مقالات الرأي

البلاد في مفترق طرق وعقار ومناوي تائهان (1)


بقلم: الصادق علي حسن

الباحث في تاريخ الدولة السودانية يجد بان السودان بحدوده الجغرافية قبل إنفصال جنوبه بدأ تأسيسه عام 1821 على يد محمد علي باشا وأبنائه وهو أحد حكام الأمبراطورية العثمانية الأقوياء، وفي عام 1840 حاول محمد علي وأبناؤه وراثة ممتلكات الأمبراطورية العثمانية التي ضعفت وفقدت سطوة سلاطينها الأقوياء ولكن دول أوربا حالت بينهم وبلوغ مرادهم ،كما اوقفت دول أوربا طموحات امبراطور روسيا من الشرق وظلت الأمبراطورية العثمانية محتفظة بوجودها الأسمي على غالبية اراضيها في الشرق الأوسط ومصر وجنوبها السودان حتى القرنين (18و19) على الرغم من ضعفها وفقدان سيطرتها التامة على أرجاء الأمبراطورية الشاسعة بفضل حماية مصالح توازن دول أوربا المسيحية لها بالرغم من إختلاف العقيدة ،وحينما دخلت الأمبراطورية العثمانية الحرب العالمية الأولى إلى جانب المانيا في مواجهة الحلفاء الأوربيين وأخلت بحفظ ميزان المصالح الأوربية المتحالفة في مواجهة المانيا التي خسرت الحرب تم أقتسام ممتلكات الأمبراطورية العثمانية ولم تف بريطانيا ودول الحلفاء بوعودها لشريف مكة الشريف حسين بن علي وتنصيبه ملكا على كل العرب بعد نهاية الحرب ، وبموجب معاهدة فرساي تم تقسيم أملاك الأمبراطورية العثمانية ونشأت الدول الحديثة المصنوعة من أملاك الأمبراطورية العثمانية ومستعمرات المانيا خارج أوربا وبمناطق المجموعات السكانية التي وعدت بالإستقلال نظير الإنضمام إلى الحلفاء في الحرب والاعتراف بها باعتبارها كيانات مستقلة ، وفي جزيرة العرب تم تأسيس المملكة العربية السعودية في عام 1923 من تحالف جمع بين الشيخ سعود ورجل الدين محمد بن عبد الوهاب كما وتم أقتطاع اراضي وانشاء دول صغيرة لأبناء وأحفاد شريف مكة الشريف حسين بن علي في حوض نهر الأردن (المملكة الإردنية الهاشمية) ومملكتان في سوريا والعراق ،وفي عام 1924 قام كمال اتاتورك باعلان إنهاء الأمبراطورية العثمانية وتأسيس الدولة التركية ومنع أوربا من التغول على دولة تركيا الوليدة، وفي مصر تحولت خديوية أبناء محمد علي باشا لمملكة خاصة بهم وظلوا يتمسكون بتبعية الأراضي السودانية الخاضعة لدولتي الحكم الثنائي لوراثتها ضمن مصر بعد نهاية الوضع الثنائي الإستعماري المشترك مع بريطانيا على الأراضى السودانية.
مشروع الدولة السودانية 1955م:
بعد أكثر من ثلاثة عقود في ظل دكتاتورية النظام البائد وعهد البرهان لا زالت الأحزاب والتنظيمات السياسية السودانية تتبارى في الحديث عن عقد مؤتمر دستوري لوضع الدستور الدائم للبلاد فقط الإختلاف في المسمى، وهي لا تدرك بان المؤتمر الدستوري قد تم النص عليه باعتباره مرجعية تأسيسية لوضع الدستور الدائم للبلاد ضمن القواعد التأسيسية الخمس المجازة في عام 1955 بضمان مشاركة كل اقاليم السودان في إنتخاب جمعية تأسيسية تمثل كل التنوع والتعدد المجتمعي بالدولة ، ومن خلال الحملات الإنتخابية والندوات والمؤتمرات والورش المصاحبة للعملية الإنتخابية والبرامج الإنتخابية المطروحة للناخبين تكون مؤتمرات التأسيس الفعلية قد انعقدت بكل مدن وأرياف السودان، ويتم إنتخاب النواب المؤسسين بناءٓٓا على تنافس حر وديمقراطي ويباشر النواب المؤسسون المنتخبون إقرار الدستور الدائم للدولة وهم يعبرون عن جميع مواطنيها وثقافاتهم وحقوقهم المرعية ، لقد ظل الأستاذ يوسف بشر المحامي يمارس التوعية والتثقيف بالمدخل السليم للتأسيس الدستوري السليم مثل الداعية من رجالات الدين في أندية اللهو وقد نذر نفسه حتى قامت الحرب، وأكدت وقائع هذه الحرب العبثية بان أوضاع البلاد قد شارفت تجاوز التأسيس الدستوري السليم وممارسة الديمقراطية بالبلاد وانها خطت خطوات مقدرة في إتجاه إنهاء مشروع الدولة السودانية 1955م ، ليتشكل مستقبل جديد للسودان لا يزال معالمه في رحم الغيب وصارت
كل الاحتمالات وأردة ومفتوحة وتحددها مراكز قوى وأجيال جديدة.

