلية، حميدتي يريد أن يعرف كثير ما في داخل الولاية وبعدها أن يقوم بمليشياتها الجنجويد بالهجوم علي منطقة جبل مون وهي سيناريوهات محتملة طبق ما فعله مع قوات الروسية المرتزقة والافراد المسلحين في التعامل معها باستخراج الذهب والموارد الطبيعية الأخري، ولكن أحداث جبل مون بولاية غرب دارفور الجنينة غيرت موازين القوى والسبب أن بعض قبائل الولاية قاتلت مع مليشيات الجنجويد خلال العقدين الماضيين وأن موازين القوى غيرت توجهاتهم والتفت حول القبائل الأفريقية التي كانت تقاتله، وأن يجري المصالحات بين قبائل العربية والإفريقية لأن قائد المليشيا حميدتي يشعر بتهديد مستقبل الجنجويد في السودان ودارفور ومن الناحية الأخري يريد أن يسيطر علي جبل مون بوضع تمركزات قوات الدعم السريع ومحاولة محاصرة الثوار المتواجدين بجبل مون والسيطرة عليها كما فعل بجبل عامر بولاية شمال دارفور.

ولعل الأمر للأحداث التي جرت بمنطقة كوري بقودي بجمهورية تشاد الجارة بين القبائل العربية والإفريقية وادي ذلك بقتل العشرات بين الطرفين ونتجت ذلك إخلاء المنطقة من عمال التعدين وقفل الحدود السودانية التشادية، وعادة القبائل العربية عندما يقومون بالهجوم يجتمعون من كل بقاع إقليم دارفور كردفان ودول الساحل والصحراء الأفريقي ويناصرون مع بعضهم البعض طوال عشرات السنين، وبالتالي أحداث جبل مون وكوري بقودي بتشاد نتج عن قطع الطريق أمام الجنجويد بين دارفور ودول الساحل والصحراء الأفريقي وجولة محمد حمدان دقلو حميدتي ذهب إلي الجنينة لإرضاء زعماء الادارة الأهلية بالولاية وفتح الطريق أمام حركة المرور بين السودان وتشاد، ولكن الأحداث الأخيرة نتج عنها توحيد القبائل الأفريقية حول هدف واحد، وزيارة حميدتي يوصف بالمثل السوداني (التسوي بييدك تغلب اجاوييدك) ويشعر قائد ميليشيا الجنجويد بتعثر تنفيذ مشروع التجمع العربي بدارفور جبال النوبة والنيل الأزرق ودول الساحل والصحراء الأفريقي، وكانت المواجهات الدامية بين عمال الذهب في تشاد شمال البلاد وأسفر عنه عدد من القتلي والجرحى ووقعت الاشتباكات في كوري بقودي قرب الحدود الليبية وهي منطقة صحراوية، وشاركت عناصر مليشيات الجنجويد وكانوا يتمركزون كمليشيات وعمال المناجم في منطقة كوري بقودي بتشاد، وشاركوا مليشيات الجنجويد في عدة معارك بتشاد إلي جانب المتمردين التشاديين كحركة التغيير والوفاق في معركة إقليم كانم بمنطقة ماو وقتل فيها الرئيس إدريس دبي وهذه المليشيات ساعدت قوات التمرد، وبالتالي إخلاء منطقة كوري بقودي من عمال المناجم والتعدين وأيضاً مليشيات الجنجويد التي تريد أن تكون لهم مركز او معقل لهم بقيام وبتدبير عمليات عسكرية في السودان وداخل تشاد وإخلاءهم من هذه المنطقة قد يساعد الجيش التشادي بضبط جماعات التهريب والمجرمين والاستعادة بالأمن والاستقرار في المنطقة وتشاد بصورة عامة.

والسيناريو الأسوأ الذي يخطط لها قادة مليشيات الجنجويد وإعادة تسليح هذه المليشيات بالأسلحة الجديدة المتطورة الثقيلة والخفيفة وتدريب عناصر مليشيات الجنجويد علي ركوب الدراجات النارية والخيول والعربات الدفع الرباعي التي يستخدمها مليشيات الجنجويد بالهجوم على المدنيين طوال الحرب في دارفور هو مخطط مدبر بالهجوم علي المدنيين في إقليم دارفور ويقود هذا التسليح الخطير الذي تمر به البلاد قائد قوات مليشيات الجنجويد الذي تفرغ للعمل بدارفور لمدة ثلاثة شهور، وأنه يتفرغ المصالحات بين القبائل في غرب دارفور الجنينة وتعتبر أكبر أكذوبة وخدعة قد يلعب قائد المليشيات بالادارات الأهلية بالرغم من أن هذه الإدارات الأهلية هي إمتداد لعناصر النظام البائد وأن هناك ليس جديد وهي نفس السيناريوهات النظام السابق وتم توريث اليوم من قبل حميدتي وتمثل مساومات وخطط شريرة ضد المجتمعات المستقرة بالتعاون مع الإدارات الأهلية المزيفة وما يقوم به قائد ميليشيات الجنجويد ومن معه من عناصر النظام السابق بتهجير المواطنين في إقليم دارفور ولعل الأمر أن إقليم دارفور تمر بمرحلة خطيرة من السئ إلي الأسوأ.

مقالات ذات صلة

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments
زر الذهاب إلى الأعلى
0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x