مقالات الرأي

ياسر عرمان هلا تمهلت (6 / 10)



بقلم: الصادق علي حسن

المواصلة في إنتاج الأزمات :
الأستاذ ياسر عرمان في مقدمة مقاله بعنوان بنادق أبريل خصما على الدولة والثورة والسياسة مع من نقف وأي حل نريد كتب ما نأخذ منه الآتي (بنادق أبريل كسرت اطار الدولة المألوف ومشروع البناء الوطني القديم) وفي ذات مقدمة المقال المذكور كتب (انفجر مركز الدولة الذي يعاني من تشوهات عميقة تراكمت على مدى يزيد عن ستة عقود وبلغ قمته في نظام الانقاذ الذي اختطف الدولة وربط مصيرها بمصير جماعة سياسية)، وإن كان صحيحا قد ظل مركز الدولة يعاني من تشوهات ، ولكن ظلت تلك التشوهات في طريقها إلى المعالجات المستمرة وان كانت بصورة بطيئة، فمن خلال الممارسة في الحقب الديمقراطية ودروس حقب الدكتاتورية ومناهضتها أمام ممارسة الديمقراطية ونظمها التطور مع العثرات البائنة فيها ، ففي الديمقراطية الأولى انحصرت المشاركة في السلطتين السيادية والتنفيذية بالمركز ، وعقب ثورة أكتوبر المجيدة في 1964 تم إسقاط استحقاق جنوب السودان للفيدرالية بواسطة لجنة ثلاثية تم تشكيلها ومسيرات تغلبت عليها مشاعر النخب بالخرطوم وأشواقها وثقافتها المشبعة بالعروبة متجاوزة حقائق التنوع وتعدد ثقافات البلاد وأعراقها ورفعت النخب بالخرطوم وقتذاك شعارات الصفوة لا فيدرالية لشعب واحد (No Federation for One Nation ) وتم إسقاط استحقاق جنوب السودان للفيدرالية بالمخالفة للقواعد التأسيسية المجازة في عام 1955 والتي بموجبها نالت البلاد استقلالها وكان ذلك من أكثر أخطاء الديمقراطية الثانية فداحة وفي ذات تجربة الديمقراطية الثانية وبالأخطاء التي شابتها في الممارسة الحزبية من جراء التنافس كان هنالك اشراقات في جوانب اخرى ، فقد تمت معالجة بعض تشوهات عدم مشاركة الأقاليم وتمركز السلطة بالخرطوم وإن كانت بصورة محدودة ولكنها ذات تأثيرات إيجابية، وشاركت اقاليم السودان في السلطة التنفيذية، كما وشارك إقليم دارفور بتولى الأستاذ أحمد إبراهيم دريج لوزارة العمل في عام 1966 ثم زعيما للمعارضة، وتولى د آدم محمود موسى مادبو منصب وزير الدفاع في عام 1967 ، وفي الديمقراطية الثالثة حصلت نقلة في المشاركة، وشاركت أقاليم السودان في مجلسي رأس الدولة والوزراء وفي تولى إدارة الأقاليم ومن خلال نتائج الإنتخابات العامة التي شارك فيها المواطنون ، ومن جنوب السودان شارك د باسافيكو لادو لوليك ود علي حسن تاج الدين من إقليم دارفور والسيد محمد الحسن عبد الله يس من إقليم كردفان أعضاء بمجلس رأس الدولة والعديد بمجلس الوزراء من اقاليم السودان كما وبالجمعية التأسيسية ، وبرزت الأصوات الحديثة من أمثال الأستاذ يوهانس اكول وجوزيف مديستو في التشريع ، ومن المؤكد كان التطور الديمقراطي الإيجابي سيشهد تغييرات على مستوى المشاركات من خلال الأحزاب والتنظيمات السياسية وتطويرها إذا لم يستولى نظام الانقاذ على السلطة في 30 / يونيو/ 89 ، لذلك ومع الإقرار بوجود تلك التشوهات في الإطار القديم ألا ان علاجها الأمثل كان بالمزيد من ممارسة الديمقراطية وليس كما يحدث الآن من تشوهات تجاوزت الموروثة من الإطار القديم وأنتجت تشوهات جديدة أكثر عمقا وشيوعا واصابت