مقالات الرأي

نحن مُغفلون … !!


بقلم : روضة عبدالرازق

المُغفلُ في لسان حالنا هو الذي لا يستطيع التمييز بين الصالح و الطالح و بين الصادق و الكاذب و الشخص الذي يصدق الأنظمة الحاكمة الذي يمارس فيه نفس العنف و الإنتهاكات و بنفس الطريقة في كل مرة .
المغفلون أشكال و أنواع قد يكونون متعلمين، و جهلة ،اذكياء ، و أغبياء ، اغنياء ، و فقراء لكن مشتركون في نقطة واحدة معينة تظهر فيها الغفلة واضحة .

((المغفل )) إستخدمه انطوان تشيخوف و هو واحد من روائع الأدب الروسي ((١٨٠٠_١٩٠٤)) هي صرخة موجه لكل مظلوم مستكين يقبل أن يقع عليه الظلم.

يُحمل الكاتب الروسي تشيخوف المظلوم المسئولية أيضا كما يحمل الظالم (لأن المبدا واحد )و هو الظلم فلماذا يقبل الأول ما يفعله به الثاني و يتعامل معه كأنه قدر مكتوب عليه ، دون رفضه و لماذا يسكت المظلوم دائما و يترك الظالم يتمادى في ظلمه أكثر و يغتصب حقه دون حِياء أو خجل !؟

من وصف تشيخوف للمغفل نجد أنفسنا نحن في دارفور برغم ما مررنا بها من انواع الظلم اذا كانت قتل ، سرقات ونهب للممتلكات وحرق للقُرى ، إغتصاب…..الخ لكننا ما زلنا ننتظر من الظالم أن يعاملنا بالعدل أو الإنصاف و الإحسان و يعطينا كامل حقوقنا !!
ما زلنا نقدس الظالم في وجه و نلعنه في الظهر!
و في كل مره يحصل إنتهاكات نحن نكرر نفس الكلمات و المطالب ، و أكثر ما نستخدمه من الكلمات : ندين ، نستنكر ، ونطالب الحكومة بالتدخل العاجل ، نطالب بالتعويض الفردي و الجماعي ، نطالب مجلس الأمني الدولي بالتدخل….الخ ولكن لم نسأل أنفسنا من هو الحكومة الذي نطالبه بالتدخل !؟و لماذا نطالب من الظالم أن يمد لنا يد العون و يعاملنا بالعدل ، و لماذا ننتظر منه الإنصاف و الحلول اذا اننا نعلم تماما هو من ظلمنا ! و لماذا لم ندافع بأنفسنا عن الظلم ؟ و لأننا جميعنا متأكدين من هم المجرمين و من أين يتلقون الأوامر ! كلنا على علم بمن يعملون خلف الكواليس في صمت ، وسرية.

في كل مره يتمادى الظالم و يرتكب أفعاله الشريره و بعدها يحتفل بالغنائم مع قيادتهم الذين نقدسهم و نعطيهم الولاء !.
قيادتهم المسؤولون الفاسدون الداعمون للمجرمين ، يعلنون للطرف المظلوم تعاطفهم الكاذبة و أعذار واهية و يطلقون كلمات رنانة حتى يكاد أن يصل بهم الأمر لإنهيار الدموع ! وعندئذٍ نحن الطرف المظلوم نقابلهم بكلمة الشكر و الإمتنان و الركوع،، شكرا على ماذا !
شكرا على من نهبك ، على سلبك حقوقك ، على من قتلك، وعلى ما اوصلتنا لما نحن فيه ! ام شكرا على كلماتك الكاذبة المخادعة!

نحن محتاجون الي من يلقننا دورساً في كيفية الدفاع عن أنفسنا محتاجون لمن يلقننا دورسا في كيفية الخروج من الغفلة حتى لا ننهزم أو نستكين محتاجون لمن يعلمنا أن لا نسكت على الظلم مهما كانت قوة و جبروت الظالم .

و اذا كان المجرمون وافدون أو قبيلة محددة فأن دارفور أُمة كاملة و لا ينقصنا شجعان وقوة و لكن ما يؤكد نحن مازلنا مُغفلون أو غافلون.

فما ابشع أن تكون مغفلٍ ضعيفا في هذا العالم المتوحش و ما دام هناك ظلم و حقوق مسلوبة على وجه المعمورة ، فلم يعطيك احداً حقك ، بل يأتي دورك الطبيعي في أن تنتزع هذا الحق وانت تستحق ذلك !!
الضعف يصنع الطغاة و يمنحهم القوة و الغرور و الإستخفاف بالمواطنيين ، و هذا ما يجعلهم يتمادون و يتصورون أنهم قوة لا تقهر ، و فوق قدرة البشر.. في حين أنهم أضعف مما يتصورون و لكنهم يستمدون تلك القوة الغاشية من ضعف المحكومين و المغفلين لأننا قبلنا بتسلطهم علينا الإستكانة والخنوع لهم .

الظالم ما زال مستمد قوته من المغفلون و ما يحصل في هذه الأيام في شمال دارفور ((شمال كتم )) من حرق القري ، القتل الجماعي ، النهب و غيره من الإنتهاكات لم يكن المره الأولي و لم يكن الأخيرة بل سوف يستمر ما دام نحن ما زلنا منتظرين من الظالم الحماية ((منتظرين من الحكومة التدخل))! لذلك الدفاع واجب و التعامل بالمثل في مثل هذه الحالة ضرورة واجبة لكل فرد من أجل الدفاع عن النفس و رفض الظلم و العبودية و ذلك ليس بالأقوال و الإستنكار بل بالعمل و الجاهزية لكل شي.

مقالات ذات صلة

3 1 vote
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments
زر الذهاب إلى الأعلى
0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x