مقالات الرأي

رؤية الحزب الشيوعي النقدية لمخرجات مؤتمر ايوا للسلام والديمقراطية ٢٠-٢٣ اكتوبر ٢٠٢٣م (٦)


بقلم: الصادق علي حسن

الوضع التعاقبي للدولة السودانية .

نتيجة لتغييب الحقائق بواسطة النخب السودانية التي باشرت إجراءات إعلان استقلال السودان من داخل البرلمان في ١٩٥٦م، وأخطاء الممارسة الفادحة التي ارتكبتها عقب إعلان استقلال السودان من داخل البرلمان والمستمرة حتى الآن ، والمعلومات غير الصحيحة التي تم تمليكها للأجيال باعتبارها حقائق كما وقد ظلت تدرس للأجيال المتعاقبة في المناهج الدراسية باعتبارها وقائع تاريخية فانتجت خلطا موروثا حتى لدى خبراء القانون بالبلاد منه المزج ما بين قواعد تأسيس الدولة السودانية الخمس والمجازة في عام ١٩٥٥ والتي بموجبها تم تحديد شكل الدولة السودانية وجغرافيتها وشعبها ونظام حكمها الديمقراطي واستحقاق الفدرالية لجنوب وإنتخاب جمعية تأسيسية من كل اقاليم السودان لوضع وإجازة دستور البلاد الدائم هذه القواعد التي ارتكزت عليها الجنسية السودانية ، وما دونها سيعود الحال إلى ما كان عليه قبل إقرار مشروع تأسيس الدولة السودانية ، ومزج مشروع التأسيس بقواعده الخمس بأخطاء أنظمة الحكم التي تشكلت وادارت الدولة السودانية منذ استقلالها في عام ١٩٥٦م من انظمة وحكومات ديمقراطية وديكتاتورية حتى اليوم ، رؤية الأستاذ آدم شريف عضو اللجنة المركزية للحزب الشيوعي وحزبه بان الدعوة لاستعادة دستور ١٩٥٦ تصبح غير ذات جدوى بفهم ان هنالك تغيرات ومعطيات كثيرة حدثت بالبلاد تحتاج إلى إعادة نظر ، كما ومن المفيد ان يقدم الحزب الشيوعي السوداني طرحه للنقاس وهو الحزب الذي يحظى بثقل فكري وبحثي محترم، وبحسب الأستاذ آدم شريف فان الحزب الشيوعي يطرح المؤتمر الدستوري الجامع الذي يقرر في نظام الحكم في السودان وشكل الدولة والتوزيع العادل للسلطة والثروة، والسؤال الأهم هل المؤتمر الدستوري إذا عقد بهكذا طرح يمكن ان يتحقق لنتائجه الديمومة والإلزام للكافة في الحاضر والمستقبل أي الوضع التعاقبي المستمر، وطالما ينظر لقواعد التأسيس المجازة بواسطة برلمان سوداني منتخب ويمثل ذلك البرلمان الذي نشأ في ظل الإستعمار اساس الدولة الناشئة باعتبار انها ليست ذات جدوى ، فكيف يحقق المؤتمر الدستوري المقترح أو أي مؤتمرات او موائد دستورية او انشطة اواعمال أخرى هي مكفولة بموجب القواعد التأسيسية للدولة السودانية وتمثل الحالة التعاقبية الوحيدة للدولة السودانية المستقرة في ظل منازعات جهوية واجتماعية حادة باتت تهدد وحدة البلاد ومستقبلها.
دولة ١٩٥٦م :
بموجب معاهدة فرساي ١٩١٩م تم تقنين اوضاع الدول الحديثة في العالم ، حدود دولة السودان في مشروع التأسيس هي الموروث من الخديوية في مصر في ظل الإستعمار العثماني ثم الإستعمار الثنائي الإنجليزي المصري، ولم تكن هنالك اي مساهمات معتبرة داخل الأراضي التي اخذت اسم السودان في صياغة الوضع الحالي للبلاد كدولة، والمساهمة الوحيدة المعتبرة هي الثورة والدولة المهدية وهذه نفسها بالرغم من انها تمثل الأساس الوطني الوحيد بالمساهمة المؤثرة في صياغة وتشكيل الشخصية السودانية إلا انها كانت محلا لخلافات عميقة بين مكونات الدولة نفسها ومن اسباب ذهابها الخلافات الداخلية على مشروع الثورة والدولة المهدية . إن مشروع الدولة السودانية الذي أنبنى