مقالات الرأي

البشريات الما خمج (1)


بقلم: الصادق علي حسن

من فترة وبالتحديد في خلال الأسبوعين الماضيين علمت من عدة مصادر وجهات بان هنالك مساعي أمريكية سعودية حثيثة لضم المدنيين لمنبر جدة ومواصلة التفاوض حول كل القضايا الأخرى ضمن موضوع وقف الحرب، كذلك هنالك من قام باستجلاء هيئة محامي دارفور عن مدى تقييمها لمنبر مفاوضات جدة وامكانية تحقيق النجاح في مسعاه ، وقد لا يكون ذلك المُستجلي الذي هو ليس ببعيد عن تسهيلات منبر جدة يعمل على تقييم المنبر ودوره ، في رد هيئة محامي دارفور للمُستجلي بان الهيئة تدعم كل جهود وقف الحرب سواء في جدة أو غيرها، ولكن من السابق لأوانه التقرير في قضايا البلاد الأخرى في منبر جدة كما ان السعودية في ذاتها أيضا مساهمة في مشكلات وأزمات البلاد من خلال أستجلاب الجنود من طرفي الحرب للقتال نيابة عنها في اليمن ، وفي تبرير عدم مشاركة الهيئة في هكذا تفاوض ،ان الهيئة مؤسسة رقابية إذا شاركت في هكذا عملية تفاوضية تلقائيا ستفقد أهم خصائصها كما ستفقد اي منظومة مدنية اخرى معنية بالرقابة خاصية الرقابة حيثما أشتركت في هكذا منابر كمفاوضين وذلك بفقدها لمهمة الرقابة، ولا يمكن الجمع بين المشاركة في التفاوض والرقابة عليها ، فبمجرد المشاركة تنتهي تلقائيا صفة الرقابة ، ومن الأفضل ان تسهل السعودية الدخول فقط لمنظمات المجتمع المدني السوداني لتأتي على نفقتها الذاتية وتشارك بصفة المراقب .
تواترت لاحقا من مراقبين دوليين عن استمرار جهود ضم قوى مدنية لمنبر وساطة جدة، كما وسعت القوى المدنية الموقعة على الإتفاق الإطاري في تجهيز عضويتها تحت غطاء المجتمع المدني ونتجت عن محاولاتها التمهيدية لتسمية ممثلا لمحامو الطوارئ ان استقال العديد من عضوية محامو الطوارئ واصدور بيانا بذلك .
وصلتني رسائل من عدة أشخاص مصحوبة بمقال كاتبه الصديق النابه الصحفي المقيم بواشنطن الأستاذ عبد الرحمن الأمين ، والأستاذ عبد الرحمن الأمين من الشخصيات المؤثرة لدى المنظمات وصناع القرار في الشأن السوداني بالولايات المتحدة الأمريكية ويجمعني به الود والإحترام وفي كل زيارة لي لوأشنطن يحرص على دعوتي مع مجموعة من الأصدقاء المشتركين للتداول والنقاش ، والأستاذ عبد الرحمن الأمين عبارة عن مخزون معلومات مثله مثل الأستاذ فتحي الضو هنالك معلومات تجدها عندهما قد يبحث عنها الباحث والمنقب في مراكزها بالخرطوم ويصعب عليه أو قد يتعذر الحصول عليها لأنها متكتم عليها وفي نطاق محدود بالخرطوم ، وحينما يكتب الأستاذ عبد الرحمن الأمين تكون المعلومة التي يكتب عنها قد تجاوزت مرحلة الدراسة والتحليل بخاصة حينما ينسبها إلى مصادره ، لذلك حينما قرأت حول مقاله البشريات الما خمج بانه علم بان الإتفاقيات المبدئية بين أطراف جدة الأربعة قد اكتملت وان هنالك تهديدات جادة بعقوبات شخصية إذا لم تتم الإستجابة وان مفاوضات الحل السياسي سيتم الإعلان عنها رسميا نهاية الأسبوع القادم على ابعد تقدير وسوف تضم القوائم اعدادا كبيرة من الوجوه الطازجة وفيها شخصيات مدنية ومستقلة ذات قبول، فضلا عن أعداد كبيرة من السيدات وشباب المقاومة من الجنسين ، تأكدت ان