مقالات الرأي

رسائل خاطئة صادرة أثناء الحرب من (ياسر العطا والتعايشي وعزت) (1)


بقلم: الصادق علي حسن

خلال هذه الحرب العبثية عجت وسائل التواصل برسائل ومقالات وتسجيلات فيديو ورسائل مكالمات صوتية ومقابلات ولقاءات بأجهزة الإعلام ، من ومع أفراد وشخصيات طبيعية وأعتبارية ، وجهت الرسائل للرأي العام لأغراض متعددة غالبيتها كانت لإبراز المواقف أو لتشكيل الآراء خاصة المناصرة لطرفي الحرب أوضدهما وضد الحرب أو لتوضيح الحقائق، ولم تترك شيئا ، لا شاردة ولا وأردة ، تناول المشاركون السودان وتكوينه ، سابقه ، وحاضره، ومستقبله، ونظم حكمه، وممارسات الأحزاب والجيش والنخب ودور المجتمع المدني والأهلي والمواطن كما لم يحدث من قبل ، ومن بين هذه الرسائل العامة رسائل فيديو مسجلة للفريق أول ياسر العطا مساعد القائد العام لقوات الشعب المسلحة وهو يخاطب أعوانه من داخل إحدى غرف الجيش وإدارة الحرب ، كما ومن الرسائل الموجهة للرأي العام مقالا مكتوبا أسهب كاتبه المستشار السياسي لقائد الدعم السريع الفريق أول محمد حمدان دقلو الأستاذ يوسف عزت ورسائل اخرى في مقال للأستاذ محمد حسن التعايشي القيادي بالحرية والتغيير الموقعة على الإتفاق الإطاري ، وماورد بهذه الرسائل الثلاث المذكورة لها أهميتها لأنها صدرت من شخصيات قريبة من أطراف الأزمة الثلاثة المؤثرة قصدت مخاطبة الرأي العام وتشكيل آراء دعمة لوجهات نظرها التي تتجاوز نطاقها الشخصي المحدود لتعبر عن وجهات نظر ومواقف الجهات التي تنتمي إليها أو تمثلها، وفي الرسائل مؤشرات وأضحة تصلح لتظهر مواقف الجيش والدعم السريع وقوى الحرية والتغيير الموقعة على الإتفاق الإطاري من الحرب والموقف من انهائها ، ما يجمع بين هذه الرسائل الثلاث في محتوياتها أنها بلا أسانيد وفقيرة المضامين ، ويمكن ان تأتي بردود على مستوى مخاطبة بعض العوام من غير المطلعين على قضايا البلاد بعمق ،وما أكثرهم، ولكنها لن تصلح لمخاطبة قضايا الحرب والسلام وإيقافها أو وإستعادة الدولة، كما وتكشف هذه الرسائل بان البلاد لا تزال تعاني من نادي النخب العسكرية والمدنية حتى في مرحلة بحجم مشكلات تهدد وجودها ،مما يفسر، لماذا ظلت البلاد في مربعها الأول منذ استقلالها وهي لم تبرح تصورات النخب وكراسي الحكم وأقرب ما تكون للسطحية، قياسا بالرأي العام المتقدم عليها في الرؤى والتفكير وفي ظروف وأوضاع تتطلب قراءات متكاملة وعميقة للأزمات التي تمر بها بالبلاد وإدارة الدولة .
بداية التوصيف الخاطئ :
الرسائل الواردة عن الثلاثة واقصد بذلك العطا والتعايشي وعزت تؤكد افتقارهم للرؤية العميقة المدركة لأزمة الدولة ، العطا ينفي امكانية حكم قبيلة للدولة ويتجاهل ان النظام البائد والحالي وعلى رأسه القائد العام للجيش في المرحلتين (البشير/ البرهان)، هو من سعى إلى استغلال رمزية القبيلة في إدارة الدولة وبالتالي صارت القبيلة حاضرة في مؤسسات الدولة السودانية العسكرية والسياسية مقابل اضعاف مؤسسات الدولة المدنية والجيش نفسه، وذلك بخلاف ما يحاول الفريق أول ياسر العطا ان يتجاهله وهنا مكمن الأزمة ، كما وفي ظل هذه الظروف والأوضاع المطلوب الخطط الإستراتيجية لإنهاء الحرب وإستعادة الدولة أولا، كما وليس من المنطقي أو الموضوعي اختزال قضية البلاد في ظل الحرب المستفحلة في القبلية والعشائرية والتي ظلت موجودة منذ نشأة الدولة السودانية والتغاضي عن مساهمة قيادة الدولة وعلى رأسها الجيش في صناعة قوات الدعم السريع وتخليها عن مسؤولياتها في حماية الدولة للدعم السريع ومجموعات قبلية، وقيام القائد العام السابق والحالي للجيش بتحويل مساهمات القبائل ودورها من نطاقهما المحدود إلى مشاركات سياسية وتنفيذية مرعية من جانب الدولة وفاعلة في كل اوجه وضروب العمل العام .
تحدث الفريق أول ياسر العطا وذكر في أحدث تسجيلاته بان السودان فيه خمسمائة وعشرين قبيلة، وإن مائتان قبيلة متساوية في القدرات والإمكانيات ولن تتمكن قبيلة وأحدة من حكم السودان وفاته ان يتحدث عن النظام الدستوري القائم منذ عام ١٩٥٦م ، والذي تأسست عليه الدولة السودانية وظل يخرقه الجيش في كل مرة بالشراكة مع المدنيين الطامحين في السلطة وبعض الأحزاب بالإنقلابات العسكرية كما حدث في قرارات البرهان في ٢٥/ ١٠/ ٢٠٢٣ وقد لا يكون هذا وقت أو سانحة تناوله ، ولكن كل هذه من الحقائق ومن المهم ذكرها طالما تناول الفريق ياسر العطا اسباب الحرب .
