مقالات الرأي

دكتور محمد جلال هاشم شخصية لا تعرف اليأس(لا بأس عليك)


بقلم: الصادق علي حسن

من مزايا العمل العام انه يجمع بين الناس ولا يُفرق بينهم مهما تباينت وجهات نظرهم أو تنظيماتهم السياسية أو الحزبية أو الجهوية، والعمل العام نافذة مضيئة، يجمع الوطن بكل مكوناته في بوتقة وأحدة ومن خلاله يساهم كل بحسب تخصصه وامكانياته طالما ظلت القضايا والهموم العامة تستهدف في الأساس المصلحة العامة ، العمل العام يجمع أشخاص من خلفيات متعددة ومتنوعة يعملون في خدمة مجتمعاتهم العامةولكل وسيلته ومهنته وتنظيمه الذي يثري به العمل العام وفي ذلك المثل الحكيم القائل إختلاف الرأي لا يفسد للود قضية ، من بين من التقيتهم في العمل العام هنالك شخصيات ظلت متمسكة بمواقفها بمبدئية صارمة لدرجة التشدد ومن أولئك الدكتور محمد جلال هاشم ، د محمد جلال بخلاف انه من قلة ممن كتبوا في الإصدارات الصحفية وله الكتب المقروءة ، نافح بالقول في الورش والمنتديات والندوات حول مناصرة قضايا الهامش ، ولقناعته وإيمانه التام بهذه القضايا تجده لا يقبل بأنصاف الحلول ، والرجل بحر من العلوم نهل من معارفه الطلاب في المراحل المتعددة بالمعاهد والجامعات في مجال تخصصه وفي اللغة الإنجليزية وتاريخ السودان القديم ، باحثا مدققا لا يطلق الحديث على عواهنه ، في عدة مرات اتصل بي ليتأكد اثناء تنقيبه من صحة أسماء مناطق في دارفور او من معلومة وردت إليه وإذا لم يتأكد من شئ ويدقق فيه لا يستند إليه ، لقد كان يمكنه ان يتخير الحياة السهلة كحملة الشهادات الأكاديمية الرفيعة ويهاجر ، أو يتولى الوظائف الرفيعة بالدولة إذا سار في دربها ، ولكنه ظل كعهده، غايته هموم وقضايا الإنسان المهمل ببلاده والذي يطلق عليه إنسان الهامش وذلك بكل أنحاء السودان ،بالجنوب قبل الإنفصال الجغرافي قبل الشمال وفي دارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق والمناصير وكجبار ، وكم حزنت الأيام الماضية حينما سمعت لأصوات باهتة لا تعرف من هو د محمد جلال هاشم وتحاول ان تخرج موقفه المعروف من الدعم السريع عن سياقه الصحيح لربطه بالتشوهات الجهوية التي تعشعش في أذهان عديمي البصيرة ممن وجدوا في هذه الحرب مدخلا لاثارة المزيد من الإنقسامات الجهوية والمجتمعية ، لقد ظلت مواقف د محمد جلال عن النظام البائد ودعمه السريع تتجدد بذات الحيثيات الدامغة (العسكر للثكنات والدعم السريع ينحل) .
صوت قوى الهامش ورائد تنظيمها :
في ظل سطوة النظام البائد تم تكوين منبر السودان وجنوب السودان وكان ذلك المنبر ينشط في اثيوبيا ومنسقه العام ومن اطلق شراراته الأستاذ عبد الباقي جبريل مدير مركز دارفور للعون والتوثيق بجنيف ومن خلال ذلك المنبر كان الدكتور محمد جلال هاشم من أكثر المشاركين إبانه حول قضايا الهامش السوداني بين فعاليات المنظمات المنظمة للفعاليات المصاحبة لفعاليات الإتحاد الأفريقي بأديس وقد كان الوصول إلى اديس ابابا في ظروف أمنية صعبة وكنت اتابع سفر المشاركين من الخرطوم وما يلاقونه من عنت ومشاق، لقد تطور ذلك المنبر ليضم مشاركات من جنوب السودان من أمثال لوكا بيونق ومن واشنطن عمر قمر الدين ومن داخل السودان حامد علي وحافظ اسماعيل وسيد عكاشة وجريس واعدادا من الزملاء من قيادات هيئة محامي دارفور على راسهم مولانا الدومة كما شارك في بعض فعاليات المنبر الذي استمر لسنوات الأستاذان المغفور لهما بإذن الله تعالى فاروق ابوعيسى وأمين مكي مدني وتمكن ذلك المنبر من إيصال الإنتهاكات الجسيمة التي ظلت تقع على إنسان دارفور وجبال النوبة والنيل الأزرق إلى منابر ومحافل حقوق الإنسان .
رائد تأسيس تجمع لقضايا الهامش السوداني والحركات المطلبية :
أول من فكر في تنظيم تجمع لتعزيز مطالب قوى الهامش السوداني كان هو دكتور محمد جلال هاشم ، وقد كان د محمد جلال يقوم بتنظيم منتديات لمناقشة قضايا الهامش في نادي بوهين بالخرطوم جنوب ويدعو الكيانات والأشخاص من جنوب السودان وجبال النوبة والنيل الأزرق ودارفور والشرق والشمال ومن خلال المنتديات التي كان ينظمها تمت بلورة خطط لدعم مطالب المنطقتين ودارفور وكجبار والمناصير ونبعت الفكرة منه لتنظيم الأجسام المطلبية التي أشتركت الهيئة وكيانات أخرى عند تأسيسها ، وكان قد نما إلى علم القيادي بالنظام البائد عبد الرحيم محمد حسين عن هذا التجمع الذي ينشط من داخل نادي بوهين فوجه تحذيرات لإدارة نادي بوهين وتهديدا باغلاقه ، وقد ابلغ ذلك التحذير الجاد للأستاذ سيد عكاشة والذي كان المعني بترتب الإجتماعات وإدارة مناشط نادي بوهين .