الولايات المتحدة الأمريكية حتى الآن لا تمتلك اي استراتيجية للتعامل مع الأحداث المتسارعة في السودان وان تصوراتها متواضعة وقد لا تكون قادرة على فعل شئ حتى هذه التهديدات لن تكون ذات جدوى، كما وليست للولايات المتحدة الأمريكية المعلومات الحقيقية عمن يديرون الحرب فحميدتي الآن ليس هو من يدير الحرب وقد تجاوزت إدارتها من جانب الدعم السريع شقيقه عبد الرحيم وقد تكون الأمور الآن بايادي قيادات غير معلومة، فهنالك جبهات جديدة قد فتحت ليست لقيادة الدعم السريع التي كانت طامحة في حكم السودان مصلحة في فتحها الآن بمثلما في جانب الجيش فمن الواضح ان البرهان وأقرب اعوانه لا يمتلكون قرار وقفها ، لذلك هذه التهديدات التي تصدر من الولايات المتحدة الأمريكية من وقت لأخر لا قيمة لها ولا أثر في ظل دخول أطراف جديدة وستكون نطاقها الأسافير وبيانات الخارجية الأمريكية وستكشف الأيام القادمات عن ذلك ، اما السعودية فبخلاف انها من أطراف الأزمة فهي تسعى لتأمين مصالحها من خلال نخب الإطاري وهؤلاء النخب لا يمتلكون تصورات لإدارة الدولة وكل ما يسعون إليه هو أمتطاء السلطة من خلال ظهر الوساطة ، اعتقد شخصية مثل الأستاذ عبد الرحمن الأمين عليها إعادة النظر في تقييم الأوضاع بالبلاد التي دخلت مرحلة الفوضى الشاملة ، فقضايا السودان الحالية تجاوزت أطرافها الرباعية المذكورة في مقاله وصارت قضية مجتمع انقسم على نفسه وتشرزم وفى إتجاه التشظي ، المنشود الآن لن يتم الوصول إليه من خلال الإتفاق الإطاري ، وما يمكن ان يحققه الإتفاق الإطاري في ظل سعي منبر جدة يتمثل في تكوين حكومة منوط بها إجراء إنتخابات عامة بالبلاد خلال فترة محددة وذلك لتسليم السلطة لممثلي الشعب، وإذا سلمنا جدلا بهذا الإفتراض وبهذه الغاية ونتائجها ، السؤال الهام أين هي الدولة نفسها والأحزاب ومن هو الناخب ، ما لا يعلمه الأستاذ عبد الرحمن الأمين ان الدولة بشكلها السابق لم تعد موجودة في اذهان غالبية السودانيين ،وإذا اقيمت اي إنتخابات في ظل هذه الظروف والأوضاع فإن النتائج ستكون تكريسا لبروز القبيلة والجهويات بصورة سافرة ، والمطلوب الآن أولا استعادة الدولة في اذهان مواطنيها وهذه هي مسؤوليات مجتمعية تبدأ بأجبار الطرفين على الوقف الفوري للحرب وليس الإقرار لهما بانهما يمثلان مرجعية المراكز التفاوضية وانشاء المراكز القانونية التي تنظم شؤون البلاد ، فمن الأفضل تعزيز جهود مبادرات القيادات المحلية بمثلما سعت المكونات الشعبية والمدنية بمدينتي نيالا والفاشر وحاولت بالجنينة ولكن نتائج سعيها تم إحباطها بواسطة الدعم السريع .
ملهاة منبر جده :
منبر جدة بهكذا وضع عبارة عن ملهاة من خلاله تسعى وساطة جدة لإستدعاء الإتفاق الإطاري ، هذا الإتفاق الإطاري قد تم تجاوزه بفعل الأمر الواقع ، وأقصى ما يمكن ان تفعلها ملهاة جدة ، يتمثل في بث الأمان الزائف والذي سرعان ما يتبدد بالقصف الجوي والدانات والمقذوفات المتبادلة بين الطرفين – نواصل

مقالات ذات صلة

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments
زر الذهاب إلى الأعلى
0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x