مقالات الرأي

أزمة الثقة بالنفس: اللواء علوي أنموذجاً


بقلم : الصادق علي حسن

القوات المسلحة السودانية عريقة التكوين وقد تأسست قبل نشأة الدولة السودانية ولها مواريث ونظم وضوابط ظلت الأجيال المتعاقبة من منسوبيها يتفاخرون بها ويطلقون على الكلية الحربية التي يتخرجون فيها بعرين الرجال ، وتمتاز التربية العسكرية السودانية بالصرامة والإنضباط وفي ظل النظام البائد اصابت القوات المسلحة كسائر مؤسسات واجهزة الدولة العامة الأخرى ممارسات حركة الإسلام السياسي ومثالبها ، وقد قام النظام البائد بإضعاف نظمها وخلق اجسام عسكرية موازية تقوم بمهام القوات المسلحة حتى صارت مجموعة مسلحة من صناعة قيادتها وهي الدعم السريع تقف في مواجهتها وهي اكثر جاهزية منها عدة وعتادا ، الجيش السوداني المناط به حماية الدولة ونظامها الدستوري ووحدة البلاد فقد احتكاره للعنف وتعددت الجيوش والحركات المسلحة وأقرت قيادة الجيش نفسها بان الجيش يحتاج إلى إصلاحات مما يعني من ضمن امور اخرى المراجعة وقد برزت اصوات عديدة تطالب بالإصلاح وهنالك من يرى عدم إحتكار القيادة فتكون قيادة الجيش مشاعة بمعايير الجدارة بين جميع منسوبيه من كل السودان والإنتماء إليه من خلال ضوابط التنافس المجردة من المحسوبية حتى لا يشعر بالضيم المتنامي طوال حياته من يرغب في الإنضمام إليه ويفوته القبول بسبب أنه لا يوجد من يقوم بتزكيته أومن فاته الترقية أو تمت احالته بسلاح الصالح العام ولأسباب لا علاقة لها بالعمل والصالح العام ، وبغض النظر عن الممارسات التي ترتبط بالأشخاص وتختلف باختلافهم كان منسوب الجيش السوداني حينما يصل إلى قناعة بان الأوضاع بالبلاد تستدعي منه إتخاذ موقفا يعبر به عن قناعاته التي تخالف نظم عمله والإنضباط في المؤسسة العسكرية التي ينتمي إليها، من وسائل البعض من منسوبي الجيش الإشتراك في الإنقلابات العسكرية ، الملازم كبيدة ضابطا يافعا التحق بالجيش حاول الإنقلاب العسكري في زمن عبود ووصفت محاولاته من قبل القادة العسكريين بانها محاولة فطيرة ولكن الدرس المستفاد الثقة بالنفس التي تتكون في الضابط خريج الكلية الحربية وتشكل شخصيته ، في مايو ١٩٦٩م العقيد جعفر النميري والمقدم بابكر النور والرواد خالد حسن عباس وهاشم العطا وابو القاسم محمد إبراهيم ومامون عوض أبو زيد وابو القاسم هاشم وآخرون لتقديرات تحدثوا عنها قاموا بالانقلاب على النظام الديمقراطي ، تلك التقديرات الخاطئة وأقعة وتجربة مريرة مرت على البلاد ولكن تظل من الدروس المستفادة الثقة بالنفس ، وفي ظل عهد مايو تعرض نظام مايو لعدة محاولات انقلابية منها محاولة المقدم حسن حسين عثمان الذي اذاع بيانه من الاذاعة وكان من ضمن زملائه الملازم عبد الرحمن شامبي وآخرين ولا زال هنالك من يتحدث عن شجاعة المقدم حسن حسين عثمان وشامي وباب الله وزملائهم بما يؤكد الثقة بالنفس لدى خريج الكلية الحربية السودانية ، ما ذكرناه مجرد أمثلة لضباط بالجيش من الذين وصلوا لقناعات وتقديرات حول الأوضاع العامة بالبلاد وعبروا بوسائلهم وقد ظلت سيرهم الذاتية حاضرة لعدة سنوات عن شجاعتهم واعتزازهم وثقتهم بانفسهم بغض النظر عن صحة أو عدم صحة ما قاموا به ونتائجه .
