مقالات الرأي

هل سيقفز حزب الأمة القومي من سفينة الإطاري الغارقة، ام ينتفض شبابه؟ (٣)


بقلم: الصادق علي حسن المحامي

السادة في دفة قيادة الإتفاق الإطاري من قوى الحرية والتغيير الموقعة على الإتفاق المذكور يظهرون بصورة مستمرة إستعجالهم المحموم للسلطة كما ويبرزون شكلا من اشكال التهافت غير الحميد من أجل الوصول إليها ،ولم تعد لهم مواقف ثابتة بشأن قضايا البلاد المصيرية والتحول الديمقراطي أو تلك المرتبطة بقضايا الثورة والثوار ، تمت محاكمة الأستاذ هشام عباس في بلاغات كيدية بالسعودية بموجب بلاغ كيدي من خلفه السفارة السودانية بالرياض بتهمة تحريض السودانيين من المملكة العربية السعودية والإساءة، والأستاذ هشام من أبرز مساندي ثورة ديسمبر المجيدة ٢٠١٨م واصواتها المحترمة ، ولكن مثلما استشهد العديد من الثوار وهنالك العشرات من المفقودين وآلاف من مصابي الثورة ، وتزداد الأرقام يوميا بالشهداء والمفقودين والجرحى، تتكرر اخطاء قوى الحرية والتغيير الموقعة على الإتفاق الإطاري وتزداد بوتيرة متصاعدة وقياداتها متشبثة باي وسيلة توصلها إلى السلطة والتي تبحث عنها في منازل سفراء الوساطة الرباعية الدولية ومن ضمنها منزل السفير السعودي، ولم يفتح الله تعالى عليها لتلتمس بالهمس في اذن السفير السعودي لكفالة حق هشام عباس في الحرية وقد صارت لديها شهداء مسيرات الثورة ومصابيها مجرد ارقام تستخدمها في الضغوط التى توصلها إلى السلطة للمرة الثانية في ظروف مختلفة ومعقدة وهي تسعى جاهدة وهمها الأول والأخير الوصول إلى السلطة ترتكب الأخطاء الفادحة المتراكمة وتخرج من إجتماعات الغرف المغلقة مع السفراء والمبعوثين بالتصريحات الجوفاء الممجوجة، غير مبالية بمآلات الأوضاع الأمنية والاقتصادية بالبلاد والتراجع في كل مناحيها بما فيها مفاهيم المواطنة والهوية الواحدة، وقد تحول الملايين لنازحين ولأجئين بفعل الحرب والتشرد المستمر ، في الولايات والمحليات والوحدات الإدارية منازعات دامية بين القبائل على الأرض والنفوذ المحلي ومليشيات متخندقة، وحركات مسلحة متسلطة بلا اهداف او برامج ، وتنظيمات سياسية تتوالد وتتناسل يوميا وكلها هدفها الوحيد السلطة ومظاهرها البراقة ، البرهان اكتشف ضعف من حوله من تنظيمات الإطاري، وبرغبة الإلتفاف عليها ومن منطقة ام سيالة ببارا بولاية شمال كردفان ارسل لها رسائل واضحة ، غرضه الواضح منها ، تهيئة الأجواء لتفريغ المزيد من المجموعات المتشاكسة من الموالية له والتي تطالب بالمشاركة في السلطة من خلفه وهو بذلك يحرضها، وذلك لإضعاف منافسيه، وبصوت جهور طالب قوى الإطاري بتوسيع افقها، كما وأكد بالصوت العالي عدم وجود مستقبل للإتفاق للإطاري في حال غياب الآخرين ومن ضمن من قصدهم كتلة الحرية والتغيير الديمقراطية التي أستخدمها في قراراته الإنقلابية يوم ٢٥ اكتوبر ٢٠٢١م ، وفي الجانب الآخر اطلق حليفه د جبريل إبراهيم تصريحات مشابهة تحدث فيها بانهم لا يتشرفون بالمشاركة في حكومة يصنعها الأجانب ويفرضونها على الشعب، وقد تناسى جبريل مشاركته في السلطة بموجب إتفاقية سلام جوبا والتي تم إبرامها برعاية اجنبية في جوبا وبرعاية الأمم المتحدة والأطراف الدولية وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية وذهاب حركته ضمن كتلة الحرية والتغيير التى تسمى بالكتلة الديمقراطية والمتعارف عليها لدى الشارع الثائر بكتلة الموز ومشاركتها في ورشة القاهرة التي نظمتها المخابرات المصرية ، السيد بشرى الصائم الذي شارك في ورشة القاهرة المذكورة قالها بوضوح عقب ورشة القاهرة (مصر اصبحت بحقها)، لذلك على كل الأطراف المتنازعة على السلطة وهي تستخدم كافة الوسائل والضرب تحت الأحزمة ان تحترم عقلية المواطن المغلوب على أمره والذي يدرك تماما بأن هذا التنازع المحموم ليس من أجله أو قضاياه بل على السلطة، وتستخدم اطرافه كافة الوسائل وعلى راسها التخوين والدمغ بالعمالة وهم جميعا شركاء في وسائل الوصول إلى الغاية ،وقد بات المواطن قانعا محتسبا أمره لله تعالى ،لا يطمح في اكثر من الحفاظ على حقه الطبيعي في الحياة في ظل شظف العيش وتكاثر المحن وتحمل تبعات كلفة الحرب والإقتتال والتنافس على السلطة في دارفور والنيل الأزرق وجنوب وغرب كردفان ، وظهور مجموعات عديدة متكاثرة يوميا من حملة السلاح بلا اهداف وتقنين نهب الثروات بواسطة عصابات الشركات المحلية والدولية ، ومؤتمرات تبديد الأموال ،حتى لم تعد هنالك رقعة جغرافية بالبلاد لم تتأثر بالحرب وقد وصلت المنازعات العرقية والمطلبية في شرق البلاد بين المكونات الإجتماعية لقضايا الهوية ولا تزال عناصر قوى الحرية والتغيير الموقعة على الإتفاق الإطاري مشغولة بإجتماعات تأمين الوصول إلى السلطة التى ينظمها ممثل اليونتامس فولكر بريتس والرباعية الدولية .

