مقالات الرأي

مفهومي القيادة والإدارة وسمات القائد

بقلم: محمد عبد الرحمن الناير (بوتشر)

■مفهوم القيادة:

يصعب تحديد تعريف واحد لمفهوم القيادة ، وهي موضوع متعدد الجوانب والتعريفات وفقاً للمدارس الفكرية والفلسفية، ولكن مجمل التعريفات لا تخرج عن تعريفها ب”عملية التأثير في إتخاذ القرارات حيال موقف معين، وهي الوظيفة وأنماط السلوك ومجموعة الخصائص التي يتميز بها شخص ما عن غيره في مؤسسة عامة أو منشأة خاصة أو تنظيم سياسي وخلافه، حيث تتفاعل هذه العناصر لتنتج ما يسمي بفن القيادة الذي يمكن تعريفه بالقدرة على إدارة وتوجيه الموارد والأشخاص من أجل تحقيق الأهداف المرسومة بأقل تكلفة وجهد”.

■تعريف القائد:

القائد هو شخص يتمتع بمجموعة من السمات والمميزات القيادية، ويحتل وظيفة معينة وفق للنظم والقوانين في المؤسسة المعنية ، فالقائد الذي يأخذ خصائصه من الموقع الذي يشغله وليس من إمكانياته وقدراته الذاتية يعتبر كارثة على المؤسسة أو الحكومة التي يديرها ؛ فتجارب العالم حافلة بهكذا قيادات ساهموا بروعنتهم في تحطيم دول وإمبراطوريات.

■أهمية القيادة:

القيادة هي حلقة الوصل بين المرؤوسين وخطط المؤسسة وتصوراتها المستقبلية، بحيث تعمل على توحيد جهود كافة الموارد البشرية والمادية نحو تحقيق الأهداف، أيضاً من مهامها حل المشكلات والسيطرة عليها عبر خطط علمية مدروسة، وتنمية الأفراد وتطوير قدراتهم عبر برامج تدريب وتأهيل مستمر مواكب للمتغيرات الكونية، ورعايتهم وتحفيزهم وزيادة مهاراتهم وتوفير البيئة الملائمة لتفجير طاقاتهم وإبداعاتهم وغرس الثقة في نفوسهم كي يحسوا بأنهم قادة وليسوا قطيعاً من النعاج ينفذون ما يُطلبه منهم الراعي دون إبداء أي آراء أو ملاحظات، فالقائد الذكي والناجح ليس هو ذلك الشخص الذي يفرض رؤاه على من يقودوهم ، إنما يحاورهم ويناقشهم ويعطيهم الخطوط العريضة لتنفيذ المهام والتكاليف ويترك لهم تحديد الطرق المناسبة للتنفيذ، لجهة أن الأشخاص مختلفون في أفكارهم ورؤاهم وأنماط سلوكهم، فإذا كانوا متشابهون في كل شيء لما تأخر علماء البرمجيات في تصميم برنامج كمبيوتري للتنبوء بسلوك البشر وتوقع تفاعلهم وتعاطيهم مع قضية ما قبل حدوثها.
إن القائد الحقيقي يؤثر ويتأثر إيجابياً مع المحيط الذي يقوده ، فكلما ضاقت مساحات السيطرة والتسلط للقادة ، كلما اتسعت الثقة والإحترام المتبادل بين المجموع، وذلك ينعكس إيجاباً على إستقرار المؤسسة وتقوية روح الفريق فيها لتحقيق الأهداف الكلية المشتركة.

■الفرق بين القيادة والإدارة:

الحديث عن القيادة قديم قدم تأريخ البشرية، ولكن الحديث عن الإدارة جاء متأخراً ولم يتم تناوله إلا في القرن التاسع عشر، مع التأكيد على أن القيادة فرع من علم الإدارة، فالإدارة تركّز على أربعة عمليات رئيسة، وهي:

●التخطيط.
●التنظيم.
●التوجيه والإشراف.
●الرقابة.

بينما القيادة تركّز على ثلاثة عمليات رئيسة، وهي:

●تحديد الإتجاه والرؤية.
●حشد القوي والطاقات.
●التحفيز وشحذ الهمم.

