مقالات الرأي

هل سيقفز حزب الأمة القومي من سفينة الإطاري الغارقة أم ينتفض شبابه (٦/٦)


بقلم: الصادق علي حسن المحامي

تساؤلاتي عن موقف حزب الأمة القومي ، وموقف شبابه من سفينة الإطاري الغارقة بدواعي الإشفاق والحرص على هذا الحزب العريق الذي يجمعني به الوشائج والذكريات ، وقد وجدته أمامي وانا يافعا صغيرا وجمعني بقياداته الود والإحترام بالإمام الراحل الصادق المهدي والسيدة سارة الفاضل محمود نسأل الله تعالى لهما المغفرة والرحمة، وقيادات الحزب الأخرى جميعها منها من قضت نحبها ومنها من تنتظر في هذه الحياة الفانية ، وإن قد تخليت عن الركون للحزبية وهنا ادلو بدلوي كغيري من المراقبين والمهتمين بالشأن العام ، فان حزب الأمة القومي بالنسبة لي مرحلة لا يمكن تجاوزها تعلمت فيها ومنه العمل الحزبي ومن خلال قياداته بصورة مباشرة المغفور لهم بإذن الله تعالى د عمر نور الدائم السيد صلاح عبد السلام، الباشمهندس محمود بشير جماع ،د علي حسن تاج الدين ، المهندس صلاح إبراهيم أحمد ، الأمير عبد الرحمن عبد الله نقد الله د عبد النبي علي أحمد ، الأستاذ بكري عديل ، الأستاذ حامد محمد حامد ،الأستاذ أحمد محمد علي جقومي، ومن الأحياء د آدم مادبو ود إبراهيم الأمين والدومة وحسين إبراهيم وغيرهم كثر وصولا للمغفور له بإذن الله تعالى احمد محمد محمود والذي كان يكنى بباعوضة وقد كان نحيل الجسم يقوم بتحرير صحيفة الأمة ليوزعها بكل الجامعات ثم يتنقل بين ساحات النشاط الطلابي ليخاطب الطلاب وحينما استولى النظام البائد على السلطة كان يوزع المنشورات وصحيفة الحزب السرية ويصرف كل مرتبه الوظيفي في أنشطة الحزب حتى تم فصله للصالح العام ولم يتوقف مطلقا وكوادر اخرى نعلم عنها الزهد في الدنيا والإيمان بمبادئ هذا الحزب ،لذلك بالضرورة ان يظل لهذا الحزب مكانته ودوره المحترم ، لقد كانت قيادات حزب تتعامل مع شبابه بإحترام بالغ وكنت شابا صغيرا اطلع على مواقف الحزب من قياداته في القضايا الهامة والحساسة مباشرة للمشاركة بالرأي ومن ضمن عدة مشروعات عرضتها على قيادة الحزب وتبنتها مقترح الأنشطة العامة القاعدية وكان ذلك في أوج جبروت النظام البائد، ومن دون تردد توليت إطلاق اللقاءات المفتوحة بلقاء كبير ومداولة محضورة بمنزلي بامدرمان ابوسعد شاركت فيها السيدة سارة الفاضل محمود واتت متخفية من جهاز الأمن وهي تضع نظارة سميكة في وجهها وفي معيتها الدكتور عبد الرحمن الغالي الذي ظل يعمل في صمت ،ثم انتقلنا إلى مدينة العشرة بالخرطوم إلى منزل المرحوم عبد المجيد احمد ثم كان اللقاء الذي جمع باكثر من ثلاثمائة من قيادات وكوادر الحزب وقياداته بكرتون الحاج يوسف بالقرب من سوق ستة الحالي تحت غطاء مناسبة إجتماعية وكانت السيدة سارة تصل إلى هذه اللقاءات وهي تستغل تاكسي أجرة من الشارع وتخفي وجهها بالنظارة السوداء السميكة ثم أنطلقت اللقاءات بمدن الخرطوم ،وفي نهاية عام ١٩٩٦م بمبادرة تبنى الحزب تطوير فكرة مؤتمر الأمن الشامل الذي انعقد في نوفمبر ١٩٩٧م وكون الحزب غرفة عمليات كنت مقررا لها لتحويل مقترح مؤتمر محدود بنيالا إلى مؤتمر شامل بفضل جهود كوادر حزب الأمة بنيالا منهم المرحوم محمد الحسن والأخ عيسى برمة وآخرين لمؤتمر جامع برسالة وأهداف تضمنت كل قضايا الحقوق والحريات