مقالات الرأي

مجزرتي الهدرة والفاشر

بقلم: عبد الحميد عبد الله (باقا)

منذ اندلاع الحرب في 15 أبريل بين شطري المكون العسكري ظل السواد الاعظم من الشعب السوداني يدفعون ثمنآ غاليآ ، تارة يقتلون بمدافع وطائرات الجيش وتارة أخرى بممارسات الدعم السريع العنصرية ، فضلا عن همجيتها كقوة غير منضبطة وذات انتماء قبلي صارخ .
وبالعودة إلى الوراء قليلا تجد ان قادة الجيش من الاسلاميين هم من قاموا بتأسيس هذه القوات بغرض النيل على الخصوم ، وقتل السودانيين وليس الدفاع على حدود السودان وفق ما هو منصوص عليه بقانون قوات المسلحة 2007 ، بل ظلوا هؤلاء العسكريين يدافعون عن الدعم السريع حتى بعد سقوط البشير , سيما البرهان وكان ردوده على الثوار في ميدان الاعتصام ( ان قوات الدعم السريع ولدت من رحم القوات المسلحة ، هذه القوات تحرس السودان عن النائمين ليلا ، من يسعى لخلق وقيعة بين الجيش والدعم السريع سينتظر كثيرآ ) في الوقت الذي كان الدعم السريع والكتائب الظل الاسلامية يشاركان في قتل المتظاهرين دون أدنى وازع أخلاقي، ولم يقصد البرهان بحديثه سوى استفزاز لأسر الشهداء .

لاشك في ان لقوات الدعم السريع بالتعاون مع الجيش سجل إجرامي لا يعرفه الا المتابع بصورة لصيقة للاوضاع في اقاليم السودان الملتهبة ( دارفور ، جبال النوبة ونيل الأزرق ) وجريمة فض الاعتصام واحد من كبرى الجرائم التي تسنى لكل الشعب السوداني رؤيتها ، وخلق صورة قاتمة، مما احاطة العلم بأن منظومتنا العسكرية تعاني من خلل بنيوي وان السودان لا يمكن ان يتعافى دون إعادة النظر في بنية هذه المنظومة.

وبالعودة إلى العنوان أعلاه نجد ان منطقة هدرة تابعة لمقاطعة دلامي ويعتقد انها من حواكير مجموعة كواليب ، وهي تتبع اداريآ للسلطة المدنية التنفيذية للحركة الشعبية بقيادة الجنرال / عبدالعزيز الحلو تعرضت هذه المنطقة لقصف جوي من قبل سلاح الجو السوداني والذي يستخدمه الجيش السوداني مما أدى إلى قتل اكثر من 15 طالبآ فضل عن المدرسين ، وعدد من الجرحى حسب بيان الحركة الشعبية ، مع العلم ان هذه المنطقة تخلو تمامآ من تواجد الدعم السريع وهذا معلوم للجيش ، مما يؤكد ان الاستهداف كان مع سبق الاصرار والترصد من قبل الجيش السوداني ضد المدنيين العزل . ويستنتج سوء النية من خلال التكتم الاعلامي ولم تل العملية بيان اعتذار من قبل الجيش وكعادة الجيش السوداني الذي لم نجد في سجله سوى الانقلابات وقتل المدنيين واشعال نيران الحرب ، وصناعة المليشيات دون اعتذار لأخطاءه .
وقبل ان يمر اسبوعا واحدآ على احداث منطقة الهدرة ليتفاجأ السودانيين بقصف الجيش على منازل المدنيين أيضا في مدينة الفاشر مما خلف قتل اكثر من 10 مواطن وعشرات الجرحى ، وكذا الحال القصف على مدينة كتم ، وما يؤسفني ان كل هذه المناطق التي تستهدفها سلاح الجو الجيش لم تكن بها مليشيا الدعم السريع إنما مناطق معهولة بالمدنيين العزل . وحادثة سوق قورو في مايو جنوب الخرطوم ، سوق مويلح كل هذه الحوادث متعمدة القصد منه استهداف ( racialized ) .
وللاسف من يسمون أنفسهم بحركات سلام جوبا ليسوا حريصين على حماية المدنيين بل عاجزين عن الحديث مع قادة الجيش للكف عن استهداف المدنيين . حتى للأسف نتابع صفحاتهم الرسمية لم نقرأ لهم بيانا عزاء لشهداء الهدرة والفاشر ،إنما قرأت في صفحة واحد منهم ، والذي أوجد عذرآ على طائران الجيش قائلا ان استهداف المدرسة جاءت نتيجة للخطأ ! يا عزيزي اي خطأ انت تتحدث عنها والمنطقة خالية من مليشيا الدعم السريع بل الموقع محل الاستهداف عبارة عن منطقة محصنة بموجب قوانين الدولية سيما معاهدات جنيف الأربعة فضلا عن البروتوكولين الاضافيين .

لذا الجميع يؤمن على ضرورة تأسيس جيش واحد عبر حل ودمج كل المليشيات ، ولكن مادام قادة الجيش بهذا القدر من عدم تحمل المسؤولية الوطنية لابد من إعادة هيكلة هذا الجيش عبر خلق قيادة جديدة تؤمن بمهنية الجيش مع الالتزام الصارم به ، بدلا من القيادة الحالية التي تطالب المدنيين للمشاركة في الحرب بينما يمنعهم المشاركة في السلطة !!
جيشآ لا يصنع مليشيات بل يكرس مجهوده في بناء قدراته في خلق عقيدة وطنية لجنوده ..
ولا نشك في ان الممارسة السياسة حق مكفول على الجميع ولكن ليس عبر نافذة القوات المسلحة كما يفعله الاسلاميين الآن ، وكذلك يطمح لها حركات سلام جوبا ، من المؤكد ان حربهم مع الجيش ضد الدعم ليس من أجل المواطن ، ولم يكن الغرض منه إقامة دولة مدنية ديمقراطية ، إنما من أجل السلطة .
من يريد السلطة يأتيه عبر صناديق الاقتراح وليس دبابة الجيش .
جميعنا يؤمن بضرورة بناء جيش قومي ولا عاقل يسعى في شرعنة مليشيا الدعم السريع سوى البرهان سابقآ لاجندته السياسية والايديولوجية .

مقالات ذات صلة

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments
زر الذهاب إلى الأعلى
0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x