■مداخل الشخصية القيادية:

أن تتسم بالتوازن في إتخاذ القرارات ، وتوازن بين الحزم والغلظة ، وبين الغرور والثقة بالنفس ، وبين المغامرة والتهور، ويجب أن يتسم القائد بالإبداع وإبتكار الحلول الخلاقة والوصول للأهداف بطرق علمية مدروسة ، والإهتمام بعامل الوقت في إنجاز المهام والتكاليف، فأي قائد أو مدير لا يهتم بعامل الوقت يعتبر شخص فاشل لأن إدارة الوقت من أهم عوامل الإدارة الناجحة في عالم اليوم.

■مهارات القائد الناجح:

أن يتمتع بمهارات فكرية ومعرفية تساعده على التخطيط والإبداع ، ومهارات إنسانية تمكنه من بناء علاقات إجتماعية متينة مع مرؤسيه ومحيطه، وإجادة فن التعامل مع الآخرين ومعرفة الدوافع التي تجعلهم يتميزون في أداء وتنفيذ المهام الموكلة إليهم بالصورة المطلوبة، فإن الحوافز والدوافع تختلف من شخص لآخر ، فليس كل ما يعتبر حافزاً ودافعاً لشخص ما، يكون حافزاً لغيره من الناس، وذلك لإختلاف السمات الشخصية بين البشر ، فمنهم من يزيد عطاؤه عندما تتم زيادة في راتبه وعلاواته ، ومنهم من يضافر جهوده عندما تتم ترقيته، ومنهم من تحفزه الرحلات والترفيه ، ومنهم من يحفزه الإطراء والمدح ووووإلخ.

■خصائص القائد الناجح:

يتمتع القائد الناجح بعدة خصائص منها:

●ذاتية “فطرية”: مثل الكرم والشجاعة والصدق والتواضع.

●خصائص شخصية “مكتسبة”: مثل العلم والإيمان وضبط النفس والشعور بالمسؤولية.

●خصائص إجتماعية “التعامل مع الآخرين”: مثل اللطف والرفق والعدل والمساواة والمشاركة وقبول النصائح وكظم الغيظ.

■مهام القائد الفعّال:

●التفكير ” القائد المفكر”: يهتم بعملية التفكير الجيد والمبادرة في طرح الأفكار والتصورات، ويتمتع بثقافة عالية ومتجددة من مصادر علمية وليس ثقافة السوشيال ميديا والوشايات ونقل الأحاديث، ولابد أن يهتم بشحذ العقل والفكر والنظر للمستقبل وتحدياته والتنبوء به، وإمتلاك عقلية ذات بعد إستراتيجي.

●التوجيه “القائد الموجه”: يهتم بتحديد الأهداف والخطط التفصيلية والبرامج الزمنية ويشرف على تنفيذها، ويعمل على تزويد مرؤوسيه بالمعلومات والمساعدة اللازمة لإنجاز المهام ويعمل على خلق جو من التسامح والإنسجام فيما بينهم ، ويراقب الأداء ويقيّم مسارات العمل استناداً على معايير قياسية علمية ومعتمدة.

●التغيير “القائد المغيّر”: التجديد والتطوير مهمة أساسية من مهام القائد في رسم الأهداف وتحديد الوسائل والطرق.

●التحريك “القائد المحرّك”: يستكشف طاقات مرؤوسيه وتفجيرها نحو تحقيق الأهداف، والمحافظة على روح الفريق وتعزيز العمل الجماعي، وممارسة مبدأ القيادة بالقدوة وتعزيز الوازع الذاتي لدي الأفراد تجاه الرؤية والرسالة، وأفساح المجال للتنافس المحمود، والتعامل بجزم مع تنامي ظواهر الشلة والإغتيال المعنوي للأفراد التي من شأنها أن تحيل المؤسسة إلى غابة من الوحوش المفترسة.