  • من المقالات الهامة المنشورة، كتب الدكتور الوليد آدم مادبو مقالا في يوم ١٧/ ٥/ ٢٠٢٣م بعنوان على هامش أحداث الجنينة.. شعوب السودان تنتحب وهي صامتة ما نأخذ منه الجزئيات التالية (ما يحدث في الجنينة حاضرة دار مساليت شئ يندى له الجبين ،فقد ترك المواطن اعزل في مواجهة جماعة غاشمة لا تقيم وزنا لميراث السلطنة ولا تحتفي برموزها التاريخية) ،(يجب ان تكف النخب عن وصف حروب دارفور بأنها مشاكل قبلية ، هذه مشكلة سياسية ذات أبعاد إقليمية ودولية. صحيح ان هنالك تأثيرات للحرب الليبية التشادية لكن قبائل تشاد نفسها ،عربا كانوا ام زرقة ،لهم اصولهم وأعرافهم التي تمنعهم من إرتكاب مثل هذه الموبقات . وقد كانت جل هجرات العرب (عرب دارفور خاصة) من تشاد بعد ان حازوا الساحل ودخلوا جنوبا فلم يرق لهم المناخ،فاتجهوا شمالا وكونوا سلطنات جزءا من الوجدان الثقافي الإجتماعي لدارفور، كما خاضوا معتركا لقرون عدة تبلورت على إثره الشخصية الوطنية السودانية ).
    دكتور الوليد مادبو في مقاله القيم المذكور تناول المجموعات التي استجلبها نظام الإنقاذ لخدمة أجنداته السياسية وخطورتها ، هذه المجموعة تتشكل من عدة عناصر وليس كما يربطها البعض بكل أبناء الرزيقات وقال الوليد إن من فاته ذلك التاريخ سيظل غريبا عن هذا الوجدان ، بل سيكون دوما في حالة هلع تجعله يستعجل نهب الخيرات وسرقة موارد البلاد لانه يدرك ان اهلها سيستفيقون يوما من غفلتهم وسيطردون الغريب من ارضهم التي تمت استباحتها دون حق ثم ذكر الأخطر انها ستغذي النزعة العروبية وتسعى لإقامة أحلاف على أسس عرقية ، فتنمى لا محالة نعرة الصفوية الشعبية على أمتداد القطر .
  • ناطق رسمي بإسم الحزام العربي :
    بمثلما ذكر د الوليد مادبو عن خطورة السعي في إقامة أحلاف على أسس عرقية ، وجد أحد الأفراد ضالته في أجواء الإستقطابات الإجتماعية ونصب من نفسه ناطقا رسميا بإسم الحزام العربي من أم دافوق إلى بحر العرب ويثير هذا الرجل النعرات من خلال تسجيلات مسجلة وصمم لنفسه علما كتب عليه الحزام العربي وفي الشعار وضع مهرة تركض وبمثلما نصب ذلك الرجل نفسه في وظيفة الناطق الرسمي بإسم الحزام العربي وهو لا يمثل اي نوع من انواع نظم القيادات الأهلية المحلية المعروفة والراجح انه هو نفسه يتواجد خارج السودان هنالك أيضا احد المتحدرين من أبناء غرب دارفور وهو في إحدى دول الغرب ينشر في تسجيلات وهو يرتدي الزي العسكري ويقوم بتسجيل افلام تمثيلية من داخل غرفته عن معارك في مواجهة الجنجويد كما يصفهم لتذكي مثل تلك التسجيلات وأصحابها في مأمن خارج البلاد أوار الحرب المستعرة بين البسطاء في المناطق المتأثرة بالصراعات القبلية .
    عيسى المسيح وموسى أنقور :
