مقالات الرأي

تأثير الحرب علي نفسية الأطفال

بقلم: عاصم موسي محمد (سوداني)

الحرب هي العنف الجماعي المنظم، بمعني هي نقيض السلم، وهي صراع بين طرفين أو أكثر يستخدم كل طرف أسلحته المادية مثل القتل والجروح وتحطيم البنية التحتية وما إلي ذلك وغير المادية كتأثيرها علي النفوس و خاصة الاطفال.
بالنظر والتفحص الجيد في الحروبات في كل العالم والسودان كنموزج نجد أن شريحة الأطفال هم أكثر عرضة للتأثير النفسي السلبي الناجم من العنف المادي الظاهري مقارنةً مع ببقية شرائح المجتمع. إذا استصحبنا تجربة السودان منذ 1955 2005م (حرب جنوب السودان) ومن 2002 2018م (تجربة حروب دارفور،النيل الازرق، وكردفان) و 2018 إلي يومنا هذا، بالإضافة إلى الولايات الملتهبة حاليا وتشمل العاصمة الخرطوم) من المؤكد أن أكثر فئة تأثراً بالصدمات هم الأطفال، و يتفاوتون في درجة التأثيرات بناءاً على نوع الفظائع المرتكبة والبيئة، وما بعد إنتهاء العنف المادي إن وجد؛ فإن الأجيال الحالية في السودان أغلبها من شريحة الأطفال مقارنة بفترات الحروب الأولي 1955 والوسطى 2002، و هذا ما يؤكده السلوكيات البربرية المشاهدة أمامنا.
بطبع الإنسان هنالك روابط تربط بين الهوى الداخلي للانسان وعوامل البيئة الخارجية سواء كانت سلبية او إيجابية، مثلاً الهرمون المسؤول عن الخوف والإضطرابات النفسية الأدرينالين Adrenaline أو ما يعرف بالإبينيفرين Epinephrine وهو ناقل عصبي تفرزه غدة الكظر وهي تقع فوق الكلية ،بتنتج في الخلايا أليفة الكروم في لب الكظر.
يتفق كثير من الأطباء و الإختصاصيون النفسيون علي أن معالجة الصدمات الناجمة عن الحرب بالغ الصعوبة لدى الأطفال ،لأن ليس بمقدورهم التعبير عن أنفسهم وما يدور بدواخلهم بشكل أسهل، عكس الأشخاص الكبار، وليس بمقدورهم فهم وتفسير الفظائع التي يشاهدونها يومياً ، فالطفل لا يستطيع التكيف مع هذه الظروف الغريبة لأنه خلال ثوانٍ معدودة من حدوث موقف مخيف وعصيب له يتم إفراز الأدرينالين بسرعة في الدم ومهمته إيصال إشارات محددة للأعضاء ليعمل استجابة تتماثل و تتكيف مع الموقف المعنى، حتي عرف هذا الهرمون بإسم هرمون الهروب أو القتال (hormone Fight or flight)
و بإمكانه أن يُظهر تعبيراتهم بشكل مختلف تماماً، وهذا الأمر يختلف من طفل لأخر حسب العمر والنوع والشخصية ، و وغالباً يكونوا في حالة عجز شبه تام عن الكلام فيما يتعلق بالصدمة التي تعرض لها.
الحروب مضرة ببيئة الأطفال و قدراتهم علي التعافي من هذا الضرر، وتكاد تختفي تماماً عندما تغلق البيئات الجيدة لهم كالمدارس و الرياض والمنتزهات.
المراحل التي يمر بها الطفل من إضطرابات نفسية أخطرها إضطراب ما بعد الصدمة أو ما يعرف بالPTSD ، فالحرب لا تنتهي بمجرد وقف العنف ! بينما تكون أدواتها المعنوية تعمل بشكل فعال ولربما تمتد لجيل أو أكثر، وهذه التشوهات النفسية يجب علينا وضعها موضع الإعتبار أكثر من المظاهر المشاهدة أمامنا، وهذه مسؤولية أخلاقية ووطنية لكافة أبناء و بنات الشعب السوداني بمن فيهم أطراف الصراع الحالي.
يجب علينا أن نوقف الحرب فوراً و نعالج آثارها كي نوقف سفينة الشر ونشعل شمعة الأمل لمشاعل المستقبل(الأطفال) حتي يخرجوا لنا جيل مختلف عن جيلنا والأجيال السابقة ليقودوا بلادهم إلي ركب الأمم والتطور والنماء والإزدهار، بعيداً عن الحروب والقتل.
عاش السودان خالي من الحروبات، وعاش فلذات أكبادنا تيجاناً على رؤوسنا وفي مقدمة الأمم والشعوب.

مقالات ذات صلة

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments
زر الذهاب إلى الأعلى
0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x