مقالات الرأي

الهدف رسالة

بقلم: الرشيد عيسى أحمد جمعة

إن أحد تعريفات الإستبداد هو (عدم قبول المشورة في الشأن العام)، أو الإستبداد بالرأي، وهو أيضاً معنى من معاني العبودية !
المقالة كُتِبت في القرن السادس عشر الميلادي، ونحن الآن في القرن الواحد والعشرون، يالها من مسيرة زمن طويل مثقل بالمآسي الانسانية!
إلا أن الصاعق لأهل العقل، أن يكون مؤلّفٌ تَمَّ تحريره في ذلك الوقت وفي تلك الظروف الأوروبية العسيرة، له عالقة بما نحن فيه اليوم، وإن اختلفت التفاصيل، أو على الأقل بجزء كبير مما نحن فيه )،قبول
العبودية( طوعاً بأشكالها المختلفة، دون أن يكون هناك وعي لما تعنيه
العبودية من ضرر فادح على الإنسان وكرامته وحقِّه الأصيل في الحرّيّة.
هنا علينا أن نتوقَّف قليلاً لنرى أن الكأ تب ليست بحجمها، إنما الكتب لها معيار أهم من الحجم، وهو معيار بقائها عبر العصور، ومقاومتها التصاريف الزمن الذي يُبلي تقريباً كل شيء، عدا الأفكار. يالها من قوة إنسانية تملكها الأفكار التي تبقى كل هذه السنين، وتؤثِّر في الناس جيلاً
بعد جيل، وتتحول معانيها مع ظروف مستجدّة إلى مواءمة تكاد تكون متطابقة، بين عصر مضى وعصر قادم! أَتُرى أن سرّ بقاء هذه الأفكار هو أن الإنسان (لأيتعلَّم) من الماضي ومن أخطائه ومن تاريخه، يريد دائماً أن يمرَّ بالتجربة نفسها في كل جيل وفي كل عصر حتى يختبرها بنفسه؟ أم أن الإنسان في الحقيقة لم يخلُ من (الشيطان) في داخله، يِزيّن له أن السيطرة على الآخرين ونزع إنسانيتهم وتحقيق نوع من المتعة الغامضة،
والتصرُّف في حياتهم على أنه نوع من النجاح يحقِّق الشعور بالتفوُّق ويشبعه؟
من الكتب التاريخية الصغيرة في حجمها والكبيرة في تأثيرها والتي بقيت على مَرّ الزمن كتاب “الأمير” لميكافيلي، الذي إن قرأته اليوم فتجد شخصاً ما في بلد ما يحكم تقريباً بنصائح »الأمير«، حتى لو لم يكن قد قرأ الكتاب، كُتّاب آخرون مثل كارل ماركس وآدم سميث، كانوا من الموتى عندما أدرك العالم أهمية ما كتبوا، كتاب واحد في
تاريخنا ألسوداني المعاصر لايتعدّى أربعين صفحة، ولم يقرأه إلا عدد قليل من الناس على أبعد تقدير، أودى بحياة حاكم حديث. الكتاب هو “الفريضة الغائبة ” والحاكم هو أنور السادات، تغيَّرت بعده المعادلات ولازالت تتغيَّر.
هكذا الكتب تبقى وتُطبَع مَرّة تلو مَرّة، حتى لو كانت رسائل قصيرة، ما يجمع بينها هو حكمة إنسانية مفقودة عند الغير وغير قابلة للتطبيق في آن معاً.

مقالات ذات صلة

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments
زر الذهاب إلى الأعلى
0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x