مقالات الرأي

رؤية الحزب الشيوعي النقدية لمخرجات مؤتمر ايوا للسلام والديمقراطية ٢٠- ٢٣ اكتوبر ٢٠٢٣م (٧)


بقلم: الصادق علي حسن

استقلال السودان من داخل البرلمان لم يكن مجرد عملية إجرائية تمت من خلال مقترح قدمه النائب الشيخ عبد الرحمن دبكة نائب دائرة بقارة غرب بجنوب دارفور وتثنية من النائب الشيخ جمعة سهل من كردفان كما الراسخ في اذهان العوام من السودانيين والنخب السودانية المتعاقبة والمدونات الرسمية ، وإنما اعلان استقلال السودان هو جزءًا من عملية إجرائية طويلة ظلت مستمرة بلا انقطاع منذ ان وعدت المملكة المتحدة الشعوب الخاضعة للإمبراطورية العثمانية بتقرير مصائرها مقابل وقوفها مع دول الحلفاء في حربها في مواجهة دول المحور ، وكان من ضمن الذين وقفوا وقاتلوا مع الحلفاء في مواجهة دول المحور الجنود السودانيين الذين كانوا يعملون جنودا للحكم الثنائي ، وعقب نهاية الحرب وقيام الحلفاء بالتصرف في ممتلكات الإمبراطورية العثمانية والمانيا ومن ضمنها أراضي السودان،من الأعمال التراكمية في مطالبة السودانيين للمستعمر الإنجليزي تم تكوين المجلس الإستشاري لشمال السودان ولم يجد السودانيون ان المجلس الإستشاري لشمال السودان سيحقق لهم الإستقلال واستقال البعض منهم وابرزهم محمد احمد محجوب، وفي فبراير ١٩٥٣م قام الحاكم العام السير روبرت جورج هاو بتشكيل لجنة دولية برئاسة القاضي استانلي لوضع تصور بكيفية تقرير مصير السودان ووضعت لجنة استانلي والتي استقال أيضا منها محمد احمد محجوب ووصفها احمد يوسف هاشم بان الحاكم العام للسودان جورج هاو يرغب في تنصيب نفسه حاكما مطلقا للبلاد، ولكن وضح لاحقا ان لجنة استانلي وضعت الأساس السليم ليمارس السودانيين الحكم الذاتي وتقرير مصيرهم من خلال اجهزة منتخبة يقومون بانفسهم بانتخابها، قام النواب المنتخبون من اقاليم السودان بممارسة التشريع ووضع الأساس للحكم الذاتي واستقلال السودان وتمت إجازة القواعد التأسيسية أربع منها في ١٩/ ١٢/ ١٩٥٥م ، والخامسة في ٣١/ ١٢/ ١٩٥٥م ، وبذلك تحققت عملية الإستقلال، وكان قد تم التوافق مع نواب جنوب السودان بالبرلمان على التصويت للإستقلال وقد حصل جنوب السودان على استحقاق الفيدرالية ، كما صوت نواب دارفور للاستقلال وقام الشيخ عبد الرحمن دبكة من جنوب دارفور بتلاوة مقترح استقلال السودان وتثنية المقترح بواسطة الشيخ جمعة سهل من كردفان وذلك بعد التوافق على صيغة المقترح والتثنية بواسطة لجنة من البرلمان تمثل مكوناته. وبتقديم المقترح بواسطة الشيخ عبد الرحمن دبكة بمثابة الرد على الحراك الذي كان قام به مفتش مركز نيالا الإنجليزي وسط نواب جنوب دارفور بمنطقة دماية غربي مدينة نيالا وذلك بدعوتهم للمطالبة من داخل البرلمان بإرجاء إعلان استقلال السودان وإلى حين حصولهم على التأهيل الذي يؤهلهم للمشاركة في إدارة الدولة السودانية اسوة بزملائهم في شمال السودان، ولكن بريطانيا كانت قد حزمت أمرها وحينما استقال حاكم عام السودان السير ( Alexandder Knok Helm ) في ١٢ أغسطس ١٩٥٥م اعلنت بريطانيا عدم رغبتها في تعيين حاكم عام جديد لإفساح المجال لإعلان استقلال السودان في خلال القيد الزمني للبرلمان المنتخب ديمقراطيا من كل اقاليم السودان .
من الأخطاء الفادحة المرتكبة ان برلمان ١٩٥٣ تم انتخابه لممارسة الحكم الذاتي في ظل الإستعمار والتقرير في مصير البلاد، لقد تمت ممارسة الحكم الذاتي في ظل الإستعمار كما وتم إعلان استقلال السودان من داخل البرلمان ، وكان الإجراء السليم ان تنتقل البلاد إلى مرحلة تنظيم إنتخابات عامة لإنتخاب جمعية تأسيسية من كافة اقاليم السودان لوضع وإجازة الدستور الدائم للبلاد ولكن من الأخطاء الفادحة ايضا بعد انقضاء البرلمان بوفاء أغراضه للدخول في مرحلة التأسيس، ظل البرلمان يمارس التشريع كما ويجمع بين مهام التشريع والتأسيس ، ثم دخلت البلاد في منازعات السلطة بين الأحزاب السياسية المتنافسة على الحكم، فإنقلاب وحكم ديكتاتوري وثورة شعبية ، فإنقلاب وحكم ديكتاتوري فثورة شعبية فإنقلاب وحكم ديكتاتوري وثورة شعبية وصولا لثورة ديسمبر المجيدة. وهكذا في وتيرة مستمرة.

مقالات ذات صلة

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments
زر الذهاب إلى الأعلى
0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x