مقالات الرأي

رسائل خاطئة صادرة أثناء الحرب من (ياسر العطا ،التعايشي وعزت) (٣)


بقلم: الصادق علي حسن

رسائل الفريق أول ياسر العطا المرسلة في أشرطة الفيديوهات للرأي العام من إحدى غرف إدارة قيادة الجيش للحرب ، عبارة عن تصورات لقائد محارب في مأزق حرب ويبحث عن نقاط جماهيرية تدعم موقفه الحربي في مواجهة الطرف الأخر الذي يحاربه في الحرب الدائرة المستفحلة، وقد تجاهل حقائق منها ان الطرف الأخر نفسه هو صنيعة قيادة الجيش ويتولى قائده رتبة الفريق أول كما ويتقدم عليه في الترتيب العسكري ما انه لم يلتحق بأي كلية حربية وقد نال رتبته من قائد الجيش نفسه، لذلك نطاق تأثيرات رسائل العطا محدودة وكانت ستكون بخلاف ذلك إذا قيلت قبل نشوب الحرب وضمن خطط استراتيجية لتلافي مسببات الحرب بالبلاد ، أما رسائل يوسف عزت عن مشروع دولة ١٩٥٦ وإنهائه ، فعزت لم يفصل فيها ما بين ممارسات الحكومات التي تكونت منذ ١٩٥٦ ومشروع الدولة نفسها ، وأظهر عدم دراية أو إلمام كافي بكيفية نشأة الدولة وتجاربها، وعما يتحدث عنها حصيلته متواضعة ، ولو كان لديه القدر المناسب من الإلمام لفصل ما بين الممارسات والأخطاء المتوارثة في ظل الحكومات المتعاقبة التي مرت على البلاد منذ بداية مشروع دولة ١٩٥٦ والدولة ، والراجح هنا ان الخطأ قد يكون بسبب الإلتباس وعدم المعرفة ، وظاهرة حميدتي الذي هو ذات نفسه مستشاره السياسي من أكبر الأخطاء وأكثرها جسامة في الممارسة السياسية منذ استقلال البلاد ، رجلا لم يتلق اي قدر من التعليم الذي يؤهله لشغل منصب مثل هكذا عدة مناصب رفيعة في الدولة ظل يشغلها من خلال فوهة البندقية وممارسات نظامي البشير والبرهان ، وبتشريع صادر من برلمان النظام البائد قنن لحميدتي مشروعية تكوين جيش يقوده هو وينوب عنه شقيقه وقد صار من حقه بموجب القانون الساري المفعول حتى الآن منح الرتب العسكرية من دون اي قيود أو ضوابط فصارت لأسرة حميدتي أمبراطورية عسكرية يدفع المواطن مرتباتها من الخزينة العامة للدولة ، كما وقد حصل على كل انواع الإمتيازات وصار يمتلك الجنود العابرة لتقاتل خارج البلاد في اشبه ما تكون لعمليات المتاجرة بالبشر ، لقد فات على المستشار السياسي لقائد الدعم السريع يوسف عزت بان حميدتي نفسه يعد من أوضح نماذج ممارسات حكومات الدولة السودانية الخاطئة وممارساتها الفاسدة منذ استقلالها وكيف به يتحدث عن أحتكار نخب المركز للسلطة وقد صار حميدتي نفسه مركزا للنخب وعلى رأسها نخب الإطاري ،كما كان يقاسم نخب الجيش كل وظائف البلاد بما فيها الوظائف بالولايات ويضع يديه على المناجم وهو الوحيد في تاريخ البلاد الذي صار له (جيشا عرمرما) حتى تجاوزت طموحاته اسوار البلاد .
الأستاذ محمد حسن التعايشي :
الأستاذ التعايشي من الشباب الذين كانت لهم مساهمات مشهودة في ظل النظام البائد وذلك قبل خروجه إلى بريطانيا والتماس الهجرة، كما وكان مناهضا للنظام البائد وهو طالبا بالجامعة وتمكن مع زملائه الطلاب بجامعة الخرطوم من انتزاع اتحاد طلاب جامعة الخرطوم في أصعب الظروف، وكان جيل التعايشي من الأجيال التي يؤمل فيها لتحقيق تطلعات شباب الثورة ومستقبل أفضل للبلاد ، ولا ازال اتذكر له من المواقف حينما تمكن وزملاؤه من الفوز بإتحاد طلاب جامعة الخرطوم وقد سعينا قبل ذلك مرات ومرات مع زملائنا (محامو دارفور) لإقامة ندوات