مقالات الرأي

ذاكرة الحرب…!!

بقلم: محمد عبد الرحمن الناير (بوتشر)

إن ما يعيشه أهلنا في ولاية الخرطوم من خوف وهلع وتشرد وعدم طمأنينة وأمان، وما يتساقط على رؤوسهم ومنازلهم من صواريخ وقذائف، وما يشاهدونه من دمار في المرافق العامة وقتلي في الطرقات والساحات، وما يعانونه من نقص في الغذاء والدواء والخدمات الضرورية، وما يقلق مضاجعهم من حذر وترقب وخوف من المجهول، كل ذلك وأكثر قد عايشه أهلنا في جنوب السودان منذ عام 1955 حتى 2005 عدا عشرة سنوات صمت فيها صوت الرصاص بعد توقيع إتفاقية أديس أبابا 1972, وعايشه أهلنا في جبال النوبة/ جنوب كردفان والنيل الأزرق منذ أواخر الثمانينيات حتى توقيع إتفاقية نيفاشا ومن ثم تجدد الصراع الدامي مرة أخري في العام 2011، وعايشه أهلنا في دارفور عند إندلاع حرب الإبادة الجماعية والتطهير العرقي في عام 2002 ولا يزال الإقليم المنكوب يكتوي بنيران الحروب والصراعات ، وكذلك عايشه أهلنا في شرق السودان في التسعينيات حتى توقيع إتفاقية أسمرا 2006، وهذا لا يعني أن أهلنا في بقية أنحاء السودان لم يدفعوا ثمن هذه الحروب الصفوية وإن كان مسرحها بعيداً عنهم، فالصرف على الحروبات أثقل كاهل الخزينة العامة للدولة، وانعكس ذلك على الإقتصاد والخدمات والضغط السكاني على المدن بفعل حركة النزوح والتشرد من مناطق النزاعات.
إن الحرب الحالية قد أشعل أوارها الأطماع السياسية والأنانية الحزبية وركوب ظهر الأجهزة العسكرية للوصول للسلطة، وبعد أن كانوا يلوحون بها، فقد خرجت الأمور عن السيطرة واشتعلت الحرب في قلب العاصمة الخرطوم وساكنيها الذين أغلبهم لم يروا الحرب وأهوالها من قبل إلا عبر شاشات التلفزيونات وبرنامج الموت “ساحات الفداء”.

إن الحرب هي الحرب بكل محنها ومصائبها وأهوالها وفظائعها، وتكون الحروبات أكثر كارثية عندما يكون من يديرون دفتها مجردين من الرحمة والإنسانية والوطنية، وحينها يصبح المواطن الأعزل هو الهدف والضحية لجحيم نيرانهم…!!

إن إيقاف هذه الحرب العبثية فوراً وفتح الطرق والممرات الإنسانية وتحييد المرافق العامة ومنع تحليق الطيران الحربي هو المطلب الرئيس والآني، ومن ثم التفكير الجاد في تحقيق سلام عادل وشامل ومستدام بأيادي سودانية (حوار سوداني سوداني) بدعم إقليمي ودولي، ومخاطبة جذور الأزمة التأريخية ومسببات الحرب وعدم الإستقرار السياسي ، بعيداً عن تجريب المجرب من الإتفاقيات والتسويات الصفوية التي فاقمت من الأزمة وضيعت كل فرص الحلول السلمية والشاملة حتى أوصلت بلادنا إلى عتبة الحرب الأهلية، إذا كنا فعلاً نتحدث عن مستقبل أفضل للسودان، ونطوي صفحة الدماء والدموع والأشلاء والتشرد، أما إذا عادت (ريمة لقديما) يجوز لنا أن نرفع الأكف ترحماً على روح وطن كان يسمي السودان…!!

#كسرة:
لا يظن أحداً أن ثورة ديسمبر المجيدة وأهدافها المعمدة بدماء الشهداء قد عفي عليها الزمن أو تجاوزتها الأحداث، بل بات تحقيق أهداف الثورة ومطالبها فرض عين على كل سوداني/ة قلبه على السودان ومستقبل أجياله، فبدون تحقيق هذه الأهداف كاملة لن يكون هنالك سودان، وعلى أفضل الفروض سيتحول السودان إلى دولة ممزقة ومحتربة ومحترقة أسوأ من النموذج الصومالي والسوري واليمني والليبي…!!

#كسرة_أخيرة:

إذا تمادى المتحاربون في حربهم العبثية، وتمسكوا بوجوب إنتصار طرف على الآخر ولم يعيروا إهتماماً للمناشدات المحلية والإقليمية والدولية، فإن (المتأهل منهم في هذا الماراثون حتماً سيقابل الشفاتة والكنداكات والشعب الأغبش في المباراة النهائية لمعركة الكرامة الوطنية) وحينها لن ينفع سلاح الطائرات والمدافع والرشاشات، لجهة أن إرادة الشعوب لا تقهرها كافة أسلحة العالم مهما كانت درجة فتكها وقدرتها التدميرية، فالشعوب لا تموت…!!

#أوقفوا_الحرب_العبثية
#المجد_للسودان

3 مايو 2023م

مقالات ذات صلة

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments
زر الذهاب إلى الأعلى
0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x