قوى الإطاري :
لا تزال قوى الحرية والتغيير الموقعة على الإتفاق الإطاري تعتقد بالإمكان العودة إلى مربع الإتفاق الإطاري ،كما ولا زالت تتصور بان قوات الدعم السريع ستحتفظ بذات تأثيرها ونفوذها وعبرها تتمكن من الوصول إلى السلطة ،كما وفي الجانب الآخر يعتقد ياسر العطا بان إدارة الدولة ستظل في قبضة الجيش الذي يقوده البرهان، أما مستشار الدعم السريع يوسف عزت فقد طرح إنهاء مشروع دولة ١٩٥٦، وهو لا يعرف عنه سوى إدارة الدولة بواسطة نخب المركز كما وضح من أحاديثه المتداولة، لقد كان عزت حتى في السنوات القلائل الماضية من ضمن عناصر حزب التحرير والعدالة الذي اسسه د التجاني السيسي وآخرين اثناء مفاوضات الدوحة ،كما وقد أتى من كندا ليلحق به بحثا عن السلطة بموجب الإتفاق المذكور ولم يقاتل أو يطالب أو يرفع شعار بمظلمة لدارفور أو غيرها مما يكشف انتهازية المثقف النخبوي:
إتفاقية قيلاني في المنضدة :
أطراف الأزمة المستفحلة لا تزال تقديراتها متواضعة ، قيادة الجيش والتي انشغلت بالإستثمارات وتركت زمام الأمور للدعم السريع حتى كشفت الحرب الدائرة أمرها ، قوات الدعم السريع التي لم تخسر المعارك البرية المحتدمة حتى الآن لا تدرك بانها خسرت نتائج الحرب حتى ولو لم تخسر المعارك وقد أقتحمت منازل المواطنين وعبثت بمقتنياتهم وروعتهم كما واذلت النساء وأهانت الرجال وهنالك شكاوي باعتقالات وسرقات على نطاق وأسع ، هنالك اختلافا كبيرا بين المعارك ونتائج الحرب ، ومن الواضح ان قيادة الدعم السريع لن تظل مؤثرة أو ذات نفوذ سياسي في المستقبل عقب نهاية الحرب، وقد تتحول قواتها إلى مراكز لأمراء حرب في ظل الأوضاع الفوضوية الشاملة بالعاصمة والولايات، كما يحدث حاليا بولايات دارفور بمدن الجنينة وزالنجي ونيالا وطويلة وكتم والفاشر ، أما نخب الإطاري فستفقد تأثيرها السياسي المربوط بالبعثات الدبلوماسية والدعم السريع وذلك عقب اسدال الستار على مشروع الإتفاق الإطاري ببروز كيانات جديدة في المشهد السياسي والمدني، بمثلما ستظهر أسماء جديدة لأسر الشهداء والمتأثرين بالحرب ،كما ستعلو اصوات مطلبية جهوية جديدة وفي غرب دارفور لأول مرة يتحدث سلطان عموم المساليت علنا عن إستدعاء وتفعيل إتفاق قيلاني الموقع بين حاكم عام السودان السودان وسلطان المساليت في عام ١٩١٩م والذي بموجبه انضمت سلطنة المساليت للسودان الإنجليزي المصري، وكفل الإتفاق المذكور لشعب المساليت الحق في الإستفتاء وتقرير المصير عقب مرور ٧٥ عاما من تاريخ التوقيع عليه، وبعد ان أصبحت السلطنة من مكونات الدولة السودانية، لم يتطرق المساليت منذ انضمام سلطنة المساليت للسودان الإنجليزي المصري انضماما رضائيا لمممارسة الحق في الإستفتاء في تقرير المصير ، بل حتى وثيقة إتفاقية قيلاني ظل سلاطين المساليت يضربون عليها سياجا من السرية والتكتم ، وهذا ما يجهله الأستاذ يوسف عزت المستشار السياسي لقائد الدعم السريع ، إن فتح الباب لمطالبة المساليت بمباشرة الحق في الإستفتاء بعد ان حاصرت المليشيات المسلحة والدعم السريع مدينة الجنينة لعدة أسابيع ومارست القتل الجزافي والنهب والحرق وتشريد سكانها واحتلال المنازل والمرافق العامة وقتل واليها ومغادرة سلطانها إلى دولة تشاد، ثم اعلن سلطان المساليت سعد في انجمينا تفعيل إتفاق قيلاني ، سيمهد الإعلان لفتح الباب على مصراعيه لمطالبات أخرى بإعادة الأوضاع إلى ما قبل مشروع دولة ١٩٥٦، ووقتذاك لن يجد يوسف عزت المغتر في وسائل الإعلام ما يتمسك أو يدفع به عند بروز اصوات ومطالب لسلطانات الداجو والفور ومكونات اخرى لديها حقوق متوارثة على الأرض ووقتذاك ستكون أراضي الدولة الحالية قد صارت في إطار منازعات واروقة ولن تكون ليوسف عزت أي صوت معتبر .
لا تزال هنالك خيارات وفرص للحفاظ على الدولة ولن يتحقق ذلك إلا من خلال التمسك بمشروع دولة ١٩٥٦ الذي لا يدركه عزت وأمثاله ممن يتمشدقون في الوسائط ويطالبون بإنهائه، كما ويجب البحث عن وسائل للوقف الفوري للحرب العبثية والإتعاظ والإستفادة من دروس وتجارب طموحات آل دقلو ونخب قوى الحرية والتغيير . ونواصل

مقالات ذات صلة

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments
زر الذهاب إلى الأعلى
0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x