مقالات الرأي

الحرب والإنهيار الإقتصادي

بقلم: محمد الزين محمد أحمد
( ود الزين )


الرهان على الحرب الحالية التى بسببها فقد الكثير من السودانيين، منازلهم وممتلكات ؛ مما أدى إلى ظهور ظاهرة جديدة لم تشهد لها الدولة السودانية مثيلا من قبل.

لا شك أن المجمتع السودان اصبح من أكثر المجتمعات التى تعيش تحت خط الفقر، فالكثير من الأسر لا تملك قوت يومها، مما أدى إلى ظهور ظاهرة التسول في الأسواق، وأماكن التجمعات ،و هذا إن دل إنما يدل على إنهيار اقتصاد الدولة؛ بسبب هذه الحرب العبثية، التى ادت بالاقتصاد السوداني إلى انهيار تام ، و سوء المعيشة، التى كادت ان تكون معدومة في بعض المناطق ،و منع دخول المنظمات الإنسانية، التى من الاجدر أن تباشر عملها في مثل هذه الظروف،  من تقديم  المساعدات وغيرها. و اذا نظرنا  لصيرورة  تاريخية التى ادت لتشكل الدولة السودانية ، انساناً و مؤسساتاً ، و خاصة المؤسسة العسكرية بنظرة تفحصية نجد أن هنالك كثير من الأزمات ، و الإشكاليات ، و شلل تامة في قطاع المؤسسة العسكرية و هذا مما أدى الى تدهور تامة و غياب المسؤلية ، و الواجب الوطني الذي كان من الأجدر أن تقوم به المؤسسة العسكرية و الكلية الحربية في حماية الوطن و المواطن و حفظ دستور البلاد و حمايتها من الانقلابات العسكرية الموازية لكن المؤسف جداً أن المؤسسة العسكرية طيلة الفترة التاريخية لم تقوم بواجبه الوطني بل كان له نصيب الأسد في الأزمات ، و المساعد الأول في قتل ، و تشريد ، و تهجير ، و تعذيب ، ابناء و بنات الشعب السوداني ، و ايضاً ساهمت في انفصال جزء عزيز لنا و حبيب لنا هو جنوب السودان .
و بالتالي نسيت المؤسسة العسكرية دورها  الأساسي ، و اصبحت بارعة في تغويض (deconstruct) السياسة و الاقتصاد ، و الاستثمار و الاستثمار كمثال بسيط نلاحظ أن نسبة 85% من الاقتصاد السوداني يذهب للمؤسسة العسكرية في شكل أسلحة و آليات حربية حتى تتمكن من قتل ابناء جلدتها ، و الجزء الاخر يذهب لكبار ضباط المؤسسة نفسها بشكلها الاختلاسي التى تكمن في السرقة والاحتيال القانوني كما يدعونه و غير مثال  وزير الدفاع السابق عبدالرحيم محمد حسين كانت له استثمارات كثير تتمثل في عقارات و مستشفيات مثل مستشفى علياء ناهيك عن الشركات الضخمة و العقارات خارج بلادي و غيرها
و كثير من رموز النظام السابق وداد بابكر كمثال لا جدال فيه يملكون ثروات هائلة بغير نص قانوني يُذكر مدى امتلاكهم لمصادر ثرواتهم و بالتالي هذا هو راس الخيط لبداية تدهور تام في باقي المجالات مثل الصحة ، و التعليم و غيرها .
هذه الوضعية الاستثنائية سمحت لها ان تتغوض في السياسة و تقوم بتأسيس اجسام أخرى  تقتال بالإنابة عنها و هذا الأجسام لها  الصلاحية التامة للقيام بذلك ؛ مما أدى إلى فقد المؤسسة العسكرية سيطرتها في التجاوب مع مثل هذه المعطيات او الطفيليات بالأحرى.
لا سيما أن هذا الحرب، ساهمت ايضا في تهجير الطاقات الشبابية و الكوادر من المعلمين والمهندسين و غيرها وهذا هي الخسارة العُظمى للدولة السودانية؛ لان الملاحظ ان 60% من الشباب السوداني خارج الوطن ، و 30%، زجو في الاستنفارات ،و 10% مازالوا في حالة تشتت و القلق الوجودي ، و البحث العميق حول فكرة المستقبل و بناءه .
و كل هذا الانهيار بسبب سوء ، الهادنة السياسية و الإدارة المالية ،و التخطيط الاقتصادي والعمراني السليم ، و عدم وجود كفاءات مناط بها للقيام بهذا الدور.
و عدم توفير فرص عمل ، كافية لإنهاء مشكلة البطالة ، و الاستفادة من الموارد البشرية و الطاقات الشبابية التى تم ذكره مسبقاً، و المشكلة الآخر الجدير بالذكر تكمن في ذوات الخبرات والمهارات الذين لم يلاقوا أرضية خصبة لممارسة خبرتهم ومهاراتهم المهدورة ولم تتوقف هذه المؤسسات في هذا الحد بل أعلن حرب بطريقة مباشرة او غير مباشرة في تهجير وقمع هؤلاء المؤهلين والمفكرين وتشريدهم بطرق فظيعة جدا، مع ان بإمكان هؤلاء لو اُطيح لهم الفرصة في المشاركة لحل الازمة لتم  بدورهم ، معالجة القضايا الاقتصادية ، وتم زيادة الإنتاج ، و الإنتاجية ، و تطوير الحِرف اليدوية  (Hand made) ، و يتم ذلك بطرح مشروع اقتصادي قوي يرتكز على أُسس متينة و ثابتة.
انا افتكر ان لكي يتحسن الواضع الاقتصادي السوداني نوعا ما علينا بوقف الحرب الحالية بوصفه نتيجة ل تراكم اخفاقات الأنفة الذكر و النظر لدولتنا بعيداً عن النظرة التحيزية الرأسية الضيقة .
والمجتمع السوداني يحتاج إلى قيادة رشيدة، ذو عقيدة وطنية، خالصة واضحة،و نظرية اقتصادية قوية مؤسسة، و لا سيما نظرية تتماشى مع فرضيات الواقع السوداني في الإنتاج والإنتاجية و بلوغ الرفاه المجتمعي.

مقالات ذات صلة

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments
زر الذهاب إلى الأعلى
0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x