اللواء محمد علوي كوكو من ضباط الجيش الذين تخرجوا في الكلية الحربية وتدرجوا في الرتب العسكرية حتى وصل إلى رتبة اللواء، كما وشغل وظائف عليا هامة في الجيش وهو ادرى بالجيش ومن المسؤولين عن اوضاعه وما آل إليه حاله ، لذلك شريط الفيديو المنشور في الوسائط للواء علوي وهو يتحدث فيه عن انسلاخه من الجيش وانضمامه لقوات الدعم السريع يكشف عن أزمة الثقة بالنفس قبل حال الجيش الذي تحدث عنه ، قوات الدعم السريع نواتها هي حركة الجندي المظلوم وهي منظومة مسلحة نشأت خارج القوات المسلحة ، وطالما الحيثيات التي ذكرها اللواء محمد علوي كوكو تمثل قناعته حول ما آل إليه حال الجيش وهو العسكري الذي تخرج في الكلية الحربية وتدرج إلى رتبة اللواء فمثله كان في السابق حينما يصل إلى قناعته بمثلما قال يذهب إلى مباني الاذاعة والتلفزيون ويسبق ذهابه محاولات الإصلاح فالمارشات العسكرية وليس بالإنضمام لجيش منشأه بمثلما ورد من خلل واسباب بعدم سلامة ممارسة الأشخاص في داخل قيادة الجيش .
اللواء محمد علوي كوكو الدفعة ٣٧، بحسب افاداته في تسجيل الفيديو فان آخر المهام العسكرية والمناصب التي تولاها بالجيش هي هيئة الإستخبارات العسكرية والتفتيش، وقد أعلن انضمامه لقوات الدعم السريع بمبررات بان قوات الدعم السريع هي القوة الغالبة ومن أجل نصرة السودان والديمقراطية ، مبررات اللواء علوي غير متماسكة ووأهية، وطالما قد تولى في السابق ضمن مهام اخرى هيئة الإستخبارات العسكرية والتفتيش فهو من أكثر قيادات الجيش دراية بان الحرب الدائرة حاليا بين الجيش وقوات الدعم السريع بسبب السلطة وليس من أسبابها نصرة السودان أو الديمقراطية كما زعم وإن إصلاح الجيش لا يكون بالإنضمام لقوات الدعم السريع ، وإذ سار غيره من زملائه على ركبه بحجة ان الغلبة قد صارت للدعم السريع فهذا يعني نهاية دور الجيش والنتيجة معروفة، وإذا كان بالفعل على قناعة بمبرراته التي ساقها وهو في عرف الجيش يعد من الضباط العظام بالقوات المسلحة لكانت وجهته السليمة إلى الاذاعة والتلفزيون بدلا عن الانسلاخ من الجيش والإنضمام للدعم السريع.
إن مبررات اللواء علوي تؤكد ان مؤسسته التي انسلخ منها بالفعل تحتاج إلى إصلاحات ولكن ليست هكذا ، كما وان الديمقراطية التي تحدث عنها لن تأتي بهكذا وسيلة أو طريقة، ومن المؤكد هو لا يعلم عنها الكثير ، وهذه من أزمات عدم الثقة بالنفس ومزج التقديرات الخاصة الخاطئة بالأهداف والمصالح العامة في دولة هشة بات تحديد مصير مستقبلها بايادي حملة البنادق .
فلتذهب قيادة الجيش وهم عبارة عن اشخاص ، طال الزمن ام قصر هم ذاهبون ، وقبل ذلك فليذهب المؤتمر الوطني الذي اورث البلاد هذه المآسي والنكبات ولكن على اللواء علوي عدم الخلط ، حتى وإن كانت قوة الغلبة للدعم السريع فإن الديمقراطية لن تأتي منها ولا هكذا، وهذا الإتجاه مسار الفوضى .

مقالات ذات صلة

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments
زر الذهاب إلى الأعلى
0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x