مقالات الرأي

الحركات المسلحة والدعم السريع بدارفور والسودان أوضاعهما الحالية والمستقبلية (3)


بقلم: الصادق علي حسن

اتفاق جدة بشكله الحالي لا يخدم المسار الحقيقي لإنهاء الحرب العبثية بين قيادتي الجيش والدعم السريع وقد تضمن في نصوصه بعد مرور ما يقارب الشهر من إندلاع الحرب فتح مسارات آمنة للمدنيين للخروج من المناطق المحاصرة وقد اعتبر الإتفاق المناطق المحاصرة مناطق عدائيات، ولم يحددها وكأنها بين دولتين متحاربتين على الحدود بينهما ، المناطق المحاصرة الواردة في إتفاق جدة هي مساكن المدنيين والمرافق العامة وعلى رأسها المستشفيات والمراكز الصحية والخدمية والمدارس والمساجد والأحياء والطرقات، ويعني ذلك ان الإتفاق يهدف إلى إخلاء المدنيين لمساكنهم لتدميرها وتدمير المرافق العامة و البنية الهالكة المتبقية في هذه الحرب العبثية الدائرة بين مؤسستين عسكريتين في دولة وأحدة ، حرب يقودها من يشغل وظيفة رئيس الدولة البرهان في مواجهة نائبه حميدتي ، لقد كان السليم ان ينص الإتفاق على حصر المناطق العدائية في المناطق العسكرية والثكنات إما المناطق المحاصرة وهي المساكن والمرافق العامة والأحياء السكنية والأسوق والطرقات فكان يجب ان ينص في الإتفاق على إخلائها تماما من الأعمال العسكرية والأنشطة العدائية ولكن لم يحدث ذلك ،وكأن الإتفاق يهدف إلى إستمرار الحرب التي تضعف طرفيها ومن خلفهما تضعف الدولة وبالتالي يسهل إملاء الشروط عليهما وإيقاع الإلتزامات على الدولة .
حميدتي صنيعة المؤتمر الوطني :
في سذاجة متناهية صدقت قيادات الحرية والتغيير الموقعة على الإتفاق الإطاري بان حميدتي الذي أسس جيشه بهذه الإمكانيات والضخامة المتناهية وعلى قيادته هو وأسرته من آل دقلو كما وقد صارت له علاقات مع دول ومؤسسات إقليمية ودولية وموارد تفوق موارد الدولة سيقوم بدمج وتسريح هذا الجيش لصالح إنتقال مدني ديمقراطي لنخب بالخرطوم لم تحارب أو تساهم معه في الحروب التي ظل يخوضها منذ تأسيسه للجندي المظلوم وفي حروباته في دارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق حتى صار جيشه بديلا للمشاة بالقوات البرية .
إن مغازلة حميدتي لقوى الإطاري عن تحول ديمقراطي لا يقوم على منطق سليم ، فقد كان حميدتي يسعى ليتقوى بالقوى المدنية الموقعة على الإتفاق الإطاري في مواجهة منافسيه من عناصر اللجنة الأمنية للنظام البائد بالإنحناء للعاصفة الدولية ريثما يدبر أمره في ظل حكومة مدنية هشة جاهر بمساندتها ومن أجلها التزم بدمج جيشه العرمرم وفي نفسه شئ من حتى ، ولكن الحرب المؤجلة عجل نشوبها الصراع ما بين عناصر اللجنة الأمنية للنظام البائد وحميدتي .

