مقالات الرأي

ملاحظات د. أكرم علي التوم حول مسؤولية الأطراف في تأمين وصول المساعدات الإنسانية كحق


بقلم : الصادق علي حسن

بعد ان استحكمت حلقات المجاعة بإقليم دارفور ومن أسبابها المباشرة تناقص المساحات المزروعة الموسم الماضي نتيجة للحرب العبثية الدائرة وفقدان الأمان والسلامة العامة في المجتمعات المحلية ونهب مخازن أغذية برنامج الغذاء العالمي ومحاصيل ومدخرات الأهالي بالقرى والأرياف والمدن والنزوح واللجوء الجماعي المستمر، النازحون والمشردون بالقرى النائية والأرياف وأطراف المدن يقيمون في رواكيب وقطاطي القش والحصير ولا يوجد أي عمل وهم في حالة ذعر وفي إنتظار العون الإنساني، وفصل الشتاء القارس وهجير الصيف الحار القادم يتبادلان للعام التالى مرورهما على الأطفال الجوعى والنساء والعجزة والمرضى ويسقطان مزيدا من ضحايا الجوع والمرض وانعدام الأدوية المنقذة للحياة ، لقد كان لا بد من البحث عن وسائل لإجبار كل الأطراف السودانية المعنية وعلى رأسها طرفي الحرب الدائرة (القوات المسلحة والدعم السريع) والحركات المسلحة التي لديها تأثير في المشهد على الأرض بدارفور من تحمل المسؤولية والسماح بوصول المساعدات الإنسانية للمتأثرين بالمجاعة في إقليم دارفور ، لذلك توصلت هيئة محامي دارفور إلى ضرورة دعوة شركائها للتقرير بما يجب عمله ، ولو من باب أضعف الإيمان خاصة ان وكالات الأمم المتحدة وأمينها العام يطلقان رسميا على المجاعة في دارفور حتى الآن مصطلح الفجوة الغذائية ، وفي أروقة الأمم المتحدة كما وفي التصريحات المتواترة الصادرة من المسؤولين الأمميين تأكيدات وأضحة بحدوث المجاعة في إقليم والتماس الدعم لأجهزة الأمم المتحدة . إن الأمم المتحدة ، كما وأمينها العام لا يزال يتفادى تسمية الأوضاع بإقليم دارفور بإسمها الصحيح (المجاعة) تجنبا للتبعات وتحمل المسؤولية بالتخفي تحت مصطلح الفجوة الغذائية، إن إعلان المجاعة يرتب مسؤوليات فورية على الأمين العام للأمم المتحدة ووكالات الغوث الدولية بخلاف مصطلح الفجوة التي تعني النقص في الغذاء كما ان مسؤولية الفجوة الغذائية مسؤولية تقديرية بمقدار نطاقها وقد تكون فجوة وأسعة في أماكن معينة كما وقد تكون محدودة في أماكن أخرى، وبالتالي قد تتفرق المسؤولية وتنتفي عن الأمم المتحدة وأمينها العام . يُقال ان ظهور مصطلح الفجوة الغذائية نفسها أرتبط بالمجاعة في دارفور والحزام الأفريقي حينما تأخرت الأمم المتحدة في إعلان المجاعة التي ضربت الحزام الأفريقي من فولتا العليا غربا وحتى جيبوتي شرقا في ١٩٨٣م بفعل تستر نظام النميري وانظمة دول الحزام الأفريقي وقتذاك لإعتبارات سياسية حتى خرجت المجاعة عن السيطرة وبادرت الحكومة الإقليمية بإقليم دارفور بإعلان المجاعة وقد تخطت الرئيس النميري ثم تسابقت دول العالم والأسرة الدولية لنجدة جوعى الحزام الأفريقي وإقليم دارفور.
لقد وصلت عدة تعليقات وملاحظات معتبرة بشأن وصف اللجنة التحضيرية لمؤتمر القضايا الإنسانية في إقليم دارفور لتخلي أجهزة الدولة الرسمية عن ممانعتها في السماح بدخول المساعدات الإنسانية عبر منافذ دولة جارة وشمل الموقف المشار إليه بقية المنافذ بدول الجوار الأخرى بخلاف الخاضعة لسيطرة الأجهزة الرسمية السودانية. إن تثمين اللجنة التحضيرية للخطوة الرسمية (حكومة السودان) وموافقة القوات الأخرى المتصارعة بالسماح بمرور وإيصال العون الإنساني لمستحقيه في سياق جاء في ظروف الأوضاع الإستثنائية ، ومن الملاحظات المعتبرة كتب د أكرم علي التوم الآتي لم أفهم السبب في مدح (” commending”) حكومة السودان أو تثمين (” appreciates the responsiblestance “), موافقة القوات المتصارعة الأخرى على السماح بمرور وإيصال العون الإنساني لمستحقيه. وسبب تساؤلي هو ان العون الإنساني حق والسماح بدخوله وتسهيل إيصاله وعدم التعرض له أو للمواطنين او المرافق المدنية هو وأجب ملزم لكل القوة المتصارعة بغض النظر عن طبيعتها. وإذا لم نثبت مبدأ الحق فإن استغلال العون الإنساني وتعطيله سيتكرر مرارا وستعتبره القوى المتصارعة مِنٌكً وليس حقاً. ثم إن هناك عبارات أخرى في كل اللغات يمكنها ام تصف الحدث باعتباره تطورا إيجابيا لكن دون مدح أو شكر أحد على سبيل المثال “تتوقع اللجنة التحضيرية التزام كل الأطراف المتصارعة بمسؤولايتها نحو المواطنيين المدنيين بالسماح بإدخال العون الإنساني وعدم التعرض له أو للمواطنيين أو لمرافقهم الخدمية أو مساكنهم”
