مقالات الرأي

نهاية الشر الثنائي: أمل لمرحلة جديدة في السودان


بقلم: د/كمال عبد العزيز


بعد عقود من عدم الاستقرار وتحطيم لي امال السودانيين في نهار اعين المؤسسة العسكرية التي تفننت في عدم القيام بمسؤولياتها، وبقيت هي نفسها سبب الفوضى والدمار للضحايا في كل ربوع السودان! استخدم كل انواع الاسلحة الفتاكة بشهادة دولية واقليمية ضد المدنيين، من الغرابة ان يطلب الدعم في محنته المستحقة والحتمية عون ضحايا الحرب والاضطهاد، ومن المضحك ولطيابة السودانيين ينالون الاستجابة والاستنفار بقايا المعاناة! بدونكم ي معشر الضحايا من السودانيين: هل يُعقل لجيش قتل شعبنا السوداني سبع عقود، والتي لم ينجو من قمعهم أحد من الجنوب وجبال النوبة ودارفور ووسط السودان، بل كل السودان! جيش مسيس مبدع في الكذب والتنكيل والقتل والقش والنفاق وسياسة فرق تسد، صانع المليشيات القبلية والارهاب الفكري والسياسي والديني، مقابل سلطة ومال، جيش اغتال تكراراً امل الشعب السوداني وثوراتها السلمية. جيش شيطنة وواجهة بالعنف كل من طالبة بحقه الشرعي في الحرية والسلام والعدالة، جيش لا يستطيع الابتعاد والانفكاك من الحركة الاسلامية وقادتها من شدة الاختراق والالتصاق، جيش يدمر بلد بكاملة بدل التواضع والاعتراف بان العنف لا يبني دولة، والتوجه نحو السلام والمصالحة الشاملة، جيش كيزاني وإسلامي والتي وصفها د. النور حمد “الكيزان اسوأ اشباه البشر…وجدوا على سطح الكرة الارضية” والتي دعمهم في هذه الايام رهان على المجرمين، والذين هم في النهاية مهزومين بمعادلات السماء ولعنان الارض من قِبل ضحايا الحروب، والقتل، والاغتصاب، والعنصرية والجهوية.
الدعامة بلا شك جنجويد دمويين! من قبل كانوا ادوات واليات اغتصاب وتعذيب للطاغي بشير، وقبلها كانت كيان حامي لسلطة الصفوة، مجموعات قبلية بلا رحمة وضمير ووازع اخلاقي! ما ذلك الدعامة قشرة يمكن التعامل معها بطرق عدة بما فيها السياسية، لكن الجيش عمق وجرح غائر له اهداف قبل تأسيس السودان كدولة في تصميم وشكلة الحالي، وعندي احساس كما الكثيرين بانها تعمل للخارج أكثر مما تعمل للداخل السوداني ودا هي الكارثة الاكبر التي تواجه السودان، الى جانب شر التحالف مع الاسلامين والتقلقل في دواخلهم برتب عليا، وال- هم منتقمين للسودان وثورته والواعية الرافضة للاسلمة والاستعراب! اتفق مع الكثيرين في خطورة الدعم السريع، لان تشكيلته الحالي يجسد عمل لمنظمة تهدد الامن والسلم الوطني والاقليمي. ولكن اساتذتهم (الجيش المسمى جزافاً بالسوداني) قادرين تكرار نفس التجربة مرة اخرى وبسهولة دون متاعب، وتكرار أنفسهم بطرق اخرى، وعليه يجب التخوف من الاثنين بحسابات منطقية موضوعية ونظرة ثاقب للحاضر والمستقبل.
‏ من السذاجة ان يقسم هذه المجموعات العسكرية المشوهة تاريخياً وفعلياً، اصحاب القضايا من السودانيين المناضلين الثوار، ضحايا الحروب من النازحين واللاجئين الى مؤيد ورافض لهم لان ذلك نسيان للتاريخ وتغيب للحقائق. وعليه اي موقف سليم بالضرورة ينظر بشكل ثاقب للطرفين ما له من سلبيات وما يمكن ان يسهم به نحو التغيير والانعتاق، ويبني موقفه بناءً عليه، وذاك هو الحل الصالح لجميع السودانيين ومستقبلهم، ومن المهم الكل يعمل في اتجاه توعية للناس والجماهير المقموعة بالتضليل والخداع، للتحرر من الخطابي التسويقي من قبل الطرفين الانانيين، الى خط ثالث حياد (Neutral) وطني يوقف الحرب واثارها التدميرية في الخفاء والعلن، والانتصار على المجموعات الظلامية الدموية الكيزانية، وقوى الثورة المضادة، والمهمومة بالسلطة، لإسكات صوت البندقية في البلاد الى الابد، ونُتوج بدولة مواطنة متساوية.