  • أصدر حزب المؤتمر الوطني المحلول بتاريخ 12/ 5/ 2023 بيانا رحب فيه بإتفاف جدة وتحدث عن مقاربات سياسية وطنية بعد ان كان قد دفع بعناصره لإشعال هذه الحرب العبثية ، المؤتمر الوطني يعتقد بان الظروف صارت له مواتية للخروج من مخبأه والعودة للسلطة من على ركام الحرب والأنقاض وقد برع في ممارسة تغبيش الحقائق ولا يزال يمارس التضليل وتحميل قحت مسؤولية الفشل في إدارة الدولة في ظل حكومة حمدوك الصورية حتى مسببات الحرب الدائرة حاليا ، وفي الواقع قحت أصلا لم تحكم البلاد بل كان المؤتمر الوطني وحتى عقب إزاحة البشير مستمرا في السلطة من خلال البرهان وعناصر اللجنة الأمنية للنظام البائد ومن ضمنها صنيعة المؤتمر الوطني حميدتي، وكانت قحت في حكومة حمدوك تائهة لا تملك القرار ،وكانت البلاد تدار بواسطة المكون العسكري ،كما وكانت حكومة حمدوك بمثابة مدير الأعمال السياسية للمكون العسكري الذي تغول على السلطة التنفيذية ، مهام حكومة حمدوك كانت محصورة في تحسين صورة الدولة لدى الغرب وفي إعادتها للأسرة الدولية والتمهيد لإستجلاب القروض والدعومات المالية ولكن من كان يحكم البلاد فعليا ويدير شانها هو المكون العسكري برأسيه البرهان وحميدتي، لقد شرع البرهان في إقامة علاقات علنية مع اسىرائيل والتقى بنتنياهو وقحت كانت آخر من تعلم كما وكانت لا تملك أي سلطة عليه كما ولا يملك رئيس وزرائها حمدوك سوى التسليم بالأمر والتعليق على أعمال برهان وحميدتي التنفيذية والإدارية ، حميدتي يترأس اللجنة الإقتصادية التي تقرر في الوضع الإقتصادي للدولة ورئيس السلطة التنفيذية د حمدوك يقبل بالمشاركة في عضوية اللجنة، وكانت قيادات قحت مهتمة بتوزيع مناصب عامة صارت تحت يديها في الخدمة العامة بعد ان شغرت من شاغليها عقب الثورة ووزعتها لحاشيتها في محسوبية ، كما منحت البعض منها في مناصب الخدمة العامة المرموقة للمستقطبين من الكوادر، وانشغلت قياداتها بالمقابلات مع الشخصيات الدولية والوفود الزائرة والتصريحات الإعلامية الممجوجة ، لقد كان تفريط قحت في التخلي عن مسار إعادة الديمقراطية للبلاد والإبقاء على فلول عناصر نظام المؤتمر الوطني ، وفي الواقع قدمت قحت خدمات جليلة لحزب المؤتمر الوطني وقامت بالإبقاء عليه في المشهد السياسي وكان المؤتمر الوطني أصلا بالسلطة وخروجه منها كان صوريا بقرار إداري بحله والحجز على دوره ومنعه من ممارسة انشطة سياسية علنية وشكليا من خلال إحتلال الدعم السريع لدوره وإتخاذها مقارا لها ، وما اعظم تفريط قحت .
    حزب المؤتمر الوطني في بيانه المشار إليه والصادر يوم أمس وفيه رحب بإتفاق جدة كما وطرح مقاربات سياسية داخلية، فإن على عثمان ونافع وعوض الجاز وغيرهم وهم في الثمانين من اعمارهم وعلى حواف القبور وعلى مقربة منهم غندور وآخرين ومن خلفهم أحمد هرون وجيله لا زالت عقيدتهم هي السلطة والقتل بكل الوسائل من أجل السلطة انهم تلاميذ الشيخ الترابي صاحب المقولة الشهيرة (أذهب إلى القصر رئيسا وسأذهب إلى القصر حبيسا) وهؤلاء يعملون خفية وعلنا وقيادات الإطاري لا تزال على الرصيف تنتظر ان تأتيها السلطة بعد عودة طرفي الحرب العبثية إلى طاولة المفاوضات .
    مستقبل الدعم السريع :