الممارسة السياسية برمتها بأمراض مزمنة معيقة لتطورها ، افرغت تشوهات الممارسة السياسية الجديدة عشرات الأحزاب والحركات المسلحة المنقسمة على نفسها والتي صارت تتكون وتتوالد بصورة دورية من دون اي برامج ، فماهية برامج الحركة الشعبية التغيير الديمقراطي التي يقودها الأستاذ ياسر عرمان ، وماهية برامج الجبهة الثورية السودانية، وماهية برامج مكونات قوى الحرية والتغيير الموقعة على الإتفاق الإطاري وغير الموقعة ، ويظل السؤال الأهم هل تصلح بندقية حميدتي التي أحتمت بها قوى الحرية والتغيير الموقعة على الإتفاق الإطاري صالحة لحماية الديمقراطية المدعاة .
قوات الدعم السريع :
قد لا تخسر قوات الدعم السريع محصلة نتائج المعارك الدائرة حاليا قريبا، ولكنها لن تكسب نتائج الحرب ، لقد خسرت الدعم السريع بالفعل الحرب قبل إنتهائها بأستيلاء العديد من قواتها على منازل المواطنين وسياراتهم ومقتنياتهم الشخصية وبالإعتقالات المتكررة التي يطالب الأستاذ ياسر عرمان الدعم السريع بتكوين مجموعة عمل لتلقي شكاوي المواطنين المتضررين منها ، لقد خسرت قوات الدعم السريع الحرب والعديد من المقاتلين يحاصرون مدن الجنينة وزالنجي وكتم ونيالا ويمارسون القتل الجزافي والترويع على آلاف من المدنيين كما ويمارسون النهب والسلب، لقد خسرت الدعم السريع الحرب ولم تعد بالإمكان ان تنال رضا المواطنين لللتعبير عنهم مهما ادعت وزعمت وعن مطالب المتأثرين بالإنتهاكات الذين يرفعون الأصوات عالية في كل مكان مطالبين بحمايتهم من إنتهاكات عناصرها وياسر عرمان قابعا في محطة إنتظار منبر جدة والإتفاق الإطاري.
تشوهات قوى الحرية والتغيير :
من اكثر التشوهات جسامة والتي تم انتاجها عقب ثورة ديسمبر المجيدة بإسم قوى الحرية والتغيير، وقد تخلت نخب الأحزاب عن تنظيم عضويتها الحزبية والإستعداد للعملية الإنتخابية في إطار مسار الإنتقال الديمقراطي السليم ،وتحولت إلى مجموعة نخب باحثة عن السلطة تحت غطاء مسمى قوى الحرية والتغيير، هذه النخب السياسية لا تمارس الديمقراطية في ذاتها ،كما طال فساد ممارساتها بعض نخب المجتمع المدني التي تعلمت ممارسة الإستهبال السياسي بالغطاء المدني وتجمع المهنيين واهدرتا مكاسب ثورة ديسمبر المجيدة، إن من ضمن المهام الأساسية لمنظمات المجتمع المدني مراقبة السلطة وليست المشاركة فيها، ولكن قوى الحرية والتغيير أسست لقوى صورية بإسم المجتمع المدني وجودها الفعلي صار في داخل غرف المفاوضات المغلقة وقد حصرت كل انشطتها وأعمالها في المفاوضات وورش المشاركة في السلطة وحمل حقائب السفر للمشاركات الخارجية ومقابلة مسؤولي البلدان، كما شوهت قوى الحرية والتغيير الأدوار التاريخية للمهنيين بإنتاج نخب تحمل معها شعارات المهنيين وتتجول بها في مفاوضات السلطة وبالتالي فقد المجتمع المدني دوره الرقابي على الممارسات السياسية بمثلما فقد المهنيين دورهم في تحريك القوى والنقابات المهنية .
وفي ظل هذه التشوهات العامة وركام الممارسات السياسية بات السؤال اين وكيف الحل – نواصل .

مقالات ذات صلة

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments
زر الذهاب إلى الأعلى
0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x