●التحفيز “القائد المحفّز”: يشتمل التحفيز على إحترام وتقدير الجهود التي يقدمها العاملون في المؤسسة، وتلبية الإحتياجات النفسية والمعيشية والذهنية، والتشجيع والإستجابة للميول الإنسانية والتعابير التلقائية عن مشاعرهم وآرائهم، وإشراكهم في وضع أهداف ومعايير الأداء ومنحهم الحرية لإختيار الوسائل وإتاحة الفرص أمامهم في اتخاذ القرارات الخاصة بتنفيد تكاليفهم، وعدم المحاباة والتمييز بين المرؤوسين على أسس غير موضوعية تؤثر على الإنسجام وإستقرار بيئة المؤسسة.

●التفعيل (القائد الفعّال): يحقق القائد أعلى درجات الفاعلية من خلال تحقيق الأهداف والنتائج المرسومة للمؤسسة بأقل الجهود والتكاليف، ويحقق أعلى درجات الكفاءة من خلال الإستخدام الأمثل للموارد المالية والبشرية ، ويسعى إلى بلوغ مستوى عال من الإنتماء والإلتزام والولاء للمؤسسة، ويعمل على تحويل الأفكار إلى أفعال بإفساح المجال للتجربة والخطأ، ويربط النجاح الشخصي بالنجاح الجماعي والعكس.

●التفويض (القائد المفوّض): يقلل إلى أقصى حد ممكن من قوة المركز أو السلطة القابضة، ويقليل من إعتماد الأفراد على القائد واللجوء إليه في كل كبيرة وصغيرة، ويعمل على توزيع المهام والمسؤوليات، وإشراك المرؤوسين في عملية إتخاذ القرارات وإعطائهم الصلاحية اللازمة لحل المشكلات وإدارة العمل، وتشجيع المبادرات الفردية في تحمل المسؤوليات وتشجيع اتباع أسلوب الفرق ذاتية الإدارة، وإتباع مبادئ التفويض الفعّال والمساعدة في تسهيل التفّويض من خلال توفير المعلومات الدقيقة، ويستخدام التفوّيض كأسلوب من أساليب التدريب العملي والمتابعة المستمرة من قبل القائد لأداء المفوّضين.

●التدريب (القائد المدرّب): تنظيم عملية التدريب وتوفير الميزانيات والأوقات والأماكن المناسبة والكافية، والتركيز على تلبية الإحتياجات التدريبية التي تحتاجها المؤسسة، وإستخدام التدريب كحافز للتشجيع وغرس روح المنافسة والإبتكار.

●صناعة المناخ: يعمل على ضمان الأمن والراحة في العمل وإظهار الود والتفاهم وتبادل الإحترام، وإحداث التجانس والتوحد بين آراء المرؤوسين وتخفيض التوتر والنزاعات والمشاحنات، وبناء الثقة فيما بينهم والتأكيد على العلاقات الإيجابية وتشجيعها، ويحاول فهم الآخرين قبل أن يفهموه، ويتقن فن الإستماع والإصغاء ، ويسامح ويقبل الإعتذارات التي هي من أهم مستلزمات صناعة المناخ الصحي في بيئة العمل، ويضفي جو من التعاون والتشجيع وتكريس مبدأ نجاح الفرد يؤدي إلى نجاح المؤسسة.

●التأثير (القائد المؤثّر): القائد المؤثّر يتبع إستراتيجية الفوز للجميع، ويمارس أساليب الترغيب والترهيب للتأثير على الآخرين ويبتعد عن الغلظة، ويمارس منطق الأقناع والعاطفة، ويتمتع بقدرة عالية على ضبط نفسه والصبر على الآخرين ويحظى بدرجة قبول عالية لدى العاملين لصفاته الشخصية وليس لمنصبه، ولديه القابلية للتعلّم والإعتراف بالأخطاء، ويتفهّم النّاس وظروفهم المحيطة ويتعامل معهم على إفتراض حسن النوايا.

مراجع ومصادر:

● الشبكة العنكبوتية.

●كتاب (القيادة في القرن الحادي والعشرين) – د.طارق السويدان.

●كتاب (العادات السبع للقادة الإداريين) – الكاتب ستيفن كوفي.

8 مارس 2024م

مقالات ذات صلة

1 1 vote
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
1 تعليق
Newest
Oldest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
Mozamil
Mozamil
1 شهر

يسلم أناملك القائد العظيم بوتشر.

زر الذهاب إلى الأعلى
1
0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x