  • القاسم المشترك الأعظم الإنتهازية :
    قبيل الثورة المجيدة ٢٠١٨م تمكن المخلوع من حسم زملائه في المؤتمر الوطني وقد ذهب إلى جنوب دارفور منطقة شطاية إحدى المناطق التى شهدت الأحداث الأولى وإنتهاكات حقوق الإنسان الجسيمة، وقامت الإدارات الأهلية المحلية بترتيب إستقبال محشود للأهالي ومن هناك اعلنت الإدارات الأهلية العفو عن البشير وعاد البشير منتشيا وفي الخرطوم تسابقت أحزاب التوالي مثل مسار لإخراج اعلان تأييد ترشيح البشير للرئاسة بصورة دائمة وبلا سقف زمني، ثم من داخل حزب المؤتمر الوطني التقط القفاز كبر وايلا وتسابقا مع الآخرين وكان الثوار يخرجون في مسيرات مناهضة للمخلوع وتراجعت انشطة وحملات المخاطبات الجماهيرية في الشوارع والتجمعات بالأسواق التي كان ينظمها حزب المؤتمر السوداني وقد قررت قياداته من خلال قرار اصدره مكتبه السياسي الدخول في الإنتخابات الصورية التي عزم المخلوع الترشح لها والتي كانت ستجرى بينه وبين الكمبارس الذين يقدمون له صبغة بشرعية زائفة في طبق من ذهب ، ووقتذاك لم يكن هنالك بالشارع من احد بخلاف الثوار الشباب، لم يكن هنالك بابكر فيصل ولا الفكي ولا طه ولا جعفر حسن ولا هؤلاء الذين يتسيدون ساحة الحرية والتغيير الآن ، كما وكان من صناع الثورة ومع الثوار من خلال الوسائط الحديثة هشام ود قلبا ووليد الحسين وهشام عباس من السعودية واثمرت جهود هؤلاء غير المنكورة مع جهود الآخرين من مساندي الثورة في شتى بقاع الأرض نجاح الثورة المجيدة بالصورة التي اذهلت العالم ، كما ومهدت للحركات المسلحة في العودة الكريمة والمشاركة في السلطة وكان الوليد الحسين وهشام ود قلبا قد تعرضا للتشفي والملاحقة الكيدية بالمملكة العربية السعودية بإيعاز من النظام البائد وهما بالمملكة السعودية وكانا يعملان بها وفقا لقوانينها، ومثلما لم يهتم المهرولون نحو السلطة من أصحاب الياقات البيضاء بشهداء فض الإعتصام من أمثال عظمة وخاطر ووليد وقصى وغيرهم سابقا، ولم يهتموا بمواساة شهداء قرارات ٢٥ أكتوبر ٢٠٢١م ويناقشون العفو عن الجناة في غياب ذوي الضحايا واسرهم ولم يسبق لهم ان اهتموا باسر الشهداء اللاحقين من امثال الشهيد بسام بمايو والذي كان الوحيد الذي يعين أسرته بالعمل مع والده في الخرطوم ٣ والشهيد النخلي الذي كان يساعد أسرته البسيطة في امكانياتها المالية والعظيمة باعتزازها بخصائلها الفاضلة ،ولا يعرف أصحاب الياقات البيضاء الدروب إلى بيوت أسر الشهداء والمفقودين والجرحى والمصابين، فكيف بهم يهتموا باحد رموز الثورة وهو هشام عباس الذي استهدفه النظام ببلاغ كيدي بالسعودية في إطار تبادل المصالح بين النظامين والسعودية لديها بنادق عابرة وهذه مفهومة في نطاقها المحدود ، ولكن من غير المفهوم، لماذا لا تهمس قوى الحرية والتغيير الموقعة على الإتفاق الإطاري بمجرد همس في اذن السفير السعودي للمطالبة بالإفراج عن هشام عباس خاصة وان كل المنسوب لهشام عباس الكتابة في الوسائط لتعزيز مطلب الحكم المدني لبلاده وهذا ما يعمل من أجله كما يردد دائما السفير السعودي بالخرطوم وتتمشدق بها في الأسافير قوى الإطاري، وماهية الجريمة المرتكبة في ذاتها طالما ان السفير السعودي بنفسه يقود وساطة نقل السلطة للمدنيين بالسودان .
