مقالات الرأي

لماذا تدابير الأمم المتحدة ؟انهيار أجهزة الدولة السودانية (٣)


بقلم: الصادق علي حسن

ممارسات نظام الإنقاذ الفاسدة والموروثة منه بواسطة عناصر اللجنة الأمنية ظهرت بمدينة نيالا في الإحتفال بذكرى ثورة ١٩ ديسمبر المجيدة ، وفي صٌور رئيس دولة الإمارات محمد بن زايد التي شوهت مدينة نيالا ونضالاتها ضد عناصر اللجنة الأمنية ونظامها المدحور .
وبالرغم من وطأة معاناة الحرب العبثية الدائرة بين الجيش والدعم السريع، وقسوتها البالغة على غالبية أهالي نيالا الذين تم تهجيرهم قسرا بعد ان تم إخلاء احياء وسط المدينة تماما مثل أحياء الوادي والسينما والجمهورية والمزاد والامتداد وغيرها، كما ونهبت الأحياء والأسواق والبنوك والشركات وسقوط الآف القتلى والجرحى والمصابين بفعل الدانات المتساقطة على المدنيين في مساكنهم وفي المرافق والطرقات والقصف الجوي والأرضي المتبادل بين الطرفين المتحاربين وفي ظل سيادة ثقافة القتل الجزافي، لقد صارت مدينة نيالا المدينة الثانية في السودان بعد العاصمة القومية الخرطوم من حيث الكثافة السكانية والإقتصاد شبه خالية من سكانها وخلو الشوارع من المآرة حتى نمت في غالبية شوارع الأحياء المهجورة نباتات الخريف وقد نزح أبناء المدينة المنكوبة بفعل الحرب إلى القرى والمزارع النائية وإلى الولايات البعيدة غير المتأثرة بالحرب مثل ولايتي النيل الأبيض والجزيرة وعاصمتها مدني قبل ان تصلهما الحرب والخراب والدمار كما وهنالك الآن آلاف الأسر الفارة إلى مدن الشرق واللاجئة إلى دول الجوار. وفي هكذا حال مدينة نيالا وأهلها الذين ظلوا في حالة معاناة مستمرة من جراء نتائج الحرب العبثية المتطاولة بعد ان كانت مدينة نيالا من أوائل مدن السودان التي ثارت على النظام البائد ورفعت شعارات المطالبة بالديمقراطية والحريات، ومن أوائل المدن التي انطلقت منها شرارات ثورة ديسمبر المجيدة ، ولكن المؤسف حقا في ذكرى ثورة ديسمبر المجيدة لهذا العام ٢٠٠٣م ، تم تشويه صورة ونضالات مدينة نيالا وذلك بظهور مجموعة خرجت في ذكرى ثورة ١٩ ديسمبر وهي تحمل صور رئيس دولة الإمارات محمد بن زايد وترفع شعارات الديمقراطية، فما هي علاقة محمد بن زايد رئيس دولة الإمارات بديمقراطية السودان، كما وهل بلاده في ذات نفسها تمارس الديمقراطية ، وماذا جلب محمد بن زايد لمدينة نيالا حتى ترفع صوره مقرونة بشعارات ثورة ديسمبر المجيدة والمطالبة بالديمقراطية والحريات ، وإنسان نيالا نازحا ومشردا. ؟؟ هنا تكمن أزمات البلاد وتتجلى أسباب الحرب العبثية الدائرة التي دمرت البلاد.
لماذا تدابير الأمم المتحدة :
يحتاج الرأي العام السوداني للتنوير بميثاق الأمم المتحدة وماهية الوصاية ، وتدابير البند السابع بموجب ميثاقها أولا،وهل تعني الوصاية او البند السابع القبول بالتدخل الأجنبي لإدارة البلاد،كما ويحتاج الرأي العام السوداني ان يعرف، لماذا نشبت الحرب بين عناصر اللجنة الأمنية حلفاء الأمس القريب وأعداء اليوم ، وهل الحرب الدائرة حاليا بسبب البحث عن الديمقراطية او الكرامة الإنسانية كما يزعم الطرفان أم من نتائج تقاطعات المصالح الذاتية بين أطراف ادوات أصابع المصالح الخارجية بالبلاد، وهي عناصر اللجنة الأمنية للنظام البائد التي أشعلت الحرب بقيادة البرهان والكابشي والعطا ومن خلفهم المؤتمر الوطني من جهة، وحميدتي وأعوانه من جهة أخرى ، اضافة لنخب قوى الحرية والتغيير .