تجربة ‏النضال غرضها الاساسي إيقاف الصانع والمصنوع، ومعذبي الشعوب السودانية في امنه واستقراره. ولا يمكن بعد عقود من الكفاح والصمود ان يكون الموقف داء مراوغة (tergiversation) او تكتيك ولعبة سياسية عابرة، وإنما موقف ومبدأ ثوري ثابت لا يتغير الا بتحقيق الغايات المرجوع اصلاً من الثورة. ولا اعتقد ان في قوة خلاف الجيش السوداني وتحالفهم مع الكيزان بمؤسساتهم الحالية، عندوهم القدرة والامكانيات، والحاضنة الامنية والسياسية والاقتصادية والعلاقات والصداقات، تمكنهم بان يكونوا تهديد مؤكد ومستمر للسودان وثورة وشعبه أكثر منهم.
ولربما نختلف ونتفق في تحاليلنا لضحايا عن هذه القوتين الجيش والدعم السريع، وانا دائما بثقِل على الجيش لأنه مؤسسة له تاريخ طويل في الممارسة التنظيمية والادارية، ومتمرس في صناعة الكثير من الممارسات السياسية والاستراتيجية المعيقة للتغيير في السودان، وللعسف لا يعترف حتى الان على انه أسهم يوماً ما في إبطال تقدم السودان وإعاقة شعبه فيما يصبو اليه. بخلاف المليشيات المسلحة الدعامة، رغم انها ميلشية انتقائية (expedience) عابرة لحدود، ومن بينهم سودانيين هم يعترفون بأنهم ازمة الى حد كبير، وانهم كانوا ادوات لناس كانوا يشغلونهم بالوكالة، وهذا واضح من خلال الرؤية والخطاب السياسي اليومي المُقدم، لتصحيح لمسارهم في الحياة، وهذا ايجابي الى حد كبير، طالما هم في الطريق مع الاخرين نحو الخلاص.
ومن زاوية اخرى تشاؤمية (pessimistic) تفصيلية، في حساباتي الطرفين هم كلهم خطر وتحدي لحل ازمات السودان بشكلياتها الكلية والشاملة، ولكن السؤال المهم: ايهما أقرب او أفضل من بين السيئين بغرض خدمة مشروع التغيير والتحول مع الاخرين، والذي يتطلب ذلك من جرعة، وتواضع، وحرص لإيقاف الحرب الى الابد؟ لا اتصور ان يكون الجيش لها القابلية أكثر من الدعم السريع، بحكم الواقع على الارض. اكيد الخوف مبرر من قِبل الكثيرين بحكم الصورة الذهنية النمطية المعروفة بها قوات الدعم السريع، يصاب اكيد بهلع وخوف كل من يسمع بان يكون في استبدال جيش يسمى بجيس نظامي بمجموعة من المليشيات، ولكن يجب ضرورة مقاربة سبع عقود من المعاناة والمتاعب في يد خبراء التدوير (installment) الدولاب الدولة مع منظمة عسكرية قبلية فزاعة، يتطلع لسلطة وثروة بأدوات ساقطة مجربة من قبل، ولا اعتقد في عاقل يكرر بقصد ازمة السودان وتعقيداتها المستعصية الا المتعمد. وعليه ارى الضامن لما بعد هزيمة الدكتاتورية القبلية والجهوية والاثنية والايديلوجية الإسلاموية المتجبرة (الجيش- كيزان)، وعي الشعب وتجارب التاريخ، الى جانب ثورة فكرية محمية ومحروسة خنجر بسلاح الثوار.
وعليه ارى من الاستحالة ان يتكرر في تاريخ السودان نظام سياسي وعسكري اسوء من الثنائي الشرير الجيش والكيزان! الاولى صنيعة استعمارية القطط طعم السلطة وظلوا يبدعون في الخداع حتى يبقوا في السلطة الى الابد، حتى وصل شوعاهم الاجرامي التأمري الى مراحلها النهائية في قرار حرب ١٥ ابريل الانتحاري، والذي تحدو فيها ارفع نظريات المؤامرة في التاريخ، والذي كان إذا نجح أحد على حساب الاخر كانت ستكون لعنة جديدة على السودان اسوا من ذي قبل. والثانية الة قبلية وعسكرية قوية كانت مستخدمة بنجاح، حتى فهم الاخيرة بان تفكير الاسياد تفوق بشاعتها تصورهم، وتمردوا عليهم بعد خدمة طويلة، والان يصححون افكارهم الجنجويدية لتدمير الشركة الصانع للأفيون واشجار الزقوم والحروب الخطيرة، لربما سيخفر لهم ما ارتكبوها من جرائم ضد الابرياء لرحة الطغيان والابالسة، ولهم الخيار الان إما ان يوفوا بما تعهدوا والكف عن الجرائم ضد المدنيين، او يكونوا هدف للمدى الثوري الطواق التغير الجذري الشامل ودولة مواطنة متساوية، اما الالتفاف والاستنفار ومحاولة حماية المجرم رهان خاسر.

مقالات ذات صلة

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments
زر الذهاب إلى الأعلى
0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x