    حزب الأمة والمسؤولية التاريخية :
    واهمُ من يظن بأن الحكومة الشكلية التي ستُشكل بموجب الإتفاق الإطاري ستستمر، فهذه الحكومة تحمل في دواخلها أسباب فشلها وقد جمعت النقائض من تنظيمات النظام البائد بلافتاتها المصنوعة ومُنعت غيرها مما تنطبق فيها ذات الأوصاف من المشاركة فيها بمزاج الأشخاص ومغازلة جبريل ومناوي اللذان أعلنا مناهضتها، كما ويعمل البرهان ضدها علنا وخفية مع المؤتمر الوطني قبل ميلادها وقد بلغ الحال بالبرهان ان طالب من شركائه في الإطاري بتوسعة الأفق وجاهر بالقول بان حكومة لا تستوعب الغير بحسب ما يراه ستفشل ولن يكتب لها النجاح .
    لم يعد خافيا لأحد ان هنالك آلاف ممن دخلوا إلى العاصمة في الأيام القليلة الفائتة في ظل التراشق ما بين عناصر اللجنة الأمنية للنظام البائد بشقيها الموالية للبرهان من ناحية ولحميدتي من ناحية اخرى في النزاع المكتوم بينهما ،وقوى الإطاري الغافلة متشبثة بفولكر والوساطة الدولية مثل الطفل الصغير المدلل، تجهش بالتصريحات لتحصل على السلطة كما يجهش الطفل المدلل بالبكاء ليحصل على لعبة الأطفال ، وبموجب الإتفاق الإطاري ليس هنالك للحكومة المدنية من سلطة على القوات العسكرية والأمنية كما ولا تمتلك قوى الإطاري في ذاتها برامج أوخطط امنية مدروسة للجيش الموحد بعقيدة وطنية وأحدة وكل اعتمادها على حميدتي الذي هو نفسه ليس له مصلحة في تسريح قواته ليفقد نفوذه في الداخل وثرواته الضخمة التي كونها وتمدد نفوذه خارج البلاد ، ومثلما ليس لأطراف الإطاري من برامج سياسية ولا اقتصادية كذلك أطرافها غير متجانسة وكلها متلفهة للسلطة كما ويتعذر إجراء إنتخابات بصورة سليمة في الفترة المنصوص عليها في الإتفاق الإطاري، فكيف تتم عملية إنتخابية سليمة من دون مشاركة النازحين واللأجئين ؟ وبأي كيفية؟ ومن هو الناخب الذي يُمارس الإنتخاب والتصويت في مناطقهم التي هجروها قسرا ؟ وعلى أي أساس سيتم ترسيم الدوائر الإنتخابية ؟ وكيف يتم التعامل مع الأحداث والصراعات المتوقعة أثناء إجراء العملية الإنتخابية ؟ ففي إنتخابات عام ١٩٨٦م لم تكن هنالك منازعات قبلية دامية على الأرض اوالسلطة المحلية اوالتمثيل الإنتخابي ، كما لم يكن هنالك أي شكل من اشكال التنافس القبلي أو الجهوي على السلطة وإذا وجد التنافس فنطاقه كان محدودا وبصورة لم تكن علنية أو أضحة ، والآن تعج البلاد بالمنازعات القبلية والجهوية التي ترعاها قيادات الدولة بنفسها .

مقالات ذات صلة

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments
زر الذهاب إلى الأعلى
0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x