مقالات الرأي

لماذا تدابير الأمم المتحدة ؟انهيار أجهزة الدولة السودانية (٥)


بقلم: الصادق علي حسن

سودانيون مدركون لمآلات الأوضاع والأمور المؤسفة بالبلاد وحالة التشظي ، أرسلوا لكاتب هذه المقالات عدة رسائل تتضمن أسئلة واستفسارات حول ما يمكن عمله حتى لا تنهار البلاد وتدخل مرحلة الحروبات الأهلية، وقد انهارت أجهزة إدارة الدولة كما تم تدمير البنية التحتية والاقتصادية والمرافق العامة وتشريد المواطنين ، ومن الأسئلة والاستفسارات من الذي يجوز له التقدم بالطلبات للأمم المتحدة لإعمال سلطاتها لوضع السودان تحت الوصاية او البند السابع واي وسائل او تدابير أخرى متاحة .بالنسبة لنظام الوصاية الدولي فان دولة السودان لا تنطبق عليها أحكام الوصاية، فالسودان دولة مستقلة وعضوة في الأمم المتحدة ، والوصاية عملية اختيارية تتطلب وجود دولة أخرى تباشر إدارة اقليم مشمولا بالوصاية وتوقع معها اتفاقيات فردية ، أما تدابير البند السابع الواردة بالفصل السابع من الميثاق المواد (٣٩ إلى ٥١ ) فإن تدابير الفصل السابع تصل إلى تشكيل لجنة أركان حرب و أستخدام القوة العسكرية في التدخل المادة ٤٧ من الميثاق، كاتب هذا المقال تناول في المقالين السابقين “٣و٤” المادتين (٤١ و٤٢) من الميثاق ورؤيته ان المادتان المذكورتان تلائمان متطلبات أوضاع السودان وليست المادة ٤٧ المتعلقة بتشكيل لجنة أركان الحرب، الأوضاع في السودان تتطلب تدابير عزل الطرفين المتحاربين تماما ومنع وصول الأسلحة إليهما وتدابير متعلقة بمنع الدول الضالعة في التسليح وعلى رأسها دولة الإمارات والإستفادة من تجربة اليوناميد ومنح قوة الحماية التفويض اللازم لحماية المدنيين في كل أنحاء البلاد . أحكام المادتان (٤١ و٤٢) تستدعي وجود أجهزة لإدارة الدولة وتقوم قوات الأمم المتحدة العسكرية بمباشرة مهامها في ظل وجود أجهزة وطنية تقوم بإدارة البلاد، وهنالك تجربة اليوناميد في دارفور، ولكن المؤسف حقا لا توجد قوى مدنية أوحزبية متوافقة لتدير البلاد ،لذلك بالضرورة البحث في وسائل التنسيق والتوافق على قوى مدنية لتضطلع بمسؤولية إدارة الدولة وتفادي الأخطاء الكارثية التي وقعت فيها قوى الحرية والتغيير عقب نجاح ثورة ديسمبر المجيدة والتي انتهت بخيبة مشروع الإطاري. وما لم يتم التوافق على الحد الأدني بين كل المكونات المدنية فان طلب الاستعانة بالأمم المتحدة قد لا يكون له اي معنى فالغرض من دور الأمم المتحدة ان تساعد الأمم المتحدة القوى المدنية السودانية في عملية استعادة الحياة الدستورية للبلاد وذلك يتطلب الإتفاق بين السودانيين على اعتبار ان فترة النظام البائد منذ إنقلاب ٣٠ يونيو ١٩٨٩ وحتى فترة الوثيقة الدستورية المعيبة عبارة عن فترة انقطاع دستوري وخروجا عن المسار الصحيح للبناء الدستوري السليم وإلا فلن تبرح البلاد ازماتها المستفحلة .