جماهيرية عامة مفتوحة بالخرطوم عن أحداث منطقة تباريك بولاية غرب دارفور والإعتقالات التعسفية ومذكرة عنهما رفض المخلوع استلامها وكانت قبضة النظام الأمنية لا تسمح، وذهبنا إليه بدار إتحاد طلاب جامعة الخرطوم للتهنئة بالإنجاز وطلبنا منه إقامة ندوة عامة كبرى مفتوحة بدار الإتحاد ورد على الفور بالقول لما لا تقيمونها بالميدان الشرقي للجامعة لما فيها من دلالات ورمزية ثورة اكتوبر المجيدة وبالفعل أقمنا تلك الندوة المشهودة والتي شاركت فيها الجسورة حوة عبد المطلب أرملة الشهيد داؤود يحى بولاد، وازعجت الندوة أجهزة النظام الأمنية ثم واصلت ارملة الشهيد بولاد لقاءاتها وحواراتها مع أجهزة ووسائل الإعلام وتحدثت عن بعض خفايا مقتل بولاد حتى ان اللواء المغفور له بإذن الله تعالى التجاني آدم الطاهر طلب منى الحضور إليه بأعجل مما يتيسر، وقال لي ان البشير طلبه وذهب إليه ووجد معه زير الدفاع وآخر لم يذكر لي أسمه وقال لي لا تسألني عن أسمه ، ورجحت ان يكون ذلك الشخص الذي حجب اسمه من أبناء دارفور وقال لي سأله البشير مستفسرا (ماذا يريد هؤلاء بأحضار ارملة بولاد وانه ليس له علاقة بمقتله حتى يتهموه) ، لقد كان جيل التعايشي ومحمد الفكي وخالد سلك ونصر الدين عبد الباري وغيرهم من الأجيال التي كان يمكنها ان تساهم بصورة مؤثرة في احداث التحول الديمقراطي الحقيقي بالبلاد وذلك بما وجدوه من فرص لم تتوفر لغيرهم في ظل ما بعد ثورة ديسمبر المجيدة وحكومة حمدوك ، ولكن انشغل من هذا الجيل من شارك في السلطة بمظاهره الشكلية ، ولم ينتبه من شارك من هذا الجيل في السلطة وهم كثر منهم الأستاذ التعايشي حتى لحقوق الشعب في الملاحقة الجادة لمرتكبي مجزرة فض الإعتصام وحقوق أسرهم وتكونت لجنة الأستاذ نبيل أديب ودخلت مجزرة فض الإعتصام في دائرة الجدل السياسي وبدلا عن الوصول إلى مرتكبي مجزرة الفض صارت الأولوية البحث عن لجنة التحقيق ، كما ولم ينتبه كل المشاركين من هذا الجيل في السلطة لدور الشباب والطلاب والمرأة والخريجين وتذليك ابسط البسائط من الوسائل التي كانت متاحة ومتوفرة بل وحتى المعنوية منها، لقد كانت الوسائل متوفرة من تلك التي كانت تحوزها اجهزة وأجسام النظام البائد بالأحياء والمدن والولايات والعاصمة حيث لا يوجد مكان بالسودان ليس به مقر لطلاب وشباب والمرأة لحزب النظام المدحور المؤتمر الوطني ولكن في ظل الحكومة المنسوبة للثورة، ظل شبابها في الشوارع والطرقات ولم تتوقف المسيرات التي تعيق توظيف الجهود بل وتهدر الطاقات ، ولم يكترث جيل التعايشي الذي كان في السلطة لقضايا شباب الثورة والتضحيات التي بذلت حتى صدرت قرارات البرهان في ٢٥ أكتوبر ٢٠٢١م بالإطاحة بالشراكة المنسوبة لقوى الثورة وعاد الثوار إلى الشارع ، وأختفى المشاركون ،ولم يظهروا كما ولم يكن لهم هنالك من أثر حتى برزت اخبارهم من داخل تسريبات مفاوضات غرف رجال الأعمال والبعثات الدبلوماسية المغلقة ، وشباب الثورة في الطرقات ودروب الأحياء، دماءهم خضبت الشوارع والطرقات بالهتافات الداوية الجيش للثكنات والدعم السريع ينحل .
رسائل خاطئة في مقال الأستاذ التعايشي :
