مقالات الرأي

قرار إداري بفتح المدارس لدى مناطق حركة تحرير السودان

بقلم: عبد الحميد عبد الله (باقا)

في الوقت الذي تمر البلاد بأزمة تاريخية حرجة، منذ الخامس عشر من شهر أبريل في العام المنصرم تعطلت الحياة في السودان بصورة كلية وانهارت كل المؤسسات واصبح دولاب العمل ( derelict ) ، وللاسف كل التصريحات الذي يردنا من قيادة طرفي الحرب غير مبشرة واصبح الوضع في السودان يمضي نحو ( total darkness ) في الوقت الذي ينتظر الملايين من الطلاب في مستويات مختلفة لمواصلة تعليمهم ، واصبح هذا الوضع محل قلق عميق لكثير من أسر الطلاب ، بخلاف الظروف الأمنية والاقتصادية الذي يمرون به إذ وصل الجنيه السوداني مقابل الدولار الواحد ( 115 ) وهي مرحلة تجاوزت الركود واصبح كسادآ ، ودون شك هذا يعتبر ضغط إضافي على حياة المواطن المغلوب على أمره.
وسط كل هذا الظروف القاسية أصبح التعليم لمن يملك المال يستطيع إرسال أبناءه خارج حدود الوطن بغرض الأمن والتعليم ، ومادام أن السودان الحبيبة أصبحت بلدآ طاردآ بفعل العسكر المجردون من الإنسانية فكان من الطبيعي ، كل من وجد نفسه يملك قوت يوميه يبحث عن بلد آخر لأمن وتعليم أبناءه وفق المسؤولية الأخلاقية تجاه أبناءه ، ويبقى التحدي أمام من لم يملك المال الكافي من عامة الشعب ليصبح متفرجآ عاجزآ عن تعليم أبناءه للظروف القاهرة ، وعند صباح كل يوم يكون مستعدآ للرد على سؤال أبناءه ( بابا المدرسة متين ؟؟ ) هنا من باب المسؤولية الأخلاقية على القيادة السياسية للحركة أن يتحلى بروح المسؤولية تجاه من يقطنون داخل إختصاص سلطته المدنية في إتخاذ مثل هذا القرار الشجاع.

مفهوم القرار الإداري:

قبل الولوج إلى مفهوم القرار الإداري لابد من الإشارة إلى أنه لم يتسن لي الإطلاع على قرار مكتوب من رئيس الحركة أو رئيس السلطة المدنية سوى البيانات المنشورة لدى مواقع التواصل الإجتماعي ولاحقا إتضح صحة الخبر ، ولابد من الإشارة إلى أن كتابة القرارات الإدارية ليست شرطآ لصحته إلا اذا اشترط القانون ذلك .
ويقصد بالقرار الإداري: إفصاح الإدارة عن إدارتها الملزمة بقصد إنشاء أو تعديل أو إلغاء اي من المراكز القانونية ،والمقصد من ذلك تحقيق المصلحة العامة ، ويمكن أن يوصف هذا القرار بأنه تصرف يصدر ممن له الحق ويكون بصورة تنفيذية ، ووفق الخصائص يجب أن يكون القرار منتج للآثار القانونية دون أي معوق، إلا عن طريق ما يسمى بسحب القرار الإداري من ذات الجهة التي أصدرها ، وهنا لسنا في حاجة للحديث عن إلغاء القرار الإداري وهي عادة دعوى ترفع من شخص متضرر أمام القضاء الإداري وبكل تأكيد الجميع سيكون سعيدآ حين يرى إبنه ذاهب إلى المدرسة. كما وأن هذا القرار يمكن ان يصنف بالقرارات الخليطة بين الاستراتيجي والتوجيهي.
ولكن في المقابل قد يساءل البعض ما مصير جالسي شهادتي الثانوية والمتوسطة في ظل تعطيل وغياب وزارة التربية والتعليم ؟
من المعلوم ان للحركة نظامآ إداريآ بكامل هياكلها ورئيسآ للسلطة المدنية التنفيذية إذ بوسع هذه المؤسسات تعيين لمن يحل محل الوزارة الاتحادية مؤقتآ مادام هنالك تعذر للوزارة الاتحادية للقيام بواجبها ، فلا يمكن ان يرهن مصير جزء مقدر من الشعب بوزارات عجزت عن القيام بواجبها ويصبح ذلك الشعب تحت رحمة الوزارات والتي هي الأخرى تحت رحمة الحرب . ولكن ( don’t mind ) في ان يكون هنالك تنسيق رفيع المستوى بين إدارة التعليم لدى السلطة المدنية للحركة ومؤسسة وزارة التربية والتعليم الاتحادية وإن تعذر فلن يؤثر لاحقآ على مستقبل شهادات الممتحنين في المنافسة المركزية في الجامعات مادام من قام بأعمال التربية والتعليم شخصي تربوي مهني متخصص ، وهي سلطات مؤقتة إلى حين عودة الأمور إلى نصابها الطبيعي ، .

كذلك هنالك سؤال يطرح نفسه بقوة وهو، ما هي رؤية الحركة في استيعاب ابناء المواطنين الذي هم خارج مناطق سيطرتها ؟ علمآ ان القرار شمل فقط فتح المدارس لدى المناطق التي تقع تحت سيطرتها ! وهذا امر طبيعي لأن صدور اي قرار خارج حدود السلطة والاختصاص يصبح عديم المعني وللحركة سلطة في تلك المناطق دون سواها ، لاشك في ان الحركة تسيطر ( Space ) مقدرآ ولكن وحسب طرحها القومي اصبحت لها عضوية خارج مناطق سيطرتها اكبر بكثير من الذين يقطنون في مناطق السيطرة ! فضلا عن عامة الشعب الذين لديهم الحق في تلقي المساعدة من الحركة وهم في فرقانهم ، قرى ومدنهم ولكن التحدي قد يكون للحركة إمكانيات متواضعة ، فضلا عن الظروف الأمنية للذين هم خارج مناطق السيطرة وصعوبة التحرك ، أمام هذه المعادلة الصعبة أرى حلآ وسطيآ تكمن في ان تفتح السلطة المدنية خطآ ساخنآ للتواصل لمن يستطيع أن يوفد إبنه. وعليها واجب توفير بيئة ملائمة وفق إمكانياتهم وبذلك تكون السلطة المدنية قدمت مساعدة تاريخية ، رغم الصعاب ولكن لابد من روح التحدي حتى تنقذ عدد مقدر من أبناء هذا العشب العظيم .
وعلى عامة الشعب السعي والإستجابة لتخفيف الضرر الذي سيلحق بعدم تعليم أبنائهم ..
Seek knowledge, even in China..

18 يناير 2024م

مقالات ذات صلة

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments
زر الذهاب إلى الأعلى
0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x