مقالات الرأي

سياسية المحاور والعمالة وأثرها علي إعاقة التحول الديمقراطي في السودان

بقلم / منصور عبدالحميد محمد

أثبتت التطورات التاريخية والمعاصرة من تاريخ الشعوب إن التغيير سمة أساسية لما بعد الحروب والثورات الإجتماعية وإن تلك الثورات مربوطة بمفاهيم وأسس إنطلقت منها وهي إنهاء الإستبداد والحكومات الديكتاتورية و لإنهاء مفاهيم قديمة مترسخة في أذهان الشعوب تعمل علي إعاقة التحول الديمقراطي والتطور والإزدهار ، وتقيف عائق أمام حدوث تغييرات جزرية لتلك الشعوب .

ونحن كمجتمع وشعب سوداني لا ننفصل من الصيرورة والسيرورة لتلك المجتمعات بصفتنا احداها ، لذلك نجد إن في تاريخنا القديم والمعاصرة والحديث العديد من الثورات بداية بالثورة ضد الإستعمارين الأجنبيين ( التركي المصري و الإنجليزي المصري ) مرورآ بالحكومات والإنقلابات الديكتاتورية العسكرية ( عبود و نميري و البشير ) والإنقلابات المدنية علي الثورات الشعبية وسرقتها من قبل الصفوة ( ثورة 1964 و 1985 و 2018 وغيرها ) ، وأيضآ الثورة ضد المفاهيم الخاطئة التي بنيت وشكلت عليها الدولة السودان ( التوجه الأحادي للدولة و الإنفراد بالسلطة والثروة من قبل الصفوة السياسية والإجتماعية و…الخ ) وغيرها من الأسباب التي جعل الشعب السوداني يخرج رافضآ لها وساعي لدهرها وإزالتها والقضاء علي تلك السياسات الإستعمارية و الإستغلالية التي عاقت تطور وإزدهار الدولة السودانية .

لا يمكننا فهم الأحداث والوقائع في الدولة السودانية إلا من خلال إستيعاب طبيعة الصراع في الدولة السودانية وجزورها التاريخية وأثرها علي إعاقة التحول الديمقراطي في السودان والتي يمكن ذكر بعضها ( وجود حروب و عدم الإستقرار السياسي والتدهور الإقتصادي وعدم التوزيع العادل للسلطة والثروة و…الخ ) بالإضافة الي وجود صفوة سياسية وإجتماعية ورثوا النظام الإستعماري وتعلموا في عهدها لتحالفهم معها وعملوا بعدها بتطبيق نفس تلك السياسات الإستعمارية علي ابناء شعبهم بل اصبحوا اكثر وحشية من الإستعمار الخارجي نفسه ! في مواجهة خصومهم ( عامة الشعب) كما يدعون ، وعامة الشعب الذين يريدون العدالة الإجتماعية وحكم السودان علي اساس المواطنة اساسآ للحقوق والواجبات ودولة حكم القانون ودولة يسع ويعبر عن الجميع .

لذلك نجد في تاريخ السودان إستعانة حكومات الصفوة بالمحاور الاقليمية والدولية الكانت متحالفة معاها ( قديمآ مثل مصر وبريطانيا وحديثآ دول الخليج العربي والصين وروسيا وبعض الدول الاوربية وغيرها ) الذين لديهم مصالح في إستمرار حكم الصفوة حتي يتثنى لهم نهب موارد ابناء وبنات الشعب السوداني المتمثلة في ( الذهب والبترول والثروة الحيوانية والسمكية وكذلك الإستفادة من الموقع الجيوسياسي للدولة السودانية و…الخ ) وكذلك إستعانة حكومات الصفوة بالقبضة الأمنية والهيمنة علي كل مؤسسات الدولة لمواجهة خصومهم وهم عامة الشعب السوداني !.

الأزمة الكبيرة تتمثل في صراع تلك المحاور فيما بينهم علي (مواردنا وثرواتنا) نظرآ لإختلاف وتقاطع مصالحهم ؛ وتلك الصراع والتنافس أنتج لنا واقعنا المتشرزم واللادولة وشبه التفكك والحروب المصتنعة من قبلهم والصفوة لإشغالنا بقضايا إنصرافية وتخلف وتأخر وعدم وجود مؤسسات دولة و…الخ ؛
ولو نظرنا لما بعد ثورة ديسمبر المجيدة 2018 نلاحظ وجود تلك المحاور بكثرة وواضحة وضوح الشمس في سمائنا ، بالتدخل المباشر في شؤوننا الداخلية من قبل تلك المحاور عبر سفاراتهم ودبلوماسيهم وبعض المنظمات بفرض جدولة وبرامج تراعي مصالحهم ، وللأسف المنفذين لتلك السياسات والبرامج هم الصفوة من احزاب سياسية لديها مصلحة في بقاء السودان القديم وكذلك اللجنة الأمنية للبشير ( برهان وحميدتي) وبعض الحركات المسلحة وبعض المنتفعين من أبناء الشعب السوداني ، والخاسر الأكبر هنا السودان عمومآ لأن تلك العمالة وسياسات المحاور أخرنا لأكثر من 65 سنة منذ نيل إستقلالنا المزعوم ، كنا سنكون من أوائل الدول المتقدمة والمتطورة وكنا سنعيش في سلام وأمن ورخاء وإستقرار سياسي وإجتماعي .

لذا إذا أردنا أن نخلق دولة سودانية متقدمة ومتطورة يجب علينا كمجتمع سوداني محاربة كل من يقف أمام التغيير والتحول الديمقراطي ويحدد الإستقرار ويعيق التطور والإزدهار ويعادي دولة القانون ويعمل علي إجهاض البلوغ لدولة المواطنة المتساوية و…الخ ، وذلك بمحاربة والقضاء علي ظاهرة العمالة وسياسات المحاور من خلال فضح تلك السياسات وتوعية المجتمع والإنتحازيين بخطورة تلك المسئلة والممارسة ( العمالة وسياسات المحاور) لأنها تهدف لسرقة ثرواتنا ويعيق تطورنا ، بل إنها تبحث عن كل ما يؤدي الي تشتيتنا وتشظينا وتفتيتنا ولو كلفهم الكثير من الأموال وغيرها من الأدوات ، وكذلك أن نراعي ونضع اولوية للوطن ( السودان اولآ) ومصلحتنا تتمثل في بنائها وتشييدها علي أسس متينة وقوية يحمينا وننعم فيها ونزدهر وأن تكون دولة مستقلة وموحدة لا تقصي احد ويعبر عن الكل دولة حديثة تقف شامخآ وراسخآ في مقدم الدول والأمم والشعوب .

مقالات ذات صلة

5 1 vote
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments
زر الذهاب إلى الأعلى
0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x