مقالات الرأي

مرحلة تخريب الثورة

بقلم : أحمد عثمان إسحاق

دخلت الثورة مرحلة التخريب من الداخل من خلال النزاع بين لجان المقاومة وضرب العلاقة بينها وبين المكونات الثورية الأخرى ثم التشكيك في شعاراتها التي ترفعها والسخرية منها مثل شعار التغيير الجذري.
والمرحلة المقبلة ستشهد تجيير الزخم الثوري لصالح تحسين الموفق التفاوضي لقوى إعلان الحرية والتغيير لإنتزاع أكبر قدر من المكاسب في التسوية القادمة والتي بداخلها المكون العسكري بتعويض صلاحياته لجماعة التوافق الوطنيّ بعد إعلان انسحابه من العملية التفاوضية حتى يترك المجال للمدنيين حسب خطاب البرهان الأخير.

تستند عملية التخريب علي عدم الوضوع النظري الذي يتم في غيابه خلط حابل الثوريين بنابل الإنتهازيين المنسودين من مجموعة حكماء اليسار ويبدأ التخطيط بالنظر للجميع كقوى ثورة في مواجهة العسكر في حين يسعي البعض الي التقارب معهم عمليا ورفض التسوية نظريأ.

وهناك تصريحات لقيادات في الحرية والتغيير قصد منها جعل الباب مواريا وهي موجهة لعدة جهات على رأسها المجتمع الدولي ؛ مثل قول أحدهم بأنهم سيعتمدون التصعيد الثورى في حال رفض البرهان للحل السياسي وهو حل تفاوضي وأي حل تفاوضي هو تسوية لانه ينطوي علي تقديم تنازلات متبادلة و لهذا السبب تقف قوي الحرية والتغيير مع التصعيد في الوقت الذي ترفض فيه الحل الجذري ويجعل منه كادرها مادة للتندر والسخرية.

وتضع العراقيل أمامه بالعمل على عزل القوى التي تتبناها ، بل يتم تفسير الشعار بطريقة متأسفة تربطه بنهج الحزب الشيوعي الذي يوضع علي أنه يرتكز علي مفاهيم سياسية تعود الي الخمسينيّات والستينات من القرن الماضي ويتبرع دهاقنة اليسار غير الماركسي للقيام بهذه المهمة.

ويعرقون العملية في جدل فلسفي حول الحداثة وما بعد ، يهرعون إلى المراجع والكتب لضبط المصطلحات حتي تغيب طبيعة الصراع الذي يدور علي أرض لجان المقاومة وفي الإعتصامات مع أن التغيير الجذري معروف وهو إعادة صياغة الحياة السياسية والاقتصادية بما يسمح بنصب ميزان العدالة وسد المنافذ أمام الإسلاميين الطفيليين التي تستخلب ثدي الدولة.

ملاحقة الذين نهبوا أموال الشعب وإرجاعها منهم ووضعهم في السجن ، وأن ما حدث خلال العامين الماضيين وبمشاركة قوى الحرية والتغيير لم يحدث فيه تحقيق شعارات الثورة وظلت القوى التي ثارت ضدها الجماهير مسيطرة على هياكل الدولة ولذلك لابد من تغيير يستأصلها من الجذور ، لكن تعريف المعرف في اللغة يفيد التنكير حتي يخضع المفهوم لإعادة نقاش في الغالب يكون الغرض منها طمس هويته والسخرية التي يتعرض لها مفهوم التغيير لا تعود لارتباطه بأدبيات الحزب الشوعي ولكن لأن تنفيذه يستهدف القوى التي تحاول الحرية والتغيير الدخول معها في تسوية بإشراف دولي وإقليمي.

وليس من المعقول أن توافق على محاسبة نفسها ؛ من الممكن أن يوافق العساكر علي إقامة العدالة بصورة عامة لكن لن يقبلوا بتوجيه أصابع الإتهام لهم وبشكل مباشر وإحالتهم للمحكمة وفق ذلك وإذا تمسكت الحرية والتغيير بهذا الشرط ستبدو غير جادة في نظر الوسطاء الدوليين وربما خضعت لعقوبات وإن تخلت عن هذا الشرط فقدت الشارع ، لذلك سوف تنحاز الي الثوار بالقدر الذي يمكنها من انتزاع أكبر قدر من المكاسب علي حساب الجهات التي دفع بها العساكر الي المشهد السياسي تحت دعاوي الحوار الذي لا يستثني أحد وإذا قدمت قوى الحرية والتغيير التنازلات المطلوبة وصمتت عن تحقيق العدالة فيما يخص جرائم فض الإعتصام وقتل المتظاهرين بعد انقلاب ٢٥ إكتوبر وتخلت عن إعادة هيكلة الجيش أو تركت هذه المهمة للعساكر فإن العساكر لن يبدون نفسي الحماس لمجموعة إعتصام القصر وحتى تتحرك الحرية والتغيير بمرونة لابد أن تسود شعارات التفاوض والحل السياسي أو العملية السياسية وسط لجان المقاومة، وطبعا هي مسميات لشيطان واحد اسمه التسوية مع اللجنة الأمنية لنظام البشير ، حتى إذا وافق العساكر علي شرط الحرية والتغيير غير المعلن وهو إخلاء الساحة لهم من أي منافس حالي أو محتمل وقبلوا بالتسوية معهم ارتدت هي على الشارع خاصة وإنها لم تلتزم جانب التغيير بمساحة أكبر من تلك التي تمكنها من إحكام قبضتها علي السلطة.
لذلك يقتضي الوضوح إعادة تسمية الاشياء بمسمياتها الحقيقية، وأن نقول بكل صراحة أن كتلة الحرية والتغيير ليست من قوى الثورة وأنها تسعى لأفراغ الحراك الجماهيري من مضمونه الثوري وجعله متوافق مع المصالح الطبقة القديمة التي ثارت عليها الجماهير وقدمت من أجلها الشهداء كما أن كثير من حكماء السياسة الذين يظهرون بمظهر الورع الثوري ويقدمون النصائح للكل دون مراعاة فروق الوقت أو المصالح يجب إعادة تعريفهم بإعتبارهم سماسرة دوليين.

مقالات ذات صلة

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments
زر الذهاب إلى الأعلى
0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x