مقالات الرأي

مؤتمر القضايا الإنسانية:دعوة مفتوحة للمساهمة الإيجابية في انهاء معاناة السودانيين الناتجة بفعل الحرب العبثية الدائرة


بقلم: الصادق علي حسن

قبل فترة غير قصيرة، تواصل معي د الشفيع خضر وذلك للمفاكرة بشأن ما يمكن عمله في القضايا الإنسانية بالسودان الناتجة من جراء الحرب العبثية الدائرة ، وقد صارت هي اهم القضايا بالبلاد لإرتباطها بحق الإنسان في الحياة وفي الأمان والسلامة العامة، كذا الحقوق الأخرى المرتبطة بحقوق الإنسان مثل الحق في التنقل والحق في العمل وفي الحياة الكريمة، والحق في الإنصاف ،لقد اهدرت الحرب العبثية الدائرة اساسيات الحقوق المكفولة للإنسان السوداني بموجب احكام القانون الوطني والإتفاقيات والقوانين والمعاهدات الدولية. وصار الأنسان نازحا في بلاده بمراكز الإيواء او لاجئا في دول الجوار او عالقا في الإنتظار بالمعابر. وقيمة حياته قد لا تساوي قيمة طلقة يطلقها احدا من حاملي البنادق مع هذا الطرف او ذاك ، او المجموعات غير معروفة التكوينات ، كالمليشيات التي ظهرت ،والذين أخرجوا من السجون، وعتاة المجرمون الذين امتشقوا كافة انواع السلاح، وصاروا يمارسون كل انواع الجرائم بل وهنالك من يوثقونها ويبثونها للرأي العام. في هيئة محامي دارفور كنا حضور في مراحل المؤتمر منذ المفاكرة فمشاورات الإعداد حتى تنظيم المؤتمر ولا زالت الهيئة تتشاور ضمن عضوية اللجنة التحضيرية حول مستقبل هذا العمل، وهنا لا بد لي من الإشادة بالدكتورين الشفيع خضر وامجد فريد لجهودهما المبذولة في مقترح المشروع وتطويره.
لقد اصاب المؤتمر نجاحا باهرا في الإعداد والتنظيم والتنفيذ، وإذا كانت هنالك من قصور فهي طفيفة ستكون من ضمن الدروس المستفادة في المستقبل.
من اسباب نجاح المؤتمر :
استهدف المؤتمر الوقوف على القضايا الإنسانية ومعرفة سبل المشاركة في حلها على الأرض، وقد كانت هنالك مشاركات ميدانية وأسعة للمتأثرين بالحرب كما من مناطق اللجوء بدول تشاد وجنوب السودان وكينيا ويوغندا واثيوبيا اضافة للذين لا زالوا في مناطق الحرب المستعرة بولاية الخرطوم وولايات دارفور، وكانت هنالك اعدادا معتبرة من لجان الطوارئ ممن حضروا وشاركوا في المؤتمر .
دروس لجان الطوارئ :
بالضرورة الإستفادة من دروس لجان الطوارئ ، حاليا هنالك لجان طوارئ في مناطق سيطرة الجيش ، كما وهنالك لجان طوارئ في مناطق سيطرة الدعم السريع ، وهنالك لجان طوارئ تعمل في ظل هذه الظروف وهي مستهدفة من الطرفين مثل لجنة طوارئ مستشفى النو ومن ضمن العاملين فيها مؤمن ود زينب ورفاقه ، من الضرورة في المستقبل تلافي اخطاء لجان المقاومة التي لم تتمكن من تطوير مساهمتها كما وغالبيتها تشرذمت وتخندقت في الشعارات ، ولم تتمكن من مخاطبة قضايا الحرب بصورة فاعلة بما اكتسبتها من زخم في السابق .
الإتهامات والتشكيك :