  • تدخل دولي أم مبادرات إقليمية :
    تناول الأستاذ فيصل محمد صالح في مقاله الأخير بعنوان تدخل دولي ام مبادرات إقليمية تزايد الدعوات للتدخل الدولي في السودان ، واليأس من الحلول الوطنية والإقليمية كما وتناول رؤية البروفيسور مهدي أمين التوم حول وضع السودان تحت الوصاية الدولية لمدة عشرة سنوات يتم خلالها إعادة تأسيس وتنظيم كل مؤسسات الدولة في ظل حكم مركزي بما في ذلك القوات المسلحة ، ووضع البلاد في خطى التنمية وان تضع لجنة دولية دستورا للسودان يخضع بعد ذلك لاستفتاء شعبي لتحديد خياراته، وقد قدم البروفيسور مهدي امين التوم من جانبه للخروج من أزمات البلاد مقترحا لنظام فيدرالي تحت مسمى الولايات المتحدة السودانية،كما تناول الأستاذ فيصل في المقال نفسه رؤية هيئة محامي دارفور التي قدمها رئيس الهيئة الأستاذ صالح محمود للأمين العام للأمم المتحدة انطونيو غوتيريش ومطالبة الهيئة بوضع السودان تحت البند السابع وأعمال تدابير الأمم المتحدة.
    ماهية الوصاية الدولية.
    اولا ، الحيثيات التي أوردها البروفيسور في دعوته لوضع البلاد تحت الوصاية الدولية كلها صحيحة ووجيهة، ومن الأسانيد الداعمة لوجهة نظره ،لا توجد الآن جهة مسؤولة تقوم بإدارة الدولة السودانية التي تتشظى وتمارس فيها كافة اصناف الإنتهاكات التي تندرج ضمن جرائم الحرب والإبادة الجماعية على المدنيين العزل ومن قبل الطرفين المتحاربين، كما والوصاية المطالبة بها هي نفسها آلية من آليات أجهزة الأمم المتحدة التي أنشأتها الأمم المتحدة في عام ١٩٤٥م وذلك لتوفيق اوضاع الأقاليم التي كانت مشمولة بإشراف من خلال اتفاقيات فردية مع الدول القائمة بإدارتها اي الدول المُستعمِرة، وذلك لإنهاء حالة الإستعمار وحماية إرادة الشعوب وحقها في التحرر ، وبموجب أحكام الفصل الثاني عشر من ميثاقها فان نظام الوصاية الدولي غرضه الأساسي الإشراف على الأقاليم المشمولة بالوصاية الموضوعة تحت إشراف من خلال إتفاقيات فردية مع الدول القائمة بالإدارة، وبموجب أحكام المادة ٧٧ من الميثاق كان نظام الوصاية الدولي ينطبق على الأقاليم التالية؛
  • الأقاليم المشمولة بانتدابات أنشأتها عصبة الأمم المتحدة بعد الحرب العالمية الأولى.
  • الأقاليم التي تُقتطع من (الدول الأعداء) نتيجة للحرب العالمية الثانية أو
  • الأقاليم التي تضعها في الوصاية بمحض اختيارها دول مسؤولة عن إدارتها.
    وعملا بالمادة ٧٦ من الميثاق، شملت الأهداف الأساسية لنظام الوصاية الدولي وفقا لمقاصد الأمم المتحدة ما يلي :
    العمل على ترقية أهالي الأقاليم المشمولة بالوصاية في أمور السياسة والاجتماع والاقتصاد والتعليم واطراد تقدمها نحو الحكم الذاتي والاستقلال والتشجيع على احترام حقوق الإنسان وعلى إدراك ما بين شعوب العالم من تقيد بعضهم البعض ، ولضمان ان تتخذ الحكومات المسؤولة عن إدارة الأقاليم المشمولة بالوصاية خطوات كافية لتحقيق أهداف الميثاق أنشأت الأمم المتحدة مجلس الوصاية وفق أحكام الفصل الثالث عشر من الميثاق، وفي السنوات الأولى للأمم المتحدة وُضع (١١) إقليما تحت إشراف الوصاية الدولي وأصبحت جميع الأقاليم ال(١١) دولا مستقلة وأنضمت طوعا إلى بلدان مستقلة مجاورة وفي عام ١٩٩٣ كان آخر إقليم مشمول بالوصاية إقليم جزر المحيط الهادي (بالاو) وكان خاضعا لإدارة الولايات المتحدة وأنهي مجلس الأمن اتفاق الأمم المتحدة الخاص بالوصاية على الإقليم في عام ١٩٩٤م بعد ان اختار الإقليم الارتباط الحر مع الولايات المتحدة في استفتاء شعبي نظم في عام ١٩٩٣م ، وأصبحت بالاو دولة مستقلة في عام ١٩٩٤م وأنضمت إلى الأمم المتحدة بأعتبارها الدول العضو ١٨٥ ، وبما انه لم تكن هنالك أقاليم متبقية في جدول أعمال مجلس الوصاية فقد علق عملياته في نوفمبر من العام نفسه وحتى اليوم لا يزال مجلس الوصاية موجود بأعتباره أحد أجهزة الأمم المتحدة ويجتمع كلما ، وحيثما اقتضت حالة الضرورة (للمزيد من المعلومات راجع موقع الأمم المتحدة).
    في المقال القادم ساتناول لماذا يتفق كاتب المقال مع البروفيسور مهدي أمين التوم ويثمن اجتهاداته ، البروفيسور مهدي بالرغم من تقدمه في السن ومتاعبه الصحية ظل مهموما بالبحث عن مستقبل أفضل للأجيال السودانية القادمة بدوافع نبيلة ليس الغرض منها على الإطلاق السلطة او الثروة وذلك بخلاف غالبية رصفائه،كما سيتناول الكاتب رؤيته حول لماذا يرى ان الأجدى للبلاد الآن تدابير الأمم المتحدة تحت البند السابع بموجب احكام المادتين ٤١ و٤٢ من الميثاق وليس الوصاية الدولي . نواصل

مقالات ذات صلة

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments
زر الذهاب إلى الأعلى
0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x