  • إبلاغ الأمين العام للأمم المتحدة :
    الدول الأعضاء بمجلس الأمن الدولي خاصة الدول الدائمة العضوية لديها المعلومات الكافية بأوضاع كل دول العالم، وتخضع نتائج أعمال مجلس الأمن الدولي لموازنات بين الدول الدائمة العضوية كما وقد يتعذر بينها في الغالب التوافق على مصالح الشعوب وهي تسعى لتغليب اجنداتها، ولكن في كل الأحوال على الشعوب ان تخاطب قضاياها وأزماتها بكل الوسائل المتاحة وعلى رأسها الأمم المتحدة، والمثل الشعبي السوداني يحرض على عدم اليأس ويقول (المودر بفتش في خشم البقرة) . ان من وسائل مخاطبة مؤسسات الأمم المتحدة الإبلاغ ، ومن مهام الأمين العام للأمم المتحدة بوصفه الموظف الإداري الكبير بالأمم المتحدة بموجب احكام المادة ٩٩ من الميثاق تبليغ مجلس الأمن الدولي بأي حالة تهديد للأمن والسلم الدوليين .في اجتماع وفد هيئة محامي دارفور بالأمين العام للأمم المتحدة انطونيو غويتريش برئاسة رئيس الهيئة الأستاذ صالح محمود أخذ الوفد علما من الأمين العام للأمم المتحدة بان اتفاق سلام جوبا من أسباب الأزمة كما وأظهر قناعاته بعدم جدوى المنابر الحالية وعلى رأسها منبر جدة والرباعية والثلاثية كما ويرى الأمين العام بان على المجتمع المدني السوداني ان يضطلع بمسؤولياته وهو المعني في الأساس وان لا ينتظر الحلول لتأتيه من خارجه، كما وأبدى استعداده التام للتعاون وتبني رؤية المجتمع المدني السوداني متى توافق المجتمع المدني السوداني وقدم له مقترحات بالحلول.
  • من الرسائل والتعليقات الهامة التي وصلت لكاتب المقال رسالة من الخبير القانوني مولانا عبد الحميد أحمد أمين وقد جاءت في رسالته المنقولة بالنص الآتي (للأسف الشديد أنا قد أختلف شيئاً ما في مسألة الانهيار التام لأجهزة الدولة السودانية مما يجعل المادة (٤١) المعيبة صياغة بحسب أنها _ تستبعد الجهة أو الجهات التي تتضافر جهودها بالتضامن أو الانفراد بدون اية قيود إجرائية قانونية . هذا من ناحية ،أما الأدهى والأمر فهو النص الوارد في المادة (٤٢) ، وهي أكثر عيبا وأشد قصورا ، وذلك في إطلاق يد الأمم المتحدة بنص يرفع درجات الخراب ومحو البلاد أو الأماكن بأسوأ مما تقوم به أية جهة دون اعتبار لشعوب تلك الأراضي والأماكن والجهات وكأنهم لا شيء أبدأ وبمختلف أسلحة أوجه الدمار بلا أية قيود .
    لابد من تصحيح هكذا تصرف من أذهان وصلاحيات جهات أممية من أوجب واجباتها احترام الشعوب وانسانيتها ومقدرا تها وما وهبها الله لها ابتداءً .
    لذلك فإنني لا أرى أن تدابير الأمم المتحدة بموجب المادتين (٤١/٤٢) ، وبما أرى في صياغتها الراهنة من عيوب إغفال إيراد النصوص الصحيحة اللازمة _ (وآمل ألا تكون متعمدة) ، فهي بهذه الحالة تكون حتما هي الآلية غير المناسبة لوقف الحرب والدمار . وذلك أيضا من حيث لو تم تنفيذ الوارد بالمادة من سماح بالخراب التام لكل قائم من نفس وعين ومال ، وترك البلاد جرداء قاحلة مهيأة لاستبدال ما فيها وعليها من كائن بما سيكون من ما يريدون .
    اقتراحي هو ان يستمر الاجتهاد في الضغط الشعبي جنبا إلى جنب مع المجهودات الإقليمية والدولية وذلك لإجراء التسويات والمصالحات والاتفاقيات من أجل الوقف الدائم للحرب وبدء تعمير الأنفس وإعمار الأرض واقتحام المستقبل بنفوس راضية مطمئنة ورؤوس شامخة ، وبعزم لا يلين ، فقطعا إننا ذاهبون : (إلى حيث ألقت رحلها أم قشعم).
  • إن ميثاق الأمم المتحدة الذي صدر في ٢٦ يونيو عام ١٩٤٥م تطورا لعصبة الأمم المتحدة، وقد نشأت الأمم المتحدة عقب انتصار تحالف دول الحلفاء على دول المحور في الحرب العالمية الثانية، ووضع الميثاق بعقلية الدول المتحالفة المنتصرة في الحرب العالمية الثانية على الدول المهزومة، كما وصار الميثاق مرجعية نظم الدول والشعوب حتى الآن، لذلك ومع المآخذ على الميثاق فهو ذلك الإطار الذي من خلال يتم إدارة دول العالم حاليا – نواصل.

مقالات ذات صلة

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments
زر الذهاب إلى الأعلى
0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x