قبل واثناء التحضير للمؤتمر كثرت الشائعات عن هذا المؤتمر ودوافعه وعن الجهات التي تقف خلفه، هنالك من جعل من الشائعات منصة لإطلاق التهم الجزافية في مواجهة د الشفيع خضر ود امجد فريد وتجاوزتهما الإتهامات للحديث بان المؤتمر من مخططات دولة مصر والأمن المصري في بحثه عن دور، المشارك في المؤتمر لم يجد اي دور لمصر ولم تشارك مصر في المؤتمر بالحضور الرسمي او من خلال المنظمات المصرية كما وهنالك جهات دولية معتبرة خاطبت المؤتمر مثل ممثل دولة النرويج احد الداعمين للمؤتمر، مما يعني ان مصر ساهمت بتسهيل التأشيرات واعتبرت المؤتمر من انشطة السودانيين داخل مصر ، ومن المؤكد لمصر القدرة على معرفة المؤتمر الذي انعقد في محيط اسوارها واهدافه ، ولكن مصر لم تبرز اي إهتمام رسمي ملحوظ بالمؤتمر، ومن اسباب نجاح المؤتمر ان اللجنة التحضيرية لم تكن لها اي علاقة مباشرة بالصرف المالي على المؤتمر ، لقد تم التعاقد مع شركة مصرية تولت ترتيبات المؤتمر وكان جميع الذين يقومون بأعمال السكرتارية والخدمات سودانيون من الذين يتواجدون بالقاهرة، ولم تكن للجنة التحضرية ولا د الشفيع او د امجد علاقة بأي صرف مالي على المؤتمر او تحديد اوجه الصرف الذي تقوم به اللجنة التحضيرية وهي مكونة من جميع شركاء المؤتمر.
مشاركة المناطق الخاضعة لحركة جيش تحرير السودان بقيادة الأستاذ عبد الواحد محمد نور.
لأول مرة منذ سنوات تشارك المناطق الخاضعة لسيطرة حركة جيش تحرير السودان بقيادة الأستاذ عبد الواحد النور في هكذا مؤتمر، لقد شارك المسؤول عن القضايا الإنسانية بحركة جيش تحرير السودان وهو الدكتور كمال الدين عبد العزيز، لقد تمكن مسؤول القضايا الإنسانية في الأراضي الخاضعة لسيطرة جيش تحرير السودان بقيادة الأستاذ عبد الواحد من توضيح الأوضاع الإنسانية ومعاناة النازحين بمناطق سيطرة الحركة واعلان التزم الحركة بتوفير الحماية والملاذ الآمن لكل الذين نزحوا إليها ، كما وذكر بانه وعقب الأحداث هنالك الآلاف الذين فروا إلى مناطق سيطرة الحركة من ولايات وسط وجنوب وغرب دارفور وهؤلاء في حوجة ماسة للمعينات والخدمات الصحية والعلاجية والأطعمة والأغطية والكساء، لقد لفتت مشاركة د كمال الدين عبد العزيز الإنتباه إلى اوضاع ومآسي هؤلاء النازحين وقد كانت هنالك اهمية ايضا في مشاركة ممثل القضايا الإنسانية في مناطق سيطرة الحركة الشعبية شمال بقيادة القائد عبد العزيز الحلو على الأقل لإبراز الأوضاع الإنسانية بكل مناطق السودان ، ومدى المعاناة من جراء الحروب المستعرة. إن مؤتمر القضايا الإنسانية ستكون نافذة لمخاطبة كافة القضايا الإنسانية بالبلاد وعلى رأسها وقف الحرب، ومن دون وقف الحرب فان هذه الجهود المبذولة لن تكون لها اي نتائج مؤثرة على ارض الواقع، لذلك بالضرورة النظر لمؤتمر القضايا الإنسانية ونتائجه بأعتباره سانحة لمشاركة المجتمع المدني في مخاطبة القضايا الإنسانية وجهود وقف الحرب، ويظل المؤتمر بمثابة دعوة مفتوحة، وأبوابه مشرعة للجميع للمشاركة في القضايا الإنسانية وكيفية علاجها .

مقالات ذات صلة

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments
زر الذهاب إلى الأعلى
0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x