العامة، وكان مزامنا لذلك تجربة تحالف إسترداد نقابة المحامين في عامي ٩٦ و٩٧ والتي ساتناولها بصورة مفصلة في مقالات أخرى، حزب الأمة القومي منذ تاسيسه قدم قيادات للدولة السودانية وللحزب كانوا من بين الأبرز حضورا في الساحة السياسية ومن الأكثر عطاءً لبلدهم وحزبهم ، والحزب نفسه تأسس على مواريث اول ثورة ودولة وطنية في البلاد وهي المهدية وزاده ذلك مسؤولية تجاه البلاد وتميزا في الإلتزام بالمصلحة العامة للبلاد ، ولكن بمثلما نالت الممارسات السالبة من كل أوجه الحياة بالدولة في ظل النظام البائد كان لحزب الأمة القومي أيضا نصيبه منها ، والآن تراجعت مساهمات قيادات الحزب العريق وقد تواضعت قدراتها والبلاد تشهد ظروف استثنائية بالغة التعقيد والدولة متجهة في مسار النفق المظلم والتوهان وقد صارت حالة الحزب يرثى لها ، لذلك بالضرورة ان يمارس شباب هذا الحزب العريق التقييم والنقد الموضوعي والمراجعة الشاملة لإعادة الحزب إلى مكانه الصحيح ودوره كصمام أمان للبلاد ، ويبدأ ذلك بمراجعة موقف الحزب من الإتفاق الإطاري والمؤسف حقا ما يمارسه رئيسه المكلف من دور الأجاويد لدرجة تطمين عناصر اللجنة الأمنية للنظام البائد ممن تشير إليهم الأصابع بإرتكاب جرائم جسيمة من عدم المساءلة الجنائية من خلال ما قد يتم الإتفاق عليه وإقراره وفي تارة أخرى يسعى للصلح وخطب ود العسكر بعد مغادرة عناصر الجيش لجلسة ختام ورشة الإصلاح الأمني والعسكري كما ولو كانت المغادرة والامتناع في شأن خاص بالبرهان وحميدتي وبقية مجموعة الإطاري المتطلعة للسلطة وليس بشأن عملية سياسية ترتبط بمصير الدولة وحزب الأمة القومي من المسؤولين عنها بصورة أساسية كما ومهما كانت الإختلافات بشأنها لن تعالج بمفاهيم الأجاويد ، وقد كشفت ورش الإطاري وانشطتها بأن لا مستقبل لهذا الإتفاق كما وكشفت المواقف بأن الذين يتحلقون حول هذا الإطاري كمن ينظرون إلى السلطة كجبة يتزينون بها ولا يدركون مسؤولياتها ،وهم والعسكر سواء وقد ادخلوا البلاد في حالة توهان، كما وليست لدى قيادات الإطاري اي تصورات أو برامج حول كيفية استعادة الدولة في اذهان مكوناتها المجتمعية المتنازعة سياسيا أومناطقيا والتأسيس لفترة تعافي وطني يتم خلالها ازالة رواسب التشوهات والإنقسامات المجتمعية والقبلية والمناطقية بأسس مدنية سلمية ، وتجدها لاتزال مشغولة بإجتماعات القصر ومتلهفة إلى السلطة وجل تفكيرها انحصر في إستلام السلطة وفي اعتقادها الفطير بانها وبمجرد استلامها للسلطة الحلول ستأتي من فوقها ومن تحتها ومن يمينها وشمالها وهي على دفتها مسرورة ، وبمثلما في مضمون البيان الفطير الصادر من النطاق الرسمي بإسم العملية السياسية عقب إنفضاض سامر ورشة الإصلاح الأمني والعسكري ما يُكشف وقد صرح بالقول بان اطراف العملية السياسية اجتمعت اليوم السبت وحددت يوم ٦ / ابريل/ للتوقيع النهائي وذلك في بساطة وسهولة متناهية وتبسيط للأمور ، وحزب الأمة غائبا تماما سوى من صور لبرمة ومريم والبرير في الورش والإجتماعات وآن الأوان لشباب الحزب وكوادره الوسطى للدفع بتكريم الأحباب برمة والبرير ومريم والفريق صديق وقياداته مثل د إبراهيم الأمين والدومة اللذان اعلنا عن رغبتهما في إفساح المجال للأجيال الجديدة والإكتفاء بتقديم النصح والمشورة .
الطرفان يعبثان :