    عيسى المسيح وموسى أنقور مجرمان من كبار قطاع الطرق بشمال دارفور ذهبا إلى دولة أفريقيا الوسطى وقاما بتكوين مليشيا من العناصر المحلية بدولة أفريقيا الوسطى وظهرا وسط مجموعات منها وقد قاموا بإحتجاز عشرات الأهالي البسطاء وهما يتحدثان أمامها عن دولة الإسلام ويكبران ويهللان وهما يجهلان حتى صحة قراءة سورة الفاتحة ومجموعات اهلية محلية بسيطة المعرفة بالدين الإسلامي خلفهما تهلل وتكبر في نموذج يكشف المدى الشنيع لاستغلال الدين الإسلامي بواسطة مجرمي وتجار الأزمات في بعض المجتمعات الإفريقية، المجموعات الغاشمة التي كتب عنها د الوليد مادبو هي من أمثال عيسى المسيح وموسى انقور لا تمثل انتماءات اثنية يعبرون عنها بل عتاة مجرمين يستقطبون أهالي وبدو صحراء ينتشرون جنوب الصحراء الكبرى من جنوبا ليبيا والمناطق المتاخمة لدارفور وفي أفريقيا الوسطى وتشاد ومالي والنيجر وغالبية هؤلاء لم تتكون لديهم روابط بانتماءات جغرافية محددة ، لقد قام النظام البائد باستخدام أمثال هولاء لتحقيق أهدافه ، وجمعوا من هولاء بأولئك من ضحايا فاقدي السند الأسري إضافة لعناصر التنظيم السياسي العقائدي وتم تشكيل الكتائب وممارسة القتل وكل انواع الجرائم بلا وازع أخلاقي أو ضمير خدمة لمشروعهم السلطوي ، وبعد نجاح ملحمة الإعتصام كانت جريمة مجزرة الفض البشعة ،ثم تمكن حميدتي من تأسيس دولة لنفسه داخل دولة النظام ، ولتضارب المصالح نتج التنازع فالحرب بين النظام وصنيعه حميدتي .
    المفارقات العجيبة والسابقة السودانية :
    في نظم الأمم المتحدة المرعية ومعاهداتها الاعتراف بالدولة تقوم على وجود أرض وشعب وسلطة ذات سيادة والسيادة تعني ان تقوم عليها سلطة تحتكر العنف وتفرض النظام بمركزية إدارية وأحدة وحينما تفقد إحدى دول الأمم المتحدة السيادة تعتبر الأمم المتحدة ذلك الوضع فيه إخلالا بالأمن والسلم الدوليين، السابقة السودانية الحالية قوتين عسكريتين بقانونهما تتنازعان بالسلاح في إدارة الدولة وأطراف عسكرية أخري تحمل السلاح وتشارك في إدارة الدولة وتعلن بانها ليست مع هذا ولا ذلك ، عقار يقبل بتولى منصب نائب البرهان في مجلس السيادة ويعترف به بأعتباره مرجعية تعيين المنصب السيادي وفي ذات خطاب قبول تعيينه بالمنصب والمشار إليه والموجه للشعب السوداني يصف من قام بتعينه بالطرف الأخر في الحرب ويدعو لوقفها ، الرجل الثاني في الدولة مثله مثل الغير يتحدث عن طرفين متحاربين وكأنه ليس هو الرجل الثاني في الدولة، أما مناوي وهو في منصب حاكم إقليم دارفور فهو يطلب من المواطنين حمل السلاح وهو لا يدري بان الدولة حينما يصل الحاكم فيها إلى مرحلة دعوة المواطنين لحمل السلاح بخلاف حالة الحرب مع دولة أخرى يكون الحاكم نفسه سواء كان بالمركز أو الإقليم قد فقد الأساس الموضوعي لممارسة الحكم ، كما ولا يمثل اي سلطة يمكن ان تستحق الإحترام .

مقالات ذات صلة

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments
زر الذهاب إلى الأعلى
0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x