مقالات الرأي

ياسر عرمان هلا تمهلت (2)


بقلم: الصادق علي حسن

في مقالنا السابق بدأت بالتناول والتعليق على السؤال الثاني من أسئلة الأستاذ ياسر عرمان الثلاثة والواردة في مقاله بعنوان بنادق ابريل وكان السؤال عن هل الفريق أول هاشم عبد المطلب خلية بمفرده؟ وفي مقالنا هذا سنتناول سؤاله الثاني، وهو في الترتيب بمقاله السؤال الأول ، السؤال هو من المستفيد من هذه الحرب ومن الذي يخلف خلفها ؟، لم اتقيد بالترتيب بحسب ما جاء في مقال صاحبه لأن من ضمن ما جاء في سؤاله الثاني كمن أجاب بنفسه على سؤاله الأول ، وقد ذكر الأستاذ ياسر عرمان في سياق حيثياته (هذه الحرب لم تأتي من سماء زرقاء صافية بل نتاج عقود من حكم الإنقاذ الأقصائي الذي لجأ للقهر والقمع والحروب واختطف مؤسسات الدولة وانتهي بتعدد الجيوش للحفاظ على السلطة السودانية نفسها ، مما أدى إلى فصل آلاف الضباط وضباط الصف والجنود)، ومن المنقول من أقواله انه يعلم تماما بان الفريق أول هاشم عبد المطلب لم يكن بمفرده وقد أجاب، كما وان هذه المعلومة قد صارت من البديهيات التي أخذ بها الرأي العام السوداني برمته علما تاما بان الدولة في ظل الإنقاذ تحولت إلى أقطاعية بكامل منظومتها الحاكمة وأجهزتها الإدارية ومؤسساتها العامة وقد صارت محتكرة بواسطة منسوبي حركة الإسلام السياسي ، أما بشأن السؤال حول من المستفيد من هذه الحرب ومن الذي يقف خلفها ؟ لم يحدد ياسر عرمان إجابة واضحة مبنية على أدلة وبراهين ، وأكتفى بوصف المؤتمر الوطني بالبصيرة ام حمد في قصة الجرة الشعبية المشهورة ، كما وقال بان البصيرة ام حمد أفضل من المؤتمر الوطني الذي أشار للخروج من مأزق الثورة بالإنقلاب وحينما فشل الإنقلاب وانقسم المكون العسكري وأصبح الإتفاق الإطاري هو المخرج اشار بالحرب (وقد روا في الإنقلاب اولا والحرب بعده فرصة للعودة للحكم)،كما ذكر بان المؤتمر الوطني وجد في الإنقلاب والحرب فرصة للعودة للحكم ولم ينتبه عرمان بان البصيرة أم حمد انتهت بجماعتها إلى قطع رأس التور ثم كسر الجرة وقد ذهبوا إليها يلتمسون الرأي السديد ، و سؤال عرمان عمن هو المستفيد، ومن الذي يقف خلفها ؟ وفي حيثيات سرده المؤتمر الوطني مستفيد من الحرب ولكن لم يجب علي بقية سؤاله حول من خلفها ، وهل مسؤولية المؤتمر الوطني محصورة في الإشارة للحرب ولم يخضها إلى جانب طرفيها وهنا المدخل السليم في التوصيف وتحديد المسؤولية التامة، المستفيدون من نتائج الحرب بعد اشعالها ليس بالضرورة ان يكونوا هم من قاموا باشعالها وطالما انه ذكر في حيثيات مقاله بان المؤتمر الوطني هو المستفيد من الحرب ، يظل السؤال قائما، من الذي يقف خلفها ؟.

