مقالات الرأي

المسؤولية الجنائية والمراكز القانونية التي يُنشئها الأطفال ومُشاركة الطفل مصعب في المؤتمر الصحفي لهيئة الدفاع عن محتجزي ولايتي غرب وشمال دارفور الأخيرة


بقلم: الصادق علي حسن المحامي

في نقاش مفتوح بمنصة كلوب هاوس حول محامو الطوارئ تناولت إحدى المشاركات في المنصة إشراك هيئة الدفاع عن محتجزي ولايتي غرب وشمال دارفور دارفور لطفل في المؤتمر الصحفي والذي نظمته هيئة الدفاع مؤخرا وأرجعت مشاركة الطفل المشار إليه في المؤتمر الصحفي إلى زميلة محامية وعضوة بهيئة الدفاع ووجهت لها إنتقادات لاذاعة واتهمتها بتعريض حياة الطفل المشار إليه للخطر لتحقيق مآرب ذاتية مخالفة بذلك لأخلاقيات المهنة والقانون وهنا لا اود ان أتدخل فيما بينهما أو غيرها فيما تم تناوله في تلك المنصة إلا في حدود إبراز بعض الحقائق والوقائع بصفتي المنسق العام لهيئة الدفاع عن محتجزي ولايتي غرب وشمال دارفور والمسؤول المباشر عن مشاركة ذلك الطفل في المؤتمر الصحفي المشار إليه، وقبل ذلك كم كنت تمنيت أن تنضم منظمات المجتمع المدني والمدافعين الحقوقيين والتنظيمات والقوى الحزبية الأخرى لحملة مناصرة محتجزي ولاية غرب دارفور الذين لا زالوا بسجني بورتسودان وأردمتا بالجنينة بالمعتقل وعددهم ٩٥ محتجزا بسجن بورتسودان وقد دخلوا في إضراب مفتوح عن الطعام منذ ايام تطاولت وانقطعت أخبارهم بسبب رفض مدير سجن بورتسودان السماح لمحاميهم أو أسرهم بزيارتهم إلا بإذن من الدعم السريع أو والي الولاية وقد بلغت بيانات هيئة الدفاع التي صدرت حتى الآن ٩٥ بيانا عن اوضاعهم وظروف احتجازهم غير المشروع وضمنهم عددا من الأطفال والمرضى وطلاب بالمراحل الدراسية المختلفة واسر بكامل افرادها من الذكور ،ولم تكتف هيئة الدفاع بإصدار البيانات الراتبة بل تواصلت مع العديد من الزملاء المحامين والكيانات والتنظيمات والمهتمين لحثهم على زيارتهم وتفقد أحوالهم ولكن كانت الإستجابة ضعيفة لم تتجاوز حدود اصابع اليد الواحدة وإذا كان هنالك بالفعل من يحرص على حقوق الطفل لسأل عن ظروف احتجازهم غير المشروع ولماذا لجأت هيئة الدفاع لتقديم مصعب الراشد عقليا والقاصر بحسب القانون للحديث في المؤتمر الصحفي المشار إليه ، مما لا شك فيه أن من بين آفة هذه البلاد ممارسة الوصاية والقوامة على الغير ومن دون تدبر أو تبصر ،واقول كان يمكن لمثل حديث الناشطة المعنية بهذا الرد أو غيرها ان يكون في مكانه الصحيح والسليم إذا استفسرت عن الدواعي والأسباب بدلا عن الهجوم الذي هو اشبه بالهتر والشتر ، لقد صٌم الجميع آذانهم وبيانات الهيئة من فترة لأخرى تذكرهم لتوقظ فيهم الضمير الإنساني للنظر في أوضاع محتجزي ولاية غرب دارفور الذين دخلوا في إضراب عن الطعام وبيانات الهيئة تكاد تكون يومية وفي بعض الأحيان اكثر من بيان في اليوم الواحد ولكن لا حياة لمن تنادي، وبحسب غرض الهيئة من مشاركة مصعب وصلت أقوال مصعب إلى غالبية الرأي العام السوداني وتجاوزه ليصل إلى المنابر الدولية ومنها رئاسة وزارة الخارجية الامريكية فأرسلت السفارة الأمريكية بالخرطوم مندوبا منها للتعرف على أسباب احتجاز الأطفال وظروفهم الصحية فيا العار ، هنا لا بد أن ازجي التحية والشكر للدكتورة هادية حسب الله وزوجها هشام وابنهما وراق ومعهم أسرتين من امدمان وقد سبق ان