وختم بالآتي (أرجو شاكرا التكرم بمساعدتي على فهم استعمالكم لتلك اللغة المحددة في بيانكم من فضلك مع شكري مقدما وفائق التقدير والاحترام )، كما ومن التعليقات الهامة أيضا هنالك رسالة صوتية من المدافعة الحقوقية نعمات كوكو في سياق نفسه .
إن دكتور أكرم على التوم من أصدقاء الهيئة وتجد ملاحظاته التي وضعتها في قروب اللجنة التحضيرية بعلمه لإثراء النقاش الإعتبار كذلك ملاحظات الأستاذة نعمات كوكو وهنا بالضرورة إطلاع الرأي العام وذلك للتوضيح والشفافية. كمثال إن هيئة محامي دارفور ترى بان كل الأجهزة التي نشأت منذ إنقلاب ٣٠ يونيو ١٩٨٩م وحتى الآن في ظل فترة الإنقطاع الدستوري كما وموقفها المعلن عدم اسباغ اي شرعية لها ، بما في تلك التي تأسست بموجب الوثيقة الدستورية المعيبة سارية المفعول، وهي تتعامل معها على أساس أنها مؤسسات أمر وأقع وأنها تجاوزت في نشأتها الأسس السليمة لإستعادة الحياة الدستورية للبلاد والمرتكزة على قواعد تأسيس الدولة السودانية المجازة في عام ١٩٥٥م والتي بموجبها نالت دولة السودان صفتها كدولة عضوة بالأمم المتحدة .ولكن الأوضاع الماثلة حاليا تكشف عدم وجود لأجهزة دولة في السودان ولا توجد سلطة تحتكر العنف ، وهنالك نظريا سيادة يمثلها الفريق أول عبد الفتاح البرهان القائد العام لقوات الشعب المسلحة ولكن وأقعيا هذه السيادة شكلية ،المواطن العادي نفسه لم يعد ينظر إليها بأدني درجة من درجات الإحترام كما وغالبية المواطنين تجاوزا حالة الدولة بالنزوح واللجوء والتشرد. الهيئة ظلت تبحث عن وسائل المساهمة الإيجابية لإنقاذ حق الإنسان العادي في الحياة. كما واللجنة التحضيرية التمهيدية لمؤتمر القضايا الإنسانية في إقليم دارفور تشكلت من عدة كيانات وأجسام ومؤسسات القاسم المشترك بينها والهدف الأعظم كفالة حق الإنسان في الحياة وإقرار تدابير هذا الحق. لذلك أتى ويأتى التثمين تجاه أي خطوة إيجابية صادرة من أي جهة مهما كانت من أجل العمل للحفاظ على حياة الإنسان التي صارت أرخص من طلقة السلاح الواحدة ، وللحكمة ضروراتها التي قد تستدعي ان تقدم على الصحة في ظل الظروف والأوضاع الإستثنائية.
حالة اللا دولة في السودان.
لقد غادر السودان مربع الدولة الحديثة والحالة السودانية الماثلة تتطلب استدعاء وجود الدولة أولا كما والمدخل الوحيد احترام حق الإنسان في الحياة، هذا الحق من أجله تشكلت اللجنة التحضيرية لمؤتمر القضايا الإنسانية في إقليم دارفور واللجنة التحضيرية ستبحث في ظل هذه الظروف الإستثنائية في كافة الوسائل، كما ستخاطب كل الجهات المعنية والأشخاص الذين يباشرون المهام بغض النظر عن مدى سلامة او شرعية الصفات التي يسبغونها على ذواتهم. كارثة المجاعة في إقليم دارفور طرقت بشدة أبواب الأمين العام للأمم المتحدة حتى إستفاق من غفوته، وكل القرائن تشير بأن الأمم المتحدة ووكالاتها قد صارت الآن مجبرة للتعامل بمسؤولية مع كارثة المجاعة في إقليم دارفور وبالتالي سواء وافق البرهان او لم يوافق أو وأفق حميدتي أو لم يوافق أو وأفقت الحركات المسلحة من أطراف سلام جوبا أو غيرها أو لم توافق فان تدابير الإغاثة الدولية لدارفور ستتخذها الأمم المتحدة، ولكن هذه الإجراءات حتى تكتمل ستمر بعدة مراحل وستخضع لموازنات الدول النافذة في مجلس الأمن الدولي كما والأمين العام الحالي للأمم المتحدة انطونيو غوتيريش كبير موظفي الأمم المتحدة أشبه بالأفندية في السودان ممن يضعون الإعتبار التام لمن أتوا بهم للوظيفة العامة. إن قيمة التثمين في الدفع بكافة الأطراف لمغادرة مربع التعنت واستشعار المسؤولية بدوافع تعلية وتعزيز أي إتجاه لحماية حق الإنسان في الحياة ومن أي جهة دون النظر للمرجعية أو سندها، إن إدراك الإنسان الجائع في دارفور اليوم يقلل كثيرا من الفاقد الإنساني بالإقليم ، كما وفي إستجابة الأجهزة الرسمية القائمة على إدارة الدولة السودانية (بوضع اليد ) لمسؤولياتها وواجباتها .

مقالات ذات صلة

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments
زر الذهاب إلى الأعلى
0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x