    وصلت قيادة الدعم السريع لأوج السلطة ونفوذها وهذه الحرب العبثية تمثل بداية خروجها من المشهد السياسي ، ولكن ذلك لا يعني إختفائها بصورة نهائية والراجح قد تتحول إلى تشكيلات وتنظيمات مناطقية بقيادات وزعامات محلية تحل محل آل دقلو، كما ان خروج آل دقلو لن يكون قريبا بمثلما يقول الطرف الثاني في الحرب الذي يقوده البرهان ،بل خلال فترة قد تظهر خلالها الحروبات المجتمعية المحلية كما يحدث الآن بمدينة الجنينة في ظل غياب إعلامي ، ففي شهر ابريل الماضي وفي الفترة من 24 إلى 27 ابريل اندلعت بالجنينة عاصمة ولاية غرب دارفور صراعات مسلحة دامية هاجمت خلال تلك الفترة عناصر مسلحة مسنودة بعناصر من الدعم السريع وهي مزودة بكافة انواع العتاد الحربي وعربات الدفع الرباعي والمواتر مدينة الجنينة وقامت بممارسة القتل الجزافي ونهب السوق وحرق المنازل ودور الأيواء وإتلاف المرافق العامة ونهبها ومن جراء الهجوم وبحسب إفادات الأهالي والتي تطابقت مع التقرير الأولي من منظمة الجذور لحقوق الإنسان ورصد الإنتهاكات بالجنينة والصادر بتاريخ 29/ 5/ 2023 فإن الضحايا تجاوز عددهم 230 مدنيا و أكثر من 350 من الجرحى والمصابين وغالبيتهم من الأطفال والنساء والمسنين ، وطال الهجوم مستشفى الجنينة الذي تم إتلافه وإتلاف بنك الدم ومعمل الفحص الطبي وغرفة الأشعة وتم قتل أميز أخصائي الأشعة بالولاية وأمتنع قائد الحامية العسكرية من التدخل وتحصن في داخل مبانيه وثكناته العسكرية، ثم تجدد الهجوم المسلح الضاري يوم الجمعة 12 / 5/ 2023 بذات العتاد الحربي والعناصر المسلحة وتم تشليع بقايا سوق مدينة الجنينة ونهب المتبقي من المحال التجاربة ووصل القتل الجزافي إلى داخل المساجد بقتل تسعة من الأشخاص وعشرات الجرحى والمصابين من النساء والعجرة داخل مسجدين بوسط المدينة ،كما استشهد إمام المسجد العتيق محمد عبد العزيز عمر الإمام وتجاوز عدد القتلى المدنيين مائة قتيلا ولا تزال الجثث بالطرقات وعشرات من مصابي الأحداث يبحثون عن طرق وممرات آمنة للذهاب إلى تشاد بعد ان كان مرضى تشاد يأتون إلى مستشفى الجنينة للعلاج .
    وفي جنوب دارفور أصدر الناظر التجاني عبد القادر محمد عثمان ناظر عموم المسيرية بولايات جنوب دارفور توضيحا هاما بتاريخ 13/ 5/ 2023 ننقله بالنص الحرفي ( لقد طالعت عبر الوسائط الإجتماعية بالأمس القريب ان هناك مجموعة ظهرت في مقطع فيديو يوضح مبايعة لقائد الفرقة 16 مشاه بولاية جنوب دارفور لذا فإن قبيلة المسيرية تدين وتستنكر هذا التصرف المنسوب لأصحابه وتؤكد بأننا ضد زج إسم القبيلة في اي معترك من هذا القبيل والله المستعان) .
    تجار الحرب من منسوبي المؤتمر الوطني الآن نشطوا ويعملون جهارا على نقل الحرب من مدينة الجنينة إلى مدينة نيالا ، وقد أختفت الحركات المسلحة المنضوية للسلطة بموجب إتفاق جوبا ، ولم يظهر لها اي دور أو اثر في حفظ الأمن وسلامة المواطنين والممتلكات العامة والخاصة ، فأين ذهبت وأختبأت ؟ .

مقالات ذات صلة

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
1 تعليق
Newest
Oldest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
ابراهيم دارفور
ابراهيم دارفور
11 شهور

حاليا الشعب هو الذي يدفع ضريبة هذه الحرب العبثي أما في المستقبل يجب عن يحاسب كل أجسام التي شاركت وعلي راسهم حزب المؤتمر الوطني طيلة الاستقلال الي يومنا هذا .

زر الذهاب إلى الأعلى
1
0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x