طرفا العملية السياسية وهما المدني والعسكري يعبثان الآن ، الطرف العسكري يعمل خفية مع زملائه من عناصر النظام البائد وشركائه من عناصر الكتلة الديمقراطية لوضع البلاد أمام الأمر الواقع والقبول بتوليفة تؤمن وجود عناصر الكتلة المذكورة ومن خلفها فلول المؤتمر الوطني ثم إخراج عملية إنتخابية في ظل السلاح المنتشر وطغيان الولاءات القبلية وضعف الأحزاب وإمكانية المتاجرة بالذمم لإعادة شراكة جديدة بمشاركة عناصر المشهد القديم وإنتخابات تكرس لأوضاع الفوضى وفي المقابل عناصر قوى الإطاري تستثمر في السند الدولي وذلك للحصول على السلطة والتمكين عليها وهي في غرارة ذاتها تعلم بان التكوينات التقليدية والموروثة في الدولة لا تتيح لها فرصة الحصول على اي مقاعد في اي إنتخابات عامة قادمة، لتتخذ من السلطة كما كانت في ظل تجربتها السابقة ومن الوظيفة العامة مدخلا للإستقطابات حيثما ظفرت بها ، ثم تعيد تجربة مريرة لا زالت نتائجها المشهودة معلومة للكافة، لذلك بالضرورة وقبل فوات الأوان استخلاص البلاد من هذه الأطراف العابثة سواء ان كانت مدنية أو عسكرية قبل ان تستفحل المشكلات والأزمات أكثر وأكثر وتدخل البلاد في اتون الفوضى الشاملة .
تبديد الجهود والأموال (مؤتمر الإصلاح الأمني والعسكري انموذجا) :
الإتفاق الإطاري في إتجاه تكريس أخطاء الوثيقة الدستورية المعيبة وإذا تم إقراره سيكون الأساس لإنتاج وثيقة بشاكلة الوثيقة الدستورية المعيبة ولن يتحقق من خلاله ايا من الأهداف المنصوص عليها في أحكامه فقط تعبيد السبيل لتشكيل وتأمين سلطة مدنية صورية تكون محاصرة بالمشاكل والأزمات والمسيرات وبفتح المجال وأسعا للفوضى وبروز مغامرين من الجيش للإنقاض على السلطة وهنا يظهر المستفيد الأول وهو المؤتمر الوطني وتجار الحروب والأزمات ولكن في هذه المرة ستخرج الشوارع وتسد الطرقات وينتهى الحال إلى إنفلات عام، تتلمس وقتذاك اطراف الإطاري المخارج عند سفراء دول الوساطة وفولكر الذي يبحث لنفسه وموظفيه عن الإجلاء، وتحت تأثير المناطقية والجهوية والتكوينات الإجتماعية سيكون الشارع ووعي شباب الثورة هو الضامن الوحيد من إنزلاق البلاد في اوحال الصراعات ،ودور شباب حزب الأمة القومي الآن في إيقاف الحزب من السير في إتجاه مرسى السفينة المعطوبة والتي ستغرق حتما قبل إبحارها ، كما ولن تعفى قيادات الحزب الأخرى من المسؤولية وتبعاتها ، لذلك يجب على شباب حزب الأمة القومي هذه المرة ان يكونوا أكثر حزما ، فمستقبل الحزب بل مستقبل السودان كله بأيديهم وايادي شباب لجان المقاومة وقوى الثورة الأخرى، ومن الأفضل لشباب حزب الأمة القومي ضمن أمور وقضايا أخرى مصيرية تتعلق بالمحافظة على التماسك المجتمعي، العمل مع لجان المقاومة وقوى الثورة الأخرى في مكافحة خطاب الكراهية وإنهاء ظاهرة انتشار السلاح والعمل في تعلية ثقافة الحوار السلمي والمصالحات المجتمعية وطرح البرنامج السياسي الذي ينبع من المجتمع ويواكب المستجدات فهذه المناشط الهامة تعزز فرصه في المستقبل وقد فقد الكثير ،خاصة وقد تأثرت مناطق نفوذه التقليدية بالحروب والأزمات.

مقالات ذات صلة

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments
زر الذهاب إلى الأعلى
0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x