على توصيات لجنة أستانلي لتحقيق الحكم الذاتي وتقرير مصير البلاد يعد من أميز المشروعات في العالم وقتذاك والتي وظفت التجارب المحلية التي ضمت مماليك وسلطنات وانظمة ادارات متنوعة ومتعددة لإنشاء دولة بأمكانيات عظيمة ومترامية الأطراف، ولكن العقلية التي أدارت البلاد تعاملت مع الأوضاع الموروثة التي تم تشكيلها من خلال الإستفادة من كافة التجارب الإنسانية بالبلاد ، وكانها بدأت بها او بتجارب محلية محضة ، كما ولم تكن هنالك مساهمات مؤثرة للسودان في افريقيا حينما كان جوليس نايريري من شرق افريقيا والأراضي التي اخذت اسم تنزانيا وكوامي نكروما من الأراضي التي استغلت باسم دولة غانا وزملاؤهما من امثال احمد سيكتوري وجومو كنياتا وسنغور وغيرهم يقومون بتشكيل الشخصية الافريقية في مستهل الستينيات كان القادة السودانيون الذين حصلت بلادهم على استقلالها من قبلهم ببضعة سنوات ومن داخل المؤسسات التي نشأت في ظل الإستعمار تمثل تجربة فريدة ولكن قادة السودان ظلوا في حالة اغتراب وجداني ، كما كانوا مشغولون بالبحث عن الهوية في الشرق الأوسط، ويقال بان الزعيم الغاني كوامي نكروما سخر من النخب السودانية واطلق على السودان لقب رجل افريقيا المريض ، لقد قام المستعمر الإنجليزي بوضع معالم فصل الشخصية بجنوب الوادي (السودانية) عن الشخصية بشمال الوادي (المصرية) كما ووضع المستعمر الإنجليزي أساس الدولة السودانية الحديثة كما وضعت اسرة محمد علي باشا اساس الدولة المصرية الحديثة وحينما كان نكروما و نايريري لهما الدور الأبرز في انشاء منظمة الوحدة الافريقية في ٢٥/ مايو/١٩٦٣م باثيوبيا من عضوية ٣٢ دولة مستقلة ، وكان السودان من اوائل الدول المستقلة في افريقيا، كان السودان عبارة عن رقم مؤسس مثل غيره من المؤسسين واضاع لنفسه فرصة التأثير في التأسيس بالإنزواء بسبب الاغتراب الوجداني لزعمائه وكانت كل المقومات لصالح دولة السودان في احتضان مقر منظمة الوحدة الافريقية والتي تحولت إلى الإتحاد الافريقي ، لقد اقرت منظمة الوحدة الافريقية الإبقاء على حدود الدول الموروثة من الإستعمار على الرغم من غالبية هذه الحدود الموروثة قد جمعت بين اراضي لعدة شعوب وقبائل في دولة واحدة كما وفرقت بين شعب وقبيلة واحدة في اكثر من دولة مثل شعب الأوغادين في شرق افريقيا ، وقد صارت حدود الدول الأفريقية التي رسمها الإستعمار الأوربي هي حدود دول افريقيا الحالية المعترف بها بواسطة الأمم المتحدة، وعلى الرغم من هذه الحقائق الثابتة والتي لم تمض عليها سنوات فان عقلية النخب بالمركز تصور الوقائع بخلاف حقائقها وكان هنالك مؤامرة على وحدة السودان خلقها المستعمر البريطاني وتركها عبارة عن قنبلة موقوتة. بموجب توصية لجنة استانلي والتي وضعت مقترحات بمشروع تأسيس دولة السودان تم إنتخاب البرلمان السودان الأول في نوفمبر ١٩٥٣ وذلك لممارسة الحكم الذاتي وتقرير مصير البلاد خلال دورة البرلمان الأول المنتخب ديمقراطيا ، ولم تكن تلاوة مقترح استقلال السودان وتثنيته ثم الموافقة عليه من داخل البرلمان سوى عملية إجرائية، اظهرت وحدة الشعب السوداني في إقرار مشروع الدولة السودانية المستقلة.

مقالات ذات صلة

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments
زر الذهاب إلى الأعلى
0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x