استهل التعايشي مقاله بعنوان خواطر حول حروب الدولة السودانية وحرب الخامس عشر من ابريل بتصورات خاطئة بان الرفض المبدئي والحقيقي للحرب التي اندلعت في الخامس عشر من أبريل، يكمن في إيجاد معالجات نهائية للأسباب الجذرية للصراعات المسلحة في السودان وضمان وقف تدوير الحروب نهائيا ، وتحقيق الاستقرار السياسي والسلام المستدام ، والوصول إلى صيغة شاملة للمصالحة الوطنية، تعالج الظلامات وترد المظالم وتحقق العدالة وتبرئ الجراح ، وإن الصراع المسلح والعنف السياسي ليست ظواهر جديدة ، بل هي أحداث متكررة منذ ١٨ أبريل ١٩٥٥, وبلغت أوجها في ١٥ أبريل ٢٠٢٣, لقد ربط التعايشي ممارسات الحكومات التي تشكلت منذ استقلال البلاد بالدولة نفسها كما واعتبر حرب ١٥ أبريل شبيهة يالأحداث التي ظلت تندلع قبيل ومنذ إستقلال البلاد، لقد تغاضي التعايشي عن حقيقة بان الدعم السريع من نتائج الممارسات الخاطئة ، ولا يوجد على الإطلاق ما يربطها بالأحداث والتجارب السابقة المتكررة ، بل وفي هذه الحرب الحالية ولأول مرة ظهرت الأصابع الخارجية بوضوح بخاصة اصابع دولة الإمارات ،كما ولا يمكن لأي تجربة ان تنجح بالوصول إلى تسوية شاملة طالما ظلت هذه الأصابع الخارجية حاضرة سواء في منبر جدة أو غيره، كذلك من الخطأ الجسيم النظر إلى كمون الرفض المبدئي والحقيقي للحرب بالوصول إلى صيغة شاملة للمصالحة الوطنية خاصة هو بذات نفسه لديه تجربة بمجلس السيادة ومفاوضات سلام جوبا ، ولم يتمسك بصيغة المصالحة الوطنية الشاملة وكان الحلو وعبد الواحد النور خارجان عن صيغة سلام جوبا كذلك هنالك تكوينات اخرى منها تنظيمات مؤثرة بشرق البلاد والتعايشي بذات نفسه هو الناطق الرسمي بإسم الوفد الحكومي لمفاوضات سلام جوبا، فما الذي استجد الآن .
هكذا ، لن يصبح هنالك وطنا أو دولة :
حينما يصبح الوطن هو ذلك المكان الآمن الذي يجد فيه الشخص أو يتطلع ليجد فيه أغراضه، وحيثما فقدها أو لم يجدها يأخذ حقائبه ويغادر المكان ويتابع اخباره في الوسائط كمن يشاهد في الحرب الحالية بين طرفيها ، (لن يكون هنالك وطن) ، وحينما يذهب من يتولى فيه المنصب الثاني إلى دولة أخرى كما فعل مالك عقار ليلتمس فيها التبريرات للقيود المشددة التي وضعت أمام اللاجئين السودانيين الفارين من دخول مصر، ليكون حديثه حائلا ومبررا لعدم أو ابطاء دخولهم ، (لن يكون هنالك مسؤولا محترما) , وحينما يصف الحاكمون وليس الأشخاص العاديون القتال داخله بين طرفين (لن تكون هنالك دولة) وهذا ما وصل إليه حال البلاد الآن .
من مكامن الأزمة ان نخب الإطاري لا زالت في محطة الإنتظار تترقب السوانح لحمل حقائب السفر تجاه جدة ،وجدة مثل دبي وابو ظبي وقد صارت تفرغ الأزمات للبلاد :
اصابع الإمارات متوغلة في السودان :
الدولة ظلت مستباحة منذ عهد المخلوع البشير وبعلمه كانت هنالك أعمال في التعدين تقوم بها شركة فاغنر الروسية من محيط أم دافوق السودانية إلى داخل أراضى أفريقيا الوسطى وكانت فاغنر تقوم بتدريب قوات الدعم السريع , كما وكانت هنالك معلومات عن أصابع ظهرت لأمراء إمارتيين تعبث في الحزام الممتد من مالي والنيجر وليبيا وتشاد وافريقيا الوسطى وليبيا والسودان، وهذه كلها مربوطة بالأزمة الحالية وأطرافها الأربعة وهي الجيش والدعم السريع والحرية والتغيير بشقيها الإطاري والكتلة الديمقراطية ، فمتى يستفيق الشعب السوداني وهو صاحب الشأن من غفوته ؟.

مقالات ذات صلة

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments
زر الذهاب إلى الأعلى
0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x