مقالات الرأي

هل حانت نهاية صحيح البخاري؟

د. توفيق حميد

نزلت كلمات ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، في صحيفة “ذا أتلانتيك” والتي تم ترجمتها للغة العربية، كالصاعقة على الجماعات الإسلامية المتطرفة في جميع أنحاء العالم. وكان وقع هذه الكلمات مدويا بكل المقاييس. فالرجل – أي محمد بن سلمان – لم يكتف فقط بعرض المشكلة بل وضع حلولا لها.

والمشكلة كما لا يخفى على كثيرين هي في كتب التراث وكتب ما يسمى بالأحاديث، والتي حولت الإسلام من ديانة “لا إكراه في الدين” إلى ديانة “أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولو لا إله إلا الله”. وحولت مفهوم القرآن وصريح كلماته “فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر” إلى ديانة “من بدل دينه فأقتلوه”. وحولت صورة الرسول من “وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين” كما جاء في القرآن الكريم إلى “لقد جئتكم بالذبح”. وياله من تغيير من نور إلى ظلام، ومن حق إلى باطل ومن رحمة إلى إجرام! والآن، وبعد أكثر من ألف عام من نزول الإسلام، يأتي محمد بن سلمان ليرجع الأمور إلى حقيقتها وليصلح ما أفسده رجال الدين ورواة الحديث الظالمون والكاذبون الذين أهانوا الإسلام وآذوا رسوله الكريم بأن قالو عنه أنه “تزوج من طفلة وعمرها سبع سنين”، وأنه “كان يدور على نسائه في ساعة واحدة من النهار بغسل واحد”، وأنه “أوتي قوة ثلاثين في الجماع”، وأنه “هو الضحوك القتال” وأنه …وأنه وأنه….ولا أدري أين أنتهي، فكتب التراث مجلدات يصعب حملها على العصبةِ أولي القوة!

وجدير بالذكر في هذا السياق، ذكر ما قاله ولي العهد السعودي في هذا الأمر، وهو أن كتب الأحاديث المختلفة هي “المصدر الأساسي للانقسام في العالم الإسلامي، بين المسلمين المتطرفين وبقية المسلمين، فهنالك عشرات الآلاف من الأحاديث، والغالبية العظمى منها لم تثبت”. ثم أضاف لذلك أمرا هاما ألا وهو أن الرسول أمر المسلمين “بعدم تدوين الأحاديث في بداية الإسلام حتى لا يختلط الحديث بالقرآن”. وهذا النهي عن كتابة الأحاديث مأخوذ من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، وقد أخرجه مسلم في صحيحه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (لا تكتبوا عني، ومن كتب عني غير القرآن فليمحه).

وكما نلاحظ فإن الرسول لم يلغ هذا الأمر أي أن كل من جمع وكتب عن الرسول شيئا غير القرآن مثل البخاري ومسلم وغيرهم ممن جمعوا ما أسموه بالحديث قد عصوا أمر الرسول عليه السلام. ونذكرهم هنا بهذه الآية والتي يبدوا أنهم قد نسوها ” ومن يعص الله ورسوله فإِن له نار جهنم خالدين فيها أبدا”.

وأروع ماحدث وما جاء على لسان محمد بن سلمان في هذا الموضوع أن هناك عملا يتم الآن لعمل كتاب جديد للأحاديث المثبتة حتى يتم عرض الإسلام الصحيح للناس.

وقد يكون هذا العمل جاهزا في غضون عامين!

والآن يكون السؤال لشيخ الأزهر، والذي دافع عن كتب التراث بشراسة بالغة وصلت لدرجة إهانة الدكتور محمد الخشت رئيس جامعة القاهرة – والذي حاول تصحيح وتجديد الخطاب الديني – فقال له الشيخ أحمد الطيب أن التجديد يكون في بيت أبوك وليس في الدين.

فاليت شيخ الأزهر يخرج علينا الآن ليقول لنا بصراحة ما رأيه الآن في ما قاله محمد بن سلمان وبخاصة موقفه وموقف المملكة العربية السعودية من أحاديث الآحاد، والذي يقلل بشدة من أهميتها ويعتبرها هامشية في الدين.

والجدير بالذكر أن أحاديث الآحاد تمثل الأغلبية العظمى من كتب صحيح البخاري وصحيح مسلم وكتب الأحاديث المتداولة والمعروفة. وذلك يعني ببساطة إنهاء الكثير من الأمور التي اعتبرها شيوخ الأزهر أمورا لا يمكن المساس بها مثل الحجاب و قتل المرتد ورجم الزانية المحصنة ومنع الوصية في الميراث للوارثين وإجبار الناس على العبادات وقتل منكري الصلاة وغيرها من الأمور التي يعتبرها كثيرون أساسية في الدين.

وجدير بالذكر هنا تعريف ما هي أحاديث الآحاد، والتي عرفها محمد بن سلمان كما يلي “ما نسميها الأحاديث الآحاد، وهي ما سمعه شخص عن الرسول، وسمعه شخص آخر عن الشخص الأول، حتى نصل لمن وثقها، أو سمعها قلة من الناس عن الرسول، وسمعها شخص واحد من هؤلاء القلة”.

وكما أشرنا أعلاه، فإن كتبا مثل البخاري وغيره من كتب التراث ستنتهي مع هذا التغيير التاريخي لأن غالبيتها العظمى – إن لم يكن كلها – هي أحاديث آحاد!

فهل نحن الآن بصدد تغييرالظلام إلى نور، والباطل إلى الحق والإجرام إلى رحمة للإنسانية جمعاء! ولنر ماذا سيحدث!

وأخيرا وليس آخرا نختتم المقالة بعنوانها : “هل حانت نهاية صحيح البخاري؟”.

وللحديث بقية!

“الحرة”

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى