مقالات الرأي

السودان : مباحثات جدة هل سينتصر الوطن !

بقلم : محمد بدوي

وقف الحرب غاية ينشدها الضمير الإنساني بما يشمل السودانيات والسودانيين وشعوب العالم المحبة للسلام بأسره عدا طرفي الصراع الظاهرين والمستترين داخليا وخارجيا من الحلفاء .
بذلت جهود متسارعة لحمل الأطراف للجلوس توطئة للمحادثات كطريق ثان بدل الحرب.

في البدء راج مقترح تولي الايقاد الحالة على ان يتم تحديد مقرا للقاء وفق لرغبة الطرفين، ثم تدخلت المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الامريكية القوي الداعمة للاتفاق الاطاري لتبني الحالة وتحويل مقر المحادثات الي مدينة جده ، وهي المرة الثانية التي تشهد حدثا سودانيا سياسيا مشابه مع الاختلاف حيث استضافت في ٢٠٠٦ التفاوض بين النظام السابق المحلول نظريا و بعض فصائل التجمع الوطني الديمقراطي عقب فرز المسار في ٢٠٠٥الي اتفاق السلام السامل مع الحركة الشعبية لتحرير السودان آنذاك، جاءت الحالة بعد ان كانت جده احدي العواصم المستهدفة في الحملة الاعلامية لنظام الخرطوم عقب الانقلاب في ١٩٨٩.

لعبت المملكة السعودية دورا كبيرا في تغيير مسار الخرطوم من ايران في ٢٠١٥ عقب ٢٦ عاما من الارتباط، ثم لعبت دور حصول الخرطوم على مكافأة ذلك برفع العقوبات الاقتصادية الامريكية في ٢٠١٧ التي اكتشفت الخرطوم بان المكاسب منها لا يمكن ان تحقق دون رفع للعقوبات المفروضة بموجب وجود السودان في قوائم الدول الراعية للإرهاب،
قبل ذلك وطدت السعودية علاقاتها مع السودان ليس من باب الخارجية بل عبر القيادة المشتركة بين الجيش والدعم السريع لإرسال مقاتلين الي حرب اليمن فيما تولت سداد المستحقات عبر فروع بنك فيصل الاسلامي السوداني.

ثم في ٢٠١٧ حصلت على مقاتلين سودانيين تم تجنيسهم بينة اعمار١٨ الي ٣٠ عاما، اجريت المعاينات من قبل ضباط سعوديين بمدينة نيالا قبل ترحيلهم من مطارها ليشكلوا القوام للخدمة العسكرية .

ظل دورها يرتفع عبر وكلائها الذين تولوا مناصب كانت مصبا لكافة المعلومات المرتبطة بمكاتب الرئيس المخلوع والامن والعلاقات الخارجية عبر السفير والفريق / طه عثمان الحسين الذين عاد ” حمرة عين ” الي الخرطوم عقب انفضاح امره وغادرها عقب صورة تذكارية مع قائد الدعم السريع الفريق محمد حمدان دقلو اللواء بالقسم السياسي بجهاز الامن آنذاك عبدالغفار الشريف، ثم ظهر عقب اسبوع من ذاك التاريخ كرئيس للوفد السعودي بمقر الاتحاد الافريقي باديس ابابا، كانت عودة طه الي الخرطوم بعد ان مثل البشير المخلوع في حضور المؤتمر الذي شارك فيه الرئيس الامريكي السابق دونالد ترامب، وقبلها كان البشير قد عاد خالي الوفاض الا من فتات من السعودية بعد ان زارها للحصول على مساعدات مالية تخرجه من الازمة التي تراكمت حلقاتها، وهو ما دفع به نحو موسكو بحثا عن حماية من المحكمة الجنائية ومساعدات مالية انتهت بالاتفاق المبدئي على القاعدة البحرية الروسية بالبحر الاحمر .

عقب سقوط البشير نشطت سفارتها في الخرطوم الي جانب فاعلين اقليمين ودوليين اخرين في محاولة التأثير السياسي، فدعموا الوثيقة الدستورية ٢٠١٩ ، ثم عادت الي الحالة عقب انقلاب ٢٥ اكتوبر ٢٠٢١ عبر التأثير الرباعي وبدور اكبر من بقية الاعضاء من حيث اللقاءات التي تمت مع مختلف من الفاعلين السياسيين وغيره من الدعم لأنشطة الاتفاق الاطاري وكانت قد دفعت بمقترحات وجدت رفضا من الاطراف منها مغادرة الجنرالات للمشهد السياسي في ٢٠٢١.

منذ الخامس من مايو ٢٠٢٣ استقبلت وفدي الطرفين الجيش والدعم السريع، تركيبة الوفدين كشفت ان الحالة ورغم محاولة تصويرها كصراع بين الطرفين تقع تحت تأثير سياسي من الحركة الاسلامية من جانب والنفوذ الاسري لقادة الدعم السريع من جانب اخر بالإضافة الي حالة قد لن تتكرر في وجود ممثلي للطرفين اصل انتماءهم للجيش ووجودهم في الدعم السريع على سبيل الانتداب ليطل السؤال الرئيسي ما هي طبيعة ومن هو وراء الاحداث التي اندلعت في اكتوبر١٥ ٢٠٢٣ ، فاذا كانت بين الجيش والدعم السريع فلا يستقيم قيادة ضابط منتدب للدعم السريع وفدها ضد مؤسسته، وان كان بين الدعم السريع والاسلاميين داخل الجيش فالمؤتمر الوطني نظام قام بحله قائد الجيش الفريق أول عبدالفتاح البرهان بما يجعل وجود سفيرين اسلاميين في وفد الجيش غير مبرر دبلوماسيا.

التسجيل الذي انتشر بشكل واسع باسم العميد معاش صلاح الدين محمد احمد كرار عضو مجلس ثورة الانقاذ السابق نسف كل ما كان يتحصن به من موضوعية في تسجيلات سابقة في سياق التحليل السياسي وكشفت ان هنالك حالة هستيريا داخل الاسلاميين من فشل سيطرتهم على الاوضاع العسكرية، الاخطر هو جزئية التعامل مع قادة الجيش الذين يديرون العمليات بذات الطريقة التنظيمية داخل الحركة الاسلامية فكال لهم ما يسعد الطرف الاخر ويرفع من معنوياته وفي ذات الوكت قد يكون كسر تردد غير الاسلاميين في الجيش من القيام بخطوة ما، انا قراءة التسجيل مع تركيبة وفد التفاوض فإنه قد نزع عن السفراء تمثيل وزارة الخارجية وجعلهم أكثر قربا من تمثيل الحركة الاسلامية السودانية حين اشار الي امنياته بالا يخذل الفريق البرهان السفير دفع الله حاج على وهي رسالة لم يجد كرار كما ذكر طريقة سوي التسجيل العام ليدفع بها الي جنرالات الجيش، فهل سيفي بنذره ويرتدي الكاكي ليصل صوته وفعله أم سيكتفي بما أطلقه في الوسائط الذي سيظل مستقبلا تسجيل تاريخيا في مكتبة متحف حروب الاسلاميين والسلطة

أخيرا: الهستيريا التي سادت نبرة كرار ليست سوي إرتداد لصدي الموت والقصف الجوي والعقاب الجماعي للمدنيين طيلة فترة حكم الاسلاميين، فالمشهد الآن لا يقبل سوي وقف الحرب والنظر للإنسان محورا يستحق الحياة والكرامة والاستقرار، ووطن معافي من ازير المقاتلات انفجار الدانات وسوء التسويات .

مقالات ذات صلة

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments
زر الذهاب إلى الأعلى
0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x