  • تصريحات وكتابات ياسر عرمان وزملاؤه من السياسيين في معاهد ومراكز البحوث والدراسات الدولية :
    قيادات التنظيمات السياسية والحركات المسلحة بالسودان لا تدرك بان مراكز ومعاهد دراسات النزاعات الإقليمية والدولية المهتمة بشؤون أفريقيا والسودان ترصد تصريحاتها وكتاباتها للبحث ودراسة الأزمات والقضايا السودانية، ومواقف الأطراف منها وتأثيراتها الداخلية والخارجية ومداخل تسويتها ، قبل عدة سنوات كنت مع مولانا محمد عبد الله الدومة نشارك في منتدى حول الأزمة السودانية بواشنطن وفوجئنا بان تصريحات وبيانات صادرة من ياسر عرمان ومريم الصادق وآخرين سابقة تقرأ مع تصريحات وبيانات اخرى صدرت عنهم في فترات لاحقة عن ذات المواضيع وأوجه الإختلاف فيها ، وانا أقرأ في وصف ياسر عرمان لموقف المؤتمر الوطني من إنقلاب البرهان والإشارة للحرب كما ذكر في مقاله بعنوان بنادق ابريل واختزال موقف المؤتمر الوطني من الإنقلاب والحرب الدائرة في موقف البصيرة أم حمد، ومن المؤكد بان مثل هذه الأوصاف ستجد التنقيب لدى مراكز البحوث والدراسات المهتمة بالشأن السوداني في الغرب بخاصة في ظل هذه الظروف والأوضاع الحالية بالسودان وموقع ياسر عرمان باعتباره من قيادات قوى الإطاري النافذة ولن تصلح للإجابة ، الوضع الصحيح ان تكون لدى تنظيمات قوى الإطاري بحوث ودراسات استراتيجية متكاملة تمثل لها جميعا مرجعية في الكتابة والتصريحات الإعلامية حول أوضاع البلاد بما فيها الحرب الدائرة حاليا جاهزة ومراجعة بصورة دورية ، وحينما يكتب من أمثال ياسر عرمان عن الحرب الدائرة ومن المستفيد ومن يقف خلفها، بالضرورة من خلال معلومات كافية وبأسانيد وأضحة سواء من مراكز روافد حزبه أو من مرجعية تحالفه الموقع على الإتفاق الإطاري ،لا هكذا مثل خبط عشواء ، وصف المؤتمر الوطني بمثل البصيرة ام حمد ، هذا الوصف يصلح إطلاقه في الندوات الجماهيرية العامة المفتوحة وفي خطب التهكم من الخصوم السياسيين في منابر ومنصات ضجات الخطب الحماسية، ولكن ليس في مقال مكتوب من قيادي بالإطاري فيؤسس عليه في ظل ظروف السودان الحالية باعتباره رأي الحزب الذي يرأسه أو من تحالف قوى الإطاري المذكورة، فتنكب عليه مؤسسات دراسات المنازعات الدولية بشأن السودان ، ومن الملاحظ في مقال عرمان المطول المذكور لم يتناول فيه بالتحديد القاطع المستفيد من الحرب بل حتى الوصول لمقصده (المؤتمر الوطني) من خلال الوصف السردي كما في الحكايات ، المستفيدون من الحرب هم كثر بخلاف تجار الحروب والأزمات ولهم عدة وأجهات وكيانات سياسية ومدنية كما هنالك قوى إقليمية ودولية ، منبر جدة الذي تحدث عنه ياسر عرمان أيضا به مآخذ وقد لا يصلح ليؤسس عبره لحلول مستدامة، بل يكمن نجاحه في إقرار الوقف الفوري للحرب ، فدولة لديها قوات مستجلبة من طرفي الصراع لحمايتها، بالضرورة ستضع هي ذاتها مصالحها في منضدة التفاوض ، منبر جدة قد يمنح الشعب السوداني بوارق الأمل والأمان الزائفين حيثما تجاوز نطاقه الوقف الفوري للحرب وذلك ما يحدث حتى الآن ، وحينما يصل الطرفان للإلتزام بوقف الحرب وقد تعددت هدن مفاوضات جدة أو من تلقاء ذاتهما تكون البلاد التي فقدت أكثر من ٥٠ % من قدراتها الإقتصادية والعسكرية وسيكون طرفي الحرب قد فقدا السيطرة عليها كما وقد توافرت في مواجهتهما بينات كافية عن جرائم الحرب المرتكبة وهنا قد تتوسع نافذة الإملاءات الخارجية بشروط قد لا تكون من ضمنها مصالح البلاد العليا مرعية .