إستقطاب الدعم للمناطق المنكوبة:
ما ان يسمع د محمد جلال هاشم بمنطقة نكبت من مناطق الإهمال الحكومي (الهامش) إلا وتجده قد سارع لعمل ما يجب عمله من عون، وحينما حدث إنجراف أرضي بمنطقة تربا بجبل مرة وسقط العشرات هب د محمد جلال هاشم والمرحوم سيد أبو جيب (من بارا نسأل الله تعالى له المغفرة والرحمة) وجموع من الأفاضل لنجدة وتقديم العون للمتأثرين بالإنجراف وتم اختيار د محمد جلال بأجماع الحضور رئيسا للجنة المبادرة ولكن النظام وأمن صلاح قوش اعتبر ذلك العمل الإنساني من قبيل الغطاء لتسهيل إيصال المواد للمناطق الخاضعة لنفوذ حركة تحرير السودان التي يقودها الأستاذ عبد الواحد محمد نور وقام النظام بأعاقة المبادرة ولم تأت بنتائجها المرجوة.
كوش ومساندة الكفاح :
في عنفوان نظام البشير اتصل بي الصديق د محمد جلال هاشم وطلب ان التقيه لأمر هام والتقيته في أمدرمان وفي اللقاء نقل لي بان العديد من منسوبي كوش نقلوا له رغبتهم في اللحاق بالكفاح المسلح مع اخوتهم في دارفور ولم أكن املك الرد وما لم اتمكن من قوله للدكتور محمد جلال وقتذاك ويوما ما إنشاء الله تعالى ساقوله له أو ساكتب عنه ، ما يجدر ذكره هنا، لقد كان شباب كوش يؤمنون بالحقوق المشروعة والعادلة لمطالب قوى الكفاح المسلح بدارفور وكل مناطق السودان لدرجة رغبتهم الجادة في الإنضمام والكفاح مع أبناء دارفور وهذا ما لا يدركه الذين يناضلون في الكيبورد ويتخذون من موقف د محمد جلال هاشم تجاه الدعم السريع منصة لنقده ، فحينما كان الدكتور محمد جلال هاشم يناهض النظام وصنيعته حميدتي بالخرطوم علنا ويتعرض للإعتقالات والملاحقات الأمنية ما كان هنالك من يمتلك الجراءة على فعل ذلك داخل البلاد إلا القليل .
شباب الثورة أولويات د محمد جلال:
كان الدكتور محمد جلال هاشم ممن الهبوا شباب الثورة بكتاباته ومخاطباته الجريئة في الندوات، وكان يحرص على تقديم كل ما في يده ووقته لشباب الثورة ، اتصل بي ذات مرة مساءٓٓ وعلم مني بانني في معية د مصطفى والأستاذتان نفيسة وسعاد في طريقنا إلى الدروشاب لمقابلة أسرة بشأن ابنتها من شابات الثورة وتم اعتقالها وفتحت في مواجهتها بلاغ جنائي بمواد الجرائم ضد الدولة ، وتحرك على الفور معنا إلى الدروشاب وكانت الأسرة من منطقة حفير مشو بالشمالية وتم الإفراج عن الشابة بالضمان وضمنها د مصطفى وبذلا مع دكتور مصطفى كل المحاولات لأقناع والدة الفتاة بما تقوم بها ابنتها من دور عظيم تجاه المجتمع كما قدما للفتاة النصائح الأبوية بضرورة مراعاة مخاوف الأسرة والأم وخرجنا في منتصف الليل .
من أمثال د محمد جلال هاشم ود مصطفي ذلك الرجل النبيل الذي ظل يقوم بتقديم الضمان لكل شباب قوى الثورة من دون أن يعرفهم ويأتي عقب كل مسيرة في الساعات الأولى من الصباح لتقديم الضمان للمقبوضين من النماذج النادرة في بلاد ابتليت بنخب كل همها البحث عن السلطة .
في شدة معاناة د محمد جلال هاشم كتب عن إصابته ولسانه يلهج بالشكر لمن قاموا بالواجب تجاه وهو الذي قدم لهذه البلاد ما قدمه من عطاء مستمر حتى تم بتر ساقه من جراء الإصابة بمقذوف وهو داخل مدينة الخرطوم بحي الكلاكلة ونقل منه إلى مدني ثم سنار للعلاج ، لا شك ان بتر الساق لا يعيق مثل د محمد جلال هاشم بل يزيده اصرارا في المضي قدما والإستماتة من أجل القضايا التي يؤمن بها، وكم سعدت حينما علمت بان الأخ والصديق المشترك حافظ إسماعيل قد بدأ في التواصل مع اصدقائه في هذا الظرف الطارئ للدكتور محمد جلال والذي لن يزيده إلا قوة وعزيمة ، ونسأل الله تعالى لك الشفاء التام .ولكل اصدقائه واجب التواصل معه .
د محمد جلال هاشم لا بأس عليك .

ماضون معك ما ظللنا أحياء

العسكر للثكنات والدعم السريع ينحل

مقالات ذات صلة

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments
زر الذهاب إلى الأعلى
0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x