تعرضت أطفالهم للتحرش الجنسي بواسطة عناصر نظامية بامدرمان وباشرت هيئة إتهام اعضائها من ضمن هيئة دفاع محتجزي ولايتي غرب وشمال دارفور إجراءات لم تتوقف وقد عُطلت بواسطة الأجهزة المعنية وسنعمل على تحريكها هذه الأيام فقد اتصلت د هادية حسب الله فور الإعلان عن المؤتمر الصحفي الذي سيخاطبه الطفل مصعب مستفسرة بإشفاق عن احتمال تعريض الطفل للخطر فأوضحت لها وجهة نظر الهيئة وتقبلتها مشكورة وكانت منطلقات د هادية كام لديها تجربة ابنها المريرة وناشطة ومدافعة حقوقية حريصة على سلامة الأطفال واستشعرت مسؤولياتها في الوقت المناسب واتصلت بهيئة الدفاع وكانت توضيحاتي بالنسبة لها معقولة.
إن ممارسة الجمهور لحق الرقابة على كافة المؤسسات العامة أو التي تعلن عن نفسها كهيئة محامي دارفور أو هيئة الدفاع عن محتجزي ولايتي غرب وشمال دارفور ضرورة فتلك الرقابة هي التي تُرسي لتأسيس ممارسة صحيحة وسليمة في كل أوجه الأنشطة والعمل العام ولكن حينما يخرج النقد عن نطاقه الصحيح ليصبح مدخلا للنقد الهدام بمثل السلوك الشائع حاليا في أواسط من يتمترسون خلف أجهزة الكمبيوترات والهواتف الذكية ويطلقون وابلا من التهم والسباب وبعضهم من داخل غرف البلدان الباردة فهؤلاء يمثلون أزمات تضاف لازمات البلاد المستفحلة .
الرشد القانوني والرشد العقلي :
كل النظم في العالم ومؤسساته الأممية اعتمدت ١٨ عاما معيارا لسن الرشد القانوني ، والرشد القانوني أهميته فيما يتعلق بالمسؤولية الجنائية والمراكز القانونية التي ينشئها الأطفال، وعدم بلوغ سن الرشد القانوني لأي شخص ينزع عنه وصف المُجرم عند اتيانه الفعل الموصوف قانونا بالجريمة أو مشاركته فيه وإذا ثبت إرتكابه لذلك الفعل يخضع لتدابير خاصة تسمى تدابير الرعاية والإصلاح اما عن المراكز القانونية التي ينشئها الأطفال فالتشريعات تُغلب مصلحة الطفل فالطفل مثلا يذهب يوميا إلى البقالة ويتعاقد مع صاحب السلع اصالة عن نفسه او نيابة عن اسرته ومن دون كتابة ذلك ان الكتابة ليست في كل الأحوال من شروط العقد والطفل منذ طفولته الباكرة ينشئ المراكز القانونية، لذلك اقرت الصكوك والإتفاقيات الدولية والمعاهدات الدولية والتشريعات الوطنية معيارا معينا لتحديد سن الطفل من الرجل الراشد وفي حالات عديدة الواقع قد يكون بخلاف ذلك بمثال حال مصعب ،وقد يتجاوز الشخص مرحلة السن القانوني المحدد للمسؤولية القانونية بسنوات وقد لا يبلغ البلوغ الطبيعي للزواج مثلا ويكون خاضعا للقانون الجنائي وصالحا لإنشاء كل المراكز القانونية وبصورة صحيحة وسليمة كما يمكن ان يكون الشخص في سن اقل بكثير من سن الرشد القانوني وينشئ المراكز القانونية حتى تلك التي تشترط بعض القوانين الوضعية في الدول لإنشائها ببلوغ سن الرشد مثل الزواج وآثاره وهنا يظهر التناقض ما بين القانون واعراف المجتمعات ،فالقوانين السليمة تنظم علاقات المجتمعات وليس العكس.
سابقة الأميش :
الأميش هم من السكان الأصليين بالولايات المتحدة الذين لا زالوا يحتفظون بعاداتهم وقيمهم التقليدية ومن تقاليدهم الدينية عدم إرسال أبنائهم إلى المدراس فقام احد حكام ولاية بالولايات المتحدة الأمريكية بإقامة دعوى للحصول على حكم من المحكمة لإلزام الأميش بإدخال أبنائهم إلى المدارس لنيل التعليم في مراحله الأساسية وكان حاكم الولاية يرى في أمتناع الأميش من ابتعاث أبنائهم للتعليم لا يتماشى مع تطور الدولة وحاز على حكم في صالحه فى محكمة الموضوع تم تأييده في مرحلة الإستئناف وفي المحكمة العليا كسب الأميش الطعن وذهبت المحكمة العليا في حيثياتها بأن عدم إرسال الأميش لأبنائهم إلى المدارس جزءا من اعتقادهم الديني وإذا تم منعهم من مزاولة اعتقادهم الديني ففي ذلك مساس بحقهم في الإعتقاد والدستور الأمريكي كفل الحق في حرية الإعتقاد ،هذه السابقة أرست لمبادئ هامة ليس بالنسبة لشعب الأميش والولايات المتحدة بل للتشريع السليم ومن الدروس المستفادة بأن الأوضاع والمراكز التي تحميها القانون بالضرورة تعبر عن المجتمع وليس العكس كما يحدث حتى لا يؤدي إلى تقديس النص القانوني وإهمال الحكمة .
مصعب ما بين الواقع والقانون :
مصعب طفلا في القانون وراشدا في الواقع ، الموروث في مناطق غرب السودان تحمل الأشخاص للمسؤولية وهم دون سن الرشد القانوني فتجد طفلا بمعايير المصطلحات القانونية رب أسرة ولديه اكثر من زوجة وأطفال ففي تلك المناطق تسود معايير الدين الإسلامي وهنا تبرز سابقة الأوميش بأن القانون ينظم المراكز المجتمعية ويحميها .
الأطفال الآن هم اكثر رشدا من كبار السن :
لا شك أن الأطفال الذين هم دون سن الرشد القانوني الآن هم الأكثر رشدا في المجتمع والدليل على ذلك ان معظم من ضحوا في مواجهة النظام الغاشم وبذلوا ارواحهم حتى الآن من دون سن الرشد القانوني وأبناء هذا الجيل يتحدثون في المنابر عن قضايا بلادهم بإبانة واضحة ومصعب من هذا الجيل وتقديمنا لمصعب للحديث في المؤتمر الصحفي المشار إليه لانه راشدا في عقله فقد تم سجنه لسنتين مع عتاة المجرمين ما بين قسم المباحث بالجنينة وقسم شرطة المدينة وسجن اردمتا إنتهاءً بسجن الهدىوخرج محافظا على سلوكه السليم وحينما تحدث في المؤتمر الصحفي شجع كل زملائه من الأطفال والرجال الآخرين الذين طالبوا أيضا بإتاحة الفرص لهم ليطلعوا الرأي العام السوداني وفي دارفور بالإنتهاكات الجسيمة التي اوقعت عليهم وهم ابرياء وبما حدث لهم في السجون والمعتقلات لتأكيد برأتهم من وصمة الإجرام ،ايضا ومن خلال متابعة هيئة الدفاع فقد اهتمت الشرطة ممثلة في كل قياداتها بحديث مصعب في المؤتمر الصحفي وعلمت علم اليقين بما يحدث داخل سجونها ومعتقلاتها إن لم تعلم، وحينما زار وفد هيئة الدفاع سجن بورتسودان كان حديث مصعب حاضرا بواسطة مدير السجن هذا الحديث الذي جعلت الولايات المتحدة تسارع لتعرف لماذا هذا ولماذا هذه الممارسات ضد الأطفال .
جيل مصعب هذا الجيل الراشد بفكره وسلوكه وإن لم يبلغ سن الرشد القانوني اكثر رشدا من كبار السن الذين يمارسون القول ولا يتبعونه بالعمل ،لذلك اعتمدنا على الرشد الفعلي لمصعب ليتحدث في المؤتمر الصحفي وبحديثه الواضح الصريح سلط الأضواء على حقيقة ما يحدث داخل السجون على الأقل حتى الآن جعل إدارة السجون تجتمع وتنفض وامريكا تسأل ومدافعون/ات خلف الكيبورد يساهمون بالتخذيل.
أقوال مصعب عبارة عن بينة شاهد عيان وليست أقوال سماعية وهنا كانت أهميتها وفي الأمثال الحكمة مقدمة على الصحة في احيان كثيرة .

مقالات ذات صلة

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments
زر الذهاب إلى الأعلى
0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x