    أفشال المرحلة الإنتقالية :
    قال الأستاذ ياسر عرمان بان الخط الرئيسي لجماعة المؤتمر الوطني هو أفشال المرحلة الإنتقالية، وهذه من البديهيات فأي كيان فقد السلطة في ظل ممارسات غير ديمقراطية ودكتاتورية مطلقة يعمل بكل الوسائل للعودة إليها ، كما وحدد عرمان استراتيجية المؤتمر الوطني وذكرها في خمس فقرات بمقاله (أ/ ب/ج / د/ ه)، وفي الفقرة (أ) منها استشهد بإستمرار المؤتمر الوطني في خلق العراقيل والفتن بين قوى الثورة والقوات النظامية كاهم وسيلة لزعزعة الإنتقال واضعاف القوى المدنية واعتبر الدعاية المسمومة ضد د علاء الدين نقد وحديث العميد طبيب طارق الهادي في سياق يعززان رؤيته وفي إستخدامه لوقائع في ظروف مغايرة تماما كقرائن لربطها مع بعضها قد لا تصلح كشواهد بمثل وأقعتي اعتقال د علاء وحديث الضابط العميد المذكور ، كما وفي ذات هذه الفقرة يحاول ياسر عرمان فصل المسؤولية عن الجيش ونسبتها لجهات قال عنها أختطفت الجيش، ولم يكن هنا موفقا فطالما الجيش لم ينف المنسوب إليه من أحد عناصره وهنالك ناطقه الرسمي والمتحدث بإسمه فمن المؤكد ان الأستاذ ياسر عرمان ليس معنيا بتحديد مرجعية المسؤولية داخل الجيش .
    في الفقرة (ب) من مقاله ذكر عرمان الآتي ( بعد خروج الدعم السريع من وصاية أمراء الجماعة في ثورة، كان خط الجماعة هو أرجاع الدعم السريع تحت سيطرة الجماعة بالترغيب والوعيد بما في ذلك الحرب) ومن المؤكد كما في اقواله بان جماعة المؤتمر الوطني لم يقطعوا الأمل في إعادة حميدتي إلى أطر وحضن المؤتمر الوطني وهو الذي نشأ وتربى عنده ، ولكن من الغفلة ان يُقرأ موقف حميدتي باعتباره كان في إتجاه تعزيز مسار الإنحياز نحو أحداث التحول الديمقراطي ، فقد كانت لحميدتي تقديراته وحساباته الخاصة به ، وقد وجد في الأشهر القلائل قبل نشوب الحرب ضالته المنشودة في قوى الإطاري التي وضعت كل آمالها وتطلعاتها عليه ، لقد اعتذر حميدتي عن مشاركته في إنقلاب 25 أكتوبر 2021 وأحتفت قوى الإطاري وعلى رأسها عرمان بهذا التصريح الخطير ولم تنتبه قيادات الإطاري في نشوة فرحتها بان الإعتذار في مثل هكذا قضايا وأمور لا يفيد المعتذر بإنتفاء المسؤولية عنه، والإقرار بارتكاب جريمة الإنقلاب على الوضع الدستوري ايا كان، يرتب مسؤولية جنائية وما أعظمها من مسؤولية جنائية، ولكن بصيرة قوى الإطاري كانت محجوبة تماما بمثل حالة البصيرة ام حمد .
    تقديرات خاطئة :
    بحسب الأستاذ ياسر عرمان فشل الإنقلاب وأشار المؤتمر الوطني بالحرب وقد صار الإتفاق الإطاري هو المخرج ، قد يكون الإتفاق الإطاري سبب الحرب وهذا ما لا خلاف حوله، ولكن ليس هنالك ما يشير إلى ما ذهب إليه عرمان بان الإتفاق الإطاري هو المخرج ، وساطة جدة تسعى في العودة إلى الإتفاق الإطاري وهذا لسان حال عرمان، كما وقد صدرت التصريحات المؤيدة من وأشنطن بالرجوع إلى الإتفاق الإطاري وتوسيع مظلته المدنية، ثم نصبت في الوسائط داخل البلاد وخارجها لافتات إضافية تحمل شعارات قوى مدنية تلتمس اللحاق بمفاوضات جدة، وكأن لم تقع الحرب الدائرة بين أطراف الإطاري – نواصل

مقالات ذات صلة

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments
زر